ألقى الشيخ الدكتور بندر بليلة خطبة الجمعة اليوم بالمسجد الحرام، وافتتحها بتوصية المسلمين بتقوى الله عز وجل، ومراقبته في السر والعلن ابتغاء مرضاته سبحانه وتعالى، وقال: نِعَمُ الله وآلاؤُه على عبادِه لا تُعَدُّ ولا تُحصَى، ولا تُحصَرُ ولا تُستقْصَى. نِعَمٌ مادِيَّة ومعنَوِيَّةٌ، دِينِيَّة ودُنيوِيَّةٌ.

وإنَّ من أعظَمِ نِعمِ الله المَعْنَوِيَّة نِعمَة المحبَّة والأُلفَةِ، ومِنَّة المودَّة والرحمَة نِعْمَة عَظِيمَةٌ، بها يَطِيبُ العَيشُ، وتَدومُ الرَّوابِطُ، وتُزْهِرُ العلاقاتُ، ومِنَّة كَبِيرَةٌ، يَهَبُهَا الرَّحمنُ، لا تُشتَرى بالمالِ، ولا تُوهَبُ بالغَالِي مِنَ الأَثمانِ.
هي مِن أفضَلِ خِصالِ المُؤمِنِ وسَجايَاهُ، وأنبَلِ صفاتِه ومزايَاهُ، فعن أَبِي هُرَيْرَة رضي الله عنه أَنَّ النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الْمُؤْمِنُ مَأْلَفٌ، وَلَا خَيْرَ فِيمَنْ لَا يَأْلَفُ، وَلَا يُؤْلَفُ» أخرجَه أحمد في مسنَدِه. مبينًا أن الأُلْفَة الصَّادِقَة هِي الَّتِي تَقُومُ على أساس حُسْنِ الظَّنِّ، وصَفاءِ النِّيَّةِ، وطِيبِ المَعْشَرِ، فَتُثْمِرُ الإحسانَ، وبذْلَ النَّدَى، وغَضَّ الطَّرْفِ، والتَّجاوُزَ عَن الزَّلاتِ، والتَّغافُلَ عَن العَثَراتِ.
الأُلْفَة تَحمِلُ أصحابَها على القِسْطاسِ المُستَقِيمِ، فيَسْتَدْعُونَ الحسَناتِ إذا هَبَّتِ الخَطِيَّاتُ، فِي جَمِيعِ الأوْقاتِ، ومُخْتَلَفِ العَلاقاتِ.
وأوضح فضيلته أنَّ الأُلْفَة الحَقَّة هِي القاعِدَة الكُبْرَى والأساس المَتِينُ الَّذِي يقُومُ عَليْه بُنيانُ السَّعادَة فِي حَياة النَّاسُ فتكون بينَ الرَّاعِي والرَّعِيَّةِ، قال صلى الله عليه وسلم: «خِيَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ ‌تُحِبُّونَهُمْ ‌وَيُحِبُّونَكُمْ، وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ وَتُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ» أخرجه مُسْلِمٌ في صَحِيحِه مِن حَدِيثِ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ. وبَيْنَ الزَّوْجِ وزَوْجَتِهِ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: «‌لَا ‌يفرُكُ ‌مؤمنٌ ‌مُؤمنَةً، إِن كَرِه مِنْهَا خُلُقًا رَضِي مِنْهَا آخَرَ» أخرجَه مسلِمٌ. وبَيْنَ الجارِ وجَارِهِ، ففِي الصَّحِيحَيْنِ مِن حَدِيثِ السيدة عائِشَة وابنِ عُمَرَ قَالَا: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالْجَارِ، حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّه سَيُوَرِّثُهُ».
وتكون الألفة أيضًا بين الرَّجُلِ ومَن تحتَه مِن الخَدَمِ، ففِي الصَّحِيحَيْنِ مِن حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ لهُ: «يَا أَبَا ذَرٍّ، إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهليَّةٌ، هُمْ إِخْوَانُكُمْ، جَعَلَهُمُ الله تَحْتَ أَيْدِيكُمْ، فَأَطْعِمُوهُمْ مِمَّا تَأْكُلُونَ، وَأَلْبِسُوهُمْ مِمَّا تَلْبَسُونَ، وَلَا تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ، ‌فَإِنْ ‌كَلَّفْتُمُوهُمْ فَأَعِينُوهُمْ». وبَيْنَ الأَجِيرِ وصاحِبِ العَمَلِ، قال صلى الله عليه وسلم: «أَعْطُوا الْأَجِيرَ أَجْرَه ‌قَبْلَ ‌أَنْ ‌يَجِفَّ ‌عَرَقُهُ» أخرَجَه ابنِ ماجَة في السُّنَنِ مِن حَدِيثِ عبْدِاللَّه بْنِ عُمَرَ.
وأكد الدكتور بليلة أن الأُلْفَة مَجْلَبَة للتَّعاوُنِ علَى البِرِّ والتَّقْوَى، وعلَى التَّعاضُدِ عِنْدَ حُصُولِ اللَّأْوَا، قَالَ صلى الله عليه وسلم: «تَرَى الْمُؤْمِنِينَ فِي تَرَاحُمِهِمْ وَتَوَادِّهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ كَمَثَلِ الْجَسَدِ إذا اشْتَكَى عُضْو تَدَاعَى لَه سَائِرُ جَسَدِه ‌بِالسَّهَرِ ‌وَالْحُمَّى» مُتَّفَقٌ عَليْهِ.
ولِمكَانِتَها وعَظيمِ أَثَرِهَا رَغَّبَ المَوْلَى جَلَّ وعَلا فِيهَا، وجعَلَها مَقْصِدًا مِن مَقَاصِدِ الشَّرِيعَةِ، حَتَّى معَ غيْرِ المُسْلِمِينَ، فَشَرَعَ تَأْلِيفَ قُلُوبِهِمْ، بأَنْ جَعَلَهُمْ أحد أصْنَافِ الزَّكَاة الثَّمانِيَةِ، تُسَلُّ بِها سَخِيمَة قُلُوبِهِمِ، وتُنزَعُ بها ضَغِينَة أفْئِدَتِهِمْ.
والأُلْفَة ضَرْبٌ مِن ضُرُوبِ الرَّحْمَةِ، وصِنْفٌ مِنْ أَصْنَافِ المَوَدَّةِ، بَلْ هِي أَثَرٌ مِن آثارِهَا، ففِي المُسْنَدِ والسُّنَنِ مِن حَدِيثِ عبدِالله بنِ عَمْرِو بنِ العَاصِ رضي الله عنه قالَ: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحمَنُ، اِرْحَمُوا مَنْ فِي الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّماءِ».
وبين فضيلته أنَّ الأُلْفَة مِن شِيَمِ الكُمَّلِ مِن النَّاسِ، الَّذِينَ يَترَفَّعُونَ عَنِ التُّرَهَّاتِ، ويُنَزِّهُونَ أَنْفُسَهُمْ عَن السَّفاهاتِ، ويَحْمِلُونَ أَرْواحَهُمْ عَلى الكَمالَاتِ، فَتَجِدُهُمْ دائمًا فِي أرْقَى المقَاماتِ، تَصْدُرُ عَنْهُمْ أزْكَى المقالاتِ في أَحْلَكِ الحالات، فبالأُلْفَة والمَحَبَّة يَنْتَشِرُ الأمن، ويَحِلُّ السَّلامُ، ويَعِيشُ النَّاسُ فِي سعادَة واطمِئْنانٍ، ومَتَى غَابَ هذَا المعْنَى عَن حَياة النَّاسِ تَكَدَّرُ العَيشُ، وكَثُرَتِ الوَساوِسُ، وسادَ سُوءُ الظَّنِّ، وانْتَشَرَتِ القَطِيعَةُ، وصارَتْ سَفِينَة الحيَاة تَتَمَلْمَلُ بَينَ أَمْواجِ البَلاءِ وأَعاصِيرِ الابْتِلاءِ، قالَ صلى الله عليه وسلم: «دَبَّ إِلَيْكُمْ ‌دَاءُ ‌الْأمم قَبْلَكُمْ: الْحَسَدُ، وَالْبَغْضَاءُ. وَالْبَغْضَاءُ: هِي الْحَالِقَةُ، لَا أَقُولُ تَحْلِقُ الشَّعْرَ، وَلَكِنْ تَحْلِقُ الدِّينَ. وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِه لَا تَدْخُلُوا الْجَنَّة حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَفَلا أُنَبِّئُكُمْ بِمَا يُثَبِّتُ ذَلِكَ لَكُمْ، أَفْشُوا السَّلامَ بَيْنَكُمْ» أَخرَجَه أحمد في مُسنَدِه والتِّرْمِذِي في جامِعِه مِن حَدِيثِ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ رضي الله عنه.
فَلَا تَسَلْ عَمَّنْ حُرِمَ هَذِه النِّعْمَة العَظِيمَة والِمنَّة الجَلِيلَةِ، كَيْفَ يَعِيشُ فِي هَذِه الحَياةِ؟! تَرَاه يَتَقَلَّبُ بَيْنَ أَصْنافِ الهُمُومِ وَالبَلايَا، وَالفِتَنِ والرَّزَايَا، غِلٌّ وَحِقْدٌ، غِشٌّ وحَسَدٌ نَسْأَلُ الله السَّلامَة والعَافِيَة. هِي قِطْعَة مِنْ عَذَابٍ، تَعَجلَها صَاحِبُها لِنَفْسِه فِي الدُّنيَا، قبلَ يَومِ الأَشْهَادِ.
* وفي المدينة المنورة أوصى إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالبارئ الثبيتي المسلمين بتقوى الله تعالى، فهي الزاد يوم لا ينفع مال ولا بنون.
وبين إمام وخطيب المسجد النبوي أن قول الله تعالى ((إِنَّ اللَّه بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ)) يحمل في طياته معاني عميقة، ولها الأثر البليغ في النفس والحياة. مضيفًا بأن الناس حين تقرؤها تغمر قلوبهم السكينة إذ يوقنون بأن المدبر هو الله.
وبين أن هذا هو حال موسى حين تبعه فرعون ((إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ))، وحال نبينا صلى الله عليه وسلم حين خرج من مكة مهاجرًا “ما ظنك باثنين الله ثالثهما”.
وأوضح فضيلته أن هذه الآية تغرس في قلب المؤمن الرضا والتسليم بأن رزقه مضمون، كما تثبت أن الله لا تخفى عليه حال العبد مما يورث في النفس الطمأنينة، وفي القلب السعادة.
كما بين إمام وخطيب المسجد النبوي أن هذه الآية تصنع العجائب من زرع الحياء في قلب المؤمن من الله؛ فلا يراه حيث نهاه، ولا تسير به أقدامه إلى ما لا يرضي الله.
وأضاف إمام وخطيب المسجد النبوي بأن قول الله تعالى {إِنَّ اللَّه بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} يشكل قاعدة راسخة، تدعم تنمية المجتمع وبناء الوطن ورفعة الأمة، وتحسن العمل، وترتقي بحياة الفرد.. مشيرًا إلى أنه متى ما استشعر المسلم أن الله تعالى يراه في كل أحواله كان أسرع ملجأ يلجأ إليه.
وتابع إمام وخطيب المسجد النبوي بأنه متى ما استقر في القلب معنى {إِنَّ اللَّه بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}، وقوله تعالى {يَعْلَمُ خَائِنَة الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ}، فإن سلوك المجتمع سيرتقي وتتهذب أخلاقه، وتصبح مراقبة الله هي المعيار الأعلى في العامل، وأداء حقوق الآخرين، وتجنب الظلم.

المصدر: صحيفة الجزيرة

كلمات دلالية: كورونا بريطانيا أمريكا حوادث السعودية الله صلى الله علیه وسلم رضی الله عنه الله تعالى الأ ل ف ة الله ت ن الله

إقرأ أيضاً:

بيان مدى مشروعية المديح والابتهالات النبوية

أوضحت دار الإفتاء المصرية أن مدح النبي صلى الله عليه وآله وسلم سنة ثابتة منقولة بالتواتر، وهو قربة من أعظم القربات أخذها الخلف عن السلف من غير نكير، وما زالت المدائح النبوية تحبب الناس في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عبر العصور، وتُرَغِّبُهُم في اتباعِ سنته والاقتداء بشمائله الشريفة وسجاياه الكريمة، وبها تتنور القلوب وتنشرح الصدور وتزكو النفوس.

وقالت الإفتاء إن مدح الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم من أعظم القربات، وهو من أعظم ما يثبت حب الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم في القلوب، وقد صحّت الأحاديث بأنه لا أحد أحب إليه المدح من الله تعالى، وفي حديث الأسود بن سريع رضي الله عنه أنه قال: قلت: يا رسول الله مدحت الله تعالى بمدحة، ومدحتك بمدحة. قال: «هَاتِ وَابْدَأْ بِمِدْحَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ» رواه أحمد واللفظ له والنسائي والطبراني والحاكم وغيرهم.

وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يُعجبه الشِّعر ويُمدَح به، وقد سَمِعَ مدحَهُ بأُذُنِه من حسّان بن ثابت، وعمه العباس، وأنس بن مالك، وعبد الله بن رواحة، وكعب بن زهير، وغيرهم رضي الله عنهم أجمعين، ولم ينكر منه شيئًا.

وورد في "الصحيحين" عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: "أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه مَرَّ بِحَسَّانَ رضي الله عنه وَهُوَ يُنْشِدُ الشِّعْرَ فِي الْمَسْجِدِ، فَلَحَظَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: قَدْ كُنْتُ أُنْشِدُ وَفِيهِ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه فَقَالَ: أَنْشُدُكَ الله أَسَمِعْتَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم يَقُولُ: «أَجِبْ عَنِّي اللهمَّ أَيِّدْهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ». قَالَ: اللهمَّ نَعَمْ". وبوَّب عليه الإمام النسائي (باب الرخصة في إنشاد الشعر الحسن في المسجد).

وفي "صحيح مسلم" عن عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم يَقُولُ لِحَسَّانَ رضي الله عنه: «إِنَّ رُوحَ الْقُدُسِ لا يَزَالُ يُؤَيِّدُكَ مَا نَافَحْتَ عَنِ الله وَرَسُولِهِ».

قال الإمام النووي في "شرح مسلم" (16/ 45، ط. دار إحياء التراث العربي): [فيه جواز إنشاد الشعر في المسجد إذا كان مباحًا، واستحبابه إذا كان في ممادح الإسلام وأهله أو في هجاء الكفار والتحريض على قتالهم أو تحقيرهم ونحو ذلك] اهـ.

وأكدت الإفتاء أن مدح النبي صلى الله عليه وآله وسلم والترخيص فيه سنة ثابتة منقولة بالتواتر، أخذها الخلف عن السلف من غير نكير، وذلك في إطار الحدّ الذي حدَّدَه النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قوله في حديث عمر رضي الله عنه عند "البخاري" وغيره: «لا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ.

 

وفي سياق أخر، تشارك دار الإفتاء المصرية بجناح خاص في الدورة الـ56 لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، التي تنطلق فعالياتها في 23 يناير وتستمر حتى 5 فبراير 2025، بمركز مصر للمعارض الدولية بالتجمع الخامس.

تأتي هذه المشاركة تحت رعاية الأستاذ الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية ورئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم.

واختارت دار الإفتاء فضيلة الشيخ محمد بخيت المطيعي شخصية جناحها هذا العام، تأكيدًا على دَوره الرائد في ترسيخ الفتوى الشرعية والتعريف بالقيم الوسطية، في إطار جهود الدار المستمرة لنشر الفكر الإسلامي المعتدل.

وأكَّد الأستاذ الدكتور نظير عيَّاد، مفتي الجمهورية، أن مشاركة دار الإفتاء في هذا الحدث الثقافي الكبير تأتي استكمالًا لدَورها في خدمة المجتمع ونشر قيم التسامح والاعتدال، مشيرًا إلى أنَّ الجناح هذا العام يشكِّل مِنصَّة تفاعلية تُتيح للزوَّار التعرُّف على الدَّور الحيوي الذي تضطلع به الدار في معالجة قضايا العصر من منظور شرعي.

وأوضح أنَّ اختيار شخصية الجناح، فضيلة الشيخ محمد بخيت المطيعي، يعكس تقدير الدار لرموزها العلمية التي أسهمت في ترسيخ المنهج الوسطي ودعم قضايا الأمة.

وأضاف المفتي: "نحن نسعى دائمًا لأن يكون جناح دار الإفتاء مساحة تجمع بين العلم والثقافة والفكر الوسطي، حيث نطرح قضايا تتَّصل مباشرةً بحياة الناس، ونعمل على تصحيح المفاهيم المغلوطة التي تروِّجها التيارات المتطرفة، مع التأكيد على الدَّور الإيجابي للفتوى في تحقيق استقرار المجتمع."

وأشار المفتي إلى أن إصدارات دار الإفتاء التي سيتم عرضها في جناح الدار بالمعرض تسعى إلى تقديم إجابات علمية وشرعية متعمقة ومتجددة تلبِّي تساؤلات المجتمع وتتصدَّى لمحاولات التشكيك والتضليل، بطرح شرعي يجمع بين الأصالة والمعاصرة.

وأضاف أن الجناح يوفر منصة للزوَّار للتفاعل مع علماء الدار، والمشاركة في الندوات، وطرح استفساراتهم بما يُسهم في تعزيز الوعي الديني الوسطي ونشر القيم الإنسانية الرفيعة.

وسيشهد جناح دار الإفتاء في معرض القاهرة الدولي للكتاب، الذي يقع في صالة (4)، قاعة B 54، العديد من الفعاليات المهمة التي يشارك فيها نخبة من العلماء والمفكرين.

وتناقش إحدى الندوات الفتوى والمشكلات الاجتماعية، مسلطة الضوء على قضايا الزواج وأهم أسباب الطلاق وسُبل الحد من انتشاره، مع التطرق إلى موضوع كثرة الحلف بالطلاق وأثره السلبي على استقرار الأسرة. كما تسلِّط ندوة أخرى الضوءَ على العلاقة بين الفتوى والدراما، وأهمية تناول القضايا الشرعية في الأعمال الفنية بما يرسِّخ القيم الإيجابية.

وتناقش الندوات أيضًا قضايا المصريين في الخارج، مثل الفتاوى وعلاقتها بالمصريين في الخارج (زواج الأجانب نموذجًا)، إلى جانب موضوعات ترتبط بالفتوى والإعلام، ودَور الفتوى في دعم حقوق ذوي الهِمم برؤية شاملة. كما سيتم تناول الفتوى والاقتصاد، ومسائل تعزيز الهُوية الوطنية والانتماء، والفتوى في العصر الرقْمي وأثر وسائل التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى قضية المقامرة الإلكترونية وما تمثله من تحدياتٍ شرعية.

كما يضم جناح دار الإفتاء في معرض القاهرة الدولي للكتاب قسمًا خاصًّا يعرض إصدارات حديثة ومتنوعة تعكس جهود الدار في تقديم محتوى علمي رصين يتناول القضايا الشرعية والاجتماعية المعاصرة. وتشمل الإصدارات سلسلة "قضايا تشغيل الأذهان" بأجزائها الثلاثة التي تقدم معالجات فقهية معمقة للقضايا المستجدة. ومن بين الإصدارات أيضًا كتاب "مكونات العقل المسلم ودرجات المعرفة"، الذي يلقي الضوءَ على أُسس التفكير المنهجي، و"نظرات في زكاة كسب العمل"، الذي يقدم رؤية شرعية حول هذا النوع من الزكاة.

وتشمل الإصدارات أيضًا "تاريخ أصول الفقه"، الذي يوثق تطور هذا العلم عبر العصور، بالإضافة إلى موسوعات مثل "الفتاوى الإسلامية"، و"السياسة الشرعية"، و"دليل الأسرة في الإسلام"، التي تتناول موضوعات متنوعة تخدم احتياجات مختلف شرائح المجتمع. كما تضم مكتبة الجناح كتبًا مخصصة للشباب، والمرأة، والصحة النفسية، بالإضافة إلى إصدارات تسلِّط الضوءَ على فتاوى النوازل مثل وباء كورونا، وقضايا الهوية الوطنية، وعلاقة المسلمين والمسيحيين.

مقالات مشابهة

  • عاجل - سنن مستحبة ليوم الجمعة.. اغتنم فضلها (إنفوجراف)
  • بيان مدى مشروعية المديح والابتهالات النبوية
  • خالد الجندي: من يرغب في مرافقة النبي في الجنة عليه بكثرة السجود
  • مركز الأزهر العالمي للفتوى: الغش في الامتحانات سلوك مُحرَّم
  • محمد المينيوم
  • الأزهر للفتوى: الغش في الامتحانات سلوك محرم يهدر الحقوق
  • أنوار الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
  • هل الدعاء على المخالفين يعكس روح الإسلام؟
  • إغلاق العقول
  • وصايا النبي: كلمات الرسول قبل وفاته بثلاثة أيام