عادل عبدالرحيم يكتب: في يوم الابتسامة.. عيشها بسعادة علشان مالهاش إعادة
تاريخ النشر: 4th, October 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
يوافق اليوم، الجمعة الأولى من شهر أكتوبر من كل عام، اليوم العالمي للابتسامة.. والتي هي من المتعارف عليه تعبير عن الرضا والسعادة.. ولعل أصعب سؤال يمكن أن يواجهك: هل انت سعيد ؟.. ومنبع الصعوبة هنا يكمن في تقلب المشاعر والأحاسيس من وقت لآخر ومن عمر لآخر، فما كان يسعدك وأنت صغير قد لا تشعر بأي تعاطف معه حين تكبر، بل أن ما يشرح قلبك في الشتاء ربما لا تطيقه في الصيف.
لكل هذا وللكثير غيره ظل تعريف معنى السعادة ووضع نموذج موحد أو قالب ثابت لها من رابع المستحيلات، فهي مسألة نسبية بالثلث ولا تختلف فقط من شخص لآخر.. بل داخل الإنسان نفسه كما أوضحت الأمثلة السالف ذكرها.
وقبل نحو عامين أصابت حالة من "الاندهاش" اخواننا "نوشتاء" مواقع التواصل الاجتماعي والإخوة "الحكوكيين" الذين قرأوا خبر استحداث وزارة السعادة ووزارة أخرى للتسامح بدولة الإمارات الشقيقة.. حيث توالت التهليلات والتكبيرات والتصييحات وهذا في الواقع ما أصاب كاتب هذه السطور بحالة تشبه "الاعتياش بالمكارثية" التي حدثنا عنها الدكتور عمرو حمزاوي التي تعتبر إرهاصًا طبيعيًا لكل مكنونات التمحور والانبعاج التي يعيشها أمثالنا ممن لحست السياسة والإعلام عقولهم.
والواقع أنني لم أر أي باعث للذهول والدهشة التي عكستها تعليقات "العالم الفاضية" بتوع "الفيس توك" و"الطويطر" ولا "الانستجراب" اللي طالعين لنا فيه اليومين دول.. وذلك لسبب بسيط جدًا: يا اخواننا من حق الإمارات تعمل أي حاجة.
ذات مرة لدى حضوري أحد المؤتمرات الإعلامية المنعقد بإمارة دبي صادفت خبرًا غاية في الطرافة: "إعفاء المتعثرين من سداد الديون للبنوك حتى 4 ملايين درهم".. والله العظيم هذا حصل.. وطبعا هتسألوني عن سر وصفي لهذا الخبر بالطرافة.. في الواقع أن استقبال المواطنين لهذا الخبر بحالة من الفتور والعادية التي كدت أفقد عقلي أمامها.. فلنا أن نتصور إذا كان هذا الخبر في مصر كيف تكون الحالة.. أعتقد أقل رد فعل الناس المديونة كانت هتمشي في الشارع خالعة رأسها وهدومها وأسنانها وكل ما يمكن خلعه.
أما إخواننا الذين لم يحالفهم الحظ بالحصول على قروض من البنوك والذين حرمتهم أقدارهم من هذه "الغنيمة" فكانوا بكل تأكيد سيخرجون للشوارع أيضًا وهم يلطمون خدودهم ويشقون جيوبهم ويرقعون بالصوت الحياني: "لأأأأأأأأأأ".
وأنا بكل تأكيد كنت سأعترض على كلا الفريقين ليس من باب الزهد والقناعة والترفع.. وإنما من باب: "الشهر اللي ماليكش فيه ما تعدش أيامه ولياليه" فيعلم الله العلاقة بيني وبين الفلوس حدودي بها تنتهي عند علاقة الستر وعدم وجود ديون عليا إعلاء لمبدأ "فقر بلا دين هو الغنى الكامل".
ولمن يحتاج المساعدة على السعادة نقول لهم إن السعادة طاقةٌ من الرّضا تعين الإنسان على تقبل الواقع؛ لأنّه إرادة الله، ولا نملك إلا العمل على تحسينه بالأسباب الّتي خلقها الله لنا لتحسين أوضاعنا في الكون. فالسّعادة تُطمئن القلب وتَشرح الصّدر وتريح البال.. والسّعادة هي الرّضا بكلّ شيء وتنبع عن إيمان من القلب والسعادة هي إحساس بالمتعة والانبساط.
ولعل كلمة السعادة من بين الكلمات التي اختلف الناس حولها؛ فمنهم من يراها قرينة اللذة أو الراحة أو المال أو المنصب أو الشهرة.. إلخ، وبذلك يفني كثير من الناس حياتهم في دروب شتى بحثًا عن السعادة، نعم.. السعادة هي شعور ينبع من داخل النفس إذا شعرت بالرضا والغبطة والطمأنينة والأريحية والبهجة، لكن لقد اختلفت نظرات الناس للسعادة باختلاف طباعهم واهتماماتهم وتطلعاتهم وحتى مجتمعاتهم، فبعضهم يراها في المال أو السكن أو الجاه أو الصحة، وآخرون يرونها في الزوجة أو الأولاد أو العمل أو الدراسة، وربما يراها آخرون في القرب من الحبيب أو في التخلص من مزعج أو في تبتل روحي أو مساعدة مسكين وفقير، لكن العجيب عندما تسأل كثير من هؤلاء: هل أنت سعيد حقًّا وصدقًا؟ تكون الإجابة بالنفي!
ولا تندهش حين تسمع أن بعض الأشخاص يجدون سعادتهم المادية في التهام "قرص طعمية" أو حتى كوب شاي بحليب ومن فضل الله أن هذا متاح لجميع فئات الشعب المصري.. أما السعادة الروحية فيمكن تلخيصها في الرضا بما قسمه الله والاطمئنان ومشاهدة ابتسامة رضا في عيون البائسين.. كما أن ابتعادك عن إيذاء الآخرين وان استطعت رفع البلاء عنهم هو منتهى الشعور باللذة لدى الكثيرين.
كلمة أخيرة
أفضل رياضة للقلب أن تنحني لترفع الآخرين
وللمندهشين من إنشاء وزارة للسعادة في الإمارات أنشأت وزارة للسعادة ربما لأنهم لم تكن لديهم سعادة.
المصدر: البوابة نيوز
إقرأ أيضاً:
مع كثرة الشيوخ والفتاوى.. من نتبع؟ ومن نسمع؟
قال الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء ومفتي الجمهورية السابق أن أحد السائلين سأله قائلًا:من نتبع؟ ومن نسمع؟
فأجب جمعة: "اسمع العلماء، اسمع هذا الذي قضى ثلاثين عامًا أو أربعين عامًا في طلب العلم الشرعي الصحيح؛ لأنه صاحب منهج وسطي، كما قال الله تعالى : {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا } [البقرة: 143]".
عندما يخرج أحدهم ويريد أن يتدين، ويظن أنه بتدينه قد تعلم، فهو مخطئ. العلم له أركانه، ولابد أن يكون العلم على يد أستاذ. فإذا فقدت الأستاذ والشيخ، فكيف تتعلم؟! هل تتعلم من الكتاب فقط؟ أين العلوم المساعدة؟ من الذي امتحنك؟ من الذي أجازك؟ وبأي درجة؟ وفي أي مستوى؟ وفي أي تخصص؟
لذلك لابد أن نتعلم من أهل العلم الموثوقين. مؤسسات التعليم مفتوحة، وليس من التعلم أن تقرأ الكتاب على سريرك. من أنت؟ لهذا السبب اهتم الأمريكيون جدًا عندما أرادوا أن يتحدثوا عن العلم بمنهج "Who is who" - أي: من هذا؟ - وصنعوا مجلدات ليترجموا لكل إنسان، ولا يقبلون إلا ممن لديه مرجع موثوق.
قال الله تعالى : { فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}، وقال أيضًا: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ } ، وقال : {وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ } وفسرها العلماء بأنها تشير إلى أهل العلم.
وتابع جمعة: إذًا، لابد أن تكون لنا مرجعية، وهذه المرجعية هي كتاب الله وسنة رسوله ﷺ، بقراءة العلماء المعتبرين، وليس باتباع الأهواء أو المتشددين. فقد قال رسول الله ﷺ : "إن هذا الدين متين، فأوغل فيه برفق"، وقال ﷺ : "من رغب عن سنتي فليس مني"، وقال ﷺ : "هلك المتنطعون"، وقال ﷺ : "إن الرفق ما دخل في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه" .
وقال الله سبحانه وتعالى: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، وقال أيضًا: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}. وقال رسول الله ﷺ : "إنما أنا رحمة مهداة"، وقال ﷺ : "الراحمون يرحمهم الرحمن تبارك وتعالى، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء".
لكننا نجد بعض المتشددين يخرجون بجفاء في وجههم وشعث في لحاهم، يدعون أنهم على سنة رسول الله، فينفرون الناس من هذا الدين العظيم. وحاشا رسول الله ﷺ أن يكون مثاله كذلك.
لقد كان رسول الله ﷺ أجمل الناس وأرحمهم وأرفقهم. كان يتبسم ويضحك حتى تظهر نواجذه - أضراس العقل -، وكان يحب كل شيء جميل. وقال ﷺ : "إن الله جميل يحب الجمال".
هذا التشدد المقيت لا يناسب الدين، ولا ينتمي إلى الإسلام، ولا إلى العصر. بل إنه حائل وحاجز بين الناس وخالقهم. هؤلاء يصدون عن سبيل الله بغير علم، لأنهم أحبوا الزعامة والتصدر، وأرادوا أن يتشبعوا بما ليس فيهم.
قال رسول الله ﷺ : "من غشنا فليس منا" ، وقال : "المتشبع بما لم يُعطَ كلابس ثوبي زور".
إنهم يدّعون العلم، وهم ليسوا علماء. وهذا ما يسميه أهل العلم "الشغب". كثير من الناس الطيبين يصدقونهم لأنهم يرونهم بلحاهم وملابسهم التي يدّعون بها العلم. لكن أين القرآن؟ وأين السنة؟
هؤلاء إذا ذهبوا إلى القرآن والسنة، فإنهم يأخذون بظاهر النصوص، لا بحقيقتها، فيخطئون في الفهم. ثم يتصدرون قبل أن يتعلموا، ويتحدثون قبل أن يتفقهوا.
فإنا لله وإنا إليه راجعون