ألغاز كثيرة لا يزال يخفيها المحيط الهادئ في أعماقه البعيدة التي لم يصل إليها أحد حتى الآن، فعمق هذا المحيط الغامض لا يمكن قياسه، وتبلغ أقصى نقطة وصل إليها الإنسان بأعماق خندق ماريانا، المختبئ تحت أمواجه ما يوازي ارتفاع جبل إيفرست، وعلى الرغم من صعوبة الوصول لهذا العمق بسبب قوة ضغط المياه، إلا أن هناك مجموعة من المخلوقات البحرية الفريدة من نوعها التي بقيت على قيد الحياة.

أين يقع خندق ماريانا؟

تقع أعمق نقطة تحت الأرض أو ما يُعرف بـ خندق ماريانا في الشرق من جزر ماريانا - وهي سلسلة من الجزر البركانية - تقع في المحيط الهادئ، وتصل درجات المياه بها لبضع درجات فوق درجة التجمد، وعلى الرغم من الضغط الشديد في هذه النقطة مع نقص الضوء ودرجات الحرارة الباردة، إلا أن خندق ماريانا يستضيف مجموعة متنوعة من أشكال الحياة التي يصفها العلماء بالمرعبة لصعوبة التأقلم بها. 

وتشمل أشكال الحياة في هذه النقطة مجموعة من الكائنات الحية الدقيقة، وكذلك الكائنات الحية الأكبر مثل البرمائيات، وربما حتى الأسماك، التي تتكيف مع الظروف القاسية، وفق مجلة «discovermagazine» العالمية. 

ماذا وجد العلماء داخل خندق ماريانا؟ 

يعيش في خندق ماريانا مجموعة من الكائنات الحية الدقيقة والصغيرة، من بينها سمك الحلزون، وهي الأكثر هيمنة بين الأسماك في هذه المنطقة الضحلة، حيث تمتلك هذه المخلوقات - التي تم تسجيلها على عمق يقارب 27 ألف قدم - هيكلًا عظميًا مصنوعًا من الغضاريف، من المرجح أنه يساعدها في تحمل مثل هذا الضغط المرتفع، فضلًا عن وجود طبقة خارجية شفافة تكشف عن جميع أعضائها الداخلية.

كما تم تسجيل وجود ثعابين البحر على عمق يتجاوز 27000 قدم، ورغم أنها تشبه ثعبان البحر المتعارف عليه، إلا أنها في الواقع أسماكا تجمع في خصائصها بين سمك التونة وفرس البحر، ومن المثير للإعجاب أن هذه الكائنات يمكن العثور عليها في أضحل أجزاء المحيط، حيث يمتد عبر نطاق غير عادي من الظروف القابلة للبقاء على قيد الحياة.

ويعيش أيضًا خيار البحر أحد أنواع القشريات الصغيرة الشبيهة بالبراغيث في هذه المنطقة الوعرة، حيث تشير الأبحاث إلى أنها تتغذى على الحطام العائم من مناطق المحيط العليا.

من وصل إلى قاع خندق ماريانا أولاً؟ 

بعد اكتشافه علميًا بشكل واضح مر ما يقرب من 100 عام قبل أن يصل الإنسان إلى خندق ماريانا مباشرة حتى نجح كل من ضابط البحرية الأمريكي دون والش، وعالم المحيطات السويسري جاك بيكارد الوصول إلى هذه النقطة العميقة في عام 1960 داخل سفينة أعماق البحار.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: خندق ماريانا كائنات بحرية فی هذه

إقرأ أيضاً:

"في ظِلال الحياة"

 

 

المعتصم البوسعيدي

إضاءة: هذه المقالة قراءة مختصرة لكتاب "في ظِلال الحياة" السيرة الذاتية لسيدي الوالد حمود بن أحمد بن علي البوسعيدي؛ حيث عايَشْتُ تفاصيل الكتاب من الألف إلى الياء، وعلى لسان الوالد استنطقتُ الكلمات.

يتدفّقُ الطين من حيواتِ الذكرى، أسلافٌ مرّوا من هُنا. يتدفّقُ الطين من قريةٍ يُداعبُ السعف قلعتها، ويبلّلُ الفلج سكّتها، والإنسانُ هو الإنسان، جيلًا بعد جيل؛ يفرحُ لضحكتها، ويحزنُ لدمعتها. يتدفّقُ الطين يروي الحكاية، ويكتُبُ القصة، افتحوا الكتاب، واقرأوا عنوانه: (في ظِلال الحياة)، ظِلال "شجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها" ستة فصول في السماء.

من أين أنا؟ من سيدٍ فخمٍ قاد الجحافل، وسيدٍ سفير السلاطين، أمير القوافل، وسيدٍ أضاءَ الدروب بالفروضِ والنوافل، وسيدٍ امتطى صهوة الصافنات في الميادينِ والمحافل. تعلّمتُ على عصا "المُعلّم" الألف باء، والسبع المثاني، وشربتُ من مجلسَيْ الصيف والشتاء السمت العُماني، رددتُ أناشيد الصبا: "يا توّاب تب علينا / وارحمنا وانظر إلينا"، ولعبتُ "الشل واللكد"، وأطلقتُ البارود، وصليتُ في الوادي، ورزفتُ بالسيف وهتفتُ بالعازي، وجربتُ التجارة مع أخي سالم، متنقّلًا بين سمد الشأن ومطرح على شاحنة "بيت فرد"، وتحمّمتُ في "باغ" زهران، واقتربتُ من المدرسة السعيدية، وابتعدتُ حتى نادى المنادي.

في "بيتِ شهاب"، أعادَ التاريخ نفسه، لوّحتُ بالجواز منتصرًا، وحملتُ حقيبة السفر مغتربًا، والأحلام ترقصُ على إيقاعِ "يا مال يا مال". عانينا من وعثاء الطريق، واجهنا إعصار البحر، اقتربنا من الموت وشهادة الغريق، سقطتُ مغشيًا عليّ. لم تكن دبي دار الحي، ولا قطر استراحة الفي، حتى إذا وصلنا البحرين، غسلنا جباهنا من "عين عذاري"، لكننا تجرّعنا الأمرّين؛ لفحتنا ضربات الشمس، وتشققت أيادينا، طوب على طوب، وحجر على حجر، والعُماني مع ضنك العيش وحاجة اللقمة، يواسي بعضه بعضًا برزفة الفخر والاعتزاز: "إن جات يومًا تحت لمبات المقيل / أركض على الديانة والديانة سم". لم ينفعني "سيكل الريلي"، فعُدتُ للوطن على السفينة "دامرة" ببضع نقود وحلوى بحرينية تطفئ شوق الغربة.

أشرقت في الوطن أنوار العمل بعد موافقة "ناظر الداخلية"، مُخابر اللاسلكي على جهاز "الناين تين"، مع رفاق الدرب الأول. سكنتُ حلة "الدلاليل" بمطرح، ثم نُقلتُ إلى الرستاق، ورافقتُ يومًا الخبير الإنجليزي "شبير" في مهمة عمله الرسمية حتى الوصول إلى منزل السيد حمد بن حمود بمسقط، ومضيتُ في العمل نحو قريات، وزرتُ عبري الواعدة، وفي يوم الثالث والعشرين من يوليو عام 1970م استقبلتُ برقية البشرى الجديدة، رفعنا العلم، وأطلقنا الأعيرة النارية، تجمع الناس، فتلا السيد العلامة حمد بن سيف، والي وقاضي قريات البيان الأول لأعزّ الرجال وأنقاهم: "شعبي… أتحدث إليكم كسلطان مسقط وعُمان، بعد أن خلَفتُ والدي..." فعمّت الأفراح، وردّد الناس أهازيج السعادة.

واصلت العمل في ظل نهضة عُمان الحديثة في جهاز اللاسلكي، لكنني التجأتُ- بعد حين- إلى السيد فهر بن تيمور ليتوسّط لي عند "الناظر" لقبول استقالتي، فقفلتُ راجعًا إلى قريتي. تعلّمتُ قيادة السيارة بعدما اجتزتُ "عقبة ريام"، ثم ضاقت عليّ الأرض بما رحبت، لكنها اتسعت؛ فعُدتُ إلى اللاسلكي، مُخابرًا على طاولة جهاز "الكاميكل"، والتقينا بالسلطان الجديد لأول مرة عند زيارة عمه السيد ماجد بن تيمور والي مطرح، ثم في لقاء ثانٍ بعد زيارة تفقدية مُفاجئة لمجمّع الوزارات. كنتُ قد سكنتُ “الزبادية”، ثم “دارسيت”، واحتفلنا ذات يوم بيوم النصر، وتجولتُ متبخترًا بعد طول انتظار بسيارتي الأولى البرتقالية "تويوتا بيك أب" التي "تكنسلت" في حادث سير. وحينما قررتُ طلب النقل لعدم كفاية راتبي (45 ريالًا عُمانيًا)، رنَّ هاتف العمل:

–  أنت حمود؟

–  نعم، أنا حمود.

 – لقد تمَّ تعيينك نائبًا لوالي خصب. بلّغ واستلم رسائلك.

 

مشوار الولاية بدأ- كما ذكرت- من خصب عام 1978م، وحصنها الشامخ، يومها كان الوالي السيد محمد بن علي، والقاضي الشيخ أحمد بن إبراهيم الكمالي. عامٌ فقط، ثم تسلّقتُ جبل "الحوراء" بينقل مع الوالي عبدالله اليعقوبي، وقاضيها الرقيشي. كما كُلفتُ في نفس الفترة بأعمال والي ضنك عند خروجه للإجازة أو المهام الرسمية. ومع مطلع الثمانينات، وجدتُ نفسي في ولاية شناص، نائبًا للوالي خميس المقبالي في البداية، ثم السيد ناصر بن علي، والرفيق العزيز القاضي أبو عبيدة، الذي كان يضع قلمه على عمامته؛ فما إن تُفتح قضية حتى نغلقها على الفور. عامٌ يمر، وتأتي رياح الشرقية من بوابة جعلان بني بوحسن، أطلقنا فيها مدفع "المسهل"، وكان الرفاق هناك كُثُر، لعلّي أذكر منهم: الوالي الشيخ سالم بن حمود المالكي، والقاضي الشيخ إسحاق بن أحمد البوسعيدي، مع تكليفي أحيانًا بأعمال والي الكامل والوافي.

رست مراكبي على شواطئ ساحل العفية صور، هناك التقيتُ بالوالي السيد المرداس بن أحمد، ثم خلفه الشيخ سليمان الغافري، وزاملتُ فيها الأخ والصديق القاضي الشيخ سالم القلهاتي. وفي صور الحكايات بحر غزير، التقينا هناك برموز الدولة ممثلي جلالة السلطان في الاحتفالات الوطنية، منهم أصحاب السمو السادة: طلال بن طارق، وتركي بن محمود، وسالم بن علي. ومع الانشغال بالكثير من الأعمال والمهام، إلا أن هناك سانحة من الوقت لمكاتبة الأهل والأصحاب، قبل أن يصدر قرار تعييني واليًا على الجارة وادي بني خالد، مسك ختام مشوار الولاية، وماء النقاء الذي أعادني إلى بلد الميلاد.

كان التقاعد فرصة جديدة لاكتشاف قرية الأخضر؛ المزرعة، والمنازل، واستقرار الأسرة بعد التنقل والترحال. ولا يخلو الأمر من المسؤولية؛ فقد اخترتُ أن أكون عضوًا في لجنة شؤون الأراضي بسمد الشأن، مع مسؤولية النظر في أحوال النيابة بشكل خاص، والولاية بشكل عام. علاوة على ذلك اعدت اهتمامي بالشعر والشعراء، فقد قمتُ في ستينيات القرن الماضي بطباعة ديوان شعر لأخي سالم في مملكة البحرين، والتقيتُ في فترة توليّ ولاية وادي بني خالد بأحد أكبر شعراء عُمان في عهدها الحديث؛ الشاعر والأديب القاضي أبو سرور الجامعي. وهكذا مضت الحياة، حتى لحظات لملمة الأوراق الهاربة بين دفتي كتاب، أسجل فيه مروري لأقول شيئًا في هذا العالم، ثم ماذا؟ كفى بحرف "الياء" ختام قصيدة شعر قلتها ذات يوم على ترانيم فن العازي: "والياء يبارك ربنا، ويحفظ لنا سلطاننا / ويدوم عز بلادنا، والله مجيب السائلين ... هو الذي يُحيي العظام، من بعد ما كانت حُطام / صلّوا على خير الأنام، محمد ختام المرسلين".

مقالات مشابهة

  • أهالي أشرفية صحنايا يؤكدون عودة الحياة إلى طبيعتها داخل البلدة
  • هل يوجد مكونات في الجعة مضادة للسرطان؟.. طبيبة تشرح
  • صيف مصري حار.. ماذا يعني انسحاب 4 شركات عالمية من امتيازات البحر الأحمر؟
  • شؤون الحرمين توضح أهمية الشاذروان المحيط بالكعبة المشرفة
  • دراسة: شمال غرب المحيط الهادي مهيأ لزلزال ضخم وهبوط أرضي
  • قوات سجون ولاية البحر الأحمر بسجن بورتسودان تكرم المدير العام لقوات السجون
  • "في ظِلال الحياة"
  • تعدين قاع البحر.. طموح ترامب يهدد أعمق النظم البيئية على الأرض
  • دول الساحل تدعم مبادرة المغرب للوصول إلى المحيط الأطلسي
  • حادث غريب في هاتاي التركية: ماذا وجد سكان المدينة في خبز الإفطار؟