خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي
تاريخ النشر: 4th, October 2024 GMT
المناطق_واس
أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور بندر بليلة المسلمين بتقوى الله عز وجل ومراقبته في السر والعلن ابتغاء مرضاته سبحانه وتعالى.
أخبار قد تهمك خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي 27 سبتمبر 2024 - 2:41 مساءً خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي 20 سبتمبر 2024 - 1:57 مساءً
وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم بالمسجد الحرام نِعَمُ الله وآلاؤُهُ على عبادِهِ لا تُعَدُّ ولا تُحصَى، ولا تُحصَرُ ولا تُستقْصَى، نِعَمٌ مادِيَّةٌ ومعنَوِيَّةٌ، دِينِيَّةٌ ودُنيوِيَّةٌ، وإنَّ من أعظَمِ نِعمِ اللهِ المَعْنَوِيَّةِ نِعمَةَ المحبَّةِ والأُلفَةِ، ومِنَّةَ المودَّةِ والرحمَةِ نِعْمَةٌ عَظِيمَةٌ، بها يَطِيبُ العَيشُ، وتَدومُ الرَّوابِطُ، وتُزْهِرُ العلاقاتُ، ومِنَّةٌ كَبِيرَةٌ، يَهَبُهَا الرَّحمنُ، لا تُشتَرى بالمالِ، ولا تُوهَبُ بالغَالِي مِنَ الأَثمانِ.
هيَ مِن أفضَلِ خِصالِ المُؤمِنِ وسَجايَاهُ، وأنبَلِ صفاتِهِ ومزايَاهُ، فعن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الْمُؤْمِنُ مَأْلَفٌ، وَلَا خَيْرَ فِيمَنْ لَا يَأْلَفُ، وَلَا يُؤْلَفُ» أخرجَهُ أحمدُ في مسنَدِهِ مبينًا أن الأُلْفَةُ الصَّادِقَةُ هِيَ الَّتِي تَقُومُ على أسَاسِ حُسْنِ الظَّنِّ، وصَفاءِ النِّيَّةِ، وطِيبِ المَعْشَرِ، فَتُثْمِرُ الإحسانَ، وبذْلَ النَّدَى، وغَضَّ الطَّرْفِ، والتَّجاوُزَ عَن الزَّلاتِ، والتَّغافُلَ عَن العَثَراتِ.
الأُلْفَةُ تَحمِلُ أصحابَها على القِسْطاسِ المُستَقِيمِ، فيَسْتَدْعُونَ الحسَناتِ إذَا هَبَّتِ الخَطِيَّاتُ، فِي جَمِيعِ الأوْقاتِ، ومُخْتَلَفِ العَلاقاتِ.
وأوضح فضيلته أنَّ الأُلْفَةَ الحَقَّةَ هِيَ القاعِدَةُ الكُبْرَى والأَساسُ المَتِينُ الَّذِي يقُومُ عَليْهِ بُنيانُ السَّعادَةِ فِي حَياةِ النَّاسُ فتكون بينَ الرَّاعِي والرَّعِيَّةِ، قال صلى الله عليه وسلم: «خِيَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ، وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ وَتُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ» أخرجه مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ مِن حَدِيثِ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ وبَيْنَ الزَّوْجِ وزَوْجَتِهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَا يفرُكُ مؤمنٌ مُؤمنَةً، إِن كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِي مِنْهَا آخَرَ» أخرجَهُ مسلِمٌ وبَيْنَ الجارِ وجَارِهِ، فِي الصَّحِيحَيْنِ مِن حَدِيثِ عائِشَةَ وابنِ عُمَرَ قَالَا: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالْجَارِ، حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ».
وتكون الألفة أيضًا بين الرَّجُلِ ومَن تحتَهُ مِن الخَدَمِ، فِي الصَّحِيحَيْنِ مِن حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ لهُ: «يَا أَبَا ذَرٍّ، إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ، هُمْ إِخْوَانُكُمْ، جَعَلَهُمُ اللهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ، فَأَطْعِمُوهُمْ مِمَّا تَأْكُلُونَ، وَأَلْبِسُوهُمْ مِمَّا تَلْبَسُونَ، وَلَا تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ، فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فَأَعِينُوهُمْ» وبَيْنَ الأَجِيرِ وصاحِبِ العَمَلِ، قال صلى الله عليه وسلم: «أَعْطُوا الْأَجِيرَ أَجْرَهُ قَبْلَ أَنْ يَجِفَّ عَرَقُهُ» أخرَجَهُ ابنِ ماجَةَ في السُّنَنِ مِن حَدِيثِ عبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ.
وأكد الدكتور بليله أن الأُلْفَةُ مَجْلَبَةٌ للتَّعاوُنِ علَى البِرِّ والتَّقْوَى، وعلَى التَّعاضُدِ عِنْدَ حُصُولِ اللَّأْوَا، قَالَ صلى الله عليه وسلم: «تَرَى الْمُؤْمِنِينَ فِي تَرَاحُمِهِمْ وَتَوَادِّهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ كَمَثَلِ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى عُضْو تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ جَسَدِهِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى » مُتَّفَقٌ عَليْهِ.
ولِمكَانِتَها وعَظيمِ أَثَرِهَا رَغَّبَ المَوْلَى جَلَّ وعَلا فِيهَا، وجعَلَها مَقْصِدًا مِن مَقَاصِدِ الشَّرِيعَةِ، حَتَّى معَ غيْرِ المُسْلِمِينَ، فَشَرَعَ تَأْلِيفَ قُلُوبِهِمْ، بأَنْ جَعَلَهُمْ أحَدَ أصْنَافِ الزَّكَاةِ الثَّمانِيَةِ، تُسَلُّ بِها سَخِيمَةُ قُلُوبِهِمِ، وتُنزَعُ بها ضَغِينَةُ أفْئِدَتِهِمْ والأُلْفَةُ ضَرْبٌ مِن ضُرُوبِ الرَّحْمَةِ، وصِنْفٌ مِنْ أَصْنَافِ المَوَدَّةِ، بَلْ هِيَ أَثَرٌ مِن آثارِهَا، فِي المُسْنَدِ والسُّنَنِ مِن حَدِيثِ عبدِ اللهِ بنِ عَمْرِو بنِ العَاصِ رضي الله عنه قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : « الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحمَنُ، اِرْحَمُوا مَنْ فِي الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّماءِ».
وبين فضيلته أنَّ الأُلْفَةُ مِن شِيَمِ الكُمَّلِ مِن النَّاسِ، الَّذِينَ يَترَفَّعُونَ عَنِ التُّرَهَّاتِ، ويُنَزِّهُونَ أَنْفُسَهُمْ عَن السَّفاهاتِ، ويَحْمِلُونَ أَرْواحَهُمْ عَلى الكَمالَاتِ، فَتَجِدُهُمْ دائِمًا فِي أرْقَى المقَاماتِ، تَصْدُرُ عَنْهُمْ أزْكَى المقالاتِ، في أَحْلَكِ الحالات بالأُلْفَةِ والمَحَبَّةِ يَنْتَشِرُ الأمنُ، ويَحِلُّ السَّلامُ، ويَعِيشُ النَّاسُ فِي سعادَةٍ واطمِئْنانٍ، ومَتَى غَابَ هذَا المعْنَى عَن حَياةِ النَّاسِ، تَكَدَّرُ العَيشُ، وكَثُرَتِ الوَساوِسُ، وسادَ سُوءُ الظَّنِّ، وانْتَشَرَتِ القَطِيعَةُ، وصارَتْ سَفِينَةُ الحيَاةِ تَتَمَلْمَلُ بَينَ أَمْواجِ البَلاءِ وأَعاصِيرِ الابْتِلاءِ، قالَ صلى الله عليه وسلم: «دَبَّ إِلَيْكُمْ دَاءُ الْأُمَمِ قَبْلَكُمْ: الْحَسَدُ، وَالْبَغْضَاءُ، وَالْبَغْضَاءُ: هِيَ الْحَالِقَةُ، لَا أَقُولُ تَحْلِقُ الشَّعْرَ، وَلَكِنْ تَحْلِقُ الدِّينَ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَفَلا أُنَبِّئُكُمْ بِمَا يُثَبِّتُ ذَلِكَ لَكُمْ، أَفْشُوا السَّلامَ بَيْنَكُمْ» أَخرَجَهُ أحمَدُ في مُسنَدِه والتِّرْمِذِيُّ في جامِعِهِ مِن حَدِيثِ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ رضي الله عنه.
فَلَا تَسَلْ عَمَّنْ حُرِمَ هَذِهِ النِّعْمَةِ العَظِيمَةِ والِمنَّةِ الجَلِيلَةِ، كَيْفَ يَعِيشُ فِي هَذِهِ الحَياةِ؟! تَرَاهُ يَتَقَلَّبُ بَيْنَ أَصْنافِ الهُمُومِ وَالبَلايَا، وَالفِتَنِ والرَّزَايَا، غِلٌّ وَحِقْدٌ، غِشٌّ وحَسَدٌ نَسْأَلُ اللهَ السَّلامَةَ والعَافِيَةَ هِيَ قِطْعَةٌ مِنْ عَذَابٍ، تَعَجَلَها صَاحِبُها لِنَفْسِهِ فِي الدُّنيَا، قبلَ يَومِ الأَشْهَادِ.
كما أوصى إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالبارئ الثبيتي المسلمين بتقوى الله تعالى فهي الزاد يوم لا ينفع مال ولا بنون.
وبين إمام وخطيب المسجد النبوي أن قول الله تعالى ((إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ )) يحمل في طياته معانٍ عميقة ولها الأثر البليغ في النفس والحياة, مضيفًا أن الناس حين تقرؤها تغمر قلوبهم السكينة إذ يوقنون أن المدبر هو الله وبين أن هذا هو حال موسى حين تبعه فرعون ((إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ )) وحال نبينا صلى الله عليه وسلم حين خرج من مكة مهاجرًا ( ما ظنك باثنين الله ثالثهما ) .
وأوضح فضيلته أن هذه الآية تغرس في قلب الؤمن الرضا والتسليم بأن رزقه مضمون كما تثبت أن الله لا تخفى عليه حال العبد مما يورث في النفس الطمأنينة وفي القلب السعادة.
كما بين إمام وخطيب المسجد النبوي أن هذه الآية تصنع العجائب من زرع الحياء في قلب المؤمن من الله فلا يراه حيث نهاه ولا تسير به أقدامه إلى ما لا يرضي الله.
وفي الخطبة الثانية نوه إمام وخطيب المسجد النبوي أن قول الله تعالى ((إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ )) يشكل قاعدة راسخة تدعم تنمية المجتمع وبناء الوطن ورفعة الأمة وتحسن العمل وترتقي بحياة الفرد مشيرًا إلى أنه متى ما استشعر المسلم أن الله تعالى يراه في كل أحواله كان أسرع ملجأ يلجأ إليه.
وتابع إمام وخطيب المسجد النبوي أنه متى ما استقر في القلب معنى ((إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ )) وقوله تعالى ((يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ)) فإن سلوك المجتمع سيرتقي وتتهذب أخلاقه وتصبح مراقبة الله هي المعيار الأعلى في العامل وأداء حقوق الآخرين وتجنب الظلم.
المصدر: صحيفة المناطق السعودية
كلمات دلالية: المسجد الحرام المسجد النبوي خطبتا الجمعة صلى الله علیه وسلم المسجد الحرام رضی الله عنه الله تعالى الأ ل ف ة الله ت ن الله
إقرأ أيضاً:
أخطر ما تصاب به القلوب.. خطيب المسجد النبوي يحذر من 4 أفعال شائعة
قال الشيخ علي بن عبدالرحمن الحذيفي، إمام وخطيب المسجد النبوي ، إن من محاسن الإسلام أن جعل الزكاة ركنًا من أركان الإسلام ، وتؤدى على وجه مخصوص ولطائفة مخصوصة من المسلمين لسد حاجتهم .
أخطر ما تصاب به القلوبوأوضح “ الحذيفي” خلال خطبة الجمعة الثانية من رمضان اليوم من المسجد النبوي بالمدينة المنورة ، أن الزكاة هي جالبة للمودة والبركة مبعدة للحقد والغل مطهرة للقلب من البخل والشح وهي من أخطر ما تصاب به القلوب.
ونبه إلى أن الزكاة تنفي عن المجتمع وحر الصدور وغلها والحقد وتشيع المودة والرحمة والتسامح بين الناس والتكافل، فالزكاة أوجبها الله على الأغنياء لترد على الفقراء، وهي نفع مخصوص ومفروض على من تجب عليهم لمن تجب لهم.
ودلل بما قال جل من قائل (كَانُواْ قَلِيلاً مّن اللّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالأسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ * وَفِيَ أَمْوَالِهِمْ حَقّ لّلسّآئِلِ وَالْمَحْرُومِ )، وفي الحديث ( اتَّقُوا الظُّلمَ ؛ فإنَّ الظُّلمَ ظُلُماتٌ يومَ القيامةِ ، واتَّقُوا الشُّحَّ ؛ فإنَّ الشُّحَّ أهلكَ مَن كانَ قبلَكُم ، حملَهُم على أنْ سَفكُوا دِمائَهم ، واستَحَلُّوا مَحارِمَهم ).
تصرف للفقراءوأفاد بأنها حق لله تعالى أمر أن تصرف للفقراء ولم يترك تحديد مقدارها لأحد، ففي الحديث عن أبي هريرة (ما مِن صاحِبِ ذَهَبٍ ولا فِضَّةٍ لا يُؤَدِّي مِنْها حَقَّها، إلَّا إذا كانَ يَوْمُ القِيامَةِ صُفِّحَتْ له صَفائِحُ مِن نارٍ، فَأُحْمِيَ عليها في نارِ جَهَنَّمَ، فيُكْوَى بها جَنْبُهُ وجَبِينُهُ وظَهْرُهُ، كُلَّما بَرَدَتْ أُعِيدَتْ له، في يَومٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ ألْفَ سَنَةٍ.
وتابع: حتَّى يُقْضَى بيْنَ العِبادِ، فَيَرَى سَبِيلَهُ؛ إمَّا إلى الجَنَّةِ، وإمَّا إلى النَّارِ. قيلَ: يا رَسولَ اللهِ، فالإِبِلُ قالَ: ولا صاحِبُ إبِلٍ لا يُؤَدِّي مِنْها حَقَّها -ومِنْ حَقِّها حَلَبُها يَومَ وِرْدِها- إلَّا إذا كانَ يَوْمُ القِيامَةِ بُطِحَ لها بقاعٍ قَرْقَرٍ أوْفَرَ ما كانَتْ، لا يَفْقِدُ مِنْها فَصِيلًا واحِدًا، تَطَؤُهُ بأَخْفافِها وتَعَضُّهُ بأَفْواهِها، كُلَّما مَرَّ عليه أُولاها رُدَّ عليه أُخْراها، في يَومٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ ألْفَ سَنَةٍ، حتَّى يُقْضَى بيْنَ العِبادِ، فَيَرَى سَبِيلَهُ؛ إمَّا إلى الجَنَّةِ، وإمَّا إلى النَّارِ.
وأردف: قِيلَ: يا رَسولَ اللهِ، فالْبَقَرُ والْغَنَمُ؟ قالَ: ولا صاحِبُ بَقَرٍ ولا غَنَمٍ لا يُؤَدِّي مِنْها حَقَّها، إلَّا إذا كانَ يَوْمُ القِيامَةِ بُطِحَ لها بقاعٍ قَرْقَرٍ، لا يَفْقِدُ مِنْها شيئًا، ليْسَ فيها عَقْصاءُ، ولا جَلْحاءُ، ولا عَضْباءُ، تَنْطَحُهُ بقُرُونِها وتَطَؤُهُ بأَظْلافِها، كُلَّما مَرَّ عليه أُولاها رُدَّ عليه أُخْراها، في يَومٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ ألْفَ سَنَةٍ، حتَّى يُقْضَى بيْنَ العِبادِ، فَيَرَى سَبِيلَهُ؛ إمَّا إلى الجَنَّةِ، وإمَّا إلى النَّارِ.
واستطرد: قيلَ: يا رَسولَ اللهِ، فالْخَيْلُ قالَ: الخَيْلُ ثَلاثَةٌ: هي لِرَجُلٍ وِزْرٌ، وهي لِرَجُلٍ سِتْرٌ، وهي لِرَجُلٍ أجْرٌ؛ فأمَّا الَّتي هي له وِزْرٌ فَرَجُلٌ رَبَطَها رِياءً وفَخْرًا ونِواءً علَى أهْلِ الإسْلامِ، فَهي له وِزْرٌ، وأَمَّا الَّتي هي له سِتْرٌ فَرَجُلٌ رَبَطَها في سَبيلِ اللهِ، ثُمَّ لَمْ يَنْسَ حَقَّ اللهِ في ظُهُورِها ولا رِقابِها، فَهي له سِتْرٌ، وأَمَّا الَّتي هي له أجْرٌ فَرَجُلٌ رَبَطَها في سَبيلِ اللهِ لأَهْلِ الإسْلامِ في مَرْجٍ ورَوْضَةٍ، فَما أكَلَتْ مِن ذلكَ المَرْجِ أوِ الرَّوْضَةِ مِن شَيءٍ، إلَّا كُتِبَ له عَدَد ما أكَلَتْ حَسَناتٌ، وكُتِبَ له عَدَدَ أرْواثِها وأَبْوالِها حَسَناتٌ، ولا تَقْطَعُ طِوَلَها فاسْتَنَّتْ شَرَفًا أوْ شَرَفَيْنِ، إلَّا كَتَبَ اللَّهُ له عَدَدَ آثارِها وأَرْواثِها حَسَناتٍ، ولا مَرَّ بها صاحِبُها علَى نَهْرٍ، فَشَرِبَتْ منه ولا يُرِيدُ أنْ يَسْقِيَها؛ إلَّا كَتَبَ اللَّهُ له عَدَدَ ما شَرِبَتْ حَسَناتٍ. قيلَ: يا رَسولَ اللهِ، فالْحُمُرُ؟ قالَ: ما أُنْزِلَ عَلَيَّ في الحُمُرِ شَيءٌ، إلَّا هذِه الآيَةُ.
علو درجتهولفت إلى أن كمال الإنسان وعلو درجته لا يكون إلا بعبادة الله تعالى والإحسان إلى خلقه وأن صرف الشرور هو بأداء حق الله عليه ونفعه للعباد وأن ما يلحقه من شر ومكروه هو بقدر ما ترك من عبادة الله وبقدر ما قصر في نفع الخلق.
واستند إلى قول الله تعالى (وَٱلْمُؤْمِنُونَ ولمؤمنات بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍۢ ۚ يَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَيُطِيعُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓ ۚ أولئك سَيَرْحَمُهُمُ ٱللَّهُ ۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ).
وبين أن الإخلاص في العبادة والمداومة أوضح على الدعاء ففي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( الدعاء هو العبادة)، موصيًا بإعطاء القرآن حقه من التلاوة والإكثار من النوافل والإحسان إلى الناس.