لجريدة عمان:
2025-03-11@15:22:58 GMT

حرق الأوراق بالجملة

تاريخ النشر: 4th, October 2024 GMT

يتسلل الوهن، والضعف إلى نفوسنا بحكم الفطرة البشرية، فالإنسان مفطور على الضعف، كما هو مدعوم بشيء من القوة، والضعف والقوة حالتان متلازمتنا في حياة كل إنسان، حيث لا يمكن أن يكون على حالة واحدة طوال مسيرة حياته، وهذه من الحكم الجليلة من لدن رب العباد في خلقه -وإن لله في خلقه شؤون- وحرق الأوراق عند الإنسان يكون في كلا الحالتين، فإن هو شعر بالقوة فإن هذه القوة تعطيه نوعا من الزهو فلا يفكر في العواقب، فهو الآن قوي، مارد، شيطان، متجبر، متسلط، نرجسي، وبالتالي لا يفكر في العواقب، فيضرب بقوة، ويقسو بقوة، ويبخل بقوة، ويكره بقوة، ويعذب بقوة، وينتقم بقوة، فيمارس كل الموبقات انطلاقا من هذه القوة التي يشعر بها.

وفي حالة الضعف كذلك، يقدم كل أوراقه دفعة واحدة لإنقاذ نفسه من حالة الوهن التي يشعر بها، ويقول في نفسه: «هي مرة واحدة، إما لي، أو علي» والأوراق المشار إليها في هذا السياق، قد تكون قوة مال، وقد تكون قوة جاه، وقد تكون قوة منصب، وقد تكون قوة عضلية «ميكانيكية» وقد تكون الحكمة، وقد تكون الرحمة، وقد تكون العدالة، وقد تكون الحيادية، وقد تكون المحبة، وقد يكون التعاون، وقد يكون الرضا، وقد يكون الغضب، وقد تكون الإدارة، وقد يكون العفو عند المقدرة، وقد تكون الأمانة، وهذه كلها معززات معنوية، تتحول إلى مادية عند توظيفها على الواقع، نتقاسمها جميعا مع الآخرين من حولنا، فإن أغلظنا فيها الممارسة كانت وبالا علينا وعلى الآخرين، وإن استطعنا أن ننزع أنفسنا من مأزق السقوط في الرذيلة كان ذلك بمثابة جسر الإنقاذ لنا وللآخرين من حولنا كذلك.

تقول الحكمة: «الفضيلة بين طرفين، كلاهما رذيلة» فعلى سبيل المثال، الكرم فضيلة سامية، ولكن إذا صاحبها التبذير كانت رذيلة، وإن صاحبها التقتير كانت رذيلة، والرذيلة هنا، ليس معناها الفعل المشين بالمطلق، وإنما هو الفعل الخارج عن سياق القبول، والاحترام والتقدير، وما ينطبق على الكرم ينطبق على الرحمة أو العفو، فإن المبالغة في طرفيه يكون رذيلة، فإذا تكرر العفو منك لشخص ما، أساء سلوكه عندك، فقد يستغل ذلك، ويصفك بالضعف، وقد يتمادى في الإساءة إليك، وإن قسوت عليه منذ خطئه الأول، قد تواجه منه الشعور نفسه، ويكون لك عدوا على امتداد خط السير الأفقي، وبالتالي فالوسطية تعفيك عن الوقوع في مأزق حرق أوراقك بالجملة، وهذا، بلا شك من سلوك الحكمة، التي نفتقدها في كثير من مواقفنا تجاه الآخر.

قد نتساءل مع أنفسنا عن أدوات الضبط التي لو أخذنا بها لقلت خساراتنا من إجراء الإفراط أو التفريط في مسألة «حرق الأوراق بالجملة» وهنا قد تتشعب الإجابة عند كل منا، فقد نقيمها من خلال تجربة الحياة اليومية، أو من خلال العمر المتراكم، أو من خلال مستويات المسؤوليات التي نمر بها، أو من خلال تباينات النوع (ذكر/ أنثى) فكل من هذه المناخات لها دور في القدرة على الحد من «حرق الأوراق بالجملة» أو توفيرها ورقة ورقة احتسابا لظروف ومواقف قد تكون أكثر أهمية مما نحن عليه في لحظة زمنية، قد نصنفها على أنها فارقة، بينما الواقع غير ذلك تماما، ولذلك قيل: «لا تشرب السم، اتكالا على ما عندك من الترياق» ولو حدث ذلك، يقينا، سوف تكون خسارتنا كبيرة، وقد لا يسعفنا العمر لتعويضها، فظروف اليوم، غير ظروف الغد، فأبقوا على كثير من أوراقكم، فسوف تحتاجونها في ظروف ربما أكثر إلحاحا مما أنتم عليه الآن.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: وقد تکون وقد یکون من خلال

إقرأ أيضاً:

الطبعة الثانية للأولمبياد الجزائرية للرياضيات..تصحيح الأوراق غدا

كشف وزير التربية الوطنية محمد صغير سعداوي أن تصحيح الأوراق الخاصة بالطبعة الثانية للأولمبياد الجزائرية للرياضيات يكون بداية من الغد.

كما سيتم إرسال النتائج الى مديرية التعليم المتخصص بالوزارة، ليشرع بعدها في مرحلة تدريب المتفوقين الحاصلين على المراتب الأولى وتكوينهم من طرف مفتشين وأساتذة متخصصين. من وزارتي التربية الوطنية والتعليم العالي والبحث العلمي. بغية “تمكينهم من الخبرة اللازمة للمشاركة في المنافسات القارية والدولية, ما سيساهم في تحسين مراتب الجزائر فيها”.

وفي تصريح للصحافة أكد الوزير حرص قطاعه على إنجاح هذه الطبعة من الأولمبياد. من خلال “تقديم كل الدعم للتلاميذ المعنيين بالمنافسة. من تدريب وتكوينوهذا حتى يتسنى لهم تمثيل الجزائر في المنافسات القارية والدولية الخاصة بأولمبياد الرياضيات على أحسن وجه”.

كما أضاف بأن المنافسات التي تجري اليوم عبر كل المؤسسات التربوية العمومية والخاصة وعلى مستوى مدارس أشبال الأمة ستمكن من انتقاء الكفاءات التي سيعول عليها لتشريف الجزائر كما جرى عليه الحال خلال السنوات الماضية.

يذكر أن المنافسة التصفوية الأولى للأولمبياد الجزائرية للرياضيات تجري في طبعتها الثانية لفائدة التلاميذ المتميزين في هذه المادة والمتحصلين على معدلات تساوي أو تفوق 17 من 20 في الرياضيات خلال الفصل الأول من السنة الدراسية الجارية, و ذلك بأقسام الثالثة والرابعة من التعليم المتوسط والأولى ثانوي (جذع مشترك علوم وتكنولوجيا) و كذا السنتين الثانية والثالثة ثانوي في شعب الرياضيات وتقني رياضي بخياراتها الأربعة, فضلا عن شعبة العلوم التجريبية.

مقالات مشابهة

  • الطبعة الثانية للأولمبياد الجزائرية للرياضيات..تصحيح الأوراق غدا
  • بانتظار الأوراق.. سعد الصغير يصل قسم النزهة استعدادا لإخلاء سبيله
  • «المجموعة الرابعة» تخلط الأوراق في كأس منصور بن زايد
  • السيد الرئيس أحمد الشرع في مقابلة مع وكالة رويترز: لا نريد أن تكون هناك قطيعة بين سوريا وروسيا، ولا نريد أن يكون التواجد الروسي في سوريا يسبب خطراً أو تهديداً لأي دولة في العالم، ونريد أن نحافظ على هذه العلاقات الاستراتيجية العميقة
  • رئيس كونفدرالية تجار السمك بالجملة : ثلاثة مضاربين يستحوذون على سوق السمك بالمغرب
  • سطيف: مقتل حارس بطعنات خنجر على مستوى الرقبة
  • فريق كامل .. غيابات بالجملة تضرب الأهلي في قمة الزمالك
  • وصفة الشاي الأخضر مع التوت الأسود .. جبارة فى إنقاص الوزن
  • الحريري: من حق المرأة اللبنانية أن تكون في مقدمة الاهتمامات
  • كأس مصر.. تغييرات بالجملة في تشكيل غزل المحلة ضد فاركو