عام على الإبادة الجماعية.. أبرز 11 مجزرة اقترفتها إسرائيل بغزة
تاريخ النشر: 4th, October 2024 GMT
غزة – منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 وعلى مدار عام كامل، ارتكبت إسرائيل العديد من المجازر ضد العائلات الفلسطينية والنازحين في قطاع غزة، ما أدى إلى سقوط آلاف الضحايا بين قتيل وجريح، بينهم نساء وأطفال.
هذه الجرائم التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي باستخدام آلته العسكرية، وبدعم أمريكي، تسببت في تدمير واسع للبنية التحتية بقطاع غزة، وتحويل مناطق سكنية كاملة إلى أراضٍ غير قابلة للحياة.
في هذا الإطار، تسلط الأناضول الضوء على أبرز 11 مجزرة من أبشع ما اقترفت إسرائيل بحق المدنيين الفلسطينيين خلال عام من الإبادة التي ترتكبها بغزة، سواء من حيث أعداد الضحايا أو نسبة الأطفال والنساء، أو نوع الأسلحة المستخدمة وخطورتها، أو خصوصية الأمكنة المستهدفة والمقابر الجماعية التي خلفتها.
وبدعم أمريكي تشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر الماضي إبادة جماعية في غزة خلفت آلاف القتلى والجرحى الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وأعداد مماثلة من المفقودين، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة.
وفي استهانة بالمجتمع الدولي، تواصل إسرائيل المجازر متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية ولتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.
1- مجزرة مواصي خان يونس سبتمبر 2024في 10 سبتمبر/ أيلول 2024، قصفت المقاتلات الإسرائيلية خيام النازحين في منطقة المواصي غرب خان يونس جنوب قطاع غزة، ما أسفر عن مقتل 40 فلسطينيا وإصابة 60 آخرين.
المجزرة وقعت في منطقة يزعم الجيش الإسرائيلي أنها “آمنة”، وسبق أن وجّه النازحين للتوجه إليها.
تلك المجزرة تسببت بدفن عشرات المدنيين تحت الرمال، وفق تصريحات إسماعيل الثوابتة، المدير العام للمكتب الإعلامي الحكومي في غزة.
وخلف الهجوم حفرا عميقة بأقطار كبيرة، قال نازحون إنها ناجمة عن القصف وتحولت إلى “قبر” حيث بقيت جثامين بعض الضحايا مدفونة داخلها.
وعقب الهجوم، قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إن الولايات المتحدة “شريكة بالجريمة” التي اقترفها الجيش الإسرائيلي لأنها نفّذت بأسلحتها المدمِّرة.
وأفاد المرصد بأن “تحقيقاته الأولية أظهرت أن طائرات حربية إسرائيلية ألقت 3 قنابل من نوع MK-84 الأمريكية الصنع، بعد منتصف ليل الثلاثاء 10 سبتمبر، على تجمع لخيام النازحين في منطقة مواصي خان يونس وهم نيام، ما أحدث 3 حفر بعمق وقطر عدة أمتار، تسببت بدفن نحو 20 خيمة بالعائلات التي بداخلها”.
2. مجزرة مدرسة التابعينقصفت مقاتلات إسرائيلية في 10 أغسطس/ آب 2024 مصلى داخل مدرسة “التابعين” بمدينة غزة أثناء صلاة الفجر، ما أدى إلى مقتل أكثر من 100 فلسطيني بينهم نساء وأطفال.
وادعى الجيش الإسرائيلي حينها أنه قتل 19 مقاتلا من حركة الفصائل الفلسطينية خلال استهدافه المدرسة، ونشر قائمة بأسماء عناصر من الحركتين، لكن نفت الفصائل الفلسطينية صحة هذه الادعاءات.
بينما قال رئيس المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان رامي عبده، إن قائمة الجيش الإسرائيلي بشأن المستهدفين المزعومين في مجزرة مدرسة التابعين تضم قتلى في هجمات سابقة ومدنيين معارضين لحركة “حماس”.
3. مجزرة مواصي خان يونس يوليو 2024في 13 يوليو/ تموز 2024، قصفت الطائرات الإسرائيلية منطقة نازحين في مواصي خان يونس التي صنفها الجيش الإسرائيلي “آمنة”.
هذا القصف أسفر عن استشهاد 90 فلسطينيا، معظمهم من الأطفال والنساء، وإصابة 300 آخرين.
وادّعت وسائل إعلام عبرية، أن الهجوم استهدف محمد الضيف، القائد العام في حركة الفصائل الفلسطينية، لكن في نفس اليوم نفت الحركة اغتياله.
وقالت حماس حينها: “هذه ليست المرة الأولى التي يدعي فيها الاحتلال استهداف قيادات فلسطينية، ويتبين كذبها لاحقا، وإن هذه الادعاءات الكاذبة إنما هي للتغطية على حجم المجزرة المروعة”.
4. مجزرة مخيم النصيراتفي 8 يونيو/ حزيران 2024، استهدفت القوات الإسرائيلية مخيم النصيرات بعملية جوية ومدفعية، ما أدى إلى استشهاد 274 فلسطينيا، بينهم 64 طفلًا و57 امرأة.
الجيش الإسرائيلي قال إن العملية كانت لإنقاذ 4 أسرى إسرائيليين لدى حركة الفصائل الفلسطينية، بينما أودت بحياة مئات المدنيين.
وإثر ذلك أعلنت “كتائب القسام” أن القصف أسفر عن مقتل وإصابة مئات الفلسطينيين، وإلى مقتل 3 أسرى إسرائيليين لديها.
5. مجزرة رفح (محرقة الخيام)في 26 مايو/ أيار 2024، قصفت مقاتلات إسرائيلية بعدة صواريخ مخيما للنازحين في منطقة المواصي بمدينة رفح جنوب قطاع غزة، ما أسفر عن مقتل 45 فلسطينيا بينهم 23 من النساء وكبار السن، ونحو 249 مصابا، في مجزرة عرفت بـ”محرقة الخيام”.
حاول الجيش الإسرائيلي آنذاك التنصل من مسؤوليته عن المجزرة، إذ زعم متحدثه دانيال هاغاري في بيان: “خلافا للتقارير الواردة لم يهاجم الجيش في المنطقة الإنسانية في المواصي”.
بينما قالت حركة الفصائل الفلسطينية، إن “العدو الصهيوني مستمر في استهداف خيام النازحين غرب رفح، وارتكابه مجزرة جديدة راح ضحيتها العشرات من الشهداء والجرحى”.
6. مجزرة مستشفى الشفاء بغزةبين 18 مارس/ آذار – 1 أبريل/ نيسان 2024، وخلال حصار طويل دام أسبوعين لمجمع الشفاء الطبي بمدينة غزة، قتلت القوات الإسرائيلية 400 فلسطينيا داخل المستشفى ومحيطها، وتم تم العثور على 3 مقابر جماعية داخل المجمع، عقب انسحاب الجيش الإسرائيلي.
وعقب انتهاء العملية، زعم الجيش الإسرائيلي أنه قتل 200 “مخربا” واعتقل 500 شخصا ينتمون حركة الفصائل الفلسطينية
واعتبرت حركة الفصائل الفلسطينية أن استمرار إسرائيل في هجومها على مشفى الشفاء ومحيطه بمدينة غزة كان محاولة للتغطية على “إخفاقها” في تحقيق أهدافها العسكرية.
7. مجزرة دوار النابلسي (مجزرة الطحين)في 29 فبراير/ شباط 2024، فتح الجيش الإسرائيلي النار على مئات الفلسطينيين المجتمعين للحصول على مساعدات قرب دوار النابلسي جنوب غرب مدينة غزة، ما أدى إلى مقتل 118 شخصا وإصابة 760 آخرين، في مجزرة عرفت باسم “مجزرة الطحين”.
وفي ذلك الوقت، أقر الجيش الإسرائيلي خلال التحقيقات بأن قواته أطلقت النار على الفلسطينيين، مدعيا أنهم “كانوا يشكلون خطرًا” على جنوده، رغم نفي جرحى وشهود عيان فلسطينيين كانوا في المنطقة.
وكان الفلسطينيون في تلك المنطقة ينتظرون الحصول على مساعدات تمر عبر الحاجز الذي نصبته القوات الإسرائيلية غرب مدينة غزة، حيث كانوا يعانون من الجوع الشديد نتيجة نقص الطحين والمواد الغذائية بسبب الحصار المفروض عليهم.
8. مجزرة مدرسة الفاخورةقصفت الطائرات الإسرائيلية في 18 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023 مدرسة الفاخورة التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين “أونروا” التي كانت تؤوي آلاف النازحين شمال غزة، ما أدى إلى مقتل وإصابة أكثر من 200 فلسطيني.
لجأ المواطنون في قطاع غزة إلى الاحتماء بالمدارس التي اعتبروها محمية بموجب القانون الدولي الإنساني، إلا أن إسرائيل قصفتها، وفي ذلك الوقت، قالت حركة الفصائل الفلسطينية: “سنحاسب الاحتلال على هذه المجزرة”.
9. مجزرة جباليافي 31 أكتوبر 2023، استهدفت الطائرات الإسرائيلية حيا سكنيا مكتظا بمخيم جباليا شمال القطاع، ما أسفر عن مقتل وإصابة ألف فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء.
وأقر الجيش الإسرائيلي بأنه شن غارة “واسعة النطاق” على مخيم جباليا، زاعما أنه تمكن خلالها من اغتيال إبراهيم البياري، قائد كتيبة وسط جباليا التابعة حركة الفصائل الفلسطينية، بينما نفت الأخيرة ذلك.
10. مجزرة كنيسة برفيريوسفي 20 أكتوبر 2023، قصف الجيش الإسرائيلي كنيسة الروم الأرثوذكس بغزة، ما أسفر عن مقتل 20 شخصًا، بينهم 18 مسيحيًا لجأوا إلى الكنيسة للحماية.
وتعد كنيسة القديس برفيريوس للروم الأرثوذكس أقدم كنيسة في قطاع غزة لا تزال مفتوحة، وهي تقع بجانب مسجد بالبلدة القديمة في غزة القديمة، وبنيت فوق ضريح القديس برفيريوس.
وادعى الجيش الإسرائيلي حينها، أن طائراته قصفت مركز قيادة وسيطرة تابعا لـحركة الفصائل الفلسطينية في منطقة الزيتون، قرب كنيسة الروم الأرثوذكس، بينما أفاد المكتب الإعلامي الحكومي بغزة بأن الجيش قصف الكنيسة أثناء احتماء عشرات العائلات المسيحية بداخلها.
11. مجزرة مستشفى المعمدانيفي 17 أكتوبر 2023، قصفت الطائرات الإسرائيلية ساحة المستشفى المعمداني بمدينة غزة، ما أدى إلى استشهاد أكثر من 500 فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال.
قال ناجون فلسطينيون من المجزرة إنهم عاشوا “محرقة حقيقية”، بينما زعم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حينها أن “الفصائل الفلسطينية هي المسؤولة عن قصف المستشفى”، بينما نفت حركة الفصائل الفلسطينية تلك الادعاءات.
وأثار قصف المستشفى إدانات شديدة في عواصم عديدة، مع اتهامات للمجتمع الدولي بالتواطؤ مع إسرائيل، ودعوات إلى ضرورة توفير حماية دولية للشعب الفلسطيني.
وكالات + الأناضول
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
كلمات دلالية: حرکة الفصائل الفلسطینیة الطائرات الإسرائیلیة الجیش الإسرائیلی مواصی خان یونس بمدینة غزة ما أدى إلى إلى مقتل قطاع غزة فی منطقة
إقرأ أيضاً:
الغارديان: نشهد المرحلة النهائية من الإبادة الجماعية في غزة
بدأ مقال للصحفية أروى مهداوي بالسؤال "هل تريد أن تعرف حقيقة ممتعة عن الفلسطينيين؟"، وأجابت عليه بالقول إنه "من الصعب قتلهم. فيمكنك قصفهم، ودفنهم تحت الأنقاض، وحرقهم أحياء، ومع ذلك لا يبدو أنهم يموتون بمعدلات الناس العاديين".
وجاء في المقال الذي نشرته صحيفة "الغارديان" التساؤل أيضا "كيف يمكنك تفسير حقيقة أن عدد القتلى في غزة يبدو بالكاد يتزحزح، على الرغم من أنه لا يبدو أن يوما يمر دون مذبحة جديدة أخرى ومع تفاقم المجاعة وانتشار الأمراض؟".
وأكدت مهداوي أن "43 ألف قتيل فلسطيني هو عدد مذهل.. وهذا هو الرقم الرسمي الذي ذكرته أحدث التغطيات الإعلامية، وهذا في حالة تم الاستشهاد برقم على الإطلاق: فالعديد من المقالات حول غزة لم تعد تذكر حتى عدد القتلى بعد الآن".
وذكرت أنه "من الواضح أن التغطيات الإعلامية ليس لديها أدنى فكرة عن عدد الأشخاص الذين قتلوا في والسبب وراء ذلك جزئيا هو أن الصحافة الأجنبية لا يُسمح لها بالدخول بحرية ـ ولا تدري لماذا لا يغضب كل صحفي في الغرب من هذا".
وقال مهداوي "في الوقت نفسه يتم إبادة الصحفيين الفلسطينيين ـ ولا أفهم لماذا لا يغضب كل صحفي في الغرب من هذا"، هناك تعتيم إعلامي في الأساس. لذا فمن الصعب تقييم عدد القتلى، والاستشهاد بالرقم الرسمي الذي يبلغ 43 ألف قتيل دون تقديم قائمة طويلة من التحذيرات يبدو وكأنه إهمال صحفي في هذه المرحلة".
وأكدت أنه أولا، ينبغي لأي شخص "يستشهد بعدد القتلى أن يذكر حقيقة مفادها أن تقديرات الأمم المتحدة في شهر أيار/ مايو (أي قبل أشهر!) وجدت أن هناك على الأرجح عشرة آلاف شخص مدفونين تحت الأنقاض في غزة ولا يمكن إحصاؤهم، ناهيك عن حقيقة أن هناك أشخاصا يموتون من أمراض يمكن الوقاية منها كل يوم لأن الأدوية الكافية لا يُسمَح بدخول القطاع ولأن نظام الرعاية الصحية بالكاد يعمل".
وذكرت أنه "يجب عليهم أن يؤكدوا على حقيقة مفادها أن إحصاء عدد القتلى يكاد يكون مستحيلا. فلم يعد في غزة، بنية تحتية يمكن من خلالها قياس عدد القتلى أو الحداد عليهم بشكل صحيح.. يتم تفجير الفلسطينيين إلى أشلاء صغيرة بمعدلات مثيرة للقلق لدرجة أنه لا يوجد في كثير من الأحيان بقايا يمكن إحصاؤها".
وأوضحت مهداوي أنها تحدثت مؤخرا إلى الدكتور نظام محمود، وهو جراح بريطاني عمل في غزة مع منظمة العون الطبي للفلسطينيين خلال شهري آب/ أغسطس وأيلول/ سبتمبر، والذي أخبرها أن الأشخاص في مشرحة المستشفى يجب أن يزنوا أجزاء الجسم لمحاولة تقييم عدد القتلى: "لذا فإن 70 كيلوغراما هي جثة واحدة لأنهم سيحضرون أجزاء من الجثث".
وأشارت إلى أن "الكثير من المراقبين يعتقدون الآن أن عدد القتلى الفعلي ربما يكون بمئات الآلاف، وفي تموز/ يوليو نشرت مجلة لانسيت الطبية مقالا قدر أن إجمالي عدد القتلى في غزة قد يصل إلى 186 ألف حالة وفاة ــ أي ما يقرب من 7.9 بالمئة من سكانها".
وفي مقال نشرته صحيفة الغارديان الشهر الماضي، أشارت ديفي سريدهار، رئيسة قسم الصحة العامة العالمية بجامعة إدنبرة، إلى أنه إذا استمرت "الوفيات" بهذا المعدل، فإن تقديرات الوفيات بحلول نهاية العام ستصل إلى 335 ألف حالة، وهذا يمثل 15 بالمئة من السكان.
وأشارت سريدهار أيضا إلى أن مجلة لانسيت استخدمت تقديرا متحفظا وأن الأرقام الفعلية قد تكون أعلى من ذلك بكثير.
وقالت مهداوي، إن "المدافعين عما يحدث سوف يهزون أكتافهم قائلين: هذا ما يحدث في الحرب. إنه أمر مأساوي، ولكنها حرب، فالأبرياء يموتون طوال الوقت. ولكن الحقيقة هي أن للحروب قواعد وحدود. إن حجم الدمار في غزة يشير بقوة إلى أن ما يحدث لم يعد حربا وفقا لأي معايير طبيعية".
وأكدت "الواقع أن العديد من الخبراء يدقون ناقوس الخطر بأن ما يحدث الآن أصبح إبادة جماعية. ومع ذلك فإن الكثير من وسائل الإعلام الرئيسية تتجاهل هذه الأجراس التحذيرية، وتستمر في التظاهر بأن ما يحدث هو حرب عادية وليس إبادة منهجية".
ونبهت إلى أن عومر بارتوف، المؤرخ الإسرائيلي الأمريكي الذي يعمل أستاذا لدراسات الهولوكوست والإبادة الجماعية في جامعة براون، هو واحد من الخبراء الذين يعتقدون أن ما يحدث في غزة يشكل إبادة جماعية، ولكنه لم يكن يعتقد دوما أن هذا هو الحال.
في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي كتب بارتوف مقالا في صحيفة "نيويورك تايمز" جاء فيه: "أعتقد أنه لا يوجد دليل على أن الإبادة الجماعية تجري حاليا"، ولكن هذا جاء مع إخلاء المسؤولية حيث أوضح أن "هناك نية إبادة جماعية، والتي يمكن أن تتحول بسهولة إلى عمل إبادة جماعية.. لا يزال هناك وقت لمنع إسرائيل من السماح لأفعالها بالتحول إلى إبادة جماعية".
ونوهت إلى أن النية هي عنصر أساسي في الإبادة الجماعية، والتي يتم تعريفها قانونيا على أنها ارتكاب أفعال محددة معينة (بما في ذلك القتل وفرض تدابير تهدف إلى منع المواليد) بقصد تدمير، كليا أو جزئيا، مجموعة وطنية أو عرقية أو عنصرية أو دينية، على هذا النحو.
وأشارت إلى أن نية الإبادة الجماعية التي يذكرها بارتوف هي اللغة اللاإنسانية والتهديدات بالإبادة الكاملة من قبل السياسيين الإسرائيليين والشخصيات المؤثرة، وهناك المئات من هذه التصريحات.
ويستشهد بارتوف بمثال من 9 تشرين الأول/ أكتوبر، عندما كتب اللواء غيورا إيلاند في الصحيفة اليومية يديعوت أحرونوت: "ليس أمام دولة إسرائيل خيار سوى تحويل غزة إلى مكان من المستحيل مؤقتا أو دائما العيش فيه"، وفي مقال آخر، كتب إيلاند أن "غزة ستصبح مكانا لا يمكن لأي إنسان أن يعيش فيه".
وبينت أنه في تشرين الثاني/ نوفمبر، عندما كتب بارتوف مقالته في صحيفة نيويورك تايمز، لم تكن نوايا الإبادة الجماعية هذه قد تطابقت بشكل كامل مع العمل الإبادي الجماعي. لكن هذا تغير، من وجهة نظر بارتوف، في أيار/ مايو 2024، عندما بدأ جيش الاحتلال هجومه على مدينة رفح، على الرغم من تحذير الولايات المتحدة له بعدم القيام بذلك.
وقال بارتوف في مكالمة هاتفية مع كاتبة المقال مؤخرا أن هذه كانت نقطة تحول رئيسية. كان ذلك عندما أصبح الأمر إبادة جماعية.
وأضاف بارتوف "عندما تنظر إلى الوراء، يمكنك أن ترى أنه كان هناك جهد متضافر، ليس فقط لنقل السكان مرارا وتكرارا، ولكن أيضا لتدمير كل ما يجعل حياة مجموعة ممكنة. كان هناك جهد متضافر ومتعمد لتدمير الجامعات والمدارس والمستشفيات والمساجد والمتاحف والمباني العامة والإسكان والبنية الأساسية. إذا نظرت إلى الوراء، يمكنك القول إن هذا كان يحدث منذ البداية. لكن الدليل على ذلك كان هذا الجهد الأخير في رفح".
وأوضح الكاتبة أن رفح كانت معلما قاتما، ولكن المرحلة الأخيرة من هذه الإبادة الجماعية، كما يقول بارتوف، تجري الآن في جباليا، شمال غزة، حيث قُتِل أكثر من ألف شخص خلال الأسابيع الثلاثة الماضية. ولا ينبغي لنا أن ننظر إلى ما يحدث في شمال غزة ـ كما يبدو في كثير من الأحيان في وسائل الإعلام ـ باعتباره مجرد المزيد من القصف. بل إن بارتوف يشير إلى أن ما يحدث في شمال غزة يشكل حملة إبادة جماعية تستند بوضوح إلى خطة الجنرالات.
وأضاف بارتوف أن "هذه الخطة التي رسمها الجنرال المتقاعد غيورا إيلاند، والتي نوقشت منذ أشهر في وسائل الإعلام الإسرائيلية، تهدف إلى إفراغ تلك المنطقة من المدنيين من خلال الضغط العسكري والتجويع.. وهذه خطوة أولى نحو ضم القطاع إلى الشمال من ممر نتساريم، الأمر الذي سيؤدي إلى استيطان اليهود فيه ولن يكون في حد ذاته سوى المرحلة الأولى في الاستيلاء التدريجي على أجزاء متزايدة من القطاع، وحشر المدنيين في مناطق متقلصة باستمرار وفي نهاية المطاف إما إجبارهم على الخروج من القطاع أو التسبب في وفاة أعداد متزايدة منهم. باختصار، هذه خطة إبادة جماعية".
وأشارت إلى أنه من المرجح أن محكمة العدل الدولية لن تحكم لسنوات حول ما إذا كان الوضع في غزة يفي بالتعريف القانوني الضيق للإبادة الجماعية. ولكن بارتوف يعتقد أن العملية في جباليا إبادة جماعية صارخة لدرجة أن "من الممكن أن تعتبر محكمة العدل الدولية هذه العملية إبادة جماعية حتى لو كانت متحفظة بشأن الحرب في غزة ككل".
وهذا ما حدث في حالة البوسنة، حيث ثبت أن مذبحة سربرينيتشا كانت إبادة جماعية.
وأكدت أن مصطلح الإبادة الجماعية ـ التي صاغها رجل القانون البولندي اليهودي رافائيل ليمكين أثناء الحرب العالمية الثانية لوصف حملات الإبادة النازية ـ هي بلا شك واحدا من أكثر المصطلحات خطورة.
وهو ليس مصطلحا يمكن لأي شخص أن يستخدمه باستخفاف. ويعتقد بارتوف أن العديد من منتقدي إسرائيل كانوا يستخدمون المصطلح بشكل غير مسؤول في الأيام التي أعقبت السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، ووصفوا تصرفات "إسرائيل" بأنها إبادة جماعية في حين لم تكن قد وصلت بعد إلى هذه النقطة.
ولفت بارتوف إلى أن المصطلح قد خفف إلى حد ما: "لقد استُخدم كثيرا كنوع من العبارة المعادية لإسرائيل حتى أنه فقد الكثير من قيمته".
وفي الوقت نفسه، يقول بارتوف، لأن اتفاقية الإبادة الجماعية جاءت في أعقاب الهولوكوست، فهناك ميل إلى القول إن ما لم يكن الهولوكوست فهو ليس إبادة جماعية. "إذا لم يكن لدينا معسكرات إبادة، وإذا لم يتم ذلك في جميع أنحاء القارة، وإذا لم يكن النظام النازي هو الذي ينفذه، فهذا ليس إبادة جماعية".
وذكرت الكاتبة أنه على نطاق أوسع، يمكن أن تكون الإبادة الجماعية مصطلحا إشكاليا. جادل الباحث في الإبادة الجماعية ديرك موزس، الذي كتب كتابا عام 2021 بعنوان "مشاكل الإبادة الجماعية"، بأنها لم تعد مناسبة للغرض حقا لأنها "تنتج تسلسلا هرميا للموت الجماعي الذي ينظم ويشوه التفكير في تدمير المدنيين". كما أن تعريفها القانوني ضيق للغاية لدرجة أنه حتى لو تم القضاء على سكان غزة بالكامل، فقد لا يزال لا يُعتبر إبادة جماعية.
لكن حتى مع كل هذه المؤهلات، يعتقد بارتوف أنه من الأفضل أن يكون لدينا تعريف قانوني للإبادة الجماعية من عدم وجوده. "لأنك إذا كنت على علم بها وكنت على دراية بالمؤشرات التي قد تشير إلى حدوث ذلك، فيمكنك محاولة إيقافها بطرق مختلفة".
مرة أخرى: الإبادة الجماعية مصطلح محمل. إن هذا المصطلح لا يستخدمه بارتوف، وهو من أبرز الباحثين في مجال الإبادة الجماعية، باستخفاف. ومع ذلك، فهو يعتقد أن الوقت قد حان لكي تواجه وسائل الإعلام، التي تتجنب استخدام هذه الكلمة، "الوقائع". إن ما يحدث في غزة هو إبادة جماعية.