تصدرت الأنفاق، بصفتها سلاحا استراتيجيا، عناوين الحرب بين حماس إسرائيل بعد الهجوم الذي شنته الحركة على مناطق إسرائيلية في 7 أكتوبر 2023، حيث وضعت حكومة بنيامين نتانياهو تدمير شبكة أنفاق الحركة ضمن أهدافها الرئيسية.

ومع التوغل البري الإسرائيلي في الداخل اللبناني، عاد الحديث عن حرب الأنفاق إلى الواجهة بعد أن عرض الجيش الإسرائيلي مشاهد قال إنها داخل أنفاق حزب الله، فماذا عن تاريخ هذه الأنفاق في لبنان؟ وكيف سخرها الحزب في مواجهة إسرائيل؟ وهل أصبح هذا التكتيك سلاحا بحدين للحزب بعد مقتل أمينه العام حسن نصرالله في ملجأ محصن تحت الأرض.



2006.. أصل الحكاية ترجع التقارير بناء الأنفاق في لبنان إلى خمسينات القرن الماضي، حيث استخدمت لنقل المؤن قبل أن تصبح سلاحاً استراتيجياً.

وعمل الفلسطينيون أنفسهم، رجالاً ونساء في حفر هذه الأنفاق ومنها نفق كفرحلدا في البترون اللبناني حسب بحث لروزماري الصايغ بعنوان "الفلسطينيون من فلاحين إلى ثوار".

وفي الستينات، اكتسبت الأنفاق أهمية استراتيجية بالنسبة للفلسطينيين في غرب بيروت، حيث ربطت بين تل الزعتر والكارنتينا.

ويشير كتاب فرنسي بعنوان "إشاعات حرب لبنان: خطابات العنف" (Les rumeurs dans la guerre du Liban: Les mots de la violence) إلى "أنفاق في تل الزعتر لاخفاء الماء والسلاح لكنها لم تصلح للحياة، ونفق يربط تل الزعتر بالمخيمات في منطقة الكارنتينا" في الحقبة نفسها. 

الأمر هذا يؤكده أرشيف الأخبار من الثمانينات، حيث يذكر خبر نقلته يونايتد برس (United Press International) بتاريخ 7 تشرين الأول 1982، عثور "الجيش اللبناني على شبكة معقدة من الأنفاق التي بناها مقاتلون فلسطينيون للاحتماء من الهجمات الإسرائيلية ولإخفاء كميات هائلة من الإمدادات العسكرية".

وحينها، علق ضابط لبناني بالقول إن هذه الأنفاق ربما ليست بجديدة، مؤكدا في الوقت نفسه عدم وجود خرائط متوفرة لهذه الشبكة: "نحن لا نعرف كم يبلغ طول هذه الأنفاق، بعضها جديد وبعضها قديم وليس لدينا خرائط. ربما تكون مفخخة.. من يدري؟".

وحسب التقرير، "ربطت هذه الأنفاق المبطنة بالخرسانة، التي يمتد أحدها لمسافة ميلين من غرب بيروت إلى جنوبها، بين معاقل الفلسطينيين في المدينة والمخيمات الثلاثة للاجئين جنوب بيروت - صبرا وشاتيلا وبرج البراجنة.   وشاهد المراسلون الذين قاموا بجولة في الأنفاق مخابئ ضخمة مملوءة حتى السقف بمتفجرات حديثة تتراوح من صواريخ غراد الروسية إلى قذائف الهاون والهاوتزر الأميركية (...) ولم يتجاوز ارتفاع بعض الممرات ثلاثة أقدام، في حين كانت ممرات أخرى كبيرة بما يكفي لإخفاء ما يصل إلى 8 شاحنات صغيرة.   كذلك، عثر في مخيمي صبرا وشاتيلا للاجئين على 8 مداخل للأنفاق، ويؤدي مدخلان إلى مخابئ مليئة بأكثر من 500 صندوق من قذائف المدفعية المصنعة في كوريا الشمالية وقذائف الهاون الأميركية.   ولم يكن معروفًا ما إذا كان المدنيون الفلسطينيون في مخيمات اللاجئين على دراية بالمتاهة، أو عدد الذين احتموا بداخلها". 

أما في مخيم شاتيلا قرب الاستاد الرياضي بالمدينة، فإن "الأبواب الفولاذية  تؤدي إلى أسفل منحدر رملي يصل إلى نفق يبلغ ارتفاعه عشرة أقدام، وهو يتسع لسبع أو ثماني شاحنات صغيرة.   وفي أسفل المنحدر، يضيق النفق ويتحول إلى مخبأ عرضه ثمانية أقدام، والأرضية هناك عبارة عن ممر خشبي.   ووجدت في النفق عشرات الصواريخ السوفييتية من طراز غراد مكدسة على الحائط في صناديق خشبية وما لا يقل عن 50 صندوقًا يحتوي على قنابل دخانية وقذائف مدفعية من عيارات مختلفة وقنابل الهاون.

وفي الجنوب اللبناني، ارتبطت سيرة الأنفاق بحزب الله، ولكن إسرائيل اختبرت عن قرب معركة مصغرة للأنفاق حيث واجهت الفرار الكبير لسجنائها في أكبر عملية في العالم هروب للأسرى من سجن أنصار في 8 آب 1983، حيث فر أكثر من 30 سجينا حفروا بالملاعق والسكاكين نفقا بين سجنهم ومنطقة خارج الأسلاك الشائكة. 

واتُهمت إسرائيل بدورها في الثمانينات (1983) بحفر أنفاق عقب احتلالها الجنوب اللبناني، "لربط النهر من باطن مجراه بالأراضي المحتلة في الجليل ليتسنى لبعض مياهه التي يشك بأنها تتراوح بين 100-500 مليون م3 بالجريان نزولا إلى الأراضي المحتلة (...) وادعاء وجود ارتباط جيولوجي جوفي بين الليطاني وروافد الأردن (...) وللمطالبة بحصتها من النهر المعترف به دوليا"، وذلك وفق ما يقوله بحث للدكتور محسن محمد صالح في التقرير الاستراتيجي الفلسطيني (2018-2019).  أما عن أنفاق حزب الله، فتشير التقارير إلى تصاعد وتيرة بنائها في 2006 وتحديدا بعد "حرب تموز" بتنسيق وثيق بين إيران وكوريا، وهذا يجعلها أقدم من الأنفاق في غزة والتي بنيت في الأصل مع مصر بهدف التغلب على الحصار الاقتصادي المصري والإسرائيلي على القطاع عام 2007.   وتتألف أنفاق الحزب من شبكة أخطبوطية وفقا لتقرير أصدرته مؤسسة "ألما" البحثية الإسرائيلية عام 2021، وتمتد حتى سوريا حسب صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية وحاول الحزب الوصول حتى إسرائيل، كما يبدو من الأنفاق الهجومية التي عثر عليها في كانون الأول 2018 أسفل الخط الأزرق (بحث أميركي بعنوان The Coming Conflict with Hezbollah).

وضمن لبنان نفسه، عشرات الكيلومترات التي تربط بين مختلف المناطق الفرعية داخل جنوب لبنان وبين ثلاث مناطق استراتيجية لحزب الله:

1- منطقة ضاحية بيروت – المقر المركزي لحزب الله.

2- منطقة البقاع – العمود الفقري العملياتي اللوجستي لحزب الله.

3- جنوب لبنان – المواقع الدفاعية لحزب الله.

وتستخدم الأنفاق لغايات مختلفة يمكن تلخيصها بالأهداف العسكرية واللوجستية.   فعلى صعيد الأهداف العسكرية، تعمل الأنفاق كصلة وصل بين المناطق وتسمح بنقل الأسلحة أو إطلاقها بما أنها مزودة بمنصات مخصصة لبعض الصواريخ.

كذلك، فإنها تعمل كمصدر إنطلاق وتخفي للمسلحين، وقد أشارت صحيفة "تايمز" الإسرائيلية في سياق حرب الأنفاق إلى "محاربة الأشباح" في إشارة إلى مسلحي حماس، وتكرر هذا التوصيف في إطار الحرب اللبنانية. 

أما على المستوى اللوجستي، تستخدم الأنفاق لربط مراكز القيادة وهذا ما رأيناه في الضاحية مع استخدام صواريخ تصل إلى عمق 40 مترا تحت الضاحية الجنوبية لبيروت لبلوغ مكان تواجد قيادات حزب الله. 

من الأنفاق البدائية إلى مدينة الصواريخ

تطورت أنفاق حزب الله من الشكل البدائي المعروف بقطر ضيق يكفي لتحرك الأفراد إلى أنفاق متطورة ومؤهلة لتنقل الشاحنات، وهذا ما يمكن استنتاجه من مقارنة بسيطة بين نموذج لنفق يعود لـ"حرب تموز 2006" وفره حزب الله في مجمع سياحي للحزب الله في مليتا في جنوب لبنان عام 2010، وفيديو يعرض نموذجا للأنفاق الحديثة للحزب نشره هذا الأخير بعنوان "جبالنا خزائننا" في آب 2024. 

وترجح خطة اقترحها الجنرال الإسرائيلي، أمير أفيفي، أن منافذ الأنفاق قريبة من منازل منفذي الهجمات.

ويحدد في كتابه  بعنوان "لا انسحاب: خطة لحفظ إسرائيل للأجيال القادمة" (No Retreat: How to Secure Israel for Generations to Come) الذي استوحى فيه من أنفاق حماس أن "النفق على بعد مسافة قصيرة سيرا على الأقدام، فيتسلسل المهاجم داخل النفق ويتوجه حتى موقع الإطلاق. وفي الوقت المحدد، يقوم بإطلاق وابل من الصواريخ قبل أن يتخفى مجددا فيها". 

أنفاق حزب الله في جنوب لبنان كانت ذات أسقف عالية بما يكفي للمشي تحتها، وأنظمة تهوية وإضاءة وحمامات.   ووفق أفيفي، فقد "تم بناء عشرات المخابئ القيادية داخل الشبكة، مقسمة إلى غرفتين أو ثلاث غرف لكل منها". 

وتغير شكل النفق وازداد تعقيدا عبر السنين، حسب ما يظهر فيديو "جبالنا مخازننا" الذي نشره حزب الله المصنف جماعة إرهابية في الولايات المتحدة، حيث ما عادت الأنفاق دفاعية حصراً بل ازدادت شبكتها تعقيداً ومعها دورها ليصبح هجومياً أيضاً.

وحسب الفيديو، تتسع الأنفاق لمرور قوافل الشاحنات والدراجات النارية كما تتضمن مخازن أسلحة ومنصات لإطلاق صواريخ من نوع "عماد 4".

وتظهر كعالم مواز تحت الأرض، حيث تتميز بالإضاءة والتهوئة، ووصفتها وكالة "مهر" الرسمية الإيرانية بـ"مدينة الصواريخ" في الجنوب، بينما شبهها تقرير لشبكة "فوكس نيوز" الأميركية بـ"مترو الأنفاق". 

وكان الجيش الإسرائيلي قد أعلن في كانون الثاني 2019 اكتشاف وتدمير "أنفاق هجومية عبر الحدود"، بعضها تحت قرى حدودية لبنانية تعرضت مرارا لهجمات دون أن تدمر. كذلك، حذر تقرير إسرائيلي من قدرة هذه الأنفاق على التحول لمقبرة لأي منشأة قد يتم حفرها تحتها.   وأكد مهندسان إسرائيليان في تقريرفي حزيران 2023 بموقع مؤسسة "ألما"، تعويل حزب الله على الأنفاق لإحداث قدر كبير من الدمار، أحيانا من خلال إحداث فراغات. 

ولفت المهندسان في هذا السياق، إلى أن "حفر الأفاق تحت سلسلة جبال راميم المطلة على كريات شمونة كفيل بالتسبب بانهيار أجزاء من الجبل وتعريض المواطنين ومنازلهم للخطر"، وأضافا: "لذلك، يركز الحزب على دخول وحدة الرضوان الجليل باستخدام الأنفاق المليئة بالمتفجرات". 

كذلك، نقل تقرير أميركي في "واشنطن بوست "نهاية أيلول الماضي عن مهندسين وخبراء استراتيجيين إلى أن حزب الله حفر أنفاقا مباشرة إلى داخل إسرائيل. (الحرة)  

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: أنفاق حزب الله هذه الأنفاق من الأنفاق جنوب لبنان لحزب الله أنفاق فی الله فی

إقرأ أيضاً:

"الزعيم لم يعد يثق بأحد".. تفاصيل جديدة تكشف أسرار اغتيال حسن نصر الله

 

 

◄ عبر مبعوث سري.. خامنئي حذر نصر الله من خطة إسرائيلية لاغتياله

◄ شكوك كبيرة تجاه بعض أعضاء "الحرس الثوري"

◄ عضو بـ"الحرس الثوري" سأل مرارًا عن أماكن تواجد نصر الله

◄ اعتقال عدد من المشتبه بهم في دوائر الاستخبارات الإيرانية

◄ نصر أصر على البقاء في لبنان ورفض الانتقال إلى إيران بناءً على نصيحة خامنئي

◄ "حزب الله" يبدأ إجراء تحقيق كبير لتطهير صفوفه من الجواسيس

◄ نبيل قاووق كان يقود التحقيق الخاص بالكشف عن جواسيس إسرائيل

◄ "حزب الله" احتجز مئات الأشخاص للاستجواب بعد "تفجيرات البيجر"

◄ بحث إصدار فتوى لدفن نصر الله مؤقتًا ثم إقامة جنازة رسميا لاحقًا

◄ عدم تعيين خليفة لنصر الله تجنبًا لاغتيال الأمين العام الجديد

 

 

دبي، بيروت- رويترز

 

قالت ثلاثة مصادر إيرانية إن الزعيم الإيراني الأعلى علي خامنئي حذر الأمين العام لجماعة حزب الله حسن نصر الله وطلب منه الخروج من لبنان قبل أيام من اغتياله في غارة إسرائيلية، وإنه قلق للغاية في الوقت الحالي من اختراق إسرائيلي لأعلى الطبقات الحكومية في طهران.

وقال أحد المصادر، وهو مسؤول إيراني كبير، لرويترز إنه في أعقاب واقعة تفجير أجهزة اتصال لحزب الله في 17 سبتمبر مباشرة، أرسل خامنئي رسالة عبر مبعوث يطلب فيها من الأمين العام لحزب الله المغادرة إلى إيران، وأشار فيها إلى تقارير استخباراتية تفيد بأن إسرائيل لديها عملاء داخل الجماعة اللبنانية وتخطط لاغتياله.

وأضاف المسؤول أن المبعوث كان القائد الكبير في الحرس الثوري الإيراني عباس نيلفروشان الذي كان مع نصر الله في مخبأه عندمة استهدفته قنابل إسرائيلية واغُتيل معه.

وقال مسؤول إيراني كبير إن خامنئي، الذي يوجد في مكان شديد التأمين داخل إيران منذ يوم السبت، هو من أصدر الأمر بإطلاق ما يقرب من 200 صاروخ على إسرائيل أمس الثلاثاء. وأعلن الحرس الثوري في بيان أن الهجوم كان ردا على مقتل نصر الله ونيلفروشان. كما تطرق البيان إلى اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) إسماعيل هنية في طهران في يوليو، والهجمات الإسرائيلية على لبنان. ولم تعلن إسرائيل مسؤوليتها عن اغتيال هنية.

وبدأت إسرائيل يوم الثلاثاء ما وصفته بأنه توغل بري "محدود" ضد حزب الله في جنوب لبنان. وقال الجيش الإسرائيلي في بيان اليوم الأربعاء إن سبعة من جنوده قتلوا في معارك بجنوب لبنان.

ولم ترد وزارة الخارجية الإيرانية ولا مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على طلبات التعليق.

وجاء اغتيال نصر الله بعد أسبوعين شهدا ضربات إسرائيلية دقيقة دمرت مواقع أسلحة وقضت على نحو نصف قيادات حزب الله وكوادره العسكرية العليا.

وتجلت مخاوف إيران إزاء سلامة خامنئي وفقدان الثقة، سواء داخل حزب الله أو المؤسسة الإيرانية أو فيما بينهما، خلال المحادثات مع 10 مصادر تمت الاستعانة بها لإعداد هذا التقرير، إذ تحدثت عن وضع من شأنه أن يعقد الأداء الفعال لتحالف محور المقاومة الإيراني الذي يضم جماعات مسلحة غير نظامية مناوئة لإسرائيل.

وتأسس حزب الله بدعم من إيران في ثمانينيات القرن الماضي، وظل لفترة طويلة العضو الأكثر قوة في التحالف.

وقالت أربعة مصادر لبنانية إن الحرب تجعل من الصعب على حزب الله اختيار زعيم جديد، وذلك خوفا من أن يتسبب الاختراق الموجود في تعريض خلفه للخطر.

وقال ماجنوس رانستورب الخبير في شؤون حزب الله لدى جامعة الدفاع السويدية إن الجماعة تعرضت لأضرار كبيرة من شأنها الحد من قدرة إيران على شن ضربات على حدود إسرائيل.

وقال رانستورب إن فقدان حزب الله لقدراته العسكرية وكوادره قد يدفع إيران نحو هجمات على شاكلة استهداف السفارات الإسرائيلية والموظفين في الخارج، وهي هجمات يقال إنها تبنتها مرارا قبل أن تكون هناك قوات تنشط نيابة عنها.

وقال مسؤول إيراني كبير ثان إن اغتيال نصر الله دفع السلطات الإيرانية إلى التحقيق بشكل شامل في اختراقات محتملة داخل إيران، من الحرس الثوري القوي إلى كبار المسؤولين الأمنيين.

وقال المسؤول الأول إنهم يركزون بشكل خاص على أولئك الذين يسافرون إلى الخارج أو لديهم أقارب يعيشون خارج إيران. وأضاف أن طهران أصبحت تشك في بعض أعضاء الحرس الثوري الذين كانوا يسافرون إلى لبنان. وتابع المسؤول أن المخاوف ظهرت عندما بدأ أحد هؤلاء الأفراد يسأل عن مكان نصر الله، والاستفسار بشكل خاص عن المدة التي سيبقى فيها في أماكن بعينها.

وذكر المسؤول الأول أن الشخص اعتقل مع آخرين، بعد إثارة القلق في دوائر الاستخبارات الإيرانية. وقال المسؤول إن عائلة المشتبه به انتقلت خارج إيران، دون تحديد هوية المشتبه به أو أقاربه.

وأوضح المسؤول الثاني أن اغتيال نصر الله أثار انعدام الثقة بين طهران وحزب الله، وداخل حزب الله. وأضاف "انعدمت الثقة التي كانت تربط كل شيء".

وقال مصدر ثالث مقرب من المؤسسة الإيرانية إن الزعيم الأعلى "لم يعد يثق بأحد".

وقال مصدران من حزب الله ومسؤول أمني لبناني لرويترز في يوليو إن ناقوس الخطر دق بالفعل داخل طهران وحزب الله بشأن احتمال وجود اختراق للموساد بعد مقتل فؤاد شكر القيادي الكبير في حزب الله في يوليو في غارة جوية إسرائيلية على موقع سري في بيروت أثناء اجتماع مع قائد بالحرس الثوري الإيراني. واغتيل إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحماس بعد ذلك بساعات قليلة في طهران.

وخلافا لواقعة اغتيال هنية، أعلنت إسرائيل علنا مسؤوليتها عن مقتل شكر، وهو شخصية قليلة الظهور لكن نصر الله وصفه في جنازته بأنه شخصية محورية في تاريخ حزب الله كونه ساهم في بناء أهم قدراته.

وقال الجيش الإسرائيلي إن شكر كان عنصرا هاما في تطوير أكثر أسلحة حزب الله تقدما، ومنها الصواريخ الموجهة بدقة، وكان مسؤولا عن عمليات الجماعات الشيعية ضد إسرائيل على مدى العام الماضي.

وتعود المخاوف الإيرانية بشأن اختراق إسرائيل لصفوفها العليا إلى سنوات مضت. ففي عام 2021، قال الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد إن رئيس وحدة الاستخبارات الإيرانية التي كان من المفترض أن تستهدف عملاء الموساد كان هو نفسه عميلا لجهاز المخابرات الإسرائيلي، وقال لشبكة "سي.إن.إن ترك" إن إسرائيل حصلت على وثائق حساسة عن البرنامج النووي الإيراني، في إشارة إلى عملية نفذتها إسرائيل في إيران عام 2018 وحصلت خلالها على مجموعة ضخمة من الوثائق السرية للغاية بشأن البرنامج.

وفي عام 2021 أيضا، قدم رئيس المخابرات الإسرائيلي المنتهية ولايته يوسي كوهين تفاصيل حول العملية، قائلا لـ"بي.بي.سي" إن 20 عميلا غير إسرائيلي للموساد شاركوا في سرقة الأرشيف من أحد المخازن.

وقال المسؤول الأول إن دعوة خامنئي لنصر الله للانتقال إلى إيران جاءت بعد انفجار آلاف أجهزة الاتصال اللاسلكية (البيجر) وأجهزة الووكي توكي التي يستخدمها حزب الله في هجمات أدت لمقتل العشرات يومي 17 و18 سبتمبر. ونسبت الهجمات على نطاق واسع إلى إسرائيل، رغم أنها لم تعلن مسؤوليتها رسميا.

وأضاف المسؤول أن نصر الله كان واثقا من إجراءات تأمينه ويثق في دائرته الداخلية تماما، رغم المخاوف القوية التي أبدتها طهران بشأن احتمال وجود عملاء داخل صفوف حزب الله.

وحاول خامنئي مرة ثانية، ونقل رسالة أخرى من خلال عباس نيلفروشان إلى نصر الله الأسبوع الماضي، وحثه على مغادرة لبنان والانتقال إلى إيران كونها مكانا أكثر أمانا. لكن نصر الله أصر على البقاء في لبنان، كما قال المسؤول.

وذكر المسؤول إن عدة اجتماعات رفيعة المستوى عقدت في طهران في أعقاب انفجارات أجهزة البيجر لمناقشة سلامة حزب الله ونصر الله، لكنه رفض الكشف عن هوية من حضر تلك الاجتماعات.

وفي الوقت نفسه، بدأ حزب الله في لبنان إجراء تحقيق كبير لتطهير صفوفه من الجواسيس الإسرائيليين وجرى استجواب مئات الأعضاء بعد تفجيرات أجهزة البيجر، حسبما ذكرت ثلاثة مصادر في لبنان لرويترز.

وقال مصدر في حزب الله إن الشيخ نبيل قاووق، وهو مسؤول كبير في حزب الله، كان يقود التحقيق. وأضاف المصدر أن التحقيق كان يتقدم بسرعة، قبل أن يلقى قاووق حتفه في غارة إسرائيلية بعد يوم من اغتيال نصر الله. وكانت غارة أخرى في وقت سابق من الأسبوع الماضي استهدفت قادة كبار آخرين في حزب الله، بعضهم شارك في التحقيق.

وأوضح المصدر أن قاووق استدعى مسؤولين في حزب الله شاركوا في عمليات لوجستية وآخرين "شاركوا وتوسطوا وتلقوا عروضا على أجهزة البيجر والووكي تووكي". وأضاف المصدر أن "تحقيقا أعمق وأكثر شمولا" وتطهيرا مطلوب الآن بعد اغتيال نصر الله وقادة آخرين.

وقال علي الأمين رئيس تحرير جنوبية، وهو موقع إخباري يركز على الطائفة الشيعية وحزب الله، إن التقارير تشير إلى أن حزب الله احتجز مئات الأشخاص للاستجواب بعد أزمة أجهزة البيجر.

وقالت 7 مصادر إن حزب الله يعاني بعد اغتيال نصر الله في مخبئه تحت الأرض في مقر القيادة، وهناك حالة صدمة من مدى نجاح إسرائيل في اختراق الجماعة.

ووصف مهند الحاج علي، نائب مديرة الأبحاث في مركز مالكوم كير-كارنيجي للشرق الأوسط في بيروت الذي يركز على إيران وحزب الله، الهجوم بأنه "أكبر اختراق استخباراتي من قبل إسرائيل" منذ تأسيس حزب الله بدعم من إيران في الثمانينيات.

وقالت أربعة مصادر مطلعة على النقاش داخل حزب الله إن الهجوم الإسرائيلي والخوف من شن مزيد من الهجمات على الجماعة اللبنانية منعا أيضا حزب الله من إقامة جنازة على مستوى البلاد تعكس مكانة نصر الله الدينية والقيادية.

وقال مصدر من حزب الله "لا يمكن لأحد التصريح بإقامة جنازة في هذه الظروف"، مبديا أسفه على الوضع الذي لم يسمح للمسؤولين والزعماء الدينيين من تكريم الزعيم الراحل بالصورة الملائمة.

ودُفن يوم الاثنين على نطاق محدود عدة قادة كانوا قد تعرضوا للاغتيال الأسبوع الماضي، وتوجد خطط لإقامة مراسم دينية ملائمة بعد انتهاء الصراع.

وذكرت الأربعة مصادر اللبنانية أن حزب الله يمعن التفكير في خيار إصدار فتوى دينية لدفن نصر الله مؤقتًا ثم إقامة جنازة رسمية حينما يكون الوضع سانحًا.

وأضافوا أن حزب الله يمتنع عن تعيين خليفة لنصر الله بشكل رسمي، ومن المحتمل أن يكون ذلك لتجنب أن يصبح خليفته هدفا لعمليات الاغتيال الإسرائيلية.

وقال علي الأمين "تعيين أمين عام جديد قد يكون خطرا إذا اغتالته إسرائيل بعدها مباشرة". وأضاف "لا يمكن للجماعة المخاطرة بمزيد من الفوضى بتعيين شخص فقط لتشهد اغتياله".

مقالات مشابهة

  • من بدائية إلى مدينة صواريخ.. هل تحولت أنفاق وملاجئ حزب الله لسلاح بحدين؟
  • إسرائيل: مقتل 250 من عناصر حزب الله جنوب لبنان
  • جيش الاحتلال الإسرائيلي: رصد إطلاق 10 صواريخ من لبنان واعتراض بعضها
  • تقرير: "الأنفاق والأسلحة" هدفا التوغل البري في لبنان
  • الأنفاق ظهرت.. ماذا كشفت كمائن حزب الله؟
  • "الزعيم لم يعد يثق بأحد".. تفاصيل جديدة تكشف أسرار اغتيال حسن نصر الله
  • اول اشتباك بري مباشر بين إسرائيل وحزب الله جنوب لبنان
  • إسرائيل تطالب بإخلاء 24 بلدة في جنوب لبنان تمهيداً لمهاجمتها
  • رئيس مستوطنة شلومي الحدوديّة: حزب الله يملك كميّة أنفاقٍ هائلةٍ وسيُهاجمنا مثلما حدث في (أكتوبر) بالجنوب