الكاتب المصري صلاح سالم: تعاسة الإنسان وكآبته سبب تفجر الحروب في العالم
تاريخ النشر: 12th, August 2023 GMT
هو مؤلف استطاع خلال سنوات قليلة أن يحجز لنفسه مكانة بين كبار المثقفين في مصر، من خلال ما لا يقلّ عن ثلاثين كتابًا وعشرات الأبحاث ومئات المقالات، حول الشأن العربي والعالمي، ليتوجّ في النهاية بجائزة الدولة التقديرية 2023.
إنه الكاتب المصري صلاح سالم (55 عامًا) الذي تحدّث للجزيرة نت في مكتبه بجريدة الأهرام بالقاهرة، وأجاب عن أسئلة متعلّقة بقضايا عربية وفكرية، وبمجالات الاستقلال والفلسفة العربية والإنسان المعاصر.
يدافع سالم عن اعتقاده بأن الصراع العربي الإسرائيلي لن ينتهي إلا بانتهاء دولة إسرائيل، ويقول "أنا ممن ينظرون إلى التاريخ بأمل، إسرائيل دولة تشكّلت في إطار بوتقة الخوف، الخوف من الغرب المضطهد لهم، والخوف من العرب المجاورين لهم، هي دولة تتغذّى على الخوف، وأتصوّر أن الفكرة الصهيونية العلمانية ستموت في محرقة الصهيونية الدينية، والصهيونية الدينية نفسها وعيها بالعالم محدود ككل الأصوليات الدينية، وهي أصولية ضيقة الأفق ستفضي في النهاية لتفكيك الكيان الإسرائيلي، وهي أكبر خطر على الدولة الإسرائيلية".
ويتابع "أما إن تُرِكت لنفسها، ستكون عرضة للتفكك، والصراع الديني العلماني في إسرائيل قوي جدًا إلى مدى لا تتخيله، فضلًا عن ذلك أرى أن المستقبل سيغيّر موازين القوى في العالم، ولن يكون هذا الصراع لصالح الغرب والولايات المتحدة، وإسرائيل بنْت الحضارة الغربية، والحضارة الغربية في لحظة أفول، وخلال عقد أو عقدين ستتحول أميركا والغرب إلى منطقة صراع في العالم وليس المهيمن على الصراع، في هذه اللحظة تبدأ رحلة النزيف الحضاري والإستراتيجي لإسرائيل".
وعن المستقبل، يرى سالم أن التناقضات الكامنة في الداخل الإسرائيلي ستؤدّي لزيادة المشكلات تفجرًا، مضيفًا "لا أرى مستقبلًا لهذه الدولة التي ينحصر وعيها في التوسّع والاستيطان، ولا تقبل أصلًا بفكرة السلام؛ لأن السلام سيفجر تناقضاتها، وهي تعيش على فكرة الخلاف مع الآخر لكي تضمن تماسكها".
يرى سالم أن العالم العربي محكوم بأشكال مختلفة من الاستبداد، مشيرًا إلى أنه لا توجد دولة عربية واحدة مدنية حرّة على الإطلاق، معدًّا أن الاستبداد في بلادنا يتراوح بين الديني، والعسكري، والعرقي، وحتى العائلي، مشيرًا إلى أن مجتمعاتنا العربية "العلم فيها بكل وسائله ومراكزه البحثية أقرب إلى (الديكور)، لكي تدعي الدولة الحداثة".
ويرى الكاتب المصري أن الجدل الفكري في المراحل السابقة كان يدور بين إرادات أفراد كما في الإمبراطوريات القديمة، أو جدل أديان، وتحول لصراع بين (أيديولوجيات) كبرى، أدّت بدورها لصراعات كبرى، أنتجت مفكرين وفلاسفة كبار في الفكر الشيوعي، وكذلك أثمرت السجالات الرأسمالية عقولًا كبيرة في عصرها، والجدل الذي دار في القرن التاسع عشر، ثم في القرن العشرين بين الدين والعلم وبين العقل والإيمان هو نتاج أفكار لعقول كبيرة، وأنتجت الأفكار الكبيرة.
ويتابع "حتى نصف القرن العشرين شاهدنا ما نطلق عليه نهاية مفهوم الفيلسوف، وهناك كلام عن نهاية الفلسفة، وأقول الفلسفة لم تمُت، لكن ما مات بالفعل فكرة الفيلسوف الشامل المنتج لأصناف فكرية واضحة، أو شبه مكتملة تفسّر العالم، والآن نحن أمام مفكرين نوعيين أكثر من كونهم فلاسفة، ما جعل الجدل في العالم محدود الأفق، وبعد زوال الصراع الشيوعي الرأسمالي وانبثاق صراعات إقليمية ومذهبية وعنصرية، وأمام انحسار الهيمنة الغربية وانحسار الدور الأميركي في القرن العشرين، لم تعُد هناك أفكار كبرى تحكم الناس، ولا فكر إستراتيجي كبير ينظّم حركة العالم الآن".
الهيمنة الفكريةينتقد صلاح سالم فكرة النهايات التي راجت مؤخرًا في الكتابة الفلسفية، ويقول إن "المركزية الأوروبية قائمة على فكرة هيمنة العرق الأبيض كونه صانع التقدّم وناشره، وباسم هذه الأفكار احتُلّت أجزاء كبيرة من العالم، وهذه السيطرة جاءت بفكرة الهيمنة الحداثية، ومع نمو الأفكار الثقافية التي تقول بالحداثية والعلمانية ومفهوم الذات، رأوا أنه يجب تجاوزها نحو تيار ما بعد الحداثة، رغبة في التفلّت من قيم التنوير التي أسّست العالم الحديث، ومن ثم بدأنا نسمع "الما بعديات "، مثل: ما بعد الحداثة، وما بعد الدولة الوطنية، وما بعد الإنسان، وهذا مرتبط بالنهايات، نهاية التاريخ، ونهاية الحداثة، وغيرها".
ويكمل القول بأن الكلام عن نهاية أنساقٍ وميلاد ما بعدها، هو في الحقيقة حديث عن نهاية هيمنات وبداية هيمنات أخرى، تقول إنها انتصرت، كما تصوّرت أميركا أن العولمة هيمنت وسادت بعد زوال الشيوعية.
الفكر الغربي والإنسان الجديديرى المفكر المصري أن الفكر الغربي وصل إلى محطة انتصاره بمقولة إن التاريخ انتهى، وأن العالم الغربي بقدر ما أسّس الحداثة، فهو الذي يستطيع أن ينهيها، فتكلم عن نهاية الفلسفة ونهاية التاريخ ونهاية الإنسان، وهو الذي أنشأ هذه المفاهيم في نهاية القرن الـ 18 وبداية القرن الـ 19 "ثم يعود ويتكلم عن نهاية التاريخ وبداية التاريخ الآخر، هذا التاريخ الآخر حقيقة لم يكن إلا عصرًا جديدًا تقوده المركزية الغربية تحت مسمى العولمة".
ويرى أن ما يُروّج له على أنه "الإنسان الجديد"، هو إنسان مفتوح على الذكاء الاصطناعي، إنسان مستهلك فحسب، وينشغل بالسوق ليل نهار في عالم السوق المفتوح وعالم التواصل المفتوح، وبدلًا من أن يتكلم عن السلع تحوّل هو نفسه إلى سلعة.
ويرى سالم أن هذه رغبات محمومة لبناء هيمنات جديدة على أنقاض الهيمنات القديمة، هذه الهيمنات الجديدة تصنع فسيفساء من عالم متشظي بلا مركز لإنتاج الأفكار، وبلا مؤسسات للجدل الفكري لإنتاج أفكار كبيرة، ولكنه يقوم على فكرة المصلحة والنفعية وفكرة السوق الواسع والرفاهية اللامحدودة.
وخلاصة القول، كما يختم الكاتب المصري، هو أن العلمانية المركزية الغربية أدّت لميلاد "أزمة معنى" تزيد من درجة التعاسة والكآبة والتوتر بالرغم من الإشباع المادي، ما أدّى إلى أن يعيش حالة خواء قيمي ومعنوي، ولهذا فهو عالم انتقل من ثراء الفكر إلى فقر الاستهلاك، ويزداد افتقارًا إلى المعنى، وعندما يفتقر العالم إلى المعنى تزداد التعاسة والكآبة، وتتفجّر المشكلات وتشتعل الحروب.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: فی العالم عن نهایة ما بعد
إقرأ أيضاً:
برلماني: توجيهات الرئيس بالاحتفال بافتتاح المتحف المصري الكبير تحوله لحدث عالمي
أكد النائب عمرو القماطي عضو لجنة السياحه والآثار بمجلس الشيوخ، على أهمية الاستعداد المصرية والتوجيهات الرئاسية بخصوص حفل افتتاح المتحف المصري الكبير يوليو المقبل، قائلا: حدث ثقافي وسياحي عالمي يترقبه العالم.
افتتاح المتحف المصري الكبيرونوه القماطي، في تصريح صحفي له اليوم، بتوجيهات الرئيس السيسي خلال لقائه رئيس الوزراء ووزير السياحة على ضرورة بذل كل الجهد، وتكثيف الإستعدادات لخروج هذه الفعالية على مستوى يليق بوضعية وتاريخ مصر، ودون تحميل موازنة الدولة أي أعباء، خاصة وأن المتحف المصري الكبير يُعد من أكبر الصروح الثقافية والحضارية في العالم، وتأكيده على أهمية إستثمار الزخم المصاحب لاحتفالية إفتتاح المتحف المصري الكبير في الترويج للمقاصد السياحية في مصر بوجه عام.
تحقيق طفرة سياحية حقيقية طوال السنوات الماضيةوقال عضو مجلس الشيوخ، إن مصر استطاعت تحقيق طفرة سياحية حقيقية طوال السنوات الماضية بتوجيهات الرئيس السيسي حتى تخطى عدد السياح الذين يزورون مصر سنويا حاجز الـ15 مليون سائح، مضيفا ان بحث الرئيس السيسي الترتيبات والنواحي التنظيمية المتعلقة بالاحتفالية المقررة لإفتتاح المتحف المصري الكبير في شهر يوليو ٢٠٢٥، تؤكد أنه سيخرج في أفضل صورة .
وشدد القماطي، على أهمية استغلال هذه المناسبة التي سيتابعها العالم أجمع بالشكل الأمثل في إطار جهود تطوير منظومة السياحة المصرية ككل، وإبراز إسهامات الحضارة المصرية ودورها المحوري على مر التاريخ في بناء الإرث الحضاري العالمي، ومضاعفة أعداد السائحين الزائرين لمصر سنويا.
واختتم النائب عمرو القماطي، بالقول أن احتفالية افتتاح المتحف المصري الكبير ستكون عالمية ومبهرة، وتتناسب مع قيمة مصر عالميا وموقعها السياحي البارز وتراثها الخالد.
وأكد مدحت الكمار، عضو مجلس النواب، أن توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي للحكومة بمواصلة أعمال تطوير القاهرة التاريخية ومنطقة وسط البلد تعكس رؤية القيادة السياسية في استعادة الوجه الحضاري لمصر وتعزيز مكانتها كواحدة من أهم العواصم التاريخية في العالم.
القاهرة التاريخية ووسط البلد.. قيمة حضارية وسياحيةوأوضح “الكمار”، في تصريحات خاصة، أن تطوير القاهرة التاريخية يحمل بعدًا حضاريًا وإبداعيًا، حيث يسهم في تحقيق أهداف سياحية، وترفيهية، وتثقيفية، عبر الاستفادة من التراث المعماري الفريد والمناطق الأثرية ذات الطابع المميز.
وأشار إلى أن القاهرة التاريخية تمثل ركنًا أساسيًا في الحضارة الإسلامية، وتعد عنصر جذب رئيسيًا للسائحين من مختلف دول العالم، ما يعزز من مكانة مصر على الخريطة السياحية الدولية.