براهين النصر
(موعظة الخميس وخطبة الجمعة)
مع كل فجر جديد تتغير العديد من الأشياء من حولنا ، تتصاعد الأحداث في بلادنا للأفضل دائما ، فكل يوم ينقص فيه الأشرار فردا أو يخسرون آلة أو يبطؤون خطوة يصب ذلك في خانة ترجيح كفة الخير دائما ، بالمقابل فالد-ماء التي ضمخت أرض بلادنا من الش-هداء والج-رحى والمصابين ، والأموال التي فُقدت والأعراض التي أنتكهت تظل في رقاب الذين ظلموا ومن عاونهم على بغيهم وع-دوانهم صمتا عن كلمة الحق أو مظاهرة على الظلم أو مداهنة للباطل أو قت-الا في صف البغي ، ثم تُظِل مظلة الله ويحمي حرزه كل من لم يخلط إيمانه بظلم مي-تا كان فيجعل الله لوليه سلطانا أو حيا فيعده الله بما يرغب رضا منه ورحمة وسترا ثم فوق ذلك المكافآت الربانية على ما يكابد المرء ج-هادا وضحية وصبرا وإيمانا وثقة في موعود الله الأصدق (ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطؤون موطئا يغيظ الك-فار ولا ينالون من عدو نيلا إلا كُتب لهم به عمل صالح إن الله لا يضيع أجر المحسنين) .
إن النصر دائما حليف المؤمنين والفتح والتمكين يعقب الإبتلاء وستعود بلادنا خالية من الدنس والفساد وسيتمكن الصابرين من عبور مرحلة التمحيص ، فالإبتلاء نفسه نعمة (وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين) ، ثم (ليمحص ما في قلوبكم والله عليم بذات الصدور ) ، والك-فر ك-فر النعمة والك-فر التعدي على حدود الله ومح-اربة الله ورسوله والسعي في الأرض فسادا ونزع الأمن من قلوب الناس بترويعهم وهتك أمنهم وإب-ادتهم بدعوى إبليس (أنا خير منه) ثم دعوى الجاهلية ورفع رايتها والكذب على الله والقول على الله مقتا أكبر وسوء فعل وطوية ، لكن (الله يدافع عن الذين آمنوا إن الله لا يحب كل خوان كفور) ولا أخوَن من أعداء اليوم المستقوين بما يظنونه فوق قدرة الله حشدا وجمعا لكل الأسباب المادية بلا حساب ليد الله التي لم تخالف سنته يوما ولن تجد لسنة الله تبديلا .
ويظل الأمل معقود على عون الله وتوفيقه وبركته وصمود الرجال وتض-حياتهم وجهدهم وصدق القيادة وصواب توجهها وحسن بلائها ، وفوق ذلك عدالة ما نقا-تل من أجله وما نض-حي في سبيله إيمانا وإحتسابا ، فهذه الح-رب أزالت صدأ النفوس فتيقظت وبينت صدى صوت الله في الضمائر فأنتبهت ، فعادت الحياة للهمم الميتة وتعلم الناس أن الهروب من الم.وت م.وت آخر ، فصار شعارهم : اللهم إن هي إلا ميتة واحدة فأجعلها في سبيلك ، فإن كانت خُشُب الباطل المسندة حريصة على الم.وت في سبيل باطلها ، فالأجدر بأهل الحق أن يكونوا أشد حرصا على ميتة إن فاتتهم فقد فاتهم فضل لا يُجنى وشرفٌ لا يطال ، فطوبى لمن سبق ولمن صدق ولمن بعصائب الحق ألتحق ، ما بدل ولا تبدل وعلى درب الحق أقبل .
إن القوات المسلحة السودانية والقوات المساندة لها من القوات النظامية والأجهزة الأمنية والمستنفرين والمجاهدين والقوات المشتركة ، كلهم معا يخوضون معركة الكرامة تحت قيادة واحدة تقودهم بأفضل ما يُقاد به المقا.تلون في المعارك بالحنكة والتدبير وحسن القراءة للميدان الداخلي والمحيط الخارجي ، زادهم جميعا الصبر والفداء والتفاني ، ولا سلاح أمضى من روح الفرد وحوافزه الذاتية ثم إيمانه العميق بأنه في الجانب الصحيح من التاريخ والحاصر ، وهذا هو أول براهين النصر وأبينها ، ثاني البراهين هو البرهان القائد الهميم والمدرك الذي ظل طوال أيام الحر.ب يقرأ الصورة الكاملة ويضع لها ما يناسبها من تصورات ومعالجات ، لم يشتت ذهنه طعن الطاعنين ولم يفت عضده كيد الخ-ائنين ، فالشعب منتصر برؤيته السديدة والجيش ظافر تحت قيادته الرشيدة والمستقبل أكثر إخضرارا لبلادنا التي ستخرج من هذا المخاض طاهرة مطهرة من رجس الجنجويد وبقايا التتار ومن آمن بمسيحهم الدجال وأيقن أن ناره بردا وظلمه عدلا وإج-رامه ديمقراطية .
ومن براهين النصر أن عقيدة القتال في الميدان صارت خالية من الدَخَن والوهن ، فقد إمتلأ الميدان بالعناصر ذات الدافعية والتي ليها معرفة بطرائق قت-ال العصابات الغازية من شباب يرون القت-ل مجدا وشيبا في الحروب مجربينا ، لذلك ف(عدوى) النصر لن تقف عند المؤمنين بها بل تتعداهم لغيرهم فيتقوى كل منهم بالآخر ، فيتلاشى وهَن المحبَطين وتتثبط العناصر المندسة من الخ-ونة والمرجفين .
ومن براهين اقتراب النصر ذلك الإيمان الخفي اللا محسوس لدى العامة مقا-تلين ومدنيين ، مقيمين ومهاجرين بأن النصر قاب قوسين أو أدنى ويقينهم أن الشعب منتصر بجيشه والجيش منتصر بشعبه وأن جند الله سيظهرون على جند الشيط-ان وأن بلاد النيلين تعود كما العهد بها معطاءً كأهلها ومخضرة كأن لم يمسسها سوء من قبل ، وسيخرج الناس من هذا الإبتلاء على خير بصيرة يميزون بها الخبيث من الطيب ويجعلون لأنفسهم معيارا يفرقون به بين العدو والصديق وهو الإجابة على سؤال: ماذا كنت تفعل في وقت الحرب ؟ وفي أي صف كنت تقف؟ وسيُضطر العاقين بأوطانهم _إن هم عادوا_ إلى أضيق الطريق (إختيارا لا جبرا) فليس ثمة وجه يقابلون به من شردوهم ولا لسان يخاطبون به من أنتهكوا حقهم في الحياة وستظل أياديهم ملوثة بدماء الأبرياء وبطونهم مختمرة بمال السُحت (المدقّل) ورغالة سفارات الشر ومحلسة منظمات الإفك والبهتان .
ولأن من البيان لسحرا فإني أختم بقول الشاعر أبو شمة ود علي سليمان:
لحاح البروق للمنازل خيّس
وقلبك من رحمة السيد نعل ما أيّس
الضيق من هلالة والصحابة مسيس
قالوا بعقبوا خيرا ذاتو ما بتقيّس
وقول الراحل صلاح أحمد ابراهيم :
رُب شمسٍ غربت والبدر عنها يخبر
وزهور قد تلاشت وهي في العطر تعيش
نحن أكفاء لما حل بنا بل أكبر
تاجنا الأبقى وتندك العروش
يوسف عمارة أبوسن
الخميس 3 أكتوبر 2024إنضم لقناة النيلين على واتساب
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
سرقة بريق الذهب.. وزارة الداخلية تعيد الحق لأصحابه
في حي الزيتون، كان الهدوء يخيم على إحدى الشقق السكنية، حتى كسرته واقعة غريبة تحمل بين طياتها بريق الذهب المفقود.. بطل القصة هذه المرة لم يكن سوى سيدة تعمل داخل الشقة ذاتها، لكنها استغلت ثقة أصحابها وسرقت المشغولات الذهبية وبعض الملابس، ظنًا منها أن الجريمة قد تخفيها ابتسامة زائفة.
وزارة الداخلية، التي لا يغيب عن عينها الصغيرة قبل الكبيرة، تمكنت من كشف خيوط هذه الواقعة بسرعة ومهارة، رجال المباحث في قسم شرطة الزيتون وضعت يدها على المتهمة، وهي تحمل جنسية إحدى الدول، وفي حوزتها جزء من المسروقات التي استولت عليها، بما في ذلك بعض المشغولات الذهبية ومبلغ مالي كان نتيجة بيع جزء آخر من المسروقات.
كما لم تخفِ المتهمة حقيبتها التي احتوت على ملابس مسروقة، لتكتمل قائمة الغنائم التي جمعتها من الشقة التي كانت تعمل بها، ولكن بفضل مواجهة حاسمة وتحقيقات دقيقة، اعترفت المتهمة بكل تفاصيل الواقعة، بل وأرشدت الشرطة إلى بقية المسروقات، لتعيدها الداخلية إلى أصحابها وكأن شيئًا لم يكن.
هذه الواقعة تعيد تأكيد أن الثقة مسؤولية وليست مجرد كلمة، وربما ظنت السيدة أن بريق الذهب سيُغريها بعيدًا عن أعين العدالة، لكن أجهزة الشرطة كانت بالمرصاد، لتثبت أن يد القانون أطول من أي محاولة للهرب.
وزارة الداخلية لم تكتفِ باستعادة المسروقات فحسب، بل أرسلت رسالة واضحة: مهما كان الجاني ومهما حاولت الجريمة أن تتخفى، فإن الحق لا يضيع طالما أن هناك من يسعى إليه.
بهذا الفصل الذي اختلطت فيه الثقة بالخيانة، والبريق بالظلام، تُختتم قصة كان يمكن أن تترك آثارها النفسية على الضحايا، لكن بفضل سرعة استجابة الداخلية، عاد كل شيء إلى نصابه، وكأن بريق الذهب كان يُضيء الطريق للعدالة، لا للجريمة.
مشاركة