تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

يوافق اليوم، الجمعة الأولى من شهر أكتوبر من كل عام، اليوم العالمي للابتسامة.. والتي هي من المتعارف عليه تعبير عن الرضا والسعادة.. ولعل أصعب سؤال يمكن أن يواجهك: هل انت سعيد ؟.. ومنبع الصعوبة هنا يكمن في تقلب المشاعر والأحاسيس من وقت لآخر ومن عمر لآخر، فما كان يسعدك وأنت صغير قد لا تشعر بأي تعاطف معه حين تكبر، بل أن ما يشرح قلبك في الشتاء ربما لا تطيقه في الصيف.

. ومن باب أولى فإن ما يجلب لك الفرح قبل كذا، قد يكون مصدر شقائك بعده.. وسأكون في منتهى الجرأة والصراحة وأقولها بملأ الفم حتى المال نفسه الذي يراه 90% من البشر مصدر السعادة، في وقت من الأوقات يفقد كل تأثيره بل يكون سبب تعاسة الكثيرين.

لكل هذا وللكثير غيره ظل تعريف معنى السعادة ووضع نموذج موحد أو قالب ثابت لها من رابع المستحيلات، فهي مسألة نسبية بالثلث ولا تختلف فقط من شخص لآخر.. بل داخل الإنسان نفسه كما أوضحت الأمثلة السالف ذكرها.

وقبل نحو عامين أصابت حالة من "الاندهاش" اخواننا "نوشتاء" مواقع التواصل الاجتماعي والإخوة "الحكوكيين" الذين قرأوا خبر استحداث وزارة السعادة ووزارة أخرى للتسامح بدولة الإمارات الشقيقة.. حيث توالت التهليلات والتكبيرات والتصييحات وهذا في الواقع ما أصاب كاتب هذه السطور بحالة تشبه "الاعتياش بالمكارثية" التي حدثنا عنها الدكتور عمرو حمزاوي التي تعتبر إرهاصًا طبيعيًا لكل مكنونات التمحور والانبعاج التي يعيشها أمثالنا ممن لحست السياسة والإعلام عقولهم.

والواقع أنني لم أر أي باعث للذهول والدهشة التي عكستها تعليقات "العالم الفاضية" بتوع "الفيس توك" و"الطويطر" ولا "الانستجراب" اللي طالعين لنا فيه اليومين دول.. وذلك لسبب بسيط جدًا: يا اخواننا من حق الإمارات تعمل أي حاجة.

ذات مرة لدى حضوري أحد المؤتمرات الإعلامية المنعقد بإمارة دبي صادفت خبرًا غاية في الطرافة: "إعفاء المتعثرين من سداد الديون للبنوك حتى 4 ملايين درهم".. والله العظيم هذا حصل.. وطبعا هتسألوني عن سر وصفي لهذا الخبر بالطرافة.. في الواقع أن استقبال المواطنين لهذا الخبر بحالة من الفتور والعادية التي كدت أفقد عقلي أمامها.. فلنا أن نتصور إذا كان هذا الخبر في مصر كيف تكون الحالة.. أعتقد أقل رد فعل الناس المديونة كانت هتمشي في الشارع خالعة رأسها وهدومها وأسنانها وكل ما يمكن خلعه.

أما إخواننا الذين لم يحالفهم الحظ بالحصول على قروض من البنوك والذين حرمتهم أقدارهم من هذه "الغنيمة" فكانوا بكل تأكيد سيخرجون للشوارع أيضًا وهم يلطمون خدودهم ويشقون جيوبهم ويرقعون بالصوت الحياني: "لأأأأأأأأأأ".

وأنا بكل تأكيد كنت سأعترض على كلا الفريقين ليس من باب الزهد والقناعة والترفع.. وإنما من باب: "الشهر اللي ماليكش فيه ما تعدش أيامه ولياليه" فيعلم الله العلاقة بيني وبين الفلوس حدودي بها تنتهي عند علاقة الستر وعدم وجود ديون عليا إعلاء لمبدأ "فقر بلا دين هو الغنى الكامل".

ولمن يحتاج المساعدة على السعادة نقول لهم إن السعادة طاقةٌ من الرّضا تعين الإنسان على تقبل الواقع؛ لأنّه إرادة الله، ولا نملك إلا العمل على تحسينه بالأسباب الّتي خلقها الله لنا لتحسين أوضاعنا في الكون. فالسّعادة تُطمئن القلب وتَشرح الصّدر وتريح البال.. والسّعادة هي الرّضا بكلّ شيء وتنبع عن إيمان من القلب والسعادة هي إحساس بالمتعة والانبساط.

ولعل كلمة السعادة من بين الكلمات التي اختلف الناس حولها؛ فمنهم من يراها قرينة اللذة أو الراحة أو المال أو المنصب أو الشهرة.. إلخ، وبذلك يفني كثير من الناس حياتهم في دروب شتى بحثًا عن السعادة، نعم.. السعادة هي شعور ينبع من داخل النفس إذا شعرت بالرضا والغبطة والطمأنينة والأريحية والبهجة، لكن لقد اختلفت نظرات الناس للسعادة باختلاف طباعهم واهتماماتهم وتطلعاتهم وحتى مجتمعاتهم، فبعضهم يراها في المال أو السكن أو الجاه أو الصحة، وآخرون يرونها في الزوجة أو الأولاد أو العمل أو الدراسة، وربما يراها آخرون في القرب من الحبيب أو في التخلص من مزعج أو في تبتل روحي أو مساعدة مسكين وفقير، لكن العجيب عندما تسأل كثير من هؤلاء: هل أنت سعيد حقًّا وصدقًا؟ تكون الإجابة بالنفي!

ولا تندهش حين تسمع أن بعض الأشخاص يجدون سعادتهم المادية في التهام "قرص طعمية" أو حتى كوب شاي بحليب ومن فضل الله أن هذا متاح لجميع فئات الشعب المصري.. أما السعادة الروحية فيمكن تلخيصها في الرضا بما قسمه الله والاطمئنان ومشاهدة ابتسامة رضا في عيون البائسين.. كما أن ابتعادك عن إيذاء الآخرين وان استطعت رفع البلاء عنهم هو منتهى الشعور باللذة لدى الكثيرين.

 

كلمة أخيرة

أفضل رياضة للقلب أن تنحني لترفع الآخرين

وللمندهشين من إنشاء وزارة للسعادة في الإمارات أنشأت وزارة للسعادة ربما لأنهم لم تكن لديهم سعادة.

المصدر: البوابة نيوز

إقرأ أيضاً:

حسين خوجلي: الوخز بالكلمات

١/ بالرغم من التدمير والخراب والاغتصاب والقتل والسلب واللصوصية والاجرام الذي مارسته مجموعات الارتزاق وشتات الحدود والمطرودين من رحمة الله والشعوب، بالرغم من ذلك فإن الكثير من القيادات الحزبية التي لا حظ لها في الديمقراطية ذات المقاعد الصفرية ظلت تشكل بارادتها في المنافي ظهيراً للغزاة، مع أن المعلومات التي يتداولها الناس بأن منازلهم وأهاليهم ونسائهم لم يسلموا من النهب والاغتصاب والجرائم العابرة والممنهجة.
وبالرغم من هذا الاذلال فما زالوا اللسان والبيان الحاقد لصالح هذا المتمرد ضد شعبهم ومعتقدهم ودينهم، إن كان لهؤلاء معنقد ودين.
وقد ذكرني موقفهم البائس هذا بحكاية الرجل الصالح المنقطع للعبادة في أحد شعاب الجبال، وكان من حوله مجموعة من الحواريين والأتباع وقد خرج أحدهم بدعوة شيطانية يزعم فيها بأن شيخه هو الله تعالى- وتعالى الله عن هذا علواً كبيراً – وبيده مقاليد كل شئ، وقد تصدى له الرجل الصالح وحاول اقناعه بشتى السبل والبراهين واتبع ذلك بالتقريع والعقاب.
ولكن الرجل زاد في غيه، بل أنه راح يستقطب آخرين لدعواه الفاجرة وتبعه في هذا خلق كثير. فأصدر الرجل الصالح قرارا قاسيا فقد أمر اتباعه ان يشعلوا ناراً وأن يلقوا فيها هذا الشيطان وقد فعلوا. وتحلقوا حول ناره ومعهم شيخهم الحزين لما آل تلميذه، ومن وسط الاحتراق واللظى ظل يصرخ بأعلى صوته الآن الآن أيقنت أنك الله فلا معذب بالنار الا هو.
وهذا لعمري هي ذات المطابقة ما بين القحاطة وسيدهم الغائب ومهديهم المنتظر.
٢/ شاعت عبارة لا للحرب وسط المدافعين عن التمرد والمرتزقة وهي كلمةُ حقٍ أريد بها باطل وأشرف الردود عليها وأيسرها قائمة نعم الآتية:
1. نعم للوطن
2. نعم للشعب
3. نعم للجيش
4. نعم للمقاومة الشعبية المسلحة
5. نعم لهزيمة المرتزقة واللصوص والشتات
6. نعم لاستعادة الأعيان والمقار المدنية
7. نعم لاستعادة بيوت الناس
8. نعم لاجلاء الخونة واللصوص والمارقين عن المدن السليبة
9. نعم لإقصاء وعقاب الطابور الخامس
10. نعم للانتصار
11. وأخيراً جدا (لا للحرب) ولا للحرب هنا للأخيار وللأحرار ولا للحرب هناك للأغيار والأشرار والفرق كما يقول السادة المتصوفة فرق نوعٍ ومقدارْ.
٣/ وصلتني إفادة من أحد الاخوة بأن مجموعة من ابناء القوات المسلحة الأبرار كانوا قد دخلوا بيت الامام الصادق بالملازمين ومن بعده قبة الامام المهدي وبيت الخليفة، وأخيرًا منزل الواثق البرير وزوجته زينب الصادق المهدي، والتي سارت بسخريتها الركبان حين قالت: الحق للدعامة بأن يستولوا على بيوت الناس، وإن لم يفعلوا فأين يذهبون، وسكتت عن اكمال بقية الجملة. تُرى أين يذهب المواطنون اصحاب الحق الشرعي في بيوتهم وقد تفرقت بهم السبل والأصقاع والمنافي.
الغريب في الأمر أن دارها قد سُلبت تمام وأصبحت مقرًا دائماً للغزاة. وعلى يديها وأمثالها من القيادات التي استولت على الحزب واسمه وسمعته بسلطة (المأزون) لا بسلطة المضمون وبسلطة (القسيمة) لا بسلطة العزيمة تتم كل هذه الجرائم والفضائح السياسية.
التحية من قبل ومن بعد لابناء الأنصار الشرفاء بالداخل وهم يقاتلون كتفاً بكتف بجانب القوات المسلحة والمقاومة لإرساء حقوق الشعب والوطن والشرعية، بأرواحهم وأموالهم ودمائهم الطاهرة التي جملت بضيائها الحمراء شرفات الوطن الجريح. وفي هذا المقام خرجت هذه الأبيات على طريقة الدوبيت:
الحزب القبيل ارساهو فارس الحوبة
البرمة وبرير هدوهو عِدم الطوبة
ميراث الكيان أدوهو لي زنوبة
بيتك حرروا راجيك ملاح اللوبا
٤/ كنا انذاك تلاميذاً صغاراً بأمدرمان الأهلية الوسطى، ورغم اليفاعة إلا أن أمدرمان المثقفة تعلمك الإصغاء والثقافة والأدب. كنا يومها نتحلق حول راديوهات الترانسيستر لنستمع لمداولات الجمعية التأسيسية، وقد كان البرلمان انذاك يعج بالخطباء والمتحدثين من أهل اللباقة واللغة والسخرية القارصة.
وقد استوقفتني أبيات من الخطاب التاريخي للمحجوب رئيس الوزراء الذي تمت تنحيته لسحب الثقة، وتنصيب السيد الصادق المهدي ابن الثلاثين رئيسا للوزراء. وكان يومها الحزب منقسما بين جناح الصادق وجناح الامام الهادي. استدل المحجوب صاحب اللسان الذرب بهذه الأبيات:
إِنَّ الأُلى قَد كُنتُ أَرمي دونَهُم
غَلّوا يَدَيَّ وَحَطَّموا أَقواسي
وَاِستَبدَلوا سَيفي الجِرازَ بِأَسيُفٍ
خُشبٍ وَباعوا عَسجَدي بِنُحاسِ
وقد قالها تعريضاً لنواب حزب الأمة الذين صوتوا ضده من الجناح الآخر، ظلت هذه الأبيات عالقه في ذاكرتي وقد ظننت أنها لشاعر جاهلي لرصانتها وقوة سبكها، ولكني لم اعرف اسم الشاعر ولم يدلني عليه احد، وبعد سنوات طوال كنت ارتب مكتبتي الخاصة فاحببت أن اراجع قصيدة الطلاسم لإيليا أبوماضي بديوان الخمائل أو الجداول (قد سألت البحر يوماً هل أنا يا بحر منك) والتي ينهي عدة مقاطع منها بتسائله اللطيف لست أدري. ولدهشتي الكبرى فقد وجدت أبيات المحجوب ضمن قصيدة للشاعر إيليا أبو ماضي المهجري الخطير.
وأجد نفسي اليوم اثبتها لكم كتابة فإن في حفظها تأسياً وتعزيةً للنفس وللوطن المستباح والعائد بإذن الله مع نفحات الصبح اذا تنفس.
إِنَّ الأُلى قَد كُنتُ أَرمي دونَهُم
غَلّوا يَدَيَّ وَحَطَّموا أَقواسي
وَاِستَبدَلوا سَيفي الجِرازَ بِأَسيُفٍ
خُشبٍ وَباعوا عَسجَدي بِنُحاسِ
وَالطَلُّ غَيرِ الماسِ إِلّا أَنَّهُم
خُدِعوا بِرَقرَقَةَ النَدى عَن ماسي
وَإِذا حَسِبتَ الرَوضَ تُغَنّي صورَةٌ
عَنهُ فَذَلِكَ مُنتَهى الإِفلاسِ
أَسَدُ الرُخامِ وَإِن حَكى في شَكلِهِ
شَكلَ الغَضَنفَرِ لَيسَ بِالفَرّاسِ
قَد كانَ لي حُلُمٌ جَميلٌ مونِقٌ
فَأَضَعتُهُ لَمّا أَضَعتُ نُعاسي
فَكَّرتُ في ما نَحنُ فيهِ كَأُمَّةٍ
وَضَرَبتُ أَخماسي إِلى أَسداسي
فَرَجَعتُ أَخيَبَ ما يَكونُ مُؤَمِّلٌ
راجٍ وَأَخسَرَ ما يَكونُ الخاسي
نَرجو الخَلاصَ بِغاشِمٍ مِن غاشِمٍ
لا يُنقَذُ النَخّاسَ مِن نَخّاسِ
وَنَقيسُ ما بَينَ الثُرَيّا وَالثَرى
وَأُمورُنا تَجري بِغَيرِ قِياسِ
نَغشى بِلادَ الناسِ في طَلَبِ العُلى
وَبِلادَنا مَتروكَةٌ لِلناسِ
نَكادُ نَفتَرِشُ الثَرى وَبِأَرضِنا
لِلأَجنَبِيِّ مَوائِدٌ وَكَراسي
وَنَلومُ هاجِرَها عَلى نِسيانِهِ
وَاللائِمِ الناسينَ أَوَّلُ ناسي
وَنَبيتُ نَفخَر بِالصَوارِمِ وَالقَنا
وَرِقابُنا مَمدودَةٌ لِلفاسِ
كَم صَيحَةٍ لِلدَهرِ في آذانِنا
مَرَّت كَما مَرَّت عَلى أَرماسِ
تُفنيكَ أَوجُهُهُم وَحُسنُ خَلاقِهِم
عَن كُلِّ وَردٍ في الرِياضِ وَآسِ
أَنا بَينَهُم أَسَدٌ وَجَدتُ عَرينَتي
أَنا بَينَهُم ظَبيٌ وَجَدتُ كِناسي
وَطَني أَحَبُّ إِلَيَّ مِن كُلِّ الدُنى
وَأَعَزُّ ناسٍ في البَرِيَّةِ ناسي

حسين خوجلي

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • الشيخ كمال الخطيب يكتب .. عقوق الوالدين وعقوق الوطن والدين
  • أحبُّ الناسِ إلى اللهِ أنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ
  • 20 نصيحة لمن أراد السعادة وراحة البال
  • شمشون يكتب نهايته في لبنان.. قراءة في كتابات إسرائيلية وغربية
  • حسين خوجلي: الوخز بالكلمات
  • لا تكن ظالمًا وممن يكيلون بمكيالين
  • عادل حمودة يكتب: سنة على الحرب فى غزة انتهت بمشهد اغتيال «نصر الله»
  • الحرب و السياسة و المتغيرات التي أحدثتها
  • لهذا السبب اعتذرت غادة عادل عن مسلسل “سيد الناس”