يذكي التوتر المتزايد في الشرق الأوسط حالة عدم اليقين المحيطة بالاقتصاد العالمي حتى مع احتفاء صناع السياسات بقدرتهم على السيطرة على موجة تضخم دون التسبب في ركود.

وأرسلت إسرائيل قواتها إلى جنوب لبنان بعد غارات جوية كثيفة على مدى أسبوعين مما أدى إلى تصعيد الصراع في الشرق الأوسط. وتقاتل أيضا حركة حماس في قطاع غزة منذ ما يقرب من عام.

وفيما يلي التداعيات المحتملة للصراع على الاقتصاد العالمي في الأسابيع المقبلة.

ما هي التداعيات التي حدثت حتى الآن؟

تقتصر التبعات خارج منطقة الشرق الأوسط على أسواق المال حيث يلجأ المستثمرون إلى استثمارات الملاذ الآمن. واستفاد الدولار من الهجوم الصاروخي الإيراني على إسرائيل مع تداول مؤشر العملة الأميركية الذي يقيس أداءها مقابل اليورو والين وأربع عملات رئيسية أخرى بالقرب من أعلى مستوياته في ثلاثة أسابيع.

وارتفعت أسعار النفط بنحو خمسة بالمئة الخميس وسط مخاوف من أن الصراع الأوسع قد يعطل تدفقات الخام من المنطقة، إذا قررت إسرائيل على سبيل المثال استهداف بنية تحتية نفطية في إيران مما قد يستتبع بدوره ردا إيرانيا.

ولكن من غير المرجح أن يتحول ذلك إلى ارتفاع في أسعار المنتجات البترولية المقدمة للمستهلكين. ويشير محللون إلى أن الولايات المتحدة لديها مستويات عالية من مخزونات النفط الخام في حين أن الدول المنتجة في أوبك لديها ما يكفي من الطاقة الاحتياطية لتخفيف تأثير الاضطرابات، على الأقل في الأمد القريب.

ماذا يفعل صناع السياسات؟

يؤكد محافظو البنوك المركزية عادة أن دورهم هو النظر إلى ما هو أبعد من الصدمات غير المتوقعة التي يتعرض لها الاقتصاد والتركيز بدلا من ذلك على الاتجاهات العميقة والأساسية. إلا أنهم لا يستطيعون تجاهل الأحداث الجيوسياسية بالكامل.

وقال محافظ بنك إنجلترا أندرو بيلي لصحيفة الغارديان إن البنك قد يتحرك بصورة أسرع لخفض أسعار الفائدة إذا استمرت الضغوط التضخمية في التراجع، مما يشير إلى أن محافظي البنوك المركزية في الوقت الحالي لا يرون الصراع في الشرق الأوسط تهديدا كبيرا لمحاولاتهم لكبح جماح التضخم.

وقال بيلي إن هناك التزاما على ما يبدو بالحفاظ على استقرار أسواق النفط، لكنه قال أيضا إن الصراع قد يدفع أسعار النفط إلى الارتفاع إذا استمر التصعيد.

وأدلى نائب محافظ البنك المركزي السويدي بير جانسون بتعليقات مماثلة، قائلا إن تداعيات الصراع في الشرق الأوسط ليست مؤثرة بما يكفي بعد لتعديل التوقعات الاقتصادية.

وقال صندوق النقد الدولي الخميس إن تصعيد الصراع في الشرق الأوسط قد تكون له عواقب اقتصادية كبيرة على المنطقة والاقتصاد العالمي، لكن أسعار السلع الأساسية تظل أقل من أعلى مستوياتها في العام الماضي.

وقالت المتحدثة باسم صندوق النقد الدولي جولي كوزاك إن من السابق لأوانه التنبؤ بتأثيرات محددة على الاقتصاد العالمي.

متى تصبح التداعيات أكثر وضوحا؟

يبلغ سعر العقود الآجلة لخام برنت حاليا قرب الـ 80 دولارا للبرميل، وهو أقل من مستوى 84 دولارا التي بلغته وقت الهجوم الذي شنته حماس في السابع من أكتوبر على إسرائيل قبل عام تقريبا، وأقل كثيرا من أعلى مستوياتها عند 130 دولارا بعد الحرب الروسية ضد أوكرانيا في فبراير 2022.

ومن المتوقع أن تتأثر أوروبا بارتفاع أسعار النفط لأنها، على عكس الولايات المتحدة، ليس لديها إنتاج محلي كبير من الخام.

ولكن يقدر صناع السياسات في أوروبا أن ارتفاعا قدره 10 بالمئة في أسعار النفط سيرفع التضخم 0.1 نقطة مئوية فقط.

وستكون التداعيات الاقتصادية أوضح في حالة الحرب الشاملة التي قد تؤدي لهجمات أوسع على البنية التحتية للطاقة في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط والخليج بالإضافة إلى المزيد من الاضطرابات في طرق التجارة عبر البحر الأحمر.

وقدرت شركة أكسفورد إيكونومكس أن مثل هذا السيناريو من شأنه أن يرفع أسعار النفط إلى 130 دولارا ويقلص نمو الناتج المحلي العالمي العام المقبل بنحو 0.4 نقطة مئوية، والذي يتوقعه صندوق النقد الدولي حاليا عند 3.3 بالمئة.

المصدر: سكاي نيوز عربية

كلمات دلالية: ملفات ملفات ملفات إسرائيل جنوب لبنان المستثمرون أسعار النفط إيران المنتجات البترولية البنوك المركزية بنك إنجلترا البنك المركزي السويدي صندوق النقد الدولي برنت أوروبا الاقتصاد العالمي قوة الاقتصاد العالمي نمو الاقتصاد العالمي الصراع في غزة غزة أهل غزة قصف غزة إسرائيل جنوب لبنان المستثمرون أسعار النفط إيران المنتجات البترولية البنوك المركزية بنك إنجلترا البنك المركزي السويدي صندوق النقد الدولي برنت أوروبا اقتصاد عالمي الصراع فی الشرق الأوسط الاقتصاد العالمی أسعار النفط

إقرأ أيضاً:

كيف يؤثر الصراع على المعادن في الكونغو الديمقراطية على دول المنطقة والعالم؟

نشرت صحيفة "إزفيستيا" الروسية، تقريرا، سلّطت فيه الضوء على الصراع المحتدم شرقي جمهورية الكونغو الديمقراطية، وتأثيره على دول المنطقة والعالم.

وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنّ "حالة التوتر في المنطقة بدأت منذ جرائم الإبادة الجماعية في رواندا سنة 1994، التي عصفت بحياة نحو مليون شخص من قبيلة التوتسي، لكن الوضع ازداد سوءا في الفترة الأخيرة".

وأوضحت الصحيفة أنّ "متمردي حركة "23 مارس" الكونغولية المدعومين من رواندا، بسطوا سيطرتهم على مدينة غوما، عاصمة إقليم شمال كيفو، التي يبلغ عدد سكانها مليوني نسمة".

وحسب آخر البيانات، لقي أكثر من 100 شخص مصرعهم، فيما أصيب نحو 1000 آخرين، إثر الاشتباكات التي سيطر خلالها المتمردون على مطار غوما الذي يؤمّن وصول المساعدات من الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية وقوات حفظ السلام؛ وقُطعت طرق نقل المواد الغذائية والسلع الأساسية من الجنوب.

وذكرت الصحيفة أنّ: "الوضع زاد تأزما بعد أن قطعت حكومة جمهورية الكونغو الديمقراطية العلاقات الدبلوماسية مع رواندا المجاورة، متهمة إياها بدعم المتمردين".

وحسب الأمم المتحدة، شارك ما بين 3 آلاف و4 آلاف جندي رواندي في حصار غوما. ووفقاً للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فرّ أكثر من 400 ألف شخص من منازلهم في مقاطعتي شمال وجنوب كيفو بالقرب من الحدود مع رواندا منذ بداية السنة.


ومنذ 2022، تتهم حركة "مارس 23 " سلطات كينشاسا، بعدم تطبيق بنود اتفاق السلام، الذي ينص على دمج التوتسي بشكل كامل ضمن الجيش والإدارة في جمهورية الكونغو الديمقراطية.

وتسيطر الحركة منذ أكثر من عام على منطقة روبايا الغنية بخام الكولتان، وهو معدن ثمين يُستخدم في إنتاج الهواتف الذكية وغيرها من المعدات الإلكترونية. كما تُنتج المناجم في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية القصدير والتنتالوم والتنغستن، بالإضافة إلى احتياطيات كبيرة من الذهب.

وبحسب الأمم المتحدة، تجني الحركة نحو 800 ألف دولار شهرياً من ضرائب الإنتاج، وتمنحها السيطرة على مناطق جديدة فرصة لزيادة مداخيلها.

دعوات لوقف المعارك
أبرزت الصحيفة، خلال التقرير نفسه، أن: "بعثة الأمم المتحدة في جمهورية الكونغو الديمقراطية قامت بإجلاء طاقمها وأفراد عائلاتهم من مدينة غوما بسبب الأحداث الأخيرة".

وتابعت أن السفارة الروسية في الكونغو الديمقراطية، قد دعت المواطنين الروس المقيمين في إقليم شمال كيفو إلى مغادرة المنطقة. كما أوصت البعثة الدبلوماسية الأمريكية في جمهورية الكونغو الديمقراطية، مواطنيها، باللجوء إلى أماكن آمنة على الفور بسبب تصاعد مستوى العنف والجريمة في شرق البلاد.

وأكد مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا، أن موسكو تدين ممارسات المتمردين في جمهورية الكونغو الديمقراطية وتدعو إلى وقف فوري للأعمال القتالية، مضيفا أن روسيا تعتزم استخدام "جميع الوسائل المتاحة" لوقف النزاع في جمهورية الكونغو الديمقراطية والعودة إلى المسار الدبلوماسي.

وتتّهم دول غربية بينها الولايات المتحدة، رواندا، بتأجيج النزاع ودعم حركة "مارس 23"، لكن رواندا رفضت الدعوات لسحب قواتها ونفت دعم المتمردين. فيما أكدت السلطات الراوندية أنها تتخذ تدابير دفاعية، متهمة جمهورية الكونغو الديمقراطية بدعم "القوات الديمقراطية لتحرير رواندا" التي تهاجم التوتسي في كلا البلدين.

وكان تقرير أنجزه فريق خبراء تابع للأمم المتحدة عام 2022، كشف وجود "أدلة دامغة" على قتال القوات الرواندية إلى جانب متمردي حركة "23 مارس". ويشير التقرير إلى أن رواندا تستخدم الحركة للوصول إلى موارد جمهورية الكونغو الديمقراطية وتصديرها إلى الخارج.


ماذا يقول الخبراء؟
يرى الباحث في مركز قضايا التنمية والتحديث التابع لأكاديمية العلوم الروسية، سيرجي كاراماييف، أن النزاع الحالي في منطقة البحيرات الكبرى يؤثر بشكل مباشر على رواندا والكونغو الديمقراطية، كما يؤثر على أوغندا وبوروندي، وله تأثير غير مباشر على كينيا وتنزانيا.

ويعتقد كاراماييف أنّ: "استمرار الصراع ينذر بانتشاره إلى دول أخرى في القارة ويؤدي بالتالي إلى تداعيات خطيرة على المنطقة".

وحسب الخبير الروسي، فإنّه يصعب تحديد الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة في الوقت الراهن، لأن الولايات المتحدة لم تفصح عن نواياها، مشيرا إلى أنّ: "هذه المنطقة لم تكن ضمن أولويات واشنطن خلال فترة ترامب الرئاسية الأولى".

وقال كاراماييف إن "هذه الحرب اندلعت بسبب المعادن الأرضية النادرة الضرورية لإنتاج الهواتف المحمولة والأجهزة اللوحية والتكنولوجيا النووية والصواريخ، لذلك فإن الصراع يشغل الشركات الأمريكية المتخصصة في التكنولوجيا الفائقة بسبب المخاوف من ارتفاع أسعار المعادن".

وأضاف أن: "استراتيجية الصين في المنطقة لا تبدو واضحة، خاصة أنها تسيطر  على ما بين 15 و19 منجمًا كبيرًا في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، وهي مهتمة جدًا بالحصول على المعادن النادرة".


كذلك، نقلت الصحيفة عن الخبير السياسي الأمريكي، جيسون ستيرنز، قوله إن "الدول الغربية يمكن أن تتخذ خطوات لوقف دعم رواندا لحركة: مارس 23". مؤكدا أن الدول المانحة استخدمت هذا النفوذ في الماضي. ففي 2012، أوقفت الولايات المتحدة إلى جانب دول غربية أخرى، مساعداتها لرواندا، ما أدى إلى تراجع حركة "مارس 23".

ويرى ستيرنز أننا: "نعيش اليوم في عالم أصبحت فيه الاستثمارات التجارية والمصالح أكثر أهمية من المبادئ الإنسانية".

مقالات مشابهة

  • ارتفاع أسعار الذهب العالمي 174 دولارا في يناير 2025
  • الإمارات لاعب رئيسي في المشهد الإعلامي العالمي
  • كيف يؤثر الصراع على المعادن في الكونغو الديمقراطية على دول المنطقة والعالم؟
  • الإمارات تعزز مكانتها لاعباً رئيسياً في المشهد الإعلامي العالمي
  • تحديات اقتصادية: هل العراق محصن ضد الأزمات؟.. الاحتياطي النقدي مثالا
  • تحديات اقتصادية: هل العراق محصن ضد الأزمات؟.. الاحتياطي النقدي مثالا - عاجل
  • التحديات الاقتصادية: هل العراق محصن ضد الأزمات؟.. الاحتياطي النقدي مثالا - عاجل
  • ارتفاع أسعار النفط.. وخام برنت يسجل 77.25 دولارا للبرميل
  • صلاح حسب الله: تأجيج الصراع في الشرق الأوسط يعرقل الحلول السلمية
  • أسعار النفط تستقر بانتظار وضوح رؤية سياسات ترمب التجارية