جاهزية أنشطة الأعمال في سلطنة عمان .. نحو نمو مستدام وتعزيز لدور القطاع الخاص
تاريخ النشر: 4th, October 2024 GMT
يوفر القطاع الخاص في سلطنة عُمان الجانب الأكبر من الوظائف، ويعتمد زخم النمو الاقتصادي بشكل كبير على استثمارات هذا القطاع، وفي ظل تنفيذ «رؤية عُمان 2040» ومستهدفاتها للوصول إلى النمو القائم على أسس التنويع والاستدامة، تضع القطاع الخاص كشريك في التنمية المستدامة، وتعتمد عليه كمحرك لاستمرار النمو وتوفير فرص العمل.
ومنذ انطلاق «رؤية عُمان 2040»، كان دعم القطاع الخاص في صدارة الأولويات، بدءًا من مساندته على تخطي تبعات أزمة تفشي جائحة كورونا وتراجع أسعار النفط في عام 2020، ووصولًا إلى حزم الدعم والتحفيز وتسهيلات الاستثمار المتوالية التي توسع دور القطاع الخاص في قطاعات التنويع الاقتصادي.
وضمن أولويات «رؤية عُمان 2040»، يعد رفع تنافسية الاقتصاد ومكانة سلطنة عُمان في المؤشرات الدولية أحد المستهدفات المهمة التي تسعى إليها سلطنة عُمان، تم خلال الفترة الأخيرة إصدار تقرير التنافسية، الذي يرصد جهود تحسين مؤشرات التنافسية الدولية، بالإضافة إلى العمل المتواصل الذي تقوم به الفرق الوطنية لتحسين مكانة عُمان في عدد من المؤشرات المدرجة ضمن مستهدفات رؤية عُمان المستقبلية، كما ألقى التقرير السنوي الثالث الصادر عن وحدة متابعة تنفيذ رؤية عُمان 2040 الضوء على تقدم سلطنة عُمان في رفع مكانتها في العديد من المؤشرات الدولية خلال العامين الماضيين والعام الحالي.
ومع اعتمادها على القطاع الخاص كمحرك للنمو، فإن من أهم المؤشرات الدولية التي تستهدف سلطنة عُمان تعزيز مكانتها فيها هي المؤشرات ذات العلاقة بجاذبية الاستثمار وتنافسية الاقتصاد والابتكار، مثل مؤشرات الحرية الاقتصادية، وريادة الأعمال، والابتكار، وتنافسية بيئة الأعمال، ويعد من التطورات المهمة في هذا الجانب قيام مجموعة البنك الدولي بإصدار أول نسخة من تقرير «الجاهزية لأنشطة الأعمال لعام 2024»، ويأتي هذا الإصدار بعد توقف استمر عدة سنوات عن إصدار تقرير «ممارسة الأعمال» الشهير من قبل البنك الدولي، الذي كان مرجعًا أساسيًا لقياس تقدم الدول في دعم القطاع الخاص وتحسين بيئة الأعمال، ويعد المؤشر الجديد للبنك الدولي بديلًا عن مؤشر «ممارسة الأعمال».
وبدأت النسخة الأولى من التقرير هذا العام بتقييم جاهزية الأعمال في 50 دولة، على أن يتم زيادة عدد الدول تدريجيًا خلال التقرير الذي سيصدر العام المقبل، تمهيدًا لأن يتضمن التقرير الثالث لعام 2026 غالبية الاقتصادات العالمية من خلال إدراج 180 دولة، من بينها سلطنة عُمان، وهذا يعني أن التوقيت مناسب لدراسة الأسس الجديدة التي يعتمد عليها تقييم جاهزية الأعمال، والعمل على تحسين مختلف الجوانب التي تتيح لسلطنة عُمان مكانة جيدة في المؤشر المقبل لجاهزية أنشطة الأعمال.
ويركز تقرير مؤشر «الجاهزية لأنشطة الأعمال» على أن يكون خارطة طريق تسترشد بها الدول في تعزيز نمو القطاع الخاص وتحسين بيئة ممارسة الأعمال، ويقدم التقرير المعلومات التي تحتاجها الحكومات لتهيئة الظروف التي تتيح للشركات تحقيق الرخاء للمساهمين والمستهلكين والعمال، دون الإضرار بسلامة الكوكب، ويشير البنك الدولي إلى أنه في الاقتصادات النامية، يوفر القطاع الخاص نحو 90% من فرص العمل، و75% من الاستثمارات، كما يسهم بأكثر من 70% من حجم الإنتاج، ويرى البنك الدولي أنه في الوقت الذي يواجه فيه العالم أبطأ معدلات النمو التي تحققت على مدار ثلاثة عقود، نظرًا لتأثيرات أزمات مثل ارتفاع مستويات الديون، وتفاقم التضخم، والتوترات السياسية، ويحاول القطاع الخاص استعادة زخم النمو الذي تأثر خلال السنوات الأخيرة بهذه الأزمات، ويحتاج القطاع الخاص إلى بيئة عمل مواتية لتحقيق الازدهار.
ويتضمن الإصدار الافتتاحي من التقرير لعام 2024 مجموعة شاملة من البيانات باستخدام 1200 مؤشر، بهدف تحديد المجالات التي يمكن تحسينها وتحفيز الإصلاحات.
وبحسب التقرير، فإن أداء جميع الاقتصادات المشمولة بالتقييم هذا العام كان أفضل فيما يتعلق بجودة الأطر التنظيمية للاستثمار، لكن هناك قصورًا في الخدمات العامة التي توفرها غالبية الدول لتسهيل امتثال الشركات لهذه الأطر؛ وتتسبب مثل هذه الفجوات في التنفيذ في منع الشركات والعمال والمجتمعات ككل من الاستفادة الكاملة من المزايا التي يوفرها المناخ السليم الداعم لأنشطة الأعمال، وعلى مقياس من صفر إلى 100، سجلت الاقتصادات التي شملها التقرير في المتوسط 65.5 درجة في فئة جودة الإطار التنظيمي، مما يعني أن الاقتصادات قطعت ما يقرب من ثلثي الطريق نحو الجاهزية لأنشطة الأعمال في هذه الفئة؛ لكنها سجلت 49.7 درجة فقط في فئة الخدمات العامة، مما يشير إلى أنها في منتصف الطريق فقط من الجاهزية في هذه الفئة.
وتوجد هذه الفجوة في جميع مستويات الدخل وفي جميع المناطق، على الرغم من أنها أصغر في الاقتصادات مرتفعة الدخل وأكبر في منطقة إفريقيا جنوب الصحراء ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وتعتمد نتائج التقرير على منظور أكثر شمولية لمدى تطور البيئة المواتية لعمل القطاع الخاص، من خلال جوانب متعددة لاستدامة نمو القطاع الخاص، وتشمل هذه الجوانب تنمية البشر والمجتمعات، وتمكين القوى العاملة، وتبني سياسات مستندة إلى البيانات لتحقيق النمو الاقتصادي والازدهار، وحلول ذكية مناخيًا للتنمية المستدامة، بالإضافة إلى تحقيق الوصول إلى البنية الأساسية مثل النقل والطاقة والخدمات الأساسية، كما يتطرق التقرير إلى التقدم في التحول الرقمي وتسخير القوة التحويلية للتكنولوجيا، إضافة إلى عدد من المجالات المتداخلة المتعلقة بالمساواة وهشاشة النمو الذي قد ينتج عن تعرض الدول للنزاعات والعنف.
ومع ترقب إدراج سلطنة عُمان خلال الفترة المقبلة في هذا التقرير، يعد من أهم العوامل التي تصب في صالح سلطنة عُمان أن المقومات المعززة للتنافسية، التي تتطلب استثمارات ضخمة أو عملًا طويل المدى للوصول إليها، تتوافر بالفعل بشكل جيد في عُمان، وتتمتع سلطنة عُمان باستقرار سياسي وأمان، بالإضافة إلى مقوماتها التنافسية العالية في تطوير البنية الأساسية وتوفير الخدمات العامة التي تعزز نمو القطاع الخاص، بما في ذلك موثوقية خدمات الكهرباء والطاقة، وشبكات الطرق والاتصالات.
كما أعطت «رؤية عُمان 2040» اهتمامًا كبيرًا بتحقيق التوازن بين مستهدفات الاستدامة في جوانبها الاجتماعية، والاقتصادية، والمالية، والبيئية، وتعزز سلطنة عُمان مساهمتها في الحفاظ على مستقبل كوكب الأرض من خلال خطتها للوصول إلى الحياد الصفري الكربوني بحلول عام 2050، وتوسعها في إنتاج الطاقة النظيفة من موارد متجددة مثل الهيدروجين الأخضر، والرياح، والطاقة الشمسية، كما تحرز تقدمًا في التحول الرقمي في القطاع الحكومي، وتوفير الخدمات الرقمية للمستثمرين، وتشجيع القطاع الخاص على تبني التقنيات الحديثة ومواكبة التطورات العالمية في استخدام الذكاء الاصطناعي وتقنيات الثورة الصناعية الرابعة.
وتهتم سلطنة عُمان بالشركات الناشئة وقطاع ريادة الأعمال كقوة داعمة للابتكار وتمكين الشباب، كما تعزز الاستثمار في تنمية رأس المال البشري وبناء القدرات الوطنية، مع زيادة تمكين المرأة في سوق العمل ورفع مهارات القوى العاملة الوطنية، بما يمنحها تنافسية أعلى في سوق العمل ويزودها بالمهارات التي تواكب تطلعات الاقتصاد، وقد حققت سلطنة عُمان تحسنًا ملموسًا في المؤشرات المالية والاقتصادية التي تدعم الاستقرار ونمو الاقتصاد، وتزيد من جاذبيته، كما تعمل سلطنة عُمان على تطوير كافة الجوانب ذات العلاقة المباشرة بدعم نمو القطاع الخاص وتهيئة بيئة عمل مواتية له، مثل اللوائح والتشريعات والقوانين المنظمة، الخدمات الرقمية، وتسريع إجراءات التراخيص والأعمال.
تمثل كافة هذه التوجهات والتطورات تقدمًا على جميع المستويات، وفي عالم يتغير باستمرار ويشهد تنافسًا كبيرًا بين الدول لزيادة جاذبيتها لجذب الاستثمارات، سيكون التصنيف في مؤشر «الجاهزية لأنشطة الأعمال» وغيره من المؤشرات مرتبطًا بشكل كبير بالقدرة على مواكبة جميع المتغيرات والوصول إلى تحقيق المستهدفات في المؤشرات المحددة في «رؤية عُمان 2040»، خاصة المؤشرات ذات العلاقة بالتنمية، والاقتصاد، ونمو القطاع الخاص من خلال زيادة حجم الاستثمارات وإسهام القطاع الخاص في نمو الناتج المحلي الإجمالي، واجتذاب الاستثمارات القائمة على التقنيات والابتكار، وتُعد هذه المؤشرات النتاج الفعلي الذي يرصد مدى التقدم في تحقيق نمو مستدام للاقتصاد وأنشطة القطاع الخاص.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: نمو القطاع الخاص القطاع الخاص فی البنک الدولی من خلال
إقرأ أيضاً:
«الاختصاصات الطبية»: بناء كوادر طبية متميزة وتعزيز كفاءة الممارسين الصحيين
رؤية طموح لتمكين الأطباءمن تقديم حلول مبتكرة ورعاية صحية حديثة
مركز المحاكاة والابتكار الطبي.. نقلة نوعية في التدريب الطبي وتطوير المهارات
معالجة 7300 طلب للتحقق من الشهادات العلمية والخبرات العملية والتراخيص المهنية
46 اتفاقية تعاوندولية وابتعاث 1001 طبيب وطبيبة في برامج الزمالة والاختصاص
«عمان»: يمضي المجلس العماني للاختصاصات الطبية بخطى واثقة نحو تحقيق أهدافه الطموحة، وذلك بتطوير التعليم والتدريب الطبي في سلطنة عمان، ومنذ تأسيسه، يمضي المجلس قدمًا في مسيرة الريادة واضعًا نصب عينيه هدف تحقيق المعايير العالمية في التأهيل والتدريب الطبي بما يتماشى مع أهداف رؤية «عمان 2040». ويعكس هذا الالتزام سعي المجلس الدؤوب لتقديم مستوى رفيع من التعليم الطبي الذي يتجاوز الأساسيات نحو بناء كوادر طبية متميزة.
وفي إطار خطته الخمسية (2021-2025)، يسعى المجلس إلى وضع أسس ومعايير وطنية متقدمة للبرامج التدريبية، من خلال رؤية طموح تركز على تمكين الأطباء المتدربين وتزويدهم بقدرات تمكنهم من تقديم حلول مبتكرة ورعاية صحية متقدمة، كما يهدف المجلس إلى تطوير نظام تعليمي يتناغم مع المستجدات العالمية، بما يعزز كفاءة الممارسين الصحيين وقدرتهم على مواكبة التطورات الطبية الحديثة، مسهمًا بذلك في رفع مستوى الرعاية الصحية في سلطنة عمان وتحقيق أهدافها الاستراتيجية في قطاع الصحة.
شهد العام الأكاديمي (2024/ 2025) انضمام 196 طبيبًا وطبيبة لبرامج الاختصاص المحلية التابعة للمجلس العماني للاختصاصات الطبية، والتي تشمل 20 برنامجًا تخصصيًّا، بالإضافة إلى التحاق 5 أطباء ببرامج الزمالة المحلية الحالية البالغ عددها 7 برامج. ومنذ تأسيس هذه البرامج في 2006، التحق 2438 طبيبًا وطبيبة ببرامج الاختصاص، فيما بلغ إجمالي عدد الملتحقين ببرامج الزمالة المحلية 36 طبيبًا وطبيبة منذ انطلاقها في 2018. تأتي هذه البرامج وفق معايير مجلس الاعتماد الدولي للتعليم الطبي العالي (ACGME-I)، ما يضمن جودة التدريب ومطابقته لأعلى المستويات العالمية. وقد خرّج المجلس 15 دفعة من الأطباء حتى عام 2024، ليصل إجمالي عدد الخريجين إلى 1364 طبيبًا وطبيبة، جميعهم مؤهلون لتقديم خدماتهم في مختلف المؤسسات الصحية.
وفي إطار التطوير المستمر، يتيح المجلس العماني للاختصاصات الطبية سبعة برامج زمالة محلية، تشمل مجالات دقيقة، منها: أمراض القلب للأطفال والبالغين، وأمراض الدم والأورام للأطفال، والطب الوراثي، وطب وجراحة الأذن، وأمراض الدم للكبار، والعناية المركزة للأطفال.
كما حقق مركز المحاكاة والابتكار الطبي إنجازات مختلفة في مجال التدريب الطبي خلال عام 2023، إذ نفذ 371 برنامجًا تدريبيًّا وحلقة عمل متخصصة في مجالات المحاكاة والتدريب العملي، استفاد منها نحو 6699 متدربًا. وتضمن هذا العدد 132 دورة تدريبية محلية ودولية حضرها 925 متدربًا حتى أكتوبر 2023، ما يعكس التزام المركز بتطوير المهارات الطبية على نطاق واسع.
ومن أبرز إنجازات المركز حصوله على جائزتين في فئتي «الابتكار» و«الطابعة ثلاثية الأبعاد»، تكريمًا لدوره البارز في دمج التكنولوجيا الحديثة ضمن التدريب الطبي، ما يسهم في رفع كفاءة الكوادر الصحية، إضافة إلى ذلك، ينفذ المركز مبادرة «صحتنا» التي تستهدف طلبة المدارس بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم، واستفاد من هذه المبادرة 44 طالبًا وطالبة؛ بهدف تعزيز الوعي الصحي لدى النشء وتقديم تجربة تعليمية مبتكرة لهم.
الكفاءة المهنية وتطوير الخدمات
بهدف تحسين أداء الممارسين الصحيين ورفع كفاءتهم في سلطنة عمان، اعتمد قسم التطوير المهني المستمر 585 نشاطًا تعليميًّا شمل ورش عمل، ودورات تدريبية، ومحاضرات تفاعلية، موجهة إلى ممارسين من مختلف التخصصات الصحية. تركزت هذه الأنشطة على تطوير المهارات الفنية والعملية، بالإضافة إلى الجوانب الأخلاقية والاحترافية. وحتى نهاية أكتوبر 2024، زاد عدد المستفيدين الجدد من البوابة الإلكترونية «حكيم» إلى 2977 مستخدمًا، ما يشير إلى إقبال متزايد على خدمات التطوير المهني المستمر، وتحقيق زيادة نسبتها 11.4% من إجمالي المستفيدين مقارنة بالعام الماضي.
كما قام قسم التطوير المهني بالتعاقد مع خبير متخصص في التطوير المهني لتحديث نظام النقاط المعتمدة بهدف تفعيل نموذج متكامل يرصد التقدم المهني المستمر، ويضمن تحفيز الممارسين على اكتساب نقاط تراكمية بناءً على مستويات متقدمة من التعليم المستمر. وشملت جهود القسم أيضًا تنظيم سلسلة من اللقاءات ودورات العمل التي تجمع المتخصصين لتبادل الخبرات، ومناقشة التحديات، وتحديد سبل تعزيز فعالية الأنشطة التدريبية وتحقيق أعلى مستويات الجودة.
في إطار رفع معايير الكفاءة وضمان مؤهلات الممارسين الصحيين العاملين أو الراغبين في العمل داخل سلطنة عمان، قام المجلس العماني للاختصاصات الطبية بمعالجة أكثر من 7300 طلب للتحقق من الشهادات العلمية والخبرات العملية والتراخيص المهنية منذ بداية عام 2024. يأتي ذلك تماشيًا مع أحكام اللائحة المستحدثة لتقييم ومعادلة الشهادات الصحية المهنية (46/ 2023)، والتي تهدف إلى تعزيز معايير الترخيص المهني وإعداد بيئة عمل صحية تتسم بالمهنية العالية.
وبهدف تحسين عمليات التقييم، بادر المجلس بتطوير امتحانات التصنيف المهني، إذ تم إعداد تسعة عشر امتحانًا في مجالات متعددة تشمل الطب العام، التمريض، الصيدلة، وفنيي المختبرات، والعلاج الطبيعي، والعلاج التنفسي، وأمراض الأشعة، وغيرها. ومن أجل تحقيق دقة وفعالية في التقييمات، تم تطوير نحو 10700 سؤال جديد، بمشاركة أكثر من 200 خبير في وضع وصياغة الأسئلة، مع التركيز على تحقيق توازن بين الجوانب النظرية والتطبيقية في الامتحانات لضمان تقييم عادل وشامل للمرشحين، وخلق جيل من الممارسين الصحيين المؤهلين وفق المعايير العالمية.
تطوير نظام الامتحانات
أحرزت دائرة الامتحانات تقدمًا ملحوظًا في تطوير نظام الامتحانات الأكاديمية عبر إطلاق منصة الامتحانات الكتابية الإلكترونية المحلية خلال عام 2023، التي تستهدف تعزيز دقة وفعالية التقييم الأكاديمي. وقد توسع بنك الأسئلة بشكل كبير ليضم أكثر من 75 ألف سؤال حتى أكتوبر 2024، ما يوفر تنوعًا واسعًا من الأسئلة ويعزز كفاءة الامتحانات وتغطيتها للمهارات والمعارف المطلوبة.
شهدت السنوات الأخيرة جهودًا مكثفة لتطوير الامتحانات محليًّا لتكون أكثر ملاءمة للتوجهات الأكاديمية للمجلس العماني للاختصاصات الطبية، ويعتمد المجلس اليوم على الامتحانات المطورة محليًّا كأداة تقييم أساسية في برامج التعليم الطبي، حيث تشمل امتحان القبول، وامتحانات الجزء الأول والثاني الخاصة ببرامجه التدريبية.
وفي مجال التصنيف المهني، يقدم المجلس العماني 19 امتحانًا لمختلف التخصصات الصحية، وقد بلغ عدد المتقدمين لهذه الامتحانات 102711 متقدما منذ عام 2013 حتى 2024. يعكس هذا الرقم الإقبال الكبير على هذه الامتحانات، والذي يعكس من جانب آخر مكانتها في التحقق من أهلية الممارسين الصحيين للعمل في سلطنة عمان.
آفاق واسعة لابتعاث الأطباء
في إطار التزامه برفع مستوى الرعاية الصحية وصقل مهارات الكوادر الطبية، يسعى المجلس العماني للاختصاصات الطبية إلى توسيع آفاق التدريب الدولي والابتعاث، عبر بناء شراكات استراتيجية مع مؤسسات تعليمية وطبية مرموقة عالميًّا. وقد وقّع المجلس 46 اتفاقية تعاون دولية منذ تأسيسه حتى أكتوبر 2024، شملت مجالات تدريب متقدمة تهدف إلى تزويد الأطباء العمانيين بأحدث المهارات والمعارف.
وفي إطار برامج الابتعاث، قام المجلس منذ عام 2009 بابتعاث 1001 طبيب وطبيبة إلى برامج الزمالة والاختصاص، بالإضافة إلى بعثات طبية متخصصة في 17 دولة رائدة في التعليم الطبي المتقدم. يتلقى هؤلاء الأطباء تدريباتهم في بيئات تعليمية متميزة تضمن حصولهم على أفضل مستويات التدريب الطبي.
وحاليًّا، يواصل نحو 200 طبيب عماني تدريباتهم في عدة دول ذات سمعة متقدمة في المجال الطبي، تشمل كندا، وفرنسا، والولايات المتحدة الأمريكية، والمملكة المتحدة، وأيرلندا، وأستراليا، وسنغافورة. يسهم هذا التنوع الجغرافي في إثراء خبرات الأطباء العمانيين، وتمكينهم من تقديم خدمات صحية متقدمة وفق أعلى المعايير العالمية، ما ينعكس إيجابًا على مستوى الرعاية الصحية في سلطنة عمان.
ويسعى المجلس باستمرار إلى مواكبة التحديات وتلبية تطلعات المستقبل من خلال إعداد كوادر طبية متميزة تملك الكفاءة والمعرفة لتقديم خدمات صحية رفيعة المستوى.
ويعمل المجلس على خلق بيئة أكاديمية متقدمة تجمع بين الابتكار والمعايير العلمية العالية، مما يسهم في توفير أفضل مستويات الرعاية الصحية في سلطنة عمان، كما يحرص على توسيع مجالات التعاون الدولي، وتطوير نظم التقييم الأكاديمي، وتبنّي أحدث التقنيات في التدريب الطبي، ليصبح نموذجًا يحتذى به في التعليم الطبي المتطور على الصعيدين الإقليمي والعالمي.