الشرق الأوسط يقترب من الانفجار الكبير.. دعوات داخل إيران لتغيير العقيدة النووية
تاريخ النشر: 4th, October 2024 GMT
بغداد اليوم - متابعة
دعا محللون ووسائل إعلام إيرانية اليوم الجمعة (4 تشرين الأول 2024)، القيادة الإيرانية إلى تغيير العقيدة النووية لإيران حتى تكون جاهزة وقادرة على مواجهة "النظام الإسرائيلي الجديد" والذي أعلن عنه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عنه بعد اغتيال الأمين العام لـحزب الله، حسن نصر الله.
وأجمعت التقارير على أن إيران تعتبر أن رحى الحرب الحالية تدور حول "النظام المستقبلي للإقليم"، الذي تسعى إسرائيل إلى تحقيقه بالقوة العسكرية، وبالتالي، فالمهمّ بالنسبة إلى طهران هو ترسيخ منجزات عملية "الوعد الصادق 2". بدءاً من رئيس الجمهورية، مسعود بزشكيان، وصولاً إلى رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة، اللواء محمد باقري، الذين يؤكدون أنه في حال قيام إسرائيل بأيّ إجراء ضد طهران، ستقوم الأخيرة بردّ أقوى عليه. وهو ما عبر عنه بزشکیان، أثناه لقائه وفداً من حركة "حماس" فی الدوحة، حيث قال إن "الکیان الصهیوني، وفي حالة ارتكابه أدنى خطأ آخر، فإنه سيتلقّى رداً أقسى وأقوى بكثير" من الهجوم الصاروخي الذي استهدفه.
ويتحدّث محلّلون ووسائل إعلام في إيران عن ضرورة الحفاظ على مستوى التهديد ضد إسرائيل وحتى رفعه، وأهمية تغيير العقيدة النووية الإيرانية بهدف منع إسرائيل من تطبيق مشروعها الرامي إلى إضعاف محور المقاومة وبلورة نظام جديد تكون هي محوره في المنطقة.
وفي السياق ذاته رأت صحيفة "هم ميهن" الإصلاحية أن "الضربة الصاروخية الإيرانية ضد إسرائيل أدت إلى إيجاد مقاربة جديدة في المعادلات الإقليمية والتوازنات بين القوى التي تخوض الصراع".
أما صحيفة "فرهيختكان" الأصولية، فقد رأت أن عملية الوعد الصادق 2 تعني إبطال فكرة فخ زيادة التصعيد، مضيفة أن العملية سلكت لحدّ الآن مساراً ناجعاً وذا وقع، لكن نجاحها النهائي رهن بجعل سقف التصعيد أمام إسرائيل مرتفعاً، وهي الحالة التي يطلق عليها المحللون الدوليون تسمية إثارة التصعيد من أجل إزالة التصعيد.
ورأت صحيفة "آرمان ملي"، أن إيران استخدمت في هجومها الأخير على إسرائيل صواريخ فرط صوتية 2 و3، ولكن إذا أرادت إسرائيل القيام بمغامرة جديدة، فثمة احتمال أن تستخدم طهران صواريخ الجيلين 4 و5 من هذا الطراز، وهي تتمتّع بموقع جيد من ناحية الردع، وتمتلك إمكانات وتجهيزات قادرة على إنزال ضربات ماحقة بإسرائيل".
بدورها، رأت صحيفة "جوان" القريبة من الحرس الثوري أن "تغيير العقيدة النووية لإيران ضروري للتصدي للنظام الهدام الأكبر، "إسرائيل".
وفي رؤية منفردة عن سابقاتها تحدثت صحيفة "شرق" الإصلاحية، عن ضرورة تفعيل الديبلوماسية في الظروف الحالية للحيلولة دون توسّع نطاق الحرب، وقالت إننا في الوقت الذي لا نرغب فيه في خوض الحرب، يجب من خلال اعتماد الديبلوماسية الإقليمية والدولية الفاعلة عدم السماح لإسرائيل بوضع خطتها الرامية إلى جرّ إيران إلى حرب إقليمية، موضع التطبيق.
وأضافت أن العدوّ يسعى إلى تطبيق مخطط عام 1991 الذي استخدم ضد العراق، واسقاطه على إيران في هذا العام، أي أنه يسعى إلى التخطيط لحرب إقليمية تفضي لاحقاً إلى مواجهة مباشرة مع أميركا وباقي القوى. وفي النهاية، يتم في مجلس الأمن، وفقاً للقرارات، تقييد جميع الامتيازات الصاروخية والخاصة بالمسيّرات وتلك الإقليمية والعسكرية والدفاعية لإيران.
وتشهد المنطقة توترات حادة وتصعيدا غير مسبوق وسط ترقب الرد الإسرائيلي المحتمل في أي وقت، على هجوم إيران الصاروخي الذي وقع يوم الثلاثاء الماضي، وحول ما اذا كان هذا الرد يستدعي ردا آخر من إيران لتدخل المنطقة في مواجهة شبه مفتوحة قد تنفجر إلى حرب كبرى.
المصدر: وكالات
المصدر: وكالة بغداد اليوم
كلمات دلالية: العقیدة النوویة
إقرأ أيضاً:
غزة بين أنياب الجغرافيا والمصالح: حربُ الإبادة لُعبة “نتنياهو” و”ترامب” في معركة الشرق الأوسط الجديد
يمانيون../
لم تكن فلسطين يومًا سوى قلب جريح في خارطة الصراع الكبرى، إلا أن ما يشهده قطاع غزة اليوم من حرب إبادة جماعيةٍ يخرج عن حدود المألوف، في ظل تداخل معقد بين الهروب السياسي الداخلي لقادة الكيان، والترتيبات الأمريكية، مع تقاطع أجندات إقليمية ودولية لا مكان فيها للدم الفلسطيني؛ سوى أنه وقود لمعادلات النفوذ.
حرب الإبادة الجماعية هذه ليست مُجَـرّد عدوان عسكري، بل هي مشهد معقد تتحكم به خيوط السياسة العمياء التي نسجتها “تل أبيب وواشنطن” وعواصم إقليمية أُخرى، والتي تتجاهل التدبير والعدل الإلهي الذي يتفوق على كُـلّ مخطّط وظلم، فغزة ورغم احتضارها تحت وطأة القصف والحصار؛ تذكر العالم أجمع بأن العدالة لن تسقط أبدًا.
نتنياهو بين الملاحقة والدم: الهروب الكبير عبر غزة
في الداخل الإسرائيلي، يقف مجرم الحرب “نتنياهو” في زاوية حرجة، يطارده شبح المحاكمات بتهم الفساد والاختلاس وخيانة الثقة، فيما تتفاقم حدة الانقسام السياسي بين أقطاب اليمين الصهيوني المتطرف والعلمانيين.
حيث يرى كثير من المراقبين أن الحرب على غزة باتت أدَاة ناجعة بيد “نتنياهو” وبدعمٍ من “ترامب” للهروب من ورطته الداخلية، وتوحيد الرأي العام الإسرائيلي خلفه، مستغلًا مشاعر الخوف والتطرف، ويفتح عبر الدم الفلسطيني نافذة نجاة من أسوار السجن المحتملة.
لقد دأب “نتنياهو” تاريخيًّا على تصدير أزماته إلى الخارج، مستثمرًا في الحروب على غزة كرافعةٍ سياسية، لكنها هذه المرة تأتي في ظل صراع داخلي أكثر شراسة بين أحزاب اليمين ذاته، بين من يدفع نحو تصعيد مستدام ومن يرى في المفاوضات والتهدئة ورقة لتحقيق مكاسب انتخابية.
الظل الأمريكي: واشنطن تعيد رسم الخرائط بالنار
الولايات المتحدة الأمريكية ليست بعيدة عن هذا المشهد الدموي؛ فإدارة “ترامب” تجد نفسها أمام مفترق طرق بين الحفاظ على تفوق “إسرائيل” الإقليمي، وبين استرضاء حلفاءها في العالم العربي والإسلامي ضمن سياق إعادة ترتيب التحالفات بعد تراجع الدور الأمريكي في بعض مناطق العالم.
الحرب على غزة تمنح “واشنطن” فرصة لإعادة توجيه دفة المنطقة، من خلال تصعيد يبرّر المزيد من التدخل العسكري، ويُعيد تثبيت “إسرائيل” كعنصر حاسم في معادلات الشرق الأوسط، ويرجح كفة الدور الأمريكي وضرورته في خفض هذا التصعيد وتوجّـهات السياسة الأمريكية في إعادة ترتيب الأوليات في المنطقة.
كما أن مِلف التطبيع الإسرائيلي مع بعض الأنظمة العربية، والذي تعثر في الشهور الماضية، يجد في هذه الحرب أرضية جديدة لإعادة إحياء مشروعات “السلام” الأمريكي المزعوم، ولو على حساب تدمير غزة بالكامل، ولو على حساب الدم الفلسطيني المسفوك في شوارعها.
ولأن هذا الدم ليس مُجَـرّد ضحية لصراعٍ محلي، بل هو جزء من لعبةٍ جيوسياسية أكبر، فهناك دول وقوى تراقب عن كثب مسار الحرب، وتحاول دفع المشهد بكل الطرق والوسائل لتحقيق مكاسب ميدانية لصالح فصائل الجهاد والمقاومة والشعب الفلسطيني ككل، بالمقابل، تجد دول أُخرى في هذه الحرب مناسبة لتعزيز أوراق التفاوض والتحالف مع “واشنطن وتل أبيب”، بينما تبقى بعض العواصم العربية في موقع المتفرج أَو بالأصح المتواطئ من تحت الطاولة.
الرواية الصهيونية.. صناعة العدوّ واستثمار الدم:
في جوهر هذه الحرب، يتكرس مفهوم صناعة العدوّ، حَيثُ تُختزل غزة في خطاب المؤسّسة الأمنية الإسرائيلية ككيان مهدّد للوجود الصهيوني، رغم فارق القوة الهائل، وتسويق هذا العدوّ يخدم مصالح منظومة الحكم في الكيان الصهيوني داخليًّا وخارجيًّا، مع تحول سكان القطاع إلى ورقة مساومةٍ دمويةٍ في يد اللاعبين الدوليين والإقليميين.
اللافت أن حجم التدمير والقتل الممنهج يعكس استراتيجية واضحة لإخراج غزة من المشهد السياسي والجغرافي، وتحويلها إلى نموذجٍ مدمّـر لكل من يفكر في تحدي التفوق العسكري الإسرائيلي، أَو يخرج عن بيت الطاعة الأمريكية.
ما يحدث في غزة، هو انعكاس لمعادلاتٍ معقدة يتحكم بها ساسة يبحثون عن المصالح والمطامح على حساب الأبرياء، فغزة اليوم تُحرق تحت أقدام حسابات “تل أبيب وواشنطن” والعواصم الإقليمية والمنظمات الأممية المتواطئة، في معادلةٍ لم تعد ترى في الفلسطيني سوى ضحيةٍ دائمة.
غير أن التاريخ لطالما أثبت أن الدم لا يكتب إلا رواية الثبات والصمود، وغزة وأهلها ومقاومتها، رغم الكارثة، تبقى شوكةً في حلق هذه التحالفات، وجرحًا مفتوحًا يعري صفقات السلاح والدم في سوق السياسة العالمية، ويفضح صفقات التطبيع والعار في سوق النخاسة والخيانة العربية والإقليمية.
المسيرة | عبد القوي السباعي