في ظل الحرب.. عودة التعليم عن بُعد؟
تاريخ النشر: 4th, October 2024 GMT
في ظلّ التطورات الأمنية والعسكرية وإشغال نحو 100 مدرسة رسمية بالنازحين وعدد من مباني الجامعة اللبنانية، توقّف العام الدراسي الجديد في كل المدارس على كافة الأراضي اللبنانية.
لم تكد المؤسسات التعليمية في لبنان تفتتح أبوابها للعام الدراسي الجديد، حتى أغلقتها سريعًا بفعل الحرب الإسرائيلية التي تصاعدت وتوسعت ما أدى إلى سقوط مئات الشهداء، ومنهم طلاب.
ما زاد من صعوبة الأزمة أن المعارك بدأت في الجنوب خلال انطلاق العام الدراسي، ولم تكن لدى الطلاب وذويهم حلول بديلة ما وضعهم في حالة إرباك، ومع اشتداد القصف الإسرائيلي الذي دمّر مئات المنازل والمنشآت وبدء عملية نزوح واسعة، بدأ البحث عن حلول بديلة ومؤقتة. فقد باتت الاحتمالات التربوية والمدرسية مفتوحة على كل الخيارات، وأولها التعليم عن بعد. فهناك تحديات تداعيات الحرب من نزوح وفقدان المسكن والعيش في مقار إيواء مؤقتة، فضلًا عن الموت الذي يطارد المناطق التي يطالها الطيران الإسرائيلي.
تُؤرق أصوات غارات الطائرات الحربية والصواريخ التي يُطلقها الجيش الاسرائيلي أطفال لبنان، على الرغم من كل ذلك، تبقى فطرة الطفل البريئة بحاجة إلى المواكبة السليمة لحمايته من أيِّ أذىً نفسيٍّ قد يلحق به.
مشكلة التعليم التي فرضتها الحرب لا تطارد الطلاب الفقراء المسجلين في التعليم الرسمي فحسب، بل ميسوري الحال أيضاً. وتعبّر مروة النازحة من بلدة القصيبة عن خشيتها من خسارة العام الدراسي لأولادها، وتقول: "مع اشتداد المعارك والقصف الإسرائيلي على بلدتنا اضطررت إلى ترك بلدتي والانتقال إلى برجا، حفاظاً على حياة أولادي".
وقالت مروة أن "الانتقال إلى التعليم من بعد ينعكس على الأهل، الذين سيكونون ملزمين بترك وظائفهم للبقاء إلى جانب أطفالهم في البيوت. هذا فضلاً عن تزامن إبلاغ الأهالي للبدء بهذه الاستعدادات مع موعد دفع الأقساط، ما يثقل كاهل الأهل بدفع أموال طائلة لشراء تلك التجهيزات، وخصوصاً للعائلات التي لديها أكثر من ولد".
وقالت "كنا نعد أغراضنا للنزوح، واحتجت إلى الحقيبة التي يحملها ابني إلى المدرسة، وأخرجت منها أوراق الامتحانات والمستندات التي أعددتها للتسجيل في العام الدراسي الجديد، لأضع فيها الأغراض والثياب لرحلة النزوح. وضعنا مضحك مبكي".
في المقابل، تعتبر مروة أنّ "قرار فتح المدارس أو اللجوء إلى التعليم عن بعد هو مجحف بحق كل من المدرّس والتلميذ، فالوضع حاليًا يختلف عن الأزمات السابقة، إذ إنّ هناك أساتذة وتلاميذ نزحوا من بيوتهم، كما أنّ شبكة الانترنت ضعفت خلال الفترة الأخيرة، ولا مجال للتعليم أونلاين".
وتضيف: معظم البيوت استقبلت نازحين والوضع النفسي للتلاميذ لا يسمح لهم بمتابعة دراستهم بشكل هادئ وبالتالي هذه القرارات هي فاشلة، والأفضل تمديد موعد بدء العام الدراسي إلى حين هدوء الأوضاع.
وقالت مروة "حدّة هذه الأزمات أشدّ وأكبر من قدرة الأطفال على تحمّلها، لذلك، يجب بذل المزيد من الجهود لوقف معاناتهم. وندعو إلى وقف فوري لإطلاق النار وحماية الأطفال والمدنيين وتأجيل العام الدراسي لمدة كي تلملم الناس جراحها، وإلى حين جلاء الوضع في لبنان لا يدمر التعليم، إلا إذا كانت الاعتبارات التي تندفع نحوها هذه المدارس هي مادية ولا علاقة لها بالوضع النفسي والاجتماعي.
وتضيف: "الشعب اللبناني يحب التعليم، ويدفع كل ما يملك من أجل استمرار أبنائهم بالمدارس ثم الجامعات، ويرفضون تركهم بدون علم، وهو ما يحدث خلال الحرب".
في ضوء ما سبق، كيف ينظر الاساتذة الى التعليم عن بعد، خاصة بعد تجربة "الاونلاين خلال جائحة كورونا وهل تؤدي الغرض التعليمي المرجو؟
تقول الأستاذة في ثانوية برجا الحديثة "رنا سعد"، إن طلاب لبنان يواجهون، منذ بداية العدوان تحديات كبيرة، نتيجة الضغوط النفسية، ويبدو أنّ هذا العام لن يكون مستقرًا مع توسّع الحرب ونزوح أهالي الجنوب والبقاع والضاحية إلى مناطق أكثر أمانًا، والذين باتوا يفترشون المدارس الرسمية في مختلف المناطق.
وتضيف سعد، أن "مع دخول المعمعة مستوى جديدًا من التصعيد، بات علينا الانتظار حتى نستطيع قياس أثر هذه الحرب على العملية التعليمية على المدى الطويل، لكن بشكل مبدئي فإنني كأستاذة في مدرسة رسمية فقد كنا سنبدأ العام الدراسي الجديد بداية شهر تشرين الأول، لكن مع التطورات الأخيرة بات محل شك كبير أن يكون التعليم حضوريًا".
وتابعت: نجاح تجربة "الأونلاين" نسبياً خلال فترة جائحة "كورونا" تخلله الكثير من الثغرات، ولا سيما بالنسبة الى بعض المدارس الرسمية. ولكن الواقع الأمني اليوم يختلف تماماً عما كان عليه خلال "كورونا". يومها، كان اللبنانيون مطمئنين في منازلهم، يختبئون من نقل الأمراض والفيروس، أما الوضع اليوم فمختلف تماماً.
وأضافت سعد أن "يجب عدم التسرع في الذهاب للتعليم من بعد، فهو ليس الجواب الناجح لإطلاق العام الدراسي ولاستمرارية التعليم في لبنان.والاحتلال الإسرائيلي يعمد إلى تدمير القطاع التعليمي وإيقافه بشكل كامل، وذلك سعياً منه لإيقاف التنمية والتطور، وإحداث الدمار ونشر الأمراض من جراء حالة الجهل واللاوعي التي يحققها بانعدام العملية التعليمية".
وأكدت أن "الأطفال في لبنان يدفعون ثمن احتدام الصراع المسلح وتفاقم الأزمات الاقتصادية والسياسية في البلاد. والحرب المعلنة على لبنان ستسبب بتدمير الحياة التعليمية التي تعطلت كلياً من جراء نزوح المدنيين إلى المدارس الرسمية والخاصة حيث لا ملجأ لهم سواها".
وختمت "بما ان خيار التعليم الحضوري متاح أمامنا للحصول على تعليم جيد، لِم اللجوء إلى الاونلاين. التعلم عن بعد يجب ان يكون آخر الكي ويبقى أفضل من لا شيء".
من هنا، لا يمكن أن تطبق تجربة "كورونا"، مئة في المئة على تجربة "الأونلاين" اليوم في حال اعتمادها. كلّ هذه العوامل تجعل التجربتين مختلفتين. هذا الأمر، يعيه المعنيون جيداً. ولا حلول جماعية للأهالي فكلّ عائلة تبحث عن بدائل تربوية لأولادها بحسب وضعها المعيشي ومكان نزوحها وقدرتها على التكيّف من جديد.
الحرب وضعت مسار التعليم في المدارس والجامعات أمام تحدٍ حقيقي. التعليم حق أساسي لكل طفل، والأطفال في لبنان يدفعون ثمن احتدام الصراع المسلح وتفاقم الأزمات الاقتصادية والسياسية في البلاد.
طالما يستمرّ الوضع غير مستقر إلى هذا الحدّ، فإنّ المزيد من الأطفال سيعانون. إنّ حماية الأطفال هي إلتزام بموجب القانون الإنساني الدولي، فكلّ طفل يستحقّ أن ينمو بأمان.
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: الدراسی الجدید العام الدراسی التعلیم عن فی لبنان عن بعد
إقرأ أيضاً:
“هآرتس”: صور الحشود التي تعبر نِتساريم تُحطّم وهم النصر المطلق
الثورة نت
أشار المحلل العسكري في صحيفة “هآرتس الإسرائيلية” عاموس هرئيل إلى أن صور الحشود الفلسطينية التي تعبر سيرًا على الأقدام من ممر “نِتساريم” في طريقها إلى ما تبقى من بيوتها في شمال غزة، تعكس بأرجحية عالية أيضًا نهاية الحرب بين “إسرائيل” وحماس، مؤكدًا أن الصور التي تم التقاطها، يوم أمس الاثنين، تحطم أيضًا الأوهام حول النصر المطلق التي نشرها رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو ومؤيدوه على مدى أشهر طويلة، وأكمل بالقول: “معظم فترة الحرب، رفض نتنياهو مناقشة الترتيبات لما بعد الحرب في قطاع غزة، ولم يوافق على فتح باب لمشاركة السلطة الفلسطينية في غزة، واستمر في دفع سيناريو خيالي لهزيمة حماس بشكل تام. والآن، من يمكن الاعتقاد أنه اضطر للتسوية على أقل من ذلك بكثير”.
ورأى هرئيل أن رئيس حكومة العدو، هذا الأسبوع، قد حقق ما أراده، إذ إن حماس وضعت عوائق في طريق تنفيذ الدفعات التالية من المرحلة الأولى في صفقة الأسرى، لكن نتنياهو تمكن من التغلب عليها، على حد تعبيره، موضحًا أنه: “حتى منتصف الليل يوم الأحد، تأخر نتنياهو في الموافقة على عبور مئات الآلاف من الفلسطينيين إلى شمال القطاع، بعد أن تراجعت حماس عن وعدها بالإفراج عن الأسيرة أربيل يهود من “نير عوز””، ولكن بعد ذلك أعلنت حماس نيتها الإفراج عن الأسيرة، وفق زعمه، فعلّق هرئيل: “حماس وعدت، والوسطاء تعهدوا، أن يهود ستعود بعد غد مع الجندية الأخيرة آغام برغر ومع أسير “إسرائيلي” آخر، والدفعة التالية، التي تشمل ثلاثة أسرى “مدنيين” (من المستوطنين)، ستتم في يوم السبت القادم”. لذلك، قاد تعنّت نتنياهو – ومنعه عودة النازحين الفلسطينيين – على تسريع الإفراج عن ثلاثة أسرى “إسرائيليين” في أسبوع، على حد ادعاء الكاتب.
تابع هرئيل: “لكن في الصورة الكبيرة، قدمت حماس تنازلًا تكتيكيًّا لإكمال خطوة استراتيجية، أي عودة السكان إلى شمال القطاع”، مردفًا: “أنه بعد عودتهم إلى البلدات المدمرة، سيكون من الصعب على “إسرائيل” استئناف الحرب وإجلاء المواطنين مرة أخرى من المناطق التي عادت إليها حتى إذا انهار الاتفاق بعد ستة أسابيع من المرحلة الأولى”، مضيفًا: “على الرغم من نشر مقاولين أميركيين من البنتاغون في ممر “نِتساريم” للتأكد من عدم تهريب الأسلحة في السيارات، لا يوجد مراقبة للحشود التي تتحرك سيرًا على الأقدام، من المحتمل أن تتمكن حماس من تهريب الكثير من الأسلحة بهذه الطريقة، وفق زعمه، كما أن الجناح العسكري للحركة، الذي لم يتراجع تمامًا عن شمال القطاع، سيكون قادرًا على تجديد تدريجي لكوادره العملياتية”.
وادعى هرئيل أن حماس تلقت ضربة عسكرية كبيرة في الحرب، على الأرجح هي الأشد، ومع ذلك، لا يرى أن هناك حسمًا، مشيرًا إلى أن هذا هو مصدر الوعود التي يطلقها “وزير المالية الإسرائيلي” بتسلئيل سموتريتش، المتمسك بمقعده رغم معارضته لصفقة الأسرى، بشأن العودة السريعة للحرب التي ستحل المشكلة مرة واحدة وإلى الأبد، ويعتقد هرئيل أن: “الحقيقة بعيدة عن ذلك، استئناف الحرب لا يعتمد تقريبًا على نتنياهو، وبالتأكيد ليس على شركائه من “اليمين المتطرف”، القرار النهائي على الأرجح في يد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ومن المتوقع أن يستضيف الأخير نتنياهو قريبًا في واشنطن للاجتماع، وهذه المرة لا يمكن وصفه إلا بالمصيري”.
وأردف هرئيل ، وفقا لموقع العهد الاخباري: “ترامب يحب الضبابية والغموض، حتى يقرر، لذلك من الصعب جدًّا التنبؤ بسلوكه”، لافتًا إلى أنه وفقًا للإشارات التي تركها ترامب في الأسابيع الأخيرة، فإن اهتمامه الرئيسي ليس في استئناف الحرب بل في إنهائها، وأكمل قائلًا: “حاليًا، يبدو أن هذا هو الاتجاه الذي سيضغط فيه على نتنياهو لإتمام صفقة الأسرى، وصفقة ضخمة أميركية – سعودية – “إسرائيلية” وربما أيضًا للاعتراف، على الأقل شفهيًّا، برؤية مستقبلية لإقامة دولة فلسطينية”.
وقال هرئيل إن “نتنياهو، الذي أصرّ طوال السنوات أنه قادر على إدارة “الدولة” (الكيان) وأيضًا الوقوف أمام محكمة جنائية، جُرّ أمس مرة أخرى للإدلاء بشهادته في المحكمة المركزية، رغم أنه يبدو بوضوح أنه لم يتعاف بعد من العملية التي أجراها في بداية الشهر، واستغل الفرصة لنفي الشائعات التي تفيد بأنه يعاني من مرض عضال، لكنه لم يشرح بشكل علني حالته الصحية”، مشددًا على أن نتنياهو الآن، من خلال معاناته الشخصية والطبية والجنائية والسياسية، قد يُطلب منه مواجهة أكبر ضغط مارسه رئيس أميركي على رئيس وزراء “إسرائيلي”.