لقد جسّد عرض "الحفل التنكري" ببراعة عالم الملك السويدي جوستاف الثالث، الذي عاش صراعًا بين الحب والسلطة والخيانة، ليصل في النهاية إلى مصير مأساوي. كان العرض مستوحى من أحداث حقيقية، لكن فيردي قدّمها بأسلوب درامي ساحر، يعكس عمق شخصياته وتعقيد علاقاتهم. ارتكزت القصة على مثلث الحب بين الملك وأميليا، زوجة صديقه المقرب الكونت أنكارستروم، والذي يتحول من أقرب المخلصين إلى عدو متآمر بفعل غيرته وحقده.

وجاءت نهاية القصة درامية للغاية، حيث يتم اغتيال الملك في حفلة تنكرية على يد الكونت بعد كشف المؤامرة التي حيكت ضده.

أخذ العرض شكله الفني الكامل على مدار ثلاث ساعات، وتم تقسيمه إلى ثلاثة فصول، حيث ضم كل فصل تناميًا تدريجيًا في تصاعد الأحداث والصراع الدرامي، بدءًا من الفصل الأول الذي أظهر الحبكة والتوتر السياسي، مرورًا بالفصل الثاني الذي سلّط الضوء على العلاقة العاطفية والشكوك، وانتهاءً بالفصل الثالث الذي شهد النهاية المأساوية للملك. وبين هذه الفصول كانت هناك استراحات للجمهور لاستيعاب الأحداث والاستمتاع بالأجواء الفنية المحيطة بالعرض.

تميزت قيادة الأوركسترا تحت إشراف المايسترو جيامباولو بيزانتي، الذي استطاع بإبداعه أن ينقل نبضات الموسيقى بكل دقة، محققًا توازنًا رائعًا بين الأداء الموسيقي والأداء التمثيلي. بيزانتي ليس غريبًا على هذا النوع من الأوبرات الكبرى، فقد سبق له قيادة العديد من الأعمال العالمية على أكبر مسارح الأوبرا. رافقته في هذا النجاح أوركسترا المسرح الغنائي في كالياري التي قدمت أداءً موسيقيًا متكاملاً، إلى جانب كورال المركز الوطني للفنون الأدائية في الصين الذي أضفى على العرض عمقًا صوتيًا هائلًا.

ومن الناحية البصرية، جاء العرض استثنائيًا بتصاميم ديكور وأزياء راقية من إبداع هوجو دي آنا، الذي اشتهر بإبداعاته البصرية المبهرة. صمم دي آنا مشاهد غنية بالتفاصيل، حيث استخدم الإضاءة والظلال بشكل متقن ليعزز الأبعاد الدرامية للأحداث. كما أضافت عروض الفيديو التي تم استخدامها خلال الأوبرا عنصرًا حديثًا للتجربة المسرحية، مما جعل المشاهد يغوص في عالم القصص القديمة من منظور فني حديث. كانت الأزياء التي ظهرت على المسرح تعكس الطابع الملكي والترف الذي ساد البلاط السويدي في ذلك الوقت، مما ساهم في تعزيز الأجواء التاريخية والدرامية.

أما على مستوى الأداء التمثيلي والغنائي، فقد تألق نجوم الأوبرا العالمية في تقديم أدوارهم ببراعة استثنائية. لعب بيوتر بيكشافا دور الملك جوستاف الثالث، وقد أبدع في تجسيد شخصيته التي تمزج بين القوة والضعف، وبين الحب والخيانة. كان أداءه الصوتي متناغمًا مع المشاعر الدرامية للشخصية، ليُظهر التوتر الداخلي الذي عاشه الملك. أما لياو تشانجيانج، الذي لعب دور الكونت أنكارستروم، فقد أبدع في تقديم شخصية الصديق المخلص الذي ينقلب على ملكه بدافع الغيرة والخيانة. وقد جاء أداؤه العميق مؤثرًا للغاية، حيث تفاعل الجمهور مع هذا الصراع النفسي الذي عايشته الشخصية. أبدعت إيلينا ستيخينا في دور أميليا، حيث جسدت المرأة التي وقعت في حب محرم، وتمزقت بين واجبها تجاه زوجها وحبها للملك. كان صوتها العذب وأداؤها التمثيلي العاطفي من أبرز محاور العرض.

كما لم تكن الأدوار الثانوية أقل أهمية، حيث تألق كل من أجنيشكا ريخليس في دور العرافة مدام أرفيدسون، وإنكيليدا كاماني في دور أوسكار، خادم الملك، الذين قدما أداءً ساهم في تعميق الحبكة وإضفاء بعدٍ أكبر على الأحداث.

على مستوى التفاعل الجماهيري، فقد لوحظ تفاعل الجمهور وشد انتباهه إلى آخر العمل، فما كانت الاستراحات إلا فرصة للحديث عن تفاصيل الفصل الأول والثاني، حيث قدم عرض "الحفل التنكري" تجربة فريدة جمعت بين الجمال الموسيقي والإبداع الفني، ليؤكد مرة أخرى على قدرة الأوبرا في مسقط على تقديم عروض من الطراز العالمي، وهذا نهج اعتمدت عليه الدار في استقطاب العروض العالمية المختلفة والتي تلبي مختلف الأذواق والأمزجة للمواطنين والمقيمين على حد سواء.

ساهم هذا العرض في إبراز التعاون الفني الدولي بين المؤسسات الفنية الكبرى، حيث كان الإنتاج المشترك بين الصين وسلطنة عمان نموذجًا للتبادل الثقافي الناجح، الذي يعزز التفاهم بين الشعوب عبر الفن.

كما قدمت الدار اليوم الجمعة ليلة موسيقية بعنوان "أمسية موسيقية من الصين"، بقيادة قائد الأوركسترا لو جيا، وبمشاركة كورال وفناني المركز الوطني للفنون الأدائية في الصين، وأوركسترا المسرح الغنائي في كالياري. قدم الحفل مجموعة متنوعة من الأعمال الموسيقية، شملت كونشيرتو الكمان رقم 1 لجاو جيبينج، وأغانٍ تقليدية من تراث سيشوان وكازاخستان، إضافة إلى توزيع أوركسترالي لبعضها. استمرت الأمسية لمدة 60 دقيقة دون استراحة.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

"طه".. حكاية طالب ناج من السرطان ليتفوق بكلية الصيدلة

من رحم المعاناة يولد الأمل، طه مصطفي صابر؛ أحد الطلاب الناجين من السرطان، وهو بطل من أبطال «شفاء الأورمان» بعد تعافيه  من سرطان الدم بمستشفي الأطفال؛ استطاع الطالب التفوق في الثانوية العامة والتحق بكلية الصيدلة، ويواصل الآن تفوقه في دراسته الجامعية.
 واستمرارا للدور الاجتماعى لمستشفى شفاء الأورمان لعلاج الأورام بالمجان، وحرصها على دعم المتفوقين من المرضى والمتعافين من المرض، ليكونوا قدوة للمرضى الذين يتلقون العلاج داخل أقسام المستشفى المختلفة، كرم السادة مجلس إدارة جمعية الأورمان ومؤسسة شفاء الأورمان الطالب الذى يواصل تفوقه في دراسته بكلية الصيدلة.
وتقدمت  مستشفي شفاء الاورمان بالاقصر بالتهنئة إلى ابنها البطل  طه مصطفي صابر الذى تفوق بمدرسة المتفوقين STEM، في الثانوية العامة وواصل تفوقه في دراسته بكلية الصيدلية، وتمنت له  إدارة المستشفى استمرار التوفيق ليكون قدوة للأطفال المرضى بالمستشفى على مواصلة دراستهم والتفوق فيها.

وتقدم الدكتور، هانى حسين، مدير مستشفيات شفاء الاورمان التهنئة للطالب على التفوق بكلية الصيدلة والمتعافى من المرض بعد تلقيه العلاج  داخل مستشفى شفاء الاورمان لعلاج الاورام بالمجان، مؤكدا على دعم كافة العاملين بالمستشفى لجميع الطلاب من محاربي السرطان وتوفير كافة سبل الراحة لتحقيق أحلامهم وأهدافهم.

ومن جانبه أعرب الأستاذ، محمود فؤاد الرئيس التنفيذى، لمؤسسة شفاء الاورمان، عن سعادته بتفوق الطالب طه  في كلية الصيدلة، مؤكدا حرص المستشفى على دعم أبنائها طوال رحلتهم العلاجية وكذلك المتعافين من المرض وتوفير سبل الدعم اللازمة لتحقيق التفوق العلمى .

مقالات مشابهة

  • ما حكاية اللافتة الموجهة إلى غوارديولا أمام فولهام؟
  • دياب يطرح أغنية «حكاية متتنسيش» بمناسبة احتفالات نصر أكتوبر
  • لو بتحب السينما.. حكاية 3 أفلام في دور العرض خلال شهر أكتوبر
  • فاضحة ومشوقًة.. هكذا غيّرت خدمة مواعدة بالستينيات مشهد الحب
  • ما الذي قاله قائد أنصار الله عبد الملك الحوثي عن الضربة الصاروخية الإيرانية التي أرعبت “إسرائيل”؟
  • قائد الثورة يكشف تفاصيل حساسة بشأن الهجوم الإيراني على كيان العدو والمواقع التي تم استهدافها وما الذي حدث بعد الضربة مباشرة
  • "طه".. حكاية طالب ناج من السرطان ليتفوق بكلية الصيدلة
  • "مجنون ليلى" بين العشق والتصوف
  • حكاية شعب| الثقافة تحتفى بذكرى انتصارات 73 بالعرض المسرحي أكتوبر الذهبي