نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرًا حول الأزمات التي تواجه سلاسل التوريد العالمية، مشيرة إلى أن الصراع في الشرق الأوسط، والإضرابات في الموانئ الأمريكية، والمشكلات في قناة بنما؛ قد تخلق أزمة جديدة للمصدرين.

وأضافت الصحيفة أن آثار جائحة كورونا، التي قلبت التجارة العالمية رأسًا على عقب من خلال عمليات الإغلاق وقيود السفر، لا تزال حاضرة في أذهان المديرين، ومع ذلك، تتعرض سلاسل التوريد الدولية من جديد لضغوط متزايدة.



وأشارت الصحيفة إلى أن الشاحنين يواجهون تحديات متعددة، بدءًا من الصراع في الشرق الأوسط والجفاف في أمريكا الوسطى، وصولاً إلى الإضرابات في الولايات المتحدة، الأمر الذي يزيد من صعوبة وتكلفة نقل الإمدادات.

وتساءلت الصحيفة عن مدى إمكانية تفاقم هذه الضغوط على سلاسل التوريد في الفترة القادمة.

لماذا تتعرض سلاسل التوريد لضغوط؟
وذكرت الصحيفة أن شركات الشحن العالمية واجهت عددًا متزايدًا من التحديات في نقل البضائع خلال العام الماضي. وعلى رأس هذه التحديات تأتي الاضطرابات في الشرق الأوسط وتأثيرها على حركة التجارة عبر البحر الأحمر؛ حيث تراجعت حركة المرور عبر هذا الممر الملاحي الحيوي بمقدار الثلثين منذ أن بدأت الهجمات على السفن من قبل المتمردين الحوثيين العام الماضي، فيما كان مسؤولًا عن 12 بالمئة من إجمالي التجارة العالمية قبل بدء هذه الهجمات.

وقالت الصحيفة إن العديد من الشركات، بما في ذلك شركات الشحن الكبرى مثل "ميرسك"، تخلت عن هذا الطريق، واختارت بدلاً من ذلك المرور حول رأس الرجاء الصالح، مما يمكن أن يضيف 10 أيام إضافية على الرحلات وتكاليف كبيرة.

وبينت الصحيفة أن تجدد التوترات في الشرق الأوسط في الأيام الأخيرة أثار مخاوف من احتمال أن تتجنب المزيد من السفن هذا الممر الملاحي؛ فيما يعتقد بيتر ساند، كبير المحللين في منصة تحليل الشحن "زينيتا"، أن التصعيد الأخير سيكون له تأثير أقل، حيث إن معظم سفن الحاويات تتجنب البحر الأحمر بالفعل؛ غير، أنه حذر من أن "أي تدهور إضافي في الوضع السياسي يعني أن العودة الكبيرة لسفن الحاويات إلى منطقة البحر الأحمر تبدو احتمالية بعيدة".



وأضافت الصحيفة أن حركة المرور عبر قناة بنما قد انخفضت بعد أن أجبر الجفاف مشغلها على تقليل الحد الأقصى لعدد السفن المسموح لها بالمرور في وقت سابق من هذا العام، من 36 سفينة يوميًا إلى 20 فقط.

وأوضحت الصحيفة أن المخاوف بشأن تعطل التجارة تفاقمت بشكل أكبر بسبب إضرابات عمال الموانئ على الساحل الشرقي للولايات المتحدة؛ حيث أضرب نحو 50,000 عضو من أعضاء اتحاد "الرابطة الدولية لعمال الشحن والتفريغ" بشكل غير محدد المدة يوم الثلاثاء، مما أثر على 14 ميناءً عبر الساحل الشرقي للولايات المتحدة.

وأفادت الصحيفة أن ماركو فورجيوني، المدير العام لمعهد التصدير والتجارة الدولية المعتمد، صرّح بأن كل هذه المشكلات تعني أن سلاسل التوريد "الهشة للغاية" تواجه "ضغوطًا استثنائية". وذكر أيضًا أن غزو روسيا لأوكرانيا والمواجهة التجارية بين الولايات المتحدة والصين، بالإضافة إلى حوادث مثل انهيار جسر بالتيمور، قد زادت من ضغوط سلاسل التوريد.

ما هو التأثير حتى الآن؟
ووفق الصحيفة فإن أكبر تأثير للاضطرابات كان زيادة تكاليف نقل البضائع للشركات؛ حيث تواجه الشركات التي تختار طريق رأس الرجاء الصالح زيادة بنسبة 40 بالمئة في تكاليف الوقود، كما ارتفعت أسعار الشحن للحاويات.

وذكرت الصحيفة أنه وفقًا لبيانات "زينيتا"، بلغت أسعار الحاويات الفورية للمسافات الطويلة ذات سعة 40 قدمًا التي تتحرك بين شرق آسيا وشمال أوروبا 8,587 دولارًا للحاوية عندما بلغ السوق ذروته في تموز/ يوليو، بزيادة قدرها 468 بالمئة مقارنة بكانون الأول/ديسمبر 2023، قبل تصاعد هجمات الحوثيين.

ولفتت الصحيفة إلى أن إضرابات الموانئ الأمريكية قد أثرت بالفعل على أسعار الحاويات المتجهة من شمال أوروبا إلى الساحل الشرقي لأمريكا، حيث بلغت تكلفة الحاوية ذات سعة 40 قدمًا 2,861 دولارًا يوم الثلاثاء، مقارنة بـ 1,836 دولارًا في نهاية آب/أغسطس.

وبينت الصحيفة أن هذا الاضطراب، وخاصة في البحر الأحمر، أدى إلى زيادة فترات التسليم للشركات. وأضاف أنه في وقت سابق من هذا العام، أفاد المصنعون وتجار التجزئة بأن تحويل مسار السفن حول إفريقيا لتجنب البحر الأحمر أدى إلى إضافة أربعة أسابيع إلى أوقات التسليم.



واضطرت شركات تصنيع السيارات مثل "فولفو" و"تسلا" إلى تعليق خطوط الإنتاج بسبب نقص الأجزاء نتيجة لهذه الاضطرابات. وفي الوقت نفسه، صرّح تجار التجزئة في المملكة المتحدة، بما في ذلك "دي إف إس" و"جيه دي سبورتس"، بأن أزمة البحر الأحمر أثرت على بعض المبيعات.

وأوضح فورجيوني أن استمرار الاضطرابات سيؤثر في نهاية المطاف على المستهلك، مضيفًا: "حيثما يوجد عدم استقرار وعدم يقين، فإن التأثيرات ستكون إما زيادات في الأسعار، أو تقليل حجم المنتج مع بقاء السعر كما هو (انكماش حجم المنتج مع بقاء السعر كما هو أو التضخم المُصغّر)، أو ظهور مشكلات في التوافر".

ما هي التوقعات لأسعار النفط؟
وقالت الصحيفة إن سعر النفط ارتفع لليوم الثاني على التوالي ليصل إلى نحو 76 دولارًا للبرميل يوم الأربعاء، بعد أن كان 71 دولارًا في بداية الأسبوع. وأضاف أن بعض المحللين يعتقدون أن السعر يمكن أن يتجاوز 80 دولارًا في غضون أيام.

ووفق الصحيفة فإن السوق يستعد لاحتمالية تهديد إنتاج النفط الإيراني، نتيجة أي رد انتقامي إسرائيلي يستهدف البنية التحتية للنفط؛ حيث تبين تقديرات "غولدمان ساكس" أن إيران تستطيع إنتاج مليون برميل من النفط يوميًا. ومع ذلك، أوضح الصحيفة أن الإمدادات قد تتعرض لمزيد من الاضطرابات إذا تأثرت طرق الشحن الرئيسية عبر البحر الأحمر بتصدير النفط الخام من منطقة الشرق الأوسط بشكل عام.

وبحسب الصحيفة؛ فقد حذرت "غولدمان ساكس" من أنه في حالة حدوث أي "سيناريو غير مرجح"، فإن أي انقطاع في تجارة النفط عبر مضيق هرمز، وهو ممر مائي ضيق عند مدخل الخليج العربي، سيؤدي إلى "ارتفاع حاد في أسعار النفط".



ومع ذلك، قالت الصحيفة إن السعودية صرحت بأن الأسعار قد تنخفض في الواقع إلى حوالي 50 دولارًا للبرميل، بسبب وفرة المعروض في الوقت الذي تسعى فيه لاستعادة حصتها في السوق.

هل يمكن أن يبدأ التضخم في الارتفاع مرة أخرى؟
ونوهت الصحيفةإلى  أن أسعار النفط والغاز بدأت في الارتفاع عام 2021، مما دفع معدل التضخم إلى أكثر من 10 بالمئة وزيادة أسعار كل شيء، بدءًا من الغذاء وصولاً إلى فواتير الطاقة المنزلية.

وبيّنت الصحيفة أن التضخم تراجع مرة أخرى ليقترب من هدف بنك إنجلترا البالغ 2 بالمئةخلال العام الماضي، لكنه ترك الأسعار أعلى بنسبة تزيد عن 20 بالمئة مقارنة بما كانت عليه قبل الجائحة، مما شكل صدمة مالية للأسر.

وساهم خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في ارتفاع أسعار السلع المستوردة من دول الاتحاد، بينما أشار إلى أن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين تهدد بالاتساع لتصبح معركة أوسع نطاقًا بشأن التعريفات الجمركية.

واختتمت الصحيفة بالإشارة إلى أن المملكة المتحدة تُعد من أكثر الدول انفتاحًا على التجارة في العالم، وتشعر بعمق بآثار الندوب الناتجة عن الجائحة وصراعين كبيرين، وذلك من قِبل المستوردين والمصدرين. وإذا اختار هؤلاء تمرير تلك التكاليف إلى المستهلكين، فقد يواجه البريطانيون ضغوطًا جديدة على ميزانياتهم.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي اقتصاد اقتصاد دولي اقتصاد عربي اقتصاد دولي التوريد العالمية الضغوط التضخم اقتصاد التضخم العالم ضغوط التوريد المزيد في اقتصاد اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی الشرق الأوسط سلاسل التورید البحر الأحمر الصحیفة أن دولار ا إلى أن

إقرأ أيضاً:

خسائر فادحة لشركات التجزئة البريطانية بسبب هجمات اليمن في البحر الأحمر

يمانيون – متابعات
كشفت صحف بريطانية عن تراجع مبيعات وأرباح شركات التجزئة البريطانية جراء انقطاع الشحن البريطاني في البحر الأحمر بسبب هجمات القوات المسلحة اليمنية على السفن الأمريكية والبريطانية، على خلفية تورطهما في دعم جرائم إسرائيل في غزة وهجماتهما المتكررة على اليمن.

ووفقًا لصحيفة الجارديان البريطانية، تأثرت أعمال شركة JD Sports (شركة بيع بالتجزئة للأزياء الرياضية) في بريطانيا بسبب انخفاض المبيعات بعد توقف عمليات التسليم بسبب الأوضاع في البحر الأحمر، إلى جانب التحولات الجوية.

وقالت مجموعة التجزئة، التي تمتلك شركة Millets وBlacks البريطانية الرائدة في قطاع التجزئة، إن “مبيعات سلسلة معدات التخييم انخفضت بنسبة 5.3٪ في الأشهر الستة حتى 3 أغسطس، حيث تأثرت ‘خطوط المنتجات الرئيسية’ بهجمات القوات المسلحة اليمنية قبالة اليمن، مما أدى إلى تأخير أو تغيير مسار الشحن”.

وأوضحت أن المبيعات في المتاجر القائمة انخفضت بنسبة 4.6٪، فيما وصفته المجموعة بأنه “سوق المملكة المتحدة الصعبة والمتقلبة”، كما انخفضت الأرباح بنحو 14%.

مشيرة إلى أن انقطاع الشحن تزامن مع تأثير الطقس البارد والرطب على سلسلة الملابس الرياضية الرئيسية التابعة للمجموعة في المملكة المتحدة.

وبالتالي، انخفضت أسهم شركة JD Sports، التي تمتلك أيضًا Sprinter في أوروبا وFinish Line في الولايات المتحدة، حيث اشترت Hibbett، بنسبة 4.5٪ في التعاملات المبكرة يوم الأربعاء، فيما أعلنت شركة Nike عن انخفاض بنسبة 10٪ في المبيعات الفصلية العالمية يوم الثلاثاء.

وفي الـ25 من سبتمبر الماضي، أعلنت شركة (دي إف إس فورنيتشر) البريطانية، وهي شركة كبرى لبيع الأثاث بالتجزئة، عن انخفاض بنسبة 67.5٪ في أرباحها السنوية بسبب تأثيرات الوضع في البحر الأحمر، حيث تستهدف قوات صنعاء السفن المرتبطة بالمملكة المتحدة وتجبرها على الإبحار حول رأس الرجاء الصالح، وفقًا لتقارير نشرتها وكالة “رويترز” وصحيفة “إندبندنت” ورصدها موقع “يمن إيكو”.

وبحسب رويترز، فقد انخفضت الأرباح المعدلة قبل الضرائب من العمليات المستمرة للشركة إلى 10.5 مليون جنيه إسترليني (14.04 مليون دولار) للسنة المنتهية في 30 يونيو، وذلك مقارنة بـ 30.6 مليون جنيه إسترليني في العام السابق. فيما قالت صحيفة “إندبندنت” إن الشركة أبلغت المساهمين بأن الإيرادات انخفضت بنسبة 9.3٪ خلال العام المنتهي في 30 يونيو، مقارنة بالعام السابق.

مقالات مشابهة

  • خسائر فادحة لشركات التجزئة البريطانية بسبب هجمات اليمن في البحر الأحمر
  • شاهد: جماعة الحوثي تعرض فيديو لاستهداف سفينة النفط البريطانية بزورق مسير في البحر الأحمر
  • مسؤول إيطالي يكشف العواقب الاقتصادية للهجمات الإسرائيلية
  • كيف أحرقت الولايات المتحدة أكثر من 3.3 مليار دولار في مواجهة صنعاء؟
  • أسعار النفط ترتفع بأكثر من دولار مع تصاعد التوتر في الشرق الأوسط
  • النفط يقفز 3% بعد تقارير عن استعداد إيران للهجوم على إسرائيل
  • إيرادات قناة السويس تتراجع 25% على وقع توترات البحر الأحمر
  • النفط يقفز 3% بعد أنباء عن ضربة صاروخية إيرانية على إسرائيل
  • السودان يوجه دعوة للسعودية بشأن النفط والغاز والبحر الأحمر وتحرك عن شركة أرامكو