خبراء لـ«الفجر» آخر تطورات الأوضاع في السودان
تاريخ النشر: 4th, October 2024 GMT
شهدت مناطق جنوب الخرطوم وأجزاء من إقليم دارفور قصفًا جويًا مكثفًا استمر لعدة أيام، مما أسفر عن مقتل وإصابة عشرات المدنيين. الهجمات الجوية، التي يُعتقد أن الجيش السوداني هو المسؤول عنها، استهدفت أحياء سكنية وأدت إلى تدمير واسع في البنية التحتية. فيما يُشار إلى تصاعد التوترات العسكرية والإنسانية وسط البلاد.
وفي الوقت نفسه، تفاقمت الأزمة بعد تقارير عن ارتكاب مجموعات مسلحة مرتبطة بكتيبة البراء لمذبحة في منطقة الحلفايا بالخرطوم بحري، حيث أُعدم 33 شابًا بزعم تعاونهم مع قوات الدعم السريع. الكتيبة، التي يُقال إنها تحظى بصلات بتنظيمات متطرفة، أثارت مخاوفًا كبيرة لدى السودانيين بشأن تنامي تأثير الجماعات المتطرفة في المشهد العسكري.
الحرب المستمرة منذ أكثر من 17 شهرًا أسفرت عن انتهاكات واسعة ضد المدنيين، وسط اتهامات للطرفين بارتكاب جرائم حرب، وفقًا للتقارير الأممية والمحلية.
من جانبه قال المحلل السياسي السوداني، محمد ضياء الدين، إن القصف الجوي المكثف الذي يتواصل في العاصمة الخرطوم، ومناطق أخرى مثل دارفور، أدى إلى مقتل وإصابة العشرات، خاصة مع تصاعد المعارك خلال الأيام الخمسة الماضية.
أضاف «ضياء الدين» في تصريحات خاصة لـ « الفجر» أن هذا القصف يفاقم الأزمة الإنسانية التي تعيشها البلاد نتيجة الحرب المستمرة لأكثر من 17 شهرًا.
أكمل المحلل السياسي السوداني عن تقارير خطيرة تشير إلى تنفيذ عمليات إعدام جماعية بحق عدد من الشباب في منطقة الحلفايا بالخرطوم بحري، مما يعتبر من أخطر المجازر التي تم رصدها حتى الآن في هذا النزاع، هذه التطورات الميدانية تعكس تدهورًا حادًا في الأوضاع الأمنية وزيادة في معاناة المدنيين.
في سياق أخري كشف المحلل السياسي السوداني محمد الأمين أبو زيد، في تصريحات خاصة لـ«الفجر»، أن سعي الجيش السوداني للسيطرة على العاصمة الخرطوم يعود لأسباب استراتيجية ورمزية بعد مرور أكثر من 17 شهرًا على الحرب، موضحًا أن قوات الدعم السريع تسيطر على مواقع استراتيجية، بما في ذلك بعض المقرات العسكرية والحكومية في العاصمة المثلثة، مما أدى إلى إحراج الجيش رغم تفوقه في سلاح الجو والمدرعات.
وأضاف أبو زيد أن نقل العاصمة الإدارية إلى بورتسودان جاء كإجراء اضطراري بعد أن أصبحت القيادة العامة للجيش تحت الحصار. وأشار إلى أن الخرطوم تمثل رمزية كبرى للجيش، إذ تضم القيادة العامة ومؤسسات الدولة، إلى جانب كونها مركز الثقل الاقتصادي والسكاني للبلاد.
كما بيّن أن الوضع العسكري في أم درمان أفضل نسبيًا، مما يتيح للجيش وضع خطط لاستعادة السيطرة على الخرطوم والخرطوم بحري، حيث تحتفظ قوات الدعم السريع بتواجد قوي.
اختتم المحلل السياسي السوداني أن السيطرة على الخرطوم تبقى هدفًا أساسيًا للجيش، الذي يواجه تحديات أمنية كبيرة في حرب المدن التي تشهدها العاصمة لأول مرة.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: الاوضاع في السودان السودان آخر الأخبار الخرطوم الجيش السوداني الدعم السريع
إقرأ أيضاً:
هل يتجاوز فرقاء السودان انسداد الأفق السياسي؟
الخرطوم- بعد 18 شهرا من اندلاع الحرب في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع، لم يتغير المشهد السياسي في البلاد ولم يحدث تحول كبير في الخريطة السياسية، واستمرت حالة الاستقطاب والانقسام السياسي، مما يهدد بإطالة أمد القتال وتكريس شمولية عسكرية، حسب مراقبين.
وتوتر المشهد منذ توقيع اتفاق إطار بين أطراف سياسية ومدنية أبرزها قوى الحرية والتغيير-المجلس المركزي والمكون العسكري، في ديسمبر/كانون الأول 2022، قبل أن يرفض الجيش توقيع الاتفاق النهائي ويتمسك الدعم السريع به، فانقسمت القوى وتبادلت الاتهامات وحمّل قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو "حميدتي" اتفاق الإطار مسؤولية اندلاع الحرب.
وبعد الحرب دخلت قوى الحرية والتغيير-المجلس المركزي، التي كانت تمثل الائتلاف الحاكم، في تحالف جديد مع قوى مدنية في أكتوبر/تشرين الأول 2023، وتأسست تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية "تقدم"، واختارت رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك رئيسا للتحالف وأعلن الحياد وتعهد بالوساطة بين طرفي النزاع لوقف الحرب.
مساع متعثرةوتبنى الكيان الجديد موقفا مثيرا للجدل حينما وقع حمدوك و"حميدتي" إعلان مبادئ بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا في يناير/كانون الثاني الماضي، الأمر الذي اعتبره خصوم تنسيقية "تقدم" تحالفا بين الطرفين.
وفي الجانب الآخر، تبنت كتل سياسية أخرى موقفا مساندا للجيش ضمت قوى الحرية والتغيير-الكتلة الديمقراطية، بزعامة جعفر الميرغني، وقوى التراضي الوطني برئاسة مبارك الفاضل المهدي، وتنسيقية القوى الوطنية، وقوى الحراك الوطني برئاسة التجاني السيسي.
كما تبنى تكتل آخر موقفا مغايرا قبل الحرب ولا يزال، حيث أعلنت 10 أجسام سودانية أبرزها الحزب الشيوعي وجناح في تجمع المهنيين، في يوليو/تموز 2022، عن تكتل سياسي جديد لإسقاط النظام باسم "تحالف قوى التغيير الجذري".
وبعد عجز الفرقاء من القوى السياسية والمدنية عن عقد لقاء لتحقيق توافق بشأن الأوضاع في بلادهم وتجاوز الأزمة، دعت القاهرة إلى مؤتمر، في يوليو/تموز الماضي، لبحث الأزمة ووقف الحرب والتحضير للمسار السياسي شاركت فيه -لأول مرة- غالبية الأطراف المتنافرة في المشهد، وصدر بيان تحفظت عليه بعض التيارات.
ثم دعا الاتحاد الأفريقي الفرقاء إلى مؤتمر في أديس أبابا بعد أسبوعين من لقاء القاهرة لمناقشة التحضير للعملية السياسية، شاركت فيه القوى المساندة للجيش وقاطعته قوى تحالف "تقدم" التي عقد لها الاتحاد اجتماعا منفصلا في أغسطس/آب الماضي.
مسؤولية القوىمن جانبه، يرى الناطق باسم تنسيقية "تقدم" بكري الجاك أن السبب الجوهري في انسداد الأفق السياسي هو تعثر الوساطة ورفض أطراف الحرب خيار التفاوض كحل سياسي شامل، رغم فشل الحل العسكري وعدم قدرة أي طرف على تحقيق انتصار كامل، وحذر من اتباع الحرب "منحى اقتتال على أساس العرق والإثنية".
وحسب حديث الجاك للجزيرة نت، فإن جل القوى المدنية تتفق على وحدة السودان وإيقاف الحرب وحماية المدنيين وفتح ممرات آمنة للمساعدات الإنسانية، وعلى الحوار للتوافق على ثوابت وطنية مثل المواطنة المتساوية والحكم المدني ووقوف الدولة على مسافة واحدة من الأديان والثقافات ورفض مبدأ استغلال العقيدة في السياسة.
وعن فرص حوار سوداني لتحقيق توافق وطني، يقول إنه مع الاستقطاب والانقسام الحاد حاليا، فإن الحوار لن يغير في المواقف لأن ثمة قوى تصر على تعريف الحرب على أنها عدوان خارجي ضد الدولة وتهمل العوامل الداخلية، وسيكون تصورها للحل هو استمرار الحرب حتى الانتصار و"هو طريق مجرب".
ويتطلب وقف الحرب كتلة مدنية وسياسية من المؤمنين بذلك، وبدء الحوار من أطراف متوافقة على مبادئ واضحة، أما موضوع تقرير مستقبل السودان سياسيا فهو حوار يمكن أن يتم بالضرورة للجميع في مراحل مختلفة عقب إيقاف الحرب، وفقا للجاك.
في المقابل، يقول المتحدث باسم قوى الحرية-الكتلة الديمقراطية محمد زكريا إن السبب الأساسي لانسداد الأفق السياسي هو اختلاف مواقف القوى المدنية من الحرب بين تيار وطني تقوده الكتلة الديمقراطية، وأخرى ترى أن الحرب عبارة عن تمرد لفصيل يتبع القوات المسلحة يشن حربا ضد الشعب، ومن يتحمل مسؤولية الانسداد هي المجموعات التي توفر غطاء سياسيا للدعم السريع وتراهن على بندقيته للعودة إلى السلطة.
ويوضح للجزيرة نت أن التيار الثاني هو تحالف "تقدم" الذي يرى أن الحرب بين طرفين ويتحالف سياسيا مع الطرف المتمرد على الدولة السودانية، وإن ادعى الحياد في خطابه العام، إلا أن مواقفه تتماهى مع قوات الدعم السريع التي يربطها به اتفاق رسمي موقع بأديس أبابا.
وهناك تيار ثالث اختار لنفسه موقعا وسطا بين التيارين لا هو داعم للجيش ولا هو متحالف مع الدعم السريع مثل تحالف قوى التغيير الجذري الذي يتزعمه الحزب الشيوعي، بجانب حزب البعث العربي الاشتراكي، حسب زكريا.
أولويةوباعتقاد المتحدث زكريا، فإن الأولوية الآن هي الحفاظ على كيان الدولة قبل الديمقراطية، والمدخل لذلك عبر حسم التمرد وتحقيق الأمن والاستقرار، وإن الحديث عن انتخابات أو انتقال ديمقراطي في ظل الحرب الجارية والانتهاكات يُعتبر "ترفا سياسيا والسودان مهدد في وجوده ووحدته".
ويرى أنه لا يمكن الخروج من الأزمة الراهنة إلا بتحقيق الأمن ومن ثم إجراء حوار سوداني-سوداني شفاف لا يستثني أحدا للتوافق على مشروع وطني ومبادئ إدارة الفترة الانتقالية، والتأسيس لديمقراطية مستدامة وسلام شامل وحكم راشد.
بدوره، يعتقد المحلل ورئيس تحرير صحيفة "التيار" عثمان ميرغني أن أسباب انغلاق الأفق السياسي ملازمة للمكونات السياسية منذ سنوات طويلة، وناتجة عن عدم قدرتها على الفعل وإفراطها في التعويل على ردود الأفعال، وأن جذور الوضع الراهن تمتد للأيام الأولى بعد انتصار الثورة في أبريل/نيسان 2019، و"الوقوع في فخ شراكة مع المكون العسكري ثبت لاحقا أنها إزاحة متدرجة للقوى التي صنعت الثورة".
ويقول للجزيرة نت إن القوى السياسية منقسمة على جانبي بندقيتي الجيش والدعم السريع، وكان ظنُّها أن الحسم النهائي -قبل الحرب- سترجحه الكفة الأقوى، ولكن بعد أن اندلعت الحرب وطالت لم تستطع هذه القوى أن تمسك بزمام الفعل ولا تزال ترزح تحت الارتهان لرد الفعل الذي يتولاه العسكريون من الجانبين.
وبشأن فرص التوافق الوطني، يرى المتحدث أنه ممكن إذا ارتفع وعي الساسة بدورهم الوطني وانخفضت طموحاتهم الشخصية والحزبية في كسب المغانم، مع ترتيب الأولويات ليكون إنهاء الحرب فوق كل الخلافات، ثم تكوين مفاهيم مواكبة لبناء الدولة الجديدة ومؤسساتها بصورة تستهدف أعلى مكسب وطني وليس المكاسب الحزبية الضيقة.