ملامح السياسة الخارجية لرئيس سريلانكا الجديد
تاريخ النشر: 4th, October 2024 GMT
كولومبو- يبدأ وزير خارجية الهند جيشنكار اليوم الجمعة زيارة إلى سريلانكا وهي أول زيارة رسمية لوزير خارجية إلى كولومبو بعد انتخاب الرئيس الجديد الماركسي أنورا كمارا ديساناياكه.
ويرى مراقبون أن هذه الزيارة قد تكون ذات أهمية كبيرة في ظل المنافسة بين نيودلهي وبكين في المحيط الهندي، مشيرين إلى أن حزب الرئيس الذي قاد هجمات على الجيش الهندي في سريلانكا في ثمانينيات القرن الماضي له علاقة فكرية مع الصين.
وكان ديساناياكه قال في حملته الانتخابية إنه سيلغي الاتفاقية مع شركة "أداني" الهندية التي مُنحت مشروعا لبناء محطات لطاقة الرياح في شمال سريلانكا، وذلك بسبب وجود مخالفات في تقديم المشروع ولحماية سيادة الطاقة.
زيارة وزير الخارجية الهندي (وسط) لكولومبو هي أول زيارة رسمية بعد انتخاب الرئيس السريلانكي الجديد (مواقع التواصل) أهمية خاصةوبحسب المحامية بوني فونسيكه، الباحثة في مركز السياسات البديلة في كولومبو، فإن لهذه الزيارة أهمية خاصة لأن وزير خارجية الهند يأتي في الوقت الذي أعلن فيه الرئيس السريلانكي أنه سيلغي هذا المشروع.
وتحاول الصين تعزيز نفوذها في سريلانكا التي تقع في مكان إستراتيجي قرب الهند في طريق التجارة البحرية الدولية، وتعتقد نيودلهي أن نفوذ بكين يهدد أمنها. ويعود تاريخ العداوة بين البلدين (الهند والصين) إلى ستينيات القرن الماضي، وتحاربت الجارتان شهرا كاملا عام 1962 بسبب النزاع على الحدود التي تمتد على أكثر من 3 آلاف كيلومتر.
وترى بويترا جيوردنه، المحاضرة الأولى في قسم العلاقات الدولية بجامعة كولومبو، أن الهند بدأت تصبح قوة عالمية، فهي عضوة في أهم المنظمات مثل "بريكس"، وهي حريصة على أمنها، وتنظر إلى ما حولها برؤية أمنية ولا تريد نفوذ الصين في "فنائها الخلفي"، كما تقول للجزيرة نت.
من جانبه، يرى رتيندرا كرووته، المحلل في العلاقات الدولية، أن الصين لديها فقط مصالح اقتصادية وليست عسكرية في سريلانكا. وأوضح -للجزيرة نت- أن بكين تعرف أن الاعتماد على كولومبو مستحيل وذلك بسبب مسافتها القصيرة من الهند التي إذا شعرت بأن الصين تفعل شيئا يضرّ بأمنها القومي، فإنها ستتخذ إجراءات حاسمة، ولا تستطيع بكين أن تفعل شيئا حيال ذلك.
استثمرت الصين في سريلانكا 12.1 مليار دولار بين 2006 و2019 في البنية التحتية كالطرق السريعة، والميناء والمطار في جنوب البلاد، ومدينة الميناء في كولومبو، حسب تقرير لمركز أبحاث "تشاتام هاوس".
قلقمن جهتها، قالت المحاضرة جيوردنه إن البلدان كانت تُعدّ في القديم قوى عالمية بالنظر إلى قوتها العسكرية، ولكن الصين لديها أيضا خطة إستراتيجية لتصير قوة اقتصادية عالمية، فهي تحرص على تعزيز نفوذها في سريلانكا خلال مبادرة الحزام والطريق.
وتشعر الهند بالقلق إزاء سريلانكا بعد أن فقدت اثنين من حلفائها في السلطة في المالديف وبنغلاديش هذه السنة. واتخذ محمد معز، رئيس المالديف -الذي يُعدّ مؤيدا للصين- موقفا ضد الوجود العسكري الهندي في بلاده وأعاد معظم الجيش الهندي منها.
وأدت الاحتجاجات الطلابية في بنغلاديش إلى فرار رئيسة الوزراء السابقة الشيخة حسينة واجد إلى نيودلهي، وقد كانت على علاقات جيدة مع الهند، وتريد الحكومة الجديدة في داكا برئاسة محمد يونس إعادتها إلى البلاد لمحاكمتها.
ويرى محللون وناشطون هنود أن الرئيس السريلانكي الجديد معادٍ لنيودلهي، مشيرين إلى خلفيته الماركسية التي تربطه بعلاقة مع الصين وإلى تاريخ حزبه في مواجهة الجيش الهندي لفترة قصيرة في كولومبو خلال ثمانينيات القرن الماضي.
لكن الباحثة فونسيكه لا تعتقد أن الرئيس السريلانكي وحكومته قد يتخذان مواقف معادية للهند لأن كولومبو الآن في أزمة اقتصادية، وأولوياتها هي إصلاح الوضع الاقتصادي.
وخلال الحملة الانتخابية، قال ديساناياكه -في مقابلة محلية- إن "الهند منافس جيوسياسي، لكننا لسنا كذلك، وهي دولة تضع دائما إستراتيجيات وخططا في هذا المجال، لذا يتعين علينا استخدام أراضينا بطريقة لا تضر بخطتها". وقام ديساناياكه وبعض أعضاء حزبه بزيارة إلى نيودلهي بدعوة رسمية منها، في فبراير/شباط الماضي، والتقوا وزير الخارجية جيشنكار ومستشار الأمن القومي أجيت دووال.
عملية منهجية
من ناحيته، قال المحلل كرووته إن الرئيس السريلانكي سيتبع سياسة عدم الانحياز وإنه سيحاول إدخال عملية منهجية لكيفية تعامل كولومبو مع القوى الخارجية وتوقيع اتفاقيات مع الشركات من البلدان الأخرى، وإن تمكن من إدخال نظام شفاف في العلاقات الخارجية فسيكون بوسعه تحقيق التوازن بين الهند والصين.
وفي هذا الصدد، صرح ديساناياكه خلال حملته الانتخابية "نحن في موقف لا ينبغي لنا فيه استخدام أراضينا ضد أمن المنطقة أو الهند. ولكن عندما يتعلق الأمر بالاقتصاد، فسننظر إذا كان ذلك مفيدا لبلدنا أم لا، ولا نرى أي بلد ينبغي تفضيله".
وأثارت اتفاقية لبناء مشروع طاقة الرياح الذي تبلغ قدرته 450 ميغاواتا، والذي مُنح لشركة "أداني الهندية"، انتقادات من الرئيس السريلانكي. ويعود ذلك لأن كولومبو ستشتري الطاقة الكهربائية من "أداني" بسعر 0.0826 دولار للوحدة، في حين أن شركة سريلانكية توفر الطاقة الكهربائية بسعر 0.0488 دولار فقط للوحدة، وقال الرئيس إنه سيلغي الاتفاقية.
ووفق دننات فيرناندو، المدير التنفيذي لمعهد "أدوكاتا للأبحاث"، تُعدّ الهند والصين من الدول المهمة لاقتصاد سريلانكا وكثير من وارداتها تأتي منهما، ولذلك "لا يمكننا أن نختار أيهما نعطيها الأولوية".
وتُعد الهند الوجهة الثالثة للتصدير والمصدر الأول للاستيراد لسريلانكا، والصين هي الوجهة العاشرة للتصدير والثانية للاستيراد، حسب تقارير حكومية. وأضاف فيرناندو "أن الشيء الوحيد الذي يمكننا القيام به هو التأكد من أن كلا منهما لن يواجه أي مشاكل أو فوائد إضافية من جانبنا".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الرئیس السریلانکی فی سریلانکا
إقرأ أيضاً:
من هو أسعد حسن الشيباني وزير الخارجية السوري الجديد؟.. أمامه تحديات
كشفت الحكومة السورية الانتقالية، مساء اليوم، عن تعيين أسعد حسن الشيباني وزيرا للخارجية، في خطوة تهدف إلى تعزيز العلاقات الدبلوماسية مع الدول الساعية للتعاون مع الإدارة الجديدة بعد سقوط نظام الأسد، وفقًا لما نقلت قناة القاهرة الإخبارية.
من هو أسعد حسن الشيباني؟بحسب تقرير قناة القاهرة، ولد أسعد حسن الشيباني في محافظة الحسكة عام 1987، انتقل مع عائلته إلى دمشق حيث أكمل تعليمه.
وحصل على شهادة في اللغة الإنجليزية وآدابها من جامعة دمشق عام 2009.
نال ماجستير في العلوم السياسية والعلاقات الخارجية من تركيا عام 2022، ولا يزال يدرس حاليا لنيل درجة الدكتوراه في ذات المجال.
كما أنهى المرحلة الأخيرة من ماجستير إدارة الأعمال (MBA) في الجامعة الأمريكية.
المسيرة المهنية لوزير الخارجية الجديدأسعد حسن الشيباني أحد المؤسسين لحكومة الإنقاذ السورية، كما أسس إدارة الشؤون السياسية التابعة لها.
وتولى مسؤولية العلاقات السياسية، وعمل على تطويرها مع الأطراف المحلية والدولية.
ولعب الشيباني دور مهما في دعم الأنشطة الإنسانية شمال غربي سوريا، من خلال التعاون مع وكالات الأمم المتحدة لتسهيل العمل الإغاثي.
ومن المتعارف عليه أن الشيباني غير اسمه خلال عمله السياسي، مثل «نسيم، أبو عائشة، أبو عمار الشامي، حسام الشافعي، وزيد العطار».
التكليف بمنصب وزير الخارجيةجرى تكليف الشيباني بحقيبة وزارة الخارجية في الحكومة السورية الجديدة، في وقتٍ تشهد فيه البلاد تحولات سياسية كبيرة، فهو يحتاج للتركيز على إعادة بناء العلاقات مع الدول الإقليمية والدولية، واستئناف الحوارات مع الأطراف المتأثرة بالثورة السورية.