“الناشر الأسبوعي” تحتفي بشبكة المعهد الثقافي العربي
تاريخ النشر: 4th, October 2024 GMT
نشرت مجلة “الناشر الأسبوعي” في عددها الجديد الـ 72، الصادر في مطلع شهر أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، تقريراً موسعاً عن افتتاح المعهد الثقافي العربي في مدينة ميلانو الإيطالية، بوصفه الأول ضمن المبادرة العالمية التي أطلقتها الشارقة، والمتمثلة بإنشاء شبكة للمعهد في أبرز العواصم والمدن ثقافية في مختلف القارات.
واستطلعت المجلة التي تصدر عن هيئة الشارقة للكتاب آراء كتّاب وأدباء وباحثين عرب من مختلف الدول العربية وآراء مستعربين من إسبانيا وإيطاليا وأذربيجان، وصفوا مبادرة الشارقة بأنها “استراتيجية وعابرة للحدود والقوميات والقارّات، وأنها تضع الثقافة العربية في مكانتها التي تليق بها بين ثقافات الشعوب، من خلال التعريف بها وتثبيت حضورها المشرق على خريطة الإبداع العالمي”. وقالوا إن شبكة المعهد الثقافي العربي التي تشرف عليها هيئة الشارقة للكتاب تُعلي من شأن الحوار البنّاء والمتكافئ بين الثقافات، وتسدّ نقصاً كبيراً في الفعل الثقافي العربي خارج حدود الوطن العربي، من خلال الذهاب إلى الآخر الإنساني، وتعزيز القواسم الإنسانية المشتركة بين الشعوب، وتقوية الطاقة البنّاءة للتنوع واحترام التعددية في الإرث الإنساني”.
وضمن احتفاء المجلة بالمبادرة الجديدة للشارقة، كتب الرئيس التنفيذي لهيئة الشارقة للكتاب، رئيس التحرير، سعادة أحمد بن ركاض العامري، افتتاحية العدد الجديد من المجلة، بعنوان “المعهد الثقافي العربي.. معرفة وتعارف”، جاء فيه “تجسّد هذه المبادرة الاستراتيجية رؤية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، في إطار مشروع الشارقة الثقافي والتنويري والحضاري الذي يقوده سموه منذ خمسة عقود. وتأتي المبادرة بدعم الحاكم الحكيم الذي يرى دائماً في الثقافة معنى الوجود الفاعل للأًمة، ومعنى الإخاء الإنساني، ومعنى الحوار بين الشعوب، ومعنى التعاون والشراكة والخير والوئام والمحبة والاحترام”.
وأضاف “تأتي المبادرة بتوجيهات الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، رئيسة مجلس إدارة هيئة الشارقة للكتاب، التي تؤكد دائماً على الشراكة الثقافية بمختلف حقولها بين الشعوب على قاعدة التكافؤ وتعزيز التنوع وتقدير الأفكار النيّرة واحترام الاختلاف الإيجابي”.
ووصف الرئيس التنفيذي لهيئة الشارقة للكتاب تدشين صاحب السمو حاكم الشارقة مقرَّ المعهد في ميلانو بأنه “تدشين مرحلة جديدة في العمل الثقافي الاستراتيجي، إذ سيكون المعهد في مقراته التي ستقام في أهم المدن الثقافية العالمية، صوت الأُمّة وصورتها، وفضاء لسرديّة الثقافة العربية وحضارتها”، مؤكداً أنّ المبادرة العالمية للشارقة تشكّل “نقطة تحوّل حقيقية في حضور الثقافة العربية ولغة الضاد، وفي صورة الأمة العربية خارج حدودها، وفي الفاعلية الثقافية التي تذهب إلى الآخر الإنساني لتبادل المعرفة والتعارف”.
وتضمن العدد الجديد من “الناشر الأسبوعي” موضوعات مرتبطة بالكتابة وصناعة النشر والقراءة، من بينها حوار مع الكاتب المايوتي من أصل عربي يمني، نصور عتوماني، وحوار مع الشاعرة والناقدة التركية ألتشن سيفغي سوتشين. ونشرت المجلة استطلاعاً عن التحديات التي تواجه صناعة كتب الأطفال، وحواراً في باب “حديث الورّاقين” مع مؤسس دار ومكتبة تنمية في القاهرة، الناشر خالد لطفي. كما نشرت مقالات ودراسات ومراجعات لكتب صادرة باللغات العربية والإسبانية والفرنسية والإنجليزية.
وفي زاويته “رقيم”، كتب مدير تحرير “الناشر الأسبوعي”، علي العامري مقالاً بعنوان “إنجازات للأُمّة بتوقيع الشارقة”، جاء فيه “خلال شهر واحد فقط، جاءت ثلاثة مشروعات استراتيجية للأمة العربية بتوقيع الشارقة، وهي شبكة المعهد الثقافي العربي التي تشكّل منارات للثقافة العربية في أبرز مدن العالم. ويتمثل الإنجاز الثاني في اكتمال المعجم التاريخي للغة العربية الذي جاء في 127 مجلداً. أما ثالث المشروعات فيتمثل في الموسوعة العربية الشاملة”. وقال إنّ “هذه المشروعات الثلاثة للأمة العربية، وللأجيال على مرّ الزمن، تُعيد الاعتبار للشخصية العربية، وصورة الذات الجمعية، وتُعيد تشغيل الطاقات الهاجعة واستثمار الموارد المهدورة واستنهاض الهمم الغافية، من أجل حياة مشرقة لأُمتنا العربية التي تستحق الحلم بغدٍ أجمل”.
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
الهوية الوطنية والهوية العربية: جدلية التداخل ومسارات المشروع الثقافي الأردني
#سواليف
#الهوية_الوطنية و #الهوية_العربية: جدلية التداخل ومسارات #المشروع_الثقافي_الأردني
الشاعر #أحمد_طناش_شطناوي
رئيس فرع رابطة الكتاب الأردنيين/ إربد
لطالما كانت الهوية الوطنية والهوية العربية في علاقة جدلية قائمة على التداخل والتكامل، فلا يمكن تصور هوية وطنية مغلقة دون امتدادها العربي، كما لا يمكن للهوية العربية أن تحقق حضورها دون انصهار مكوناتها الوطنية في مشروع ثقافي جامع، وفي السياق الأردني تتجلى هذه العلاقة بوضوح، حيث لم يكن الأردن يومًا منعزلًا عن قضايا الأمة، بل كان حاضرًا فكريًا وثقافيًا وسياسيًا في مشهدها، وخاصة في القضية الفلسطينية التي شكلت جزءًا من الوجدان الجمعي الأردني، وأسهمت في صياغة مسار الثقافة الوطنية.
وعليه، فإن أي سعي لبناء مشروع ثقافي وطني أردني لا يمكن أن يكون بمنأى عن الفضاء العربي، بل يجب أن يكون امتدادًا له في إطار الخصوصية المحلية، بحيث تتكامل الهوية الأردنية مع الهوية العربية في مشروع ثقافي يعيد الاعتبار للمشتركات الفكرية والتاريخية، ويواجه تحديات العصر بأدوات حديثة تضمن استمرارية الثقافة وتأثيرها في المجال العام.
فقد شكّل الأردن عبر تاريخه نقطة تفاعل بين حضارات متعددة، ما جعله بيئة خصبة للإنتاج الفكري والتبادل الثقافي، فمنذ نشأة الإمارة لعب الأردن دورًا محوريًا في المشهد الثقافي العربي، سواء من خلال حراكه الأدبي، أو عبر مواقفه السياسية والثقافية التي كرّست التزامه بقضايا الأمة، وقد أسهمت مؤسساته الثقافية، مثل وزارة الثقافة ورابطة الكتاب الأردنيين، في دعم الفعل الثقافي، إلا أن هذا الدور لا يزال بحاجة إلى مشروع متكامل يواكب التحديات الراهنة.
وهنا يبرز السؤال المحوري: كيف يمكن تحويل هذه الهوية الثقافية إلى مشروع استراتيجي يحقق حضورًا وتأثيرًا في المشهد العربي؟
للإجابة عن هذا السؤال فإننا بحاجة إلى محاور أساسية للبدء في مشروع ثقافي متكامل، وذلك من خلال:
أولًا: تعزيز الإنتاج الثقافي المرتبط بالهوية الجامعة
إذ لا يمكن الحديث عن مشروع ثقافي دون توفير بيئة حاضنة للإبداع، تدعم الأدباء والمفكرين، وتربط الإنتاج الثقافي بالهوية الجامعة، بحيث لا يكون مجرد انعكاس لحالة محلية معزولة، بل رافدًا للمشروع الثقافي العربي ككل، وهنا لا بد من تطوير سياسات ثقافية تحفّز الإنتاج الأدبي والفني، وتضمن له الانتشار والتأثير في المجالين المحلي والعربي.
ثانيًا: ربط الثقافة بالسياسات العامة لتعزيز الوحدة الوطنية
إن الثقافة ليست مجرد نشاط فكري أو فني، بل عنصر رئيس في تشكيل السياسات العامة، سواء من خلال تعزيز الانتماء الوطني، أو دعم الاستقرار الاجتماعي، أو المساهمة في الدبلوماسية الثقافية، لذا فإن بناء مشروع ثقافي وطني يتطلب رؤية حكومية تدرك دور الثقافة في التنمية، عبر دمجها في المناهج التعليمية، ودعم الصناعات الثقافية، وتوسيع دائرة التفاعل بين المثقف وصانع القرار.
ثالثًا: إعادة الاعتبار للموروث الثقافي المشترك بأساليب حديثة
إن الثقافة العربية ليست مجرد تراث جامد، بل مشروع متجدد يجب إعادة قراءته وتقديمه بأساليب حديثة، ويشمل ذلك الاهتمام بترجمة الأعمال الفكرية العربية إلى لغات أجنبية، وتطوير الدراما والسينما والمسرح لتعكس القيم الثقافية العربية، واستثمار التقنيات الحديثة في تقديم التراث بصيغة معاصرة تجعل منه عنصرًا جاذبًا للأجيال الجديدة.
رابعًا: استثمار الإعلام والتكنولوجيا في نشر الثقافة
لم يعد بالإمكان الحديث عن مشروع ثقافي ناجح دون استثمار الإعلام الرقمي والتكنولوجيا الحديثة، إذ يمكن للأردن أن يكون مركزًا لإنتاج محتوى ثقافي عربي قادر على الوصول إلى شرائح أوسع، سواء عبر المنصات الرقمية، أو من خلال المبادرات الثقافية التفاعلية التي تربط الثقافة بجيل الشباب.
خامسًا: تعزيز الحوارات الثقافية العربية عبر منصات تفاعلية
إن المشروع الثقافي لا يمكن أن يكتمل دون خلق فضاءات للحوار بين المثقفين العرب، تتيح تبادل الأفكار والخبرات، وتساعد في بلورة رؤية ثقافية جامعة، وهنا يمكن للأردن أن يلعب دورًا رياديًا في إطلاق مبادرات ثقافية عربية مشتركة، وإنشاء منتديات ومنصات حوارية تجمع المفكرين والمثقفين في نقاشات معمقة حول قضايا الهوية والتحديث والتحديات الثقافية.
وعلى الرغم من أهمية المشروع الثقافي، إلا أنه يواجه تحديات كبرى تتطلب معالجتها، ومن أبرزها:
ضعف التمويل الثقافي: حيث تعاني المؤسسات الثقافية من نقص الدعم المالي، مما يؤثر على قدرتها في تنفيذ مشاريعها.
تهميش الثقافة لصالح الأولويات السياسية والاقتصادية: حيث لا تزال الثقافة في العديد من الدول العربية تُعامل كعنصر ثانوي في التخطيط الاستراتيجي.
تراجع القراءة والتفاعل مع الإنتاج الثقافي: بسبب انتشار الوسائط الرقمية والترفيه السريع الذي يزاحم المحتوى الثقافي العميق.
التحديات السياسية: حيث تواجه الثقافة العربية ضغوطًا سياسية تحدّ من حرية التعبير وتعيق المبادرات الثقافية المستقلة.
وعلى الرغم من ذلك، فإن بناء مشروع ثقافي وطني أردني قادر على تحقيق تأثير في المشهد العربي يتطلب إجراءات ملموسة، تتلخص في بعض المقترحات العملية التي يمكن لها ان تتجاوز هذه التحديات إلى حد بعيد:
إنشاء مركز أبحاث ثقافي أردني بالتعاون من الجامعات، يعنى بدراسة التحولات الثقافية العربية، ويقدم توصيات لصانعي القرار حول سياسات الثقافة ودورها في التنمية الوطنية والإقليمية. إطلاق منصات رقمية تفاعلية تهدف إلى تعزيز التفاعل بين المثقفين والجمهور، وتقديم محتوى ثقافي معاصر قادر على جذب الأجيال الجديد، من خلال استثمار المؤثرين وتأهيلهم ليكونوا رافدا أساسيا للمشروع الوطني. إعادة هيكلة الدعم الثقافي من خلال تخصيص ميزانيات أكبر للقطاع الثقافي، وتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في الصناعات الثقافية. دعم مشاريع الترجمة والتبادل الثقافي بين الدول العربية، مما يسهم في تعزيز التواصل الثقافي وتبادل الخبرات بين المثقفين العرب. تنظيم مهرجانات ومنتديات ثقافية عربية في الأردن تستقطب المفكرين والكتاب من مختلف الدول العربية، لتعزيز الحوار الثقافي وتقديم الأردن كنموذج لدمج الهوية الوطنية بالهوية العربية في مشروع ثقافي متكامل.إن الأردن بحكم موقعه الجغرافي وتاريخه الثقافي، مؤهل ليكون نموذجًا لاندماج الهوية الوطنية في الإطار العربي، بحيث يتحول مشروعه الثقافي من مجرد استجابة للمتغيرات إلى رؤية استباقية تصنع المستقبل، ولن يتحقق ذلك إلا من خلال تكامل الجهود بين المؤسسات الثقافية، وصانعي القرار، والمثقفين، والجمهور، في إطار استراتيجية واضحة تستثمر في الثقافة كقوة ناعمة قادرة على إحداث تغيير حقيقي في المجتمع.