في اليوم العالمي للشباب.. مسيرة الصحابي مصعب بن عمير أول سفير في الإسلام
تاريخ النشر: 12th, August 2023 GMT
نشر مركز الأزهر للفتوى تقريراً عن مصعب بن عمير بمناسبة اليوم العالمي للشباب ، واسمه مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي بن كلاب العبدري.
وأهم جوانب القدوة في شخصية ومسيرة مصعب بن عمير رضي الله عنه مايلي
قبول الحق
كان رضي الله عنه من أوائل من أسلم، ورغم أنه كان ثريًّا وجيهًا، عنده من متع الدنيا ما يشغله؛ إلا أنَّه تنبه لصدق دعوة سيدنا النبي ﷺ، واستجاب لها مسرعًا، ووهب نفسه للدعوة إليها ونصرتها بكل ما أوتي من مواهب وجهد.
التضحية والمثابرة
كان رضي الله عنه قبل إسلامه شابًّا مدللًا مترفًا غنيًّا، لا يمنع عنه أهله شيئًا، وكان من أحسن شباب مكة ثيابًا ومظهرًا وعطرًا، فلما أسلم حجز عنه أهله النعمة، وتركوه دون مال ولا متعة، وقست عليه أمه؛ رجاء أن يرجع عن إسلامه؛ فما زاده ذلك إلا إصرارًا على الحق، وتحملًا لضيق العيش، حتى هاجر من مكة إلى الحبشة، ثم رجع إليها، فاختاره سيدنا رسول الله ﷺ ليكون رسوله إلى المدينة، فهاجر إليها دون أن يأخذ من أمواله أو ممتلكاته شيئًا.
الهمة العالية وتحصيل العلم وتطوير المهارات
صاحَبَ مصعبُ سيدنا رسول الله ﷺ بعد إسلامه، وحفظ عنه الوحي، وتلقى بين يديه العلم، حتى رأى فيه سيدنا رسول الله ﷺ الصدق والنبوغ والذكاء والحكمة؛ الأمر الذي أهَّله ليكون سفير الإسلام الأول إلى أهل يثرب، قبل أن يهاجر إليهم رسول الله ﷺ؛ حتى يُمهِّد أرض الهجرة لاستقبال النبي ﷺ ونصرة دعوته، ويُعلِّم من آمن منهم ما نزل من شرائع الإسلام.
البراعة في الحديث والمحاورة والإقناع
استطاع مصعب رضي الله عنه بعد هجرته للمدينة وعدد المسلمين فيها قلة أن يُحسن عرض قضيته، وأن يتمثل الإسلام في أخلاقه وكلماته، بلباقة وحسن سمت يُضفي على كلماته البهاء والإقناع، وأنزَلَ الناس منازلهم، وخاطبهم على قدر عقولهم، في براعة محاورة، وبلاغة حجة، وأناقة عرض؛ فأسلم على يديه خَلْق كثير -من السادة والعامة-؛ حتى إن الشخص كان ليدخل عليه وهو حامل حربته يريد قتله فيخرج من عنده مؤمنًا مسلمًا لله سبحانه.
الحكمة والقدرة على تجميع المختلفين
لتوجه رضي الله عنه إلى المدينة سفيرًا، وأهلها حديثو عهد بحروب طويلة -بين الأوس والخزرج-، ورغم أن الإسلام قد وحدهم وجعلهم إخوة، وقضى على الضغائن والنزاعات بينهم، إلا أن مصعب كان ممن ساهم في ذلك في بداية الأمر؛ إذ استطاع التقريب بينهم بما حظي به لدى الجميع من احترام ووجاهة، وهم من لقبوه بـ «المقرئ»، حتى إن الأوس والخزرج لما اختلفوا حول من يؤمهم في صلاة الجماعة، اتفقوا على أن يكون مصعب هو إمامهم.
الفدائية والشجاعة والثبات
عاش مصعب لحُلمِه، وهو نشر دعوة الإسلام، وسعى إليه بكل ما امتلك من مواهب، بإقدام وثبات وحكمة.
ولم يكتفِ أن يكون أحد فرسان الكلمة والحُجَّة، بل أيَّد قوله بالفِعال، وكان فارس النِّزال كذلك، وتحمَّل المسئولية في أصعب المواقف، فهو حامل راية الإسلام في غزوتي بدر وأُحُد.
وهاهو مشهد البطولة الأخير الذي ختم به هذا البطل حياته، والذي بدأ بحمل راية الإسلام في غزوة أحد، فكان منه الثبات وحسن البلاء في الله سبحانه، حتى إنه لما أُشيع كذبًا أن رسول الله ﷺ قُتل واضطرب الجيش؛ ثبتَ هذا البطل، وردد قائلًا قول الله سبحانه وتعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ ۚ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ ۚ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا ۗ وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ}. [آل عمران: 144]
وكان همّه الأكبر هو الحفاظ على راية الإسلام مرفوعة، حتى إنه جعل عمره فداء هذه الراية، تلك المسئولية التي حمله إياها رسول الله ﷺ.
استهدف المشركون الراية؛ فقُطعت يده اليمنى، فأخذها بيده اليسرى، فقُطعت، فحنا على اللواء وضمه بعضديه إلى صدره، وجعل نفسه فداء له، وظل على هذه الحال حتى لقي ربه شهيدًا رضي الله عنه وعمره 40 عامًا.
فلما مر عليه سيدنا النبي ﷺ بعد المعركة قال فيه وفي إخوانه ممن أكرمهم ربهم بالشهادة: {مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ}. [الأحزاب: 23]
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: رسول الله ﷺ
إقرأ أيضاً:
من أين يستمد هؤلاء جرأتهم على الإساءة إلى الإسلام في تركيا؟
أوقفت قوات الأمن التركية في مدينة إسطنبول، مساء الاثنين، صحفيين في مجلة "ليمان" الساخرة، بسبب رسم كاريكاتوري يسيء إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم، والنبي موسى عليه السلام. وجاء توقيف رسام ذاك الكاريكاتير ورئيس تحرير المجلة ومدير تحريرها بناء على طلب النيابة العامة التي فتحت تحقيقا فيه بتهمة الإساءة إلى القيم الدينية، وسط مظاهرات شعبية واسعة خرجت للاحتجاج على الكاريكاتير الذي نشرته المجلة الساخرة، وللمطالبة بإغلاق المجلة ومعاقبة القائمين عليها.
الأوساط السياسية ومنظمات المجتمع المدني، بالإضافة إلى الجماعات الإسلامية، استنكرت ما قامت به المجلة، مؤكدة أن الإساءة إلى القيم والرموز الدينية لا تدخل ضمن حرية التعبير. وذكر رئيس الجمهورية التركي رجب طيب أردوغان، أن السلطات الأمنية والقضائية تحركت فورا بخصوص الجريمة، وصادرت المجلة، وبدأت الإجراءات اللازمة، قائلا: "واجبنا الأساسي هو حماية ذكرى نبينا الحبيب وإرثه الثمين الذي أنار دربنا وملأ قلوبنا بالرحمة". كما صرح وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، أن مرتكبي جريمة الإساءة لنبينا صلى الله عليه وسلم سيُحاسبون حتما أمام العدالة، مشددا على أنهم سيواصلون بحزم مكافحة كل العقليات التي تحاول إثارة الكراهية والعداء للإسلام والمسلمين في الداخل والخارج.
كثير من المؤيدين لحزب الشعب الجمهوري لا يتفقون مع ما جاء في بيان المجلة وما ذكر رئيس الحزب حول معنى الكاريكاتير، بل يرون أن الرسام يسخر من النبيين الكريمين، عليهما الصلاة والسلام، إلا أنهم في ذات الوقت يدافعون عن تلك الإساءة بدعوى حرية التعبير
مجلة ليمان أصدرت بيانا ادَّعت فيه بأن رسام الكاريكاتير لم يرسم النبي صلى الله عليه وسلم، بل رسم طفلا فلسطينيا قتل في قطاع غزة في قصف إسرائيلي. إلا أنها في ذات البيان ذكرت مجلة شارلي إيبدو وشبَّهت الانتقادات الموجهة إلى المجلة التركية كتلك التي وجّهت إلى المجلة الفرنسية بسبب نشرها رسوما مسيئة إلى النبي صلى الله عليه وسلم. وإضافة إلى هذا التناقض، سِجِلّ المجلة يشهد أن ما ذكرته في البيان حول وجود سوء تفاهم ليس صحيحا، لأن أعدادها السابقة مليئة بالرسوم المسيئة إلى الإسلام والمسلمين. كما أن الرسام الذي رسم ذاك الكاريكاتير آراؤه ضد الإسلام والمسلمين والقضية الفلسطينية معروفة ومسجلة في منشوراته بمواقع التواصل الاجتماعي، وأنه وصف حركة حماس في إحدى تغريداته بـ"تنظيم إرهابي"، ووصف الإسلام في أخرى بــ"أكبر خازوق أكله الأتراك".
خلافا لموقف أغلبية المواطنين، دافع رئيس حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزل، عن المجلة المعنية، وكرر ما ذكرته المجلة في بيانها، وهاجم منتقديها، مدَّعيا بأن الرسم الكاريكاتيري الذي أثار غضبا شعبيا، ليست فيه إساءة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وأن الفنان رسم الوضع في قطاع غزة، وأن محمدا الملتحي المرسوم في الكاريكاتير يشير إلى طفل صغير في غزة اسمه محمد. ومن المؤكد أن هذا التفسير الذي تم اختلاقه على عجالة بعد الاحتجاجات الغاضبة، بعيد كل البعد عن ما يشير إليه الرسم الكاريكاتيري بوضوح، وهو حرب بين اليهود والمسلمين، كالحرب الإسرائيلية الإيرانية الأخيرة، وأن النبيين الكريمين محمد وموسى عليهما السلام تم رسمهما على أنهما نبي المسلمين ونبي اليهود، ولا توجد أي إشارة إلى قطاع غزة في أي مكان للكاريكاتير.
كثير من المؤيدين لحزب الشعب الجمهوري لا يتفقون مع ما جاء في بيان المجلة وما ذكر رئيس الحزب حول معنى الكاريكاتير، بل يرون أن الرسام يسخر من النبيين الكريمين، عليهما الصلاة والسلام، إلا أنهم في ذات الوقت يدافعون عن تلك الإساءة بدعوى حرية التعبير، وأن تركيا علمانية وليست مسلمة، وأن غير المسلمين لا يجب عليهم احترام نبي المسلمين.كان هؤلاء يتمتعون في "تركيا القديمة" بنوع من الحصانة في إساءتهم إلى الإسلام والمسلمين، واستفزاز مشاعر المواطنين المتدينين، تحت مسمى الأعمال الفنية، ولم تتم محاسبتهم على ما يقومون به، بل وكانوا يُشجَّعون على ذلك من قبل القوى العلمانية المتطرفة التي كانت تفرض وصايتها على الإرادة الشعبية. كما خالف رئيس بلدية أنقرة منصور ياواش، ما ذهب إليه أوزل، فقال في تعليقه على الرسم الكاريكاتيري الذي اعتبره مسيئا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وملايين المواطنين، إن حرية التعبير يجب أن لا تتحول إلى وسيلة لنشر الكراهية.
إساءة المجلة إلى النبي صلى الله عليه وسلم أعادت إلى الأذهان تلك الرسوم المسيئة التي نشرتها مجلة شارلي إيبدو الفرنسية، والأحداث المتعلقة بها، والنقاشات الساخنة التي دارت حولها، إلا أن جرأة المجلة التركية على ارتكاب هذه الجريمة الشنيعة أكبر بكثير من جرأة المجلة الفرنسية، لأنها تصدر في بلد يشكل المسلمون فيه الأغلبية الساحقة. وبالتالي، يطرح هذا السؤال نفسه: "من أين يستمد هؤلاء جرأتهم على الإساءة إلى الإسلام والمسلمين؟".
كان هؤلاء يتمتعون في "تركيا القديمة" بنوع من الحصانة في إساءتهم إلى الإسلام والمسلمين، واستفزاز مشاعر المواطنين المتدينين، تحت مسمى الأعمال الفنية، ولم تتم محاسبتهم على ما يقومون به، بل وكانوا يُشجَّعون على ذلك من قبل القوى العلمانية المتطرفة التي كانت تفرض وصايتها على الإرادة الشعبية. ولذلك، دأبوا على استهداف مبادئ الإسلام ورموزه ومعتقد المجتمع المسلم وقيمه. ولعلهم يواجهون لأول مرة حزما من السلطات الأمنية والقضائية، كما أنهم يرجون أن تقف الدول الغربية إلى جانبهم بحجة الدفاع عن حرية التعبير، وأن يحصلوا على مزيد من التمويل الأجنبي السخي لأعمالهم الرخيصة تحت مسمى دعم تلك الحرية المزعومة؛ لأنهم بتلك الأعمال يخدمون المشاريع التي تستهدف أمن البلاد واستقرارها، وتحاول إثارة الفوضى والحرب الأهلية فيها، وتسعى إلى عرقلة الجهود المبذولة من أجل الوصول إلى هدف "تركيا الخالية من الإرهاب".
x.com/ismail_yasa