حياد دول الخليج.. رسالة مزدوجة والعقدة في القواعد
تاريخ النشر: 4th, October 2024 GMT
يقف الشرق الأوسط على حافة اندلاع حرب إقليمية قد يشعلها فتيل القتال بين إسرائيل وإيران، وسط مخاوف من انجرار دول أخرى في المنطقة إلى دوامة التصعيد، إلا أن الموقف الذي أعلنته دول خليجية، شكّل محورا مهما وسط التطورات المتلاحقة.
وقبل أيام، أطلقت إيران نحو 200 صاروخ على إسرائيل، "ردا" على مقتل الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، في غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت، الأسبوع الماضي، ومقتل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، في طهران، أواخر يوليو الماضي، بضربة نسبت إلى إسرائيل.
وما كان لافتا من المواقف الدولية المتوالية، غداة تهديد إسرائيل بالرد على الهجوم الإيراني الأخير، هو موقف دول الخليج العربية المجاورة لإيران، التي شددت على "حيادها" في الصراع بين العدوين اللدودين.
وسط ترقب رد إسرائيل.. دول الخليج بعثت برسالة لإيران قالت ثلاثة مصادر لرويترز، الخميس، إن وزراء من دول الخليج وإيران يشاركون في اجتماع للدول الآسيوية تستضيفه قطر ناقشوا خفض التصعيد في الصراع بين إسرائيل وإيران.وقال مصدران لرويترز، الخميس، إن دول الخليج "سعت إلى طمأنة طهران بشأن حيادها" في الصراع بين إيران وإسرائيل، خلال اجتماعات في العاصمة القطرية الدوحة، هذا الأسبوع، وسط مخاوف من أن تصعيدا أوسع نطاقا للعنف قد يهدد منشآت النفط.
وأضاف المصدران أن وزراء من دول الخليج وإيران شاركوا في اجتماع للدول الآسيوية بقطر، ركزوا في مباحثاتهم على خفض التصعيد.
رسالة لإيرانوفي أبعاد وانعكاسات الموقف الخليجي بالحياد، يرى الخبير العسكري، إسماعيل أبو أيوب، أنه "رسالة لإيران" بأن دول الخليج "لن تنخرط بأي شكل من الأشكال في هذا الصراع لو حدث"، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن "أجواء بعض الدول الخليجية ستكون ممرا إجباريا للطائرات والصواريخ بين طرفي الصراع".
ولدى سؤاله عن إمكانية إغلاق المجال الجوي أمام الطائرات ومنع عبور الصواريخ، قال: "سيُغلق ربما بالنسبة للطيران المدني، أما بالنسبة للطيران الحربي والصواريخ سواء من إيران أو إسرائيل، فإنها ستُعتبر أهدافا معادية (لدول الخليج)".
وتحدث الرئيس الأميركي، جو بايدن، الخميس، عن "نقاشات" جارية بشأن ضربات إسرائيلية محتملة ضد قطاع النفط الإيراني، بعد الهجوم الصاروخي الذي شنته طهران على إسرائيل.
وردا على سؤال "هل توافق على توجيه إسرائيل ضربات على منشآت نفطية إيرانية؟" أجاب الرئيس الأميركي: "نجري نقاشات بهذا الشأن. أعتقد أنه سيكون.." دون أن ينهي جملته، وذلك خلال تصريحات مقتضبة لصحفيين في البيت الأبيض.
بايدن يكشف عن "نقاشات" بشأن هدف إيراني قد تضربه إسرائيل تحدث الرئيس الأميركي جو بايدن، الخميس، عن "نقاشات" جارية بشأن ضربات إسرائيلية محتملة ضد منشآت نفطية إيرانية، بعد الهجوم الصاروخي الذي شنته طهران على إسرائيل.وكان بايدن قد عبّر، الأربعاء، عن معارضته شن ضربات إسرائيلية على منشآت نووية إيرانية، قائلا ردا على سؤال عن دعمه المحتمل لمثل هذا التحرك من جانب إسرائيل: "الجواب هو لا".
وتابع: "نحن السبعة متفقون على أن للإسرائيليين الحق في الرد، لكن يجب أن يردوا بشكل متناسب"، في إشارة إلى قادة مجموعة السبع.
خطوة تكتيكيةمن جانبه، يرى الخبير العسكري، اللواء السيد الجابري، أن الموقف الخليجي بالحياد هو "خطوة تكتيكية وليست استراتيجية".
وقال في حديثه لموقع "الحرة"، إن "هذه "الخطوة التكتيكية هي محاولة لإقناع جميع الأطراف، بأن دول الخليج تقف على الحياد، أملا في وجود حلول سلمية، وعدم تطور المعركة إلى حرب إقليمية شاملة".
وأضاف أن "أكثر الدول التي يمكن أن تتضرر من الحرب الإقليمية الشاملة، هي دول المنطقة، وخاصة دول الخليج".
ويمكن أن تستهدف إسرائيل قطاع النفط الإيراني، مما يلحق الضرر باقتصادها، ومن الممكن أن يدفع مثل هذا الهجوم أيضا إيران إلى "ضرب منشآت لإنتاج النفط في السعودية وغيرها من دول الخليج"، وفقا لرويترز.
وأشار الجابري إلى أن "هذه الخطوة بالحياد قد يكون الهدف منها حماية دول الخليج من التورط في أي موقف عسكري، ليس له داع".
واستطرد: "في رأيي الشخصي، العلاقة الأميركية الإيرانية الإسرائيلية هي علاقة استراتيجية، وهناك تفاهمات بينهم، وأكثر من يصاب بالضرر من ذلك هي دول الخليج"، مشيرا إلى وجود "نوع من العداء بين الإمارات وإيران (خاصة بشأن الجزر الثلاث)، وإلى مسعى صيني لتحسين العلاقات بين طهران والرياض بعد توترها خلال السنوات الماضية على خلفية أحداث عديدة مثل حرب اليمن".
لكن الجابري اعتبر أن "الصراع الآن بين إيران وإسرائيل هو صراع شكلي وليس حقيقي، رغم كل ما نسمعه من عبارات مطاطة بشأن الرد وعدم الرد".
وفي رأي مطابق لأبو أيوب، قال الجابري: "لن يستطيع أحد منع الصواريخ" من العبور في المجال الجوي، أما بالنسبة للطائرات "فطالما أعلنت دول الخليج الحياد، فمن حقها أن تمنع طائرات الدول المتحاربة من التحليق في المجال الجوي التابع لها".
"مشاركة أميركا"وعن إمكانية مشاركة قوات أميركية في أي ضربات على إيران، عبر استخدام القواعد المنتشرة في المنطقة، يقول أبو أيوب: "في حال مشاركة أميركا في الهجوم المتوقع على إيران، لن تكون دول الخليج بمنأى عن الصراع، لأن كل دول الخليج فيها قواعد عسكرية أميركية، وربما تكون هذه القواعد أهدافا لضربات عكسية من إيران، وفي هذه الحالة إن وقعت، فستنخرط دول الخليج في الصراع مرغمة عنها".
واعتبر أنه في حال "انخراط أميركا بالرد على إيران، فإنه من المؤكد أنه سيكون الفتيل الذي يشعل حربا بين ضفتي الخليج".
بدوره، يؤكد الجابري أن "الدول المضيفة "لا تتدخل في الشؤون الداخلية للقواعد، طبقا لشروط التعاقد، ولا تستطيع فعل شيء، إلا في حالة اعتداء على دول صديقة يوجد معها معاهدات دفاع مشترك".
وأوضح: "لا توجد اتفاقيات دفاع مشترك ما بين دول الخليج وإيران، وبينها وبين إسرائيل"، وبالتالي لا يمكن لهذه الدول منع أو وقف هجمات من القواعد على إيران، و"لن يستطيع أحد التحكم في مسار العمليات العسكرية من هذه القواعد".
اجتماع عاجل لدول الخليج وسط ترقب لرد إسرائيل على إيران قالت قناة الحدث السعودية المملوكة للدولة، الأربعاء، إن اجتماعا وزاريا طارئا لدول الخليج بدأ لبحث التطورات في المنطقة.وشنت إيران أكبر هجوم لها على الإطلاق على إسرائيل، الثلاثاء، فيما قالت إنه رد على اغتيال إسرائيل لكبار قادة حركة حماس وحزب الله وكذلك العمليات في غزة ولبنان.
وقالت طهران إن هجومها انتهى، ما لم تحدث استفزازات أخرى، لكن إسرائيل توعدت بالرد بقوة.
ونقل موقع "أكسيوس" الأميركي مسؤولين إسرائيليين، الأربعاء، إن إسرائيل "قد تستهدف منشآت لإنتاج النفط داخل إيران" ردا على ذلك.
وقال مصدر لرويترز، إن "التهدئة العاجلة" تصدرت جدول الأعمال في جميع المناقشات التي جرت بين إيران ودول خليجية في قطر.
ولم ترد وزارات الخارجية في قطر وإيران والإمارات والكويت بعد على طلبات للتعليق من رويترز، وكذلك مكتب الاتصالات الحكومي السعودي.
ولم تهدد إيران بمهاجمة منشآت نفط خليجية، لكنها حذرت من أن أي تدخل مباشر من قبل "داعمي إسرائيل" ضد طهران من شأنه أن يدفع إيران إلى شن "هجوم قوي" على "قواعدهم ومصالحهم" في المنطقة.
وقال علي الشهابي، المحلل السياسي السعودي المقرب من الديوان الملكي، لرويترز: "تعتقد دول الخليج أنه من غير المرجح أن تضرب إيران منشآتها النفطية، لكن الجانب الإيراني يلمح إلى أنه قد يفعل ذلك من خلال مصادر غير رسمية. إنها أداة يمتلكها الإيرانيون ضد الولايات المتحدة والاقتصاد العالمي".
وشهدت السنوات القليلة الماضية تقاربا سياسيا بين الرياض، أكبر مصدري النفط، وبين طهران، مما ساعد في تخفيف التوتر في المنطقة، لكن العلاقات لا تزال معقدة بينهما.
وتتوخى السعودية الحذر من ضربة إيرانية لمنشآتها النفطية منذ هجوم عام 2019 على مصفاتها الرئيسية في بقيق، أدى إلى توقف أكثر من 5 بالمئة من إمدادات النفط العالمية لفترة وجيزة. ونفت إيران ضلوعها في ذلك الهجوم، حسب رويترز.
وقال الشهابي، في إشارة إلى مجلس التعاون الخليجي الذي يضم الإمارات والبحرين والسعودية وسلطنة عمان وقطر والكويت، "رسالة مجلس التعاون الخليجي للإيرانيين هي 'الرجاء خفض التصعيد'".
وحذر الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، من مغبة "الصمت" في مواجهة "الحروب التي تشعلها" إسرائيل.
وقال خلال قمة حوار التعاون الآسيوي في الدوحة، الخميس، إن "أي نوع من الهجوم العسكري أو العمل الإرهابي أو تجاوز لخطوطنا الحمراء، سيقابل برد حاسم من قواتنا المسلحة".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: على إسرائیل فی المنطقة دول الخلیج فی الصراع على إیران
إقرأ أيضاً:
هل تسعى إيران للحصول على قنبلة نووية رغم تراجع ردعها التقليدي؟
أكد معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى أن عدم اليقين بشأن مخاطر التسلح وتكاليفه وفوائده قد يمنح الولايات المتحدة نفوذا قويا يُمكنها من ضمان استمرار طهران في اتباع سياسة التحوط النووي، وذلك رغم أن "الانتكاسات العسكرية" الأخيرة قد غذت الحديث الإيراني عن احتمال حدوث اختراق نووي محتمل.
وقال المعهد في تحليل له إنه "مع فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، تواجه إيران فترة من التحديات الهائلة، بما في ذلك عودة محتملة لسياسة الضغوط القصوى التي مارستها الولايات المتحدة الأمريكية تجاه إيران في السابق".
وأوضح أن هذه الفترة "تأتي عقب سلسلة من الإجراءات الإسرائيلية التي أضعفت قدرات الردع الإيرانية، بما في ذلك الضربة التي شنتها إسرائيل في 26 تشرين الأول/ أكتوبر، التي أدت إلى تحييد دفاعاتها الجوية الاستراتيجية وقدرتها على إنتاج صواريخ باليستية تعمل بالوقود الصلب، مما جعلها أكثر عرضة للهجمات المستقبلية وأضعف قدرتها على تجديد مخزونها من الصواريخ المستنفذة جزئيا".
وأضافت أنه "في المقابل، حثّ بعض المسؤولين الإيرانيين النظام على تعزيز قوة الردع من خلال إنتاج أسلحة نووية، مما أثار مخاوف من احتمال تخلي إيران قريباً عن استراتيجية التحوط النووي".
العتبة النووية
خلال فصلي الربيع والصيف الماضيين، حذر العديد من المسؤولين الإيرانيين من أن تفاقم بيئة التهديد قد يدفع النظام إلى إعادة النظر في عقيدته النووية، وفي الوقت نفسه، صرحت "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" أن طهران بدأت بتركيب أجهزة طرد مركزي متطورة في منشآت تخصيب اليورانيوم في موقعي "فوردو" و"نطنز".
وبالتوازي مع ذلك، صرح مسؤولون إسرائيليون وأمريكيون للصحفيين أن إيران انخرطت في أبحاث متقدمة تشمل المعادن، والنمذجة الحاسوبية، والمتفجرات، التي يُعتقد أنها مرتبطة بتطوير الأسلحة النووية.
وأكد تقييم استخباراتي أمريكي صدر في تموز/ يوليو أن إيران "نفذت أنشطة تجعلها في وضع أفضل لإنتاج جهاز نووي، إذا قررت ذلك"، وبالتالي، لم يكن مفاجئاً أن تستهدف الضربة الإسرائيلية في 26 تشرين الأول/ أكتوبر منشأة بالقرب من طهران، يُعتقد أنها تشارك في أنشطة التسلح هذه.
واعتبر المعهد أن "النظام الإيراني تبنى مقاربة أكثر جرأة وتقبلا للمخاطر تجاه إسرائيل"، معتقدًا أن "الدولة اليهودية أصبحت أضعف تدريجيًا بسبب حرب غزة، وما رافقها من توترات بين الولايات المتحدة وإسرائيل، بالإضافة إلى تنامى القوة الصاروخية الإيرانية المتطورة".
وأضاف "كذلك، كان النظام الإيراني مقتنعًا بضرورة الرد بحزم على مختلف التحركات الإسرائيلية، بما في ذلك الضربات التي استهدفت شخصيات إيرانية بارزة ووكلاء إيران في دمشق وطهران وبيروت، وانطلاقاً من ذلك، نفذت إيران هجمات صاروخية مكثفة ضد إسرائيل في 13 نيسان/ أبريل وفى الأول من تشرين الأول/أكتوبر".
وقال إن "هذه التحركات قد تبشر بتبني طهران سياسة أكثر جرأة فيما يتعلق بتطوير الأسلحة النووية، ما لم تعتمد الولايات المتحدة وشركاؤها سياسة أكثر حزمًا وصرامة في الأشهر المقبلة".
الانتشار النووي
أوقفت طهران معظم أنشطتها السرية المتعلقة بالأسلحة النووية في عام 2003، بعد أن كشفت جماعة معارضة عن تفاصيل البرنامج، ومنذ ذلك الحين، تبنت إيران استراتيجية تحوطية تهدف إلى الحفاظ على خيار امتلاك السلاح النووي، نظرا لأن مخاطر وتكاليف السعي لتحقيق هذا الهدف - بما في ذلك العزلة الدبلوماسية، والعقوبات الاقتصادية، والضربات العسكرية، وربما سباق تسلح نووي إقليمي – تعتبرها طهران مخاطر غير مقبولة.
وظلّت طهران توازن في حساباتها النووية بين مجموعة واسعة من العوامل، حيث وفرت استراتيجية التحوط فوائد عدة تمكّنها من الحصول على القنبلة النووية دون مواجهة مخاطر أو تكبد تكاليف الباهظة.
ومنذ ذلك الحين، تبددت بعض المخاوف التي دفعت إيران إلى اتباع استراتيجية التحوط، بينما لا تزال هناك مخاوف أخرى قائمة بقوة، على سبيل المثال، أصبح عزل طهران اليوم أكثر صعوبة مما كان عليه في الماضي، حيث عزز النظام علاقاته مع روسيا والصين.
وقام العديد من شركاء الولايات المتحدة بالتحوط من خلال التواصل مع طهران، بينما قام العديد من حلفاء الولايات المتحدة بتقليل مخاطرهم من خلال التواصل مع طهران، ومع ذلك، لا تزال إيران عرضة للعقوبات.
وأشار الرئيس الإيراني مسعود بيزشكيان إلى أن تخفيف العقوبات لا يزال أولوية، في حين أن المرشد الأعلى علي خامنئي سيدعم على الأرجح مثل هذه الجهود إذا لم تضطر طهران إلى دفع ثمن باهظ للغاية.
وأصبح احتمال التهديد بالقيام بعمل عسكري أعلى من أي وقت مضى، فقد حلّقت الطائرات الإسرائيلية فوق إيران في 26 تشرين الأول/ أكتوبر دون أن تواجه أي ردع، وتمكنت من استهداف مواقع محددة بدقة لإلحاق أكبر ضرر ممكن بقدرات النظام على إنتاج الصواريخ الباليستية، وذلك في عملية جرت بالتنسيق الكامل مع الولايات المتحدة.
وقال المعهد أن "الاستخبارات الإسرائيلية نجحت مرارا وتكرارا في اختراق أنشطة إيران الأكثر حساسية، مما يتيح لطهران أن تفترض بشكل منطقي أنه إذا حاولت القيام بتجاوز العتبة النووية في الوقت الراهن، فمن المرجح أن تكون إسرائيل على علم بذلك، كما قد تدعم إدارة بايدن المنتهية ولايتها الضربة لإحباط هذا الاختراق، إن لم تشارك فيه فعليا، وينطبق هذا من باب أولى على إدارة ترامب القادمة".
وأضاف أن إيران "قد تحتاج إلى عدة أسابيع أو أشهر لتصنيع سلاح نووي عملي، مما يمنح أعداءها الوقت الكافي للتحرك، ويشير الاستخدام الأخير لقاذفات بي 2 لضرب منشآت تخزين الطائرات بدون طيار والصواريخ الحوثية المدفونة في اليمن إلى أن الولايات المتحدة قد تلجأ إلى استخدام هذه الطائرة ضد إيران إذا ما رأت أن ضربة عسكرية ضد برنامجها النووي أمر ضروري".
و تُعد طائرة "بي 2" الوحيدة المصرح لها بإسقاط القنبلة (GBU-57) التي تزن 30,000 رطل، وهي ذخيرة ضخمة مصممة لاختراق التحصينات العميقة، كما أنها السلاح التقليدي الوحيد القادر على الوصول إلى منشأة التخصيب الإيرانية المتواجدة تحت الأرض في "فوردو".
حدود امتلاك قوة نووية
وقال المعهد إنه "يتعين على طهران أن تدرس بعناية ما إذا كانت فوائد امتلاك القنبلة النووية تبرر المخاطر المرتبطة بها، وقد تطرق المرشد الأعلى علي خامنئي لهذا الموضوع في عدة مناسبات، إما لتبرير اعتماد سياسة التحوط النووي بعد عام 2003، أو ربما نتيجة تطور حقيقي في طريقة تفكيره، فقد ذكر على سبيل المثال أن المجاهدين الأفغان هزموا الاتحاد السوفيتي وأن إيران أحبطت مساعي الولايات المتحدة في العراق وسوريا، على الرغم من امتلاك القوتين العظميين للأسلحة النووية".
ولفت خامنئي الانتباه إلى أن الأسلحة النووية لم تمنع سقوط الاتحاد السوفيتي، وفي المقابل، لا توجد دلائل على أن خامنئي يعتبر امتلاك الأسلحة النووية ضرورة لبقاء الجمهورية الإسلامية.
واعتبر المعهد "لو كان ذلك هو اعتقاده (خامنئي)، لما وافق على تعليق البرنامج النووي أو تفكيكه في مرات عديدة، سواء لتجنب العزلة الدبلوماسية أو للحصول على تخفيف للعقوبات الاقتصادية.
وأضاف أن "إيران لم تتمكن من حماية علمائها النوويين البارزين من فرق الاغتيال الإسرائيلية، أو أهم منشآتها النووية من المخربين الإسرائيليين، أو أرشيفها النووي من السرقة من قبل عملاء إسرائيليين، وإلى أن يقوم النظام بحل هذه المشكلة، علما بأن الأحداث الأخيرة لا تبعث على الثقة في هذا الصدد، وقد لا يرغب النظام في إنتاج أسلحة نووية قد تكون عرضة للتخريب أو التحويل من قبل عملاء أجانب أو إرهابيين محليين".
الحفاظ على سياسة التحوط
وقال المعهد إنه "مع تزايد التحول التدريجي نحو مقاربة أكثر مغامرة تجاه "إسرائيل"، ربما تكون إيران قد وصلت إلى منعطف حاسم. لذلك يجب على واشنطن أن تبذل قصارى جهدها لإحباط هذا التحول الخطير ومنعه من أن يصبح واقعاً دائماً، وتحفيز طهران على مواصلة اتباع سياسة التحوط".
وأضاف أنه "على الرغم من أن إيران المتحوطة حاليا تشكل خيارا غير مرغوب فيه، إلا أنه أقل خطورة مقارنةً بإيران النووية. كما تمثل استراتيجية التحوط خياراً أكثر حكمة مقارنةً بضربة وقائية كبيرة على المواقع النووية الإيرانية، والتي من المرجح أن توفر مهلة مؤقتة لا تتجاوز سنة أو سنتين فقط قبل أن يعاد بناء البرنامج النووي الإيراني مرة أخرى، مما يؤدي إلى تكرار سيناريو الهجوم لاحقاً. وكما فشلت عملية "جز العشب" في نهاية المطاف في غزة، قد تفشل هذه الاستراتيجية في إيران أيضاً. ومن شأن القيام بضربة وقائية ضد إيران أن تزيد من قناعتها بأن بناء القنبلة النووية بات ضرورياً وحتميا".
وفي مواجهة احتمال تولى ترامب ولاية ثانية، قد تسعى إيران لتسريع إنتاج أجهزة الطرد المركزي المتقدمة والمواد الانشطارية، بهدف تعزيز موقفها التفاوضي مع واشنطن أو تسريع قدرتها على تجاوز العتبة النووية، لا سيما إذا تصاعدت التوترات بشكل أكبر. بل وربما ترى إيران أن الفترة التي تسبق يوم التنصيب تمثل فرصة مثالية لاتخاذ خطوات أولية نحو الاختراق النووي، مما يمكنها من التفاوض مع الإدارة الجديدة انطلاقاً من موقع قوة. وقد تشمل هذه التحركات إخفاء المواد الانشطارية في مواقع غير معلنة أو بناء منشآت تخصيب سرية.
وذكر أنه "لمواجهة هذه المخاطر، أمام القادة الأمريكيين عدة خيارات، أولاً، ينبغي على الإدارة الأمريكية المقبلة التأكيد على أنها لن تسمح لإيران بامتلاك أسلحة نووية، على غرار الإدارات السابقة، ثانياً، بالتعاون مع إسرائيل وشركاء آخرين.
وأوضح أنه ينبغي على الولايات المتحدة اتخاذ خطوات لـ"ردع" طهران عن الحصول على القنبلة النووية وإبقائها متحوطة لأطول فترة ممكنة وأبرزها توطيد التعاون الوثيق مع إسرائيل وحلفاء آخرين لتوجيه رسالة واضحة لإيران مفادها أنها تواجه تحالفاً دولياً واسع النطاق، والعمل على حشد دعم مجموعة واسعة من الحلفاء الدوليين وتحفيزهم على المشاركة في حملة ضغط قصوى ضد إيران إذا ما قامت بتخصيب اليورانيوم بنسبة تتجاوز المستويات الحالية (60 في المئة) أو حاولت بطريقة أخرى تجاوز العتبة النووية".
وتتضمن هذه الخطوات "تكثيف استخدام قاذفات القنابل الشبح من طراز بي 2 في التدريبات والعمليات الإقليمية كإشارة واضحة بأن واشنطن قد تستخدم هذه المنصة إذا حاولت إيران اختراق العتبة النووية، نشر مركبة "دارك إيجل" الانزلاقية الجديدة بعيدة المدى التي تفوق سرعة الصوت التابعة للجيش الأمريكي في المنطقة لإبراز القدرة على إمكانية استهداف القيادة الإيرانية إذا أمرت باختراق نووي، حيث قد تكون بعض الأهداف النووية غير قابلة للوصول المباشر".
وجاء في هذه الخطوات المقترحة أيضا "إظهار القدرة المستمرة على اختراق برنامج طهران النووي بالوسائل الإلكترونية وغيرها من الوسائل لإظهار أن أي أسلحة نووية ستكون عرضة للتخريب والتحويل عن مسارها، وبالتالي يمكن أن تشكل خطراً على النظام، وإطلاق حملة تأثير في وسائل التواصل الاجتماعي باللغة الفارسية للتشكيك في جدوى الأسلحة النووية والتأكيد على المخاطر التي يمكن أن تشكلها على إيران في حال التخريب أو تحويل مسارها أو ما قد ينتج عن ذلك من انتشار نووي إقليمي.