قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء، ومفتي الجمهورية السابق، أنه في كل كلمة، وموقف، في سيرة سيدنا صلى الله عليه وآله وسلم، في كل حديث، تسير فيه المبادئ؛ سريان الماء في الورد، ينبغي عليك أن تقف عندها، وأن تتأمل فيها، وأن تستخرج معانيها، وأن تقضي بقضائها.

جمعة: النبي كنز مخفي لمن أراد باب الله وعز الدنيا ومفاتيح الجنة جمعة: من أصابه شيءٌ من رحمة النبي فهو الناجي في الدارين

وتابع جُمعة أن رسول الله ﷺ علمنا في مواقف كثيرة: أن نقدم مصلحة الأمة، على كل مصلحة، وأن نرضى، وأن نسلم لقضاء الله، فلا يكون في كونه إِلَّا ما أراد، وأن نلين في أيدي إخواننا، وأن نكون أمة واحدة، سِلْمًا لِمَنْ سالمنا، وحربًا على مَنْ اعتدى علينا.

وأضاف جمعة أنه علمنا رسول الله ﷺ: الصدق في القول، ونهانا عن الكذب، وعن الخيانة، وعن الْفُجْر في الخصومة؛ فإن الدنيا فانية، والنبي ﷺ يقول: «كن في الدنيا كأنك غريب، أو عابر سبيل»،ويقول ﷺ: «ازهد فيما في أيدي الناس: يحبك الناس، وازهد في الدنيا: يحبك الله».

سهيل بن عمرو في صلح الحديبية

فقد جاء سهيل بن عمرو، في قصةٍ طويلةٍ، في صلح الحديبية؛ ليكتب اتفاقًا بين النبي ﷺ، وبين قريش؛ وقد منعوه وأصحابه: البيت الحرام، وهم محرمون، لا يقصدون إِلَّا الله، وَإِلَّا أداء النُّسك.

جاء سهيل بن عمرو، واتفق مع سيدنا ﷺ: أن يكتب صلح الحديبية، والكاتب حينئذ: علي بن أبي طالب، فكتب علي، على البداهة، وكما تَعَلَّم: بسم الله الرحمن الرحيم، فقال سهيل: لا نعرف: الرحمن الرحيم، قال: «امح يا علي، واكتب: باسمك اللهم...».

وأكد جُمعة أنه هكذا قدم مصلحة الأمة على هذا الشكل؛ وإن كان شكلًا مهمًّا؛ فإن ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾: آية من (الفاتحة)، و (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ): بدأ الله بها السور، و (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ): كانت تذكر على كل ذي بال، «فكل أمر ذي بال، لا يبدأ ببسم الله فهو أبتر، -أو أقطع-، -أو أجزم-». روايات.

لكنه يُعَلِّمُ الأمة: أن مصلحة الأمة، فوق كل شيء، «...هذا ما عاهد عليه محمدٌ رسول الله: سهيل بن عمرو».

فكتب علي، فقال: لو علمنا أنك رسول لله: ما قاتلناك، قال: «امح يا علي، واكتب: هذا ما عاهد عليه محمد بن عبد الله: سهيل بن عمرو»، قال علي: والله، لا أمحوها أبدًا.

وهذا أمرٌ يتعلق بالنبي، ولا يستطيع علي أن يمحو صفة الرسالة، عن سيد الأكوان، وعليها قاتل في بدرٍ، وفي أُحُد، وفي الخندق، وفي سائر الغزوات.

وأمرٌ يَمَسُّ شخص النبي ﷺ، فيقوم الفارس النبيل برفض هذا الأمر، حتى لو خرج من سيدنا، وسيد الكائنات.

والله، لا أمحوها أبدًا.

فأخذ النبي ﷺ الكتاب من علي، ومحاها بريقه الشريف؛ تقديمًا لمصلحة الأمة، على حال الفرد، وما يصيبه من أذية من المشركين، عبدة الأوثان، من المفسدين في الأرض، من الذين اتفق العقلاء على سوء حالهم، وعلى كفر طويتهم؛ إِلَّا أن النبي ﷺ قَدَّمَ مصلحة الأمة، على شخصه الكريم.

فمحاها بريقه الشريف، حتى ظن بعض الناس: أن النبي قد تعلم القراءة والكتابة؛ لأنه عرف ما يمحو، والنبي كان أميًّا، معجزةً في حقه، نقصًا في حق الناس، وكانت معجزة في حقه؛ لأن هذا القرآن لا يصدر من أميٍّ أبدًا، فكان خالصًا لله سبحانه وتعالى.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء معجزة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومفتى الجمهورية رسول الل مصلحة الأمة رسول الله النبی ﷺ

إقرأ أيضاً:

كيف تحصن نفسك من الفتن والإقلاع عن المعاصي.. علي جمعة يوضح

أكد الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء، أن المسلم بحاجة إلى "الفرقان" من الله في كل وقت وحين، خاصة في أوقات الفتنة وأزمانها التي قد تُربك القلوب وتُضِل النفوس. 

وطرح جمعة تساؤلات جوهرية عن ماهية الفتنة وحقيقتها، وكيف يمكن للمسلم أن يتجنبها ويخرج منها مستعينًا بفرقان الله.

حقيقة الفتنة في اللغة والشرع.

أوضح د. علي جمعة، عبر منشور نشره على صفحته الرسمية بموقع "فيسبوك"، أن الفتنة في اللغة تعني الابتلاء والاختبار، وأن أصل الكلمة يرتبط بعملية صهر المعادن بالنار، بهدف تمييز الجيد من الرديء، مستشهدًا بقول الله تعالى: "وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ" [البقرة: 102]. 

وأشار إلى أن الفتنة تحمل عدة معانٍ في القرآن الكريم تختلف باختلاف السياق، منها الابتلاء، الكفر، العذاب، القتل، والفضيحة.

الفتنة كابتلاء واختبار
تأتي الفتنة في كثير من المواضع بمعنى الابتلاء، كما في قوله تعالى: "وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ" [الأنبياء: 35]، مما يؤكد أن الابتلاء بالخير والشر جزء من اختبار الله لعباده لتمييز صدق الإيمان عن زيفه.

الفتنة بمعنى الكفر
وأشار جمعة إلى أن الفتنة في بعض المواضع تأتي بمعنى الكفر، مستدلًا بقول الله تعالى: "وَقَاتِلُوَهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ" [البقرة: 193]، حيث ترمز الفتنة هنا إلى محاربة الكفر والوقوف أمامه حتى لا ينتشر بين الناس.

الفتنة كفضيحة
وأضاف أن الفتنة يمكن أن تأتي بمعنى الفضيحة، كما ورد في قوله تعالى: "وَمَن يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا" [المائدة: 41]، موضحًا أن من يصر على المعاصي قد يُفضحه الله في الدنيا قبل الآخرة.

الفتنة كعقوبة وعذاب
وبيّن جمعة أن الفتنة تأتي كذلك بمعنى العقوبة والعذاب، كما في قوله تعالى: "وَاتَّقُوا فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً" [الأنفال: 25]، محذرًا من أن العقاب الإلهي لا يصيب الظالم وحده، بل يمتد تأثيره للمجتمع بأسره إذا لم يتحرك لمواجهة الظلم.

الفتنة كقتل واقتتال
كما أوضح أن الفتنة يمكن أن تشير إلى القتل والاقتتال بين الناس، مستشهدًا بقوله تعالى: "إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِى الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ" [الأنفال: 73]، موضحًا أن الفتنة هنا تعني الفوضى والدمار الناتجين عن غياب العدل والنظام.

كيف يواجه المسلم الفتنة؟
واختتم جمعة منشوره بالتأكيد على أن النجاة من الفتنة تتطلب الاستعانة بالله وطلب "الفرقان"، أي البصيرة والتمييز بين الحق والباطل. وأشار إلى ضرورة التمسك بالقرآن والسنة كدليلين واضحين في مواجهة الأزمات، مع الدعاء المستمر بأن يمنّ الله على عباده بالهداية والثبات في مواجهة الفتن التي قد تُبعدهم عن الطريق المستقيم.

وأوضح أن الفتنة، مهما تعددت أشكالها ومعانيها، تمثل اختبارًا إلهيًا، والسبيل لتجاوزها هو الالتزام بتعاليم الدين، والتضرع إلى الله أن يجعل القلوب ثابتة على الإيمان، وأن يرزق العبد الحكمة والقدرة على اتخاذ القرارات الصائبة في مواجهة التحديات.

مقالات مشابهة

  • علي جمعة: لا تسألوا الله الصبر بل اللطف
  • ذكرى أول صلاة جمعة بالجامع الأزهر .. 15معلومة لا تعرفها
  • علي جمعة: تقوى الله وحسن الخلق أكثر ما يدخل الجنة
  • كل كلام يقوله الإنسان محسوب عليه إلا 3 أمور فما هي؟.. علي جمعة يوضح
  • حقيقة قصة النبي ﷺ مع الرجل اليهودي
  • لماذا أمرنا الله بالاستعانة بالصلاة والصبر عند أي أمر؟ .. علي جمعة يجيب
  • كيف تحصن نفسك من الفتن والإقلاع عن المعاصي.. علي جمعة يوضح
  • أنوار الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
  • د.حماد عبدالله يكتب: لماذا سميت "مصر" بالمحروسة !!
  • صلاة الشروق كم ركعة وماذا يقرأ فيها؟.. انتبه لـ7 حقائق