زهير عثمان

السيادة والتدخلات الخارجية:
موقف مصر الرافض لوجود قوات إفريقية في السودان يعكس تأكيدًا على أهمية الحفاظ على السيادة الوطنية السودانية، وتجنب التدخلات الخارجية التي قد تؤدي إلى تعقيد الأزمة. من هذا المنظور، فإن الحكومة المصرية ترى أن التدخل الإقليمي قد يفتح الباب أمام تدويل الأزمة، ما قد يؤثر على مصالح السودان والمنطقة بأكملها.


المخاوف من تدويل الأزمة:
التجارب السابقة في أماكن مثل ليبيا والصومال تُظهر أن وجود قوات إقليمية أو دولية قد يؤدي إلى تفاقم الأزمات بدلاً من حلها. ويبدو أن مصر تسعى لتفادي هذا السيناريو في السودان، خاصة أن التدخل الإفريقي قد يعزز من نفوذ دول أخرى في المنطقة ويقلل من دور مصر التاريخي كضامن للاستقرار.

الأبعاد الإقليمية للأزمة:
مصر تدرك جيدًا أن أي اضطرابات في السودان قد يكون لها تداعيات خطيرة على أمنها القومي، خصوصًا فيما يتعلق بالهجرة غير الشرعية والتأثيرات الاقتصادية. هذا إلى جانب أن السودان يمثل بوابة استراتيجية لمصر في منطقة النيل والبحر الأحمر، وتخشى أن التدخل الإفريقي قد يؤدي إلى تنافس قوى إقليمية أخرى على النفوذ هناك.
رفع تجميد عضوية السودان في الاتحاد الإفريقي:
الدعوة لبحث رفع تجميد عضوية السودان تهدف إلى إعادة تمكين السودان من لعب دوره في الساحة الدولية والإقليمية، ما قد يساعد في تعزيز شرعية الحكومة السودانية وتقوية موقفها في مواجهة مليشيا الدعم السريع. هذا التوجه المصري يدعم أيضًا الجيش السوداني ويمنع عزل السودان دوليًا.
. التداعيات المحتملة:
رفض مصر لوجود قوات إفريقية قد يثير اعتراض بعض الأطراف الدولية أو الإفريقية التي تسعى إلى مزيد من التدخل لحل الأزمة. ومع ذلك، فإن القاهرة تُظهر موقفًا ثابتًا يتمثل في تعزيز الحلول السياسية والدبلوماسية للأزمة السودانية دون اللجوء إلى التصعيد العسكري.

موقف مصر الرافض لأي وجود لقوات إفريقية في السودان يعكس قراءة دقيقة لمصالحها الإقليمية ومخاوفها من تدويل الأزمة. تسعى القاهرة إلى تعزيز الاستقرار في السودان دون تدخلات خارجية، مع التركيز على دعم الحكومة السودانية في مواجهة مليشيا الدعم السريع، وتفادي أي تدخلات قد تزيد من تعقيد المشهد السياسي والعسكري في البلاد.

zuhair.osman@aol.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: فی السودان

إقرأ أيضاً:

الصراع الداخلي في السودان و الأبعاد السياسية والتجاذبات المدنية حول التدخل الدولي

المبعوث الأميركي الخاص للسودان، توم بيرييلو، أعلن عن توجه جديد يتعلق بتدخل محتمل لحماية المدنيين في السودان، عبر قوات أفريقية تحت إشراف الاتحاد الأفريقي. هذه الخطوة تأتي في إطار محاولات إيقاف النزاع المستمر بعد تعثر المحادثات في جنيف وعدم تمكن الأطراف المتحاربة من التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار. يعكس هذا الإعلان الموقف الدولي القوي الرافض لاستمرار الحرب والراغب في العودة إلى مسار الحكم المدني في السودان.
الأبعاد السياسية والدبلوماسية
يأتي هذا التحرك في وقت حرج بالنسبة للسودان، حيث يتزايد الضغط الدولي من خلال اجتماعات الأمم المتحدة ومواقف العديد من الدول التي تؤيد استعادة الحكم المدني. رغم ذلك، يعترف بيرييلو بأن الضغط الحالي غير كافٍ لإجبار الجيش السوداني وقوات الدعم السريع على وقف الحرب. هذه المواقف الدولية المتعاطفة مع الشعب السوداني تضعف الخيارات أمام القوى المتحاربة وتدفع باتجاه حل سلمي، لكن كما ذكر المبعوث، فإن الجيش يسعى من خلال دعم جماعات إسلامية إلى تحقيق نصر عسكري كامل.
التحديات الأمنية والإنسانية
الأوضاع الإنسانية في السودان تظل متدهورة بشكل كبير، حيث تعرقل النزاعات المسلحة وصول المساعدات الإنسانية. المبعوث الأميركي أوضح أن فتح المعابر المتفق عليها في جنيف، رغم أهميته، لم يكن كافياً لضمان إيصال الإغاثات الضرورية بشكل سلس، مشيرًا إلى أن الجهود الدولية لمراقبة الوضع مستمرة. تفاقم الأزمة الإنسانية يزيد من الضغط على الأطراف المتحاربة ويفتح المجال أمام ضرورة تدخلات أكثر فعالية لحماية المدنيين.
احتمالات تدخل قوات أفريقية
تُعد هذه الخطوة المحتملة لإرسال قوات أفريقية لحماية المدنيين جزءاً من توجه أوسع لفرض حماية خارجية مستقلة في ظل انهيار الأمن داخل البلاد. قد يثير هذا التدخل، في حال تنفيذه، قضايا تتعلق بالسيادة الوطنية، وردود فعل متباينة من الأطراف المتحاربة، وخاصة من الجيش السوداني الذي يتزايد تشدده ضد الحلول المدنية. إلا أن الحاجة لحماية المدنيين قد تجعل هذا التدخل الخيار الأمثل لتجنب كارثة إنسانية أكبر.
الأبعاد الداخلية والخارجية
في سياق الوضع الحالي في السودان، يُعتبر الصراع بين القوى المدنية المتنوعة أمراً حاسماً لتحديد مستقبل البلاد. فهناك قوى مدنية تؤيد التدخل الدولي وتقديم المساعدات الإنسانية لحماية المدنيين، بينما ترفض قوى أخرى ذلك بسبب المخاوف من التدخل الأجنبي وتأثيراته السلبية على السيادة الوطنية.
القوى المؤيدة للتدخل
قوى الحرية والتغيير تدعم هذه المجموعة التدخلات الدولية، بما في ذلك إرسال قوات لحماية المدنيين، حيث ترى أن الوضع الإنساني يتطلب إجراءات عاجلة لحماية المدنيين وإعادة الاستقرار.
المجتمع المدني تتضمن منظمات حقوق الإنسان والجمعيات الخيرية التي تدعو إلى تدخلات من أجل حماية المدنيين ورفع المعاناة عن الشعب السوداني.
القوى الرافضة للتدخل
القوى الإسلامية كما هو الحال مع بعض المجموعات المتحالفة مع الجيش، فهي تعتبر أي تدخل خارجي انتهاكاً للسيادة وتعارضه بشدة.
المؤتمر الوطني يُظهر الحزب السابق الحاكم قلقاً من تأثير التدخل الدولي، ويعتقد أن الحل يجب أن يأتي من الداخل دون تدخل خارجي.
الأبعاد السياسية
الصراعات بين هذه القوى تعكس الانقسامات الأوسع في المجتمع السوداني حول كيفية معالجة النزاع. إن وجود دعم شعبي قوي للمبادرات المدنية يمكن أن يؤثر على موقف الأحزاب السياسية، مما يجعل من الضروري لجميع الأطراف التفكير في كيفية الوصول إلى توافق حول هذا الوضع المعقد.
من المؤكد أن هذا الإعلان يشير إلى تصاعد القلق الدولي بشأن استمرار الصراع، كما يعكس تزايد الضغوط الدولية على السودان للتوصل إلى حلول دائمة. لكن في الوقت نفسه، يبقى تدخل القوى الإقليمية، والدور الذي تلعبه الدول المجاورة، مسألة حساسة، حيث تسعى العديد من الدول للتأثير في مسار الحرب.
في النهاية، يبدو أن المرحلة المقبلة ستشهد تحركات دبلوماسية وعسكرية مكثفة، مع تركيز على حماية المدنيين، ودفع الأطراف المتحاربة للعودة إلى طاولة المفاوضات. ولكن، ما لم يتم تكثيف الجهود الداخلية والدولية بصورة أكثر فعالية، يبقى الحل السلمي أمراً بعيد المنال، في ظل تعنت القوى المتحاربة وتصاعد النزاع على الأرض.

zuhair.osman@aol.com

   

مقالات مشابهة

  • البرهان لوفد مجلس السلم والأمن الإفريقي: السودان يواجه “استعمارا جديدا”
  • الفريق جابر ينتقد غياب الدعم الإفريقي تجاه أزمة السودان
  • تحرك أفريقي وأميركي لتسريع احتواء الأزمة السودانية
  • الصراع الداخلي في السودان و الأبعاد السياسية والتجاذبات المدنية حول التدخل الدولي
  • أحداث رواندا وطلاب الجامعات السودانية
  • المتحدث باسم الخارجية الأميركية: المسؤولون الأميركيون في كل المستويات يعملون بلا كلل من أجل حل الأزمة السودانية
  • المحاولات الفاشلة والناجحة لحل الحزب الشيوعي السوداني ذو النفوذ النقابي القوي ودوافعها الرئيسية: ماذا يريد الحزب الشيوعي في السودان؟ (2 من 3)
  • السودان.. مجلس السيادة يشيد بمواقف تركيا ويتطلع لتعزيز العلاقات
  • إسلام عفيفي: بيان مجلس النواب بشأن الموقف الإقليمي تضمن رسائل تاريخية