سالم بن عبد الرحمن يشهد انطلاق الدورة 13 لملتقى خدمات كبار السن
تاريخ النشر: 4th, October 2024 GMT
الشارقة: «الخليج»
شهد الشيخ سالم بن عبد الرحمن القاسمي رئيس مكتب سمو الحاكم، صباح أمس الخميس، انطلاق فعاليات ملتقى خدمات كبار السن في دورته الـ 13 تحت شعار «الذكاء الاصطناعي في خدمتهم»، بتنظيم من دائرة الخدمات الاجتماعية وبالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، وذلك في قاعة الجواهر للمؤتمرات والمناسبات.
واستهل الحفل بالسلام الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة، استمع عقبه الشيخ سالم بن عبد الرحمن القاسمي والحضور إلى قصص النجاح من بعض المسؤولين في الدائرة الذين تحدثوا عن الخدمات المقدمة لكبار السن على المستوى التمريضي واحتياجاتهم الطبية مثل التمريض المنزلي وتوصيل الأدوية، بالإضافة إلى الجانب الاجتماعي والدعم المقدم والخدمات المتنوعة وآثارها على المستفيدين من كبار السن.
وقامت دائرة الخدمات الاجتماعية، خلال الحفل بإطلاق برنامج سفراء بر الوالدين الذي يحمل شعار «سفراء الحياة الرقمية الآمنة»، الذي يهدف إلى تدريب وتأهيل الطلبة من الفئة العمرية من 10 ولغاية 16 سنة، ليصبحوا سفراء متخصصين في نشر الوعي حول أهمية الحياة الرقمية الآمنة بين زملائهم في المدارس، ورفع مستوى الوعي بين طلبة المدارس حيال السلوكيات الرقمية الآمنة، وتأهيلهم لتحمل دور القيادة ليكونوا سفراء المستقبل، وتكوين شخصية الطالب بتعزيز قدراته ومهاراته وتنميتها وتحقيق ذاته، فضلاً عن تعزيز القيم القيادية وروح المبادرة لديهم.
وألقت بعدها عفاف إبراهيم المري، رئيس الدائرة، كلمة مسجلة رحبت فيها بالشيخ سالم بن عبد الرحمن القاسمي والحضور، موجهةً شكرها وتقديرها على تشريف حفل الملتقى والذي يأتي امتداداً للملتقيات السابقة التي تم فيها تبادل الخبرات وتطوير الخدمات الخاصة بكبار السن، مشيرةً إلى أن في الشارقة تم رسم حياة الفرد في المجتمع بما يضمن له العيش الكريم والحياة المطمئنة.
وأوضحت عفاف المري بأن الكلمة التي ألقتها ليست حقيقية إنما هي محاكاة لصوتها باستخدام الذكاء الاصطناعي، وبهذه التقنيات تقوم المؤسسات بتعزيز الخدمات لكبار السن، عبر تطويع أدوات الذكاء الاصطناعي لإثراء النفس بالمعرفة وأداء المهام بجودة أعلى وتقديم خدمات استباقية تتنبأ بحاجة المسن وتقدم له الخدمة قبل أن يقوم هو بطلبها.
عقب ذلك أعلنت دائرة الخدمات الاجتماعية إطلاق خدمة جديدة تقدمها لمتعامليها وهي المستشار الاجتماعي الافتراضي الذكي، وذلك بهدف تعدد قنوات التواصل مع كبار السن وضمان الوصول السريع والسلس للخدمات التي تقدمها الدائرة عبر منصة ذكية تُمكن المستفيدين من التواصل المباشر مع الدائرة وتلقي الخدمات بيسر وسهولة.
وفي كلمة مسجلة ألقاها ثياقو هيريك المسؤول الفني للبيئات الصديقة لكبار السن والتغير الديموغرافي بالشبكة العالمية للمدن المراعية للسن، ثمن فيها جهود إمارة الشارقة في دعم كبار السن، موضحاً بأن الملتقى اليوم يعتبر دليلاً على التزام الشارقة بخلق بيئة مناسبة لكبار السن.
وأضاف نكون أقوى عندما نعمل مع بعض، لتوسيع البرنامج وخلق بيئات تناسب الجميع وتقوي كبار السن والأجيال المقبلة، يركز الملتقى في هذه السنة على الذكاء الاصطناعي لما له من أهمية كبيرة في تقديم أفضل الخدمات والربط بين المجتمع وكبار السن، والحد من المخاطر الصحية والاجتماعية وغيرها التي قد تحدث لهم.
ألقت بعدها الدكتور فاطمة بن ظفاري مدير إدارة خدمات كبار السن في وزارة الصحة الكويتية كلمة عبرت فيها عن شكرها وامتنانها لإتاحة الفرصة والمشاركة في الملتقى، مشيدةً بالجهود والخدمات الكبيرة التي تقوم بها إمارة الشارقة لكبار السن، والتي جعلتها المدينة العربية الوحيدة في الشبكة العالمية للمدن المراعية للسن.
وأضافت فاطمة بن ظفاري قائلةً: يجب أن يكون منطلقنا للمزيد من التواصل الإيجابي، لتبادل الخبرات وإجراء البحوث والدراسات المشتركة لدعم البنية الأساسية للمعلومات الصحية والمؤشرات الاجتماعية المتعلقة بصحة ورفاهية كبار السن.
استعرضت بعدها شما الساعدي من جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، تطويرها لتطبيق ذكي يحمل اسم «ليمب»، الذي يتيح لكبار السن ممارسة الرياضات المناسبة لهم عن طريق مقاطع مصورة توضح الحركات المناسبة لتفادي حدوث الإصابات، بالإضافة إلى وجود لوحة تحكم يمكن لأخصائي العلاج الطبيعي مراقبة حالة كبير السن ووضع الخطة العلاجية المناسبة، الأمر الذي يؤدي إلى تقليل وقت التعافي، وتقليل تكاليف العلاج، وتوفير معلومات دقيقة لأخصائي العلاج الطبيعي وجعل ممارسة الرياضة رفاهية لدى كبار السن.
من جانبه قدم أحمد كامل محمد من شركة أمازون، عرضاً تناول فيه جهود الشركة في توفير الخدمات المتعددة والأجهزة الإلكترونية التي يستفيد منها كبار السن مثل «أليكسا» والساعة الذكية وأجهزة التعقب خلال الأوقات التي يوجدون فيها بمفردهم.
وتفضل بعدها الشيخ سالم بن عبد الرحمن القاسمي بتكريم الفائزين بجائزة القلب الأخضر بفئتيها كبير السن النشط وكبير السن المتقدم، وفي المجالات الثقافية والمهنية والصحية والاجتماعية، بالإضافة إلى تكريم الجهات والمؤسسات الصديقة لكبار السن.
وتسلم رئيس مكتب سمو الحاكم لوحة تذكارية أهداها القائمون على الملتقى لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، تقديراً وامتناناً على رعايته وجهوده وتوجيهاته المستمرة في دعم كبار السن وتوفير أفضل الخدمات لهم.
كما كُرم الشيخ سالم بن عبد الرحمن من قبل ملتقى خدمات كبار السن تقديراً لجهوده منذ انطلاق البرنامج في 2017، الذي قاد البرنامج في بدايته وكان له الفضل الكبير في وصول إمارة الشارقة لعضوية الشبكة العالمية للمدن المراعية للسن.
ويهدف الملتقى إلى تبادل الرؤى والخبرات حول مفاهيم وممارسات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي في خدمة كبار السن، وتناوله لأحدث ما توصل إليه العلم في تطبيقات الذكاء الاصطناعي، إضافة إلى تعزيز ممارسات الذكاء الاصطناعي لمواجهة التغيرات الاجتماعية، ودعم جودة حياة كبير السن وفق التطورات المتسارعة وتغير نمط حياته.
ويسلط الملتقى الضوء على التحولات الحديثة في مفهوم الشيخوخة، واستكشاف سبل تطوير الخدمات المجتمعية لدعم كبار السن في ظل التطورات السريعة في مجالات التكنولوجيا والابتكار وأثر الذكاء الاصطناعي في تحسين حياة كبار السن، كما يناقش تأثير التطورات التكنولوجية والابتكارات الطبية في تحسين جودة حياة كبار السن.
وعلى هامش حفل الافتتاح اطلع الشيخ سالم بن عبد الرحمن القاسمي على مسار عمل مكتب الشارقة مراعية للسن عبر 8 لوحات إلكترونية تناولت الخطوات والإنجازات التي حققها المكتب، والتي كان أهمها وأبرزها انضمام الشارقة إلى الشبكة العالمية للمدن المراعية للسن، التابعة لمنظمة الصحة العالمية، والتي جاءت بناء على رؤية صاحب السمو حاكم الشارقة، حيث تعد الشارقة العضو العربي الوحيد في الشبكة محافظة على مشاركتها ضمن اعتمادها للمعايير العالمية التي وضعتها الشبكة كشروط للانضمام إليها، والتي تؤدي إلى خلق بيئة مستدامة تلبي احتياجات كبار السن.
حضر الافتتاح بجانب رئيس مكتب سمو الحاكم كل من: عفاف إبراهيم المري رئيس دائرة الخدمات الاجتماعية، وأحمد الميل مدير دائرة الخدمات الاجتماعية، والمهندس إبراهيم محمد الحوسني مدير دائرة الإسكان، وعدد من المسؤولين وممثلي الجهات المشاركة وكبار السن.
المصدر: صحيفة الخليج
كلمات دلالية: فيديوهات الإمارات الشیخ سالم بن عبد الرحمن القاسمی دائرة الخدمات الاجتماعیة الذکاء الاصطناعی خدمات کبار السن لکبار السن
إقرأ أيضاً:
حَوكمة الذكاء الاصطناعي: بين الابتكار والمسؤولية
يشهد العالم اليوم تطورا مُتسارعا في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث أصبحت تطبيقاته تتغلغل في مختلف القطاعات، من الرعاية الصحية إلى التعليم والصناعة والخدمات المالية وغيرها من القطاعات. ومع هذا التوسع الهائل، تتزايد الحاجة إلى وضع أطر تنظيمية تضمن الاستخدام الآمن والمسؤول لهذه التقنية، وهو ما يُعرف بحوكمة الذكاء الاصطناعي.
إن التحدي الرئيس الذي تواجهه الحكومات والمؤسسات يتمثل في إيجاد توازن بين تشجيع الابتكار التكنولوجي من جهة، وضمان الامتثال للمبادئ الأخلاقية والقانونية التي تحمي الأفراد والمجتمعات من المخاطر المحتملة من جهة أخرى. وقد عرفت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) حوكمة الذكاء الاصطناعي بأنها «مجموعة من السياسات والإجراءات والمعايير القانونية التي تهدف إلى تنظيم تطوير واستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي بطريقة مسؤولة وشفافة، مع ضمان احترام القيم الإنسانية وحماية الحقوق الأساسية».
ووفقا لتوصية منظمة اليونسكو بشأن أخلاقيات الذكاء الاصطناعي لعام 2021، فإن الحوكمةَ الفعالةَ للذكاء الاصطناعي ينبغي أن تستند إلى مبادئ الشفافية والمساءلة والأمان لضمان تحقيق الفائدة للمجتمع دونَ المساس بالحقوق الفردية. تهدفُ هذه الحوكمة إلى ضمان العدالة والشفافية وحماية البيانات واحترام حقوق الإنسان في جميع مراحل تطوير واستخدام هذه التقنيات. وتبرز أهمية الحوكمة في ضوء المخاطر المحتملة للذكاء الاصطناعي، مثل التحيز الخوارزمي وانتهاك الخصوصية والتأثير على سوق العمل، الأمر الذي يستدعي وضع تشريعات صارمة لضمان عدم إساءة استخدام هذه التقنية.
وفي سياق الجهود الدولية لتنظيم الذكاء الاصطناعي، صدر التقرير الدولي حول سلامة الذكاء الاصطناعي في يناير 2025 عن المعهد الدولي لسلامة الذكاء الاصطناعي (International AI Safety Report)، الذي شارك في إعداده 30 دولة من بينها منظمات دولية بارزة مثل هيئة الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، حيث تناول الحالة الراهنة للفهم العلمي المتعلق بالذكاء الاصطناعي العام، وهو ذلك «النوع من الذكاء الاصطناعي القادر على تنفيذ مجموعة واسعة من المهام». وقد هدف التقرير إلى بناء فهم دولي مشترك حول المخاطر المرتبطة باستخدام الذكاء الاصطناعي المتقدم، مع تقديم تحليل شامل للوسائل العلمية والتقنية المتاحة لإدارتها والتخفيف منها بفعالية، وتوفير معلومات علمية تدعم صانعي القرار في وضع سياسات تنظيمية فعالة. وعلى الرغم من الفوائد العديدة التي يقدمها الذكاء الاصطناعي العام، فإن التقرير يحذر من المخاطر المتزايدة المرتبطة باستخدامه.
فمن الناحية الأمنية، قد يُستغل الذكاء الاصطناعي في تنفيذ هجمات سيبرانية متقدمة أو في تسهيل عمليات الاحتيال الإلكتروني، من خلال إنتاج محتوى مزيف (Fake content) يصعب تمييزه عن الحقيقي. كما أن هناك مخاطر اجتماعية تتمثل في إمكانية تعميق التحيزات الموجودة في البيانات التي تُستخدم في تدريب هذه الأنظمة. إضافة إلى ذلك، مخاوف تتعلق بفقدان السيطرة على أنظمة الذكاء الاصطناعي المتقدمة، حيث يمكن أن يؤدي التطور المتسارع لهذه الأنظمة إلى سلوكيات غير متوقعة قد يصعب التحكم بها. أما على المستوى الاقتصادي، فإن الذكاء الاصطناعي قد يتسبب في اضطرابات كبيرة في سوق العمل، حيث يؤدي إلى استبدال العديد من الوظائف التقليدية بالأنظمة الآلية، ففي قطاع خدمة العملاء مثلا، تعتمد الشركات الكبرى مثل أمازون وجوجل على روبوتات الدردشة (Chatbots) لتقديم الدعم الفني والتفاعل مع العملاء بكفاءة عالية، مما يقلل الحاجة إلى الموظفين البشريين.
أما في مجال التصنيع والتجميع، فقد أصبحت الروبوتات الصناعية تقوم بمهام الإنتاج بدقة وسرعة تفوق القدرات البشرية، كما هو الحال في مصانع تسلا وفورد التي تستخدم أنظمة مؤتمتة لتنفيذ عمليات اللحام والتجميع، مما يقلل التكاليف ويرفع كفاءة الإنتاج. ومع استمرار تطور الذكاء الاصطناعي، يُتوقع أن يمتد تأثيره إلى المزيد من القطاعات.
ومع تزايد الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات، أصبح من الضروري تبني استراتيجيات وحلول لمواجهة تحديات فقدان الوظائف التقليدية. ويُعد إعادة تأهيل القوى العاملة من أهم هذه الحلول، إذ يجب الاستثمار في برامج تدريبية تُمكن الموظفين من اكتساب مهارات رقمية وتقنية جديدة، مثل تحليل البيانات وتطوير البرمجيات، مما يساعدهم على التكيف مع متطلبات سوق العمل المتغير. إلى جانب ذلك، يمثل تعزيز ريادة الأعمال والابتكار حلا فعالا، حيث يُمكن تشجيع إنشاء مشاريع صغيرة ومتوسطة تعتمد على الذكاء الاصطناعي، مما يخلق فرص عمل جديدة.
كما يعد تبني نموذج العمل الهجين ضرورة مُلحة، إذ يُمكن دمج الذكاء الاصطناعي مع القدرات البشرية بدلا من الاستبدال الكامل، مما يعزز الإنتاجية مع الحفاظ على دور العنصر البشري. كما أن تطوير الأطر القانونية والتنظيمية يعد خطوة مهمة، حيث ينبغي صياغة قوانين تضمن الاستخدام العادل والمسؤول للذكاء الاصطناعي، وتحمي العمال من التمييز الناتج عن الأتمتة. بالإضافة إلى ذلك فإن التعليم المستمر يُسهم في تأهيل القوى العاملة الوطنية لمواكبة التحولات في سوق العمل، حيث ينبغي تعزيز ثقافة التعلم المستمر لضمان قدرة القوى العاملة على التكيف مع المتطلبات المستقبلية للتكنولوجيا المتقدمة. وغيرها من الاستراتيجيات الجديدة لدمج الإنسان مع الآلة في بيئة العمل.
من جانب آخر، هناك مخاطر تتعلق بالخصوصية، حيث يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل كميات كبيرة من البيانات الشخصية، مما يزيد من احتمالات انتهاك الخصوصية وسوء استخدام المعلومات. ولتقليل هذه المخاطر، من الضروري تبني مجموعة من الاستراتيجيات التقنية والتنظيمية التي تعزز شفافية وأمان أنظمة الذكاء الاصطناعي. ومن أبرزها، تطوير تقنيات تتيح فهما أعمق لآليات اتخاذ القرار لدى الذكاء الاصطناعي، مما يسهل عملية المراجعة والمساءلة. بالإضافة إلى ذلك، تبرز أهمية تعزيز الأمن السيبراني عبر تصميم بروتوكولات حماية متقدمة لمواجهة التهديدات المحتملة.
كما يجب العمل على تصفية البيانات وتقليل التحيز لضمان دقة وعدالة أنظمة الذكاء الاصطناعي في اتخاذ القرارات. ومن أجل حماية بيانات المستخدمين، يتوجب استخدام تقنيات التشفير القوية وآليات الحماية الحديثة التي تضمن الامتثال لمعايير الخصوصية. بالإضافة إلى ضرورة الحفاظ على دور الإنسان في عمليات اتخاذ القرار، لضمان عدم الاعتماد الكامل على الذكاء الاصطناعي في الأمور الحساسة، مما يقلل من المخاطر المحتملة الناجمة عن التحكم الذاتي للأنظمة. إن التطور السريع لهذه التقنية يتطلب نهجا شاملا يجمع بين البحث العلمي والسياسات التنظيمية والتقنيات المتقدمة لضمان الاستخدام الآمن والمسؤول لهذه الأنظمة، بحيث تتحقق الفائدة المرجوة منها دون التعرض للمخاطر المحتملة.
وقد اعتمدت العديد من الدول سياسات مُتقدمة لتنظيم الذكاء الاصطناعي، حيث اتخذ الاتحاد الأوروبي خطوات رائدة في هذا المجال عبر قانون الذكاء الاصطناعي الأوروبي الذي دخل حيز التنفيذ عام 2024م والذي يُعدُ أول إطار قانوني شامل يهدف إلى تَنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي وفق معايير صارمة تحمي الخصوصية وتحد من التحيز الخوارزمي. وفي المقابل، تبنت الولايات المتحدة الأمريكية نهجا يعتمد على توجيهات إرشادية لتعزيز الشفافية والمساءلة، مع منح الشركات حرية الابتكار ضمن حدود أخلاقية محددة. أما الصين، فقد ألزمت الشركات التقنية بمراجعة وتقييم خوارزميات الذكاء الاصطناعي المُستخدمة في المنصات الرقمية، لضمان الامتثال لمعايير الأمان السيبراني.
عليه فإنه يُمكن الإشارة إلى مجموعة من التوصيات والمُبادرات التي يُمكن أن تُسهم في تعزيز حوكمة الذكاء الاصطناعي بشكل فعال، ومن أبرزها: وضع أطر قانونية مَرنة تُتيح تطوير الذكاء الاصطناعي دون عرقلة الابتكار، مع ضمان حماية حقوق الأفراد والمجتمع وتعزيز الشفافية والمساءلة من خلال فرض معايير تضمن وضوح كيفية عمل أنظمة الذكاء الاصطناعي، وإتاحة آليات لمراجعة القرارات التي تتخذها هذه الأنظمة وتعزيز التعاون الدولي لإنشاء منصات مشتركة لمراقبة تطورات الذكاء الاصطناعي وتبادل المعلومات بين الدول حول المخاطر المحتملة وتشجيع البحث والتطوير المسؤول عبر دعم الأبحاث التي تركز على تطوير تقنيات ذكاء اصطناعي أكثر أمانا واستدامة وتعزيز تعليم الذكاء الاصطناعي الأخلاقي من خلال دمج مقررات حوكمة الذكاء الاصطناعي في مناهج المؤسسات الأكاديمية والتعليمية، لضمان وعي المطورين الجدد بالمسؤوليات الأخلاقية المترتبة على استخدام هذه التقنية.
إن حوكمة الذكاء الاصطناعي تُشكل ركيزة أساسية لضمان تحقيق أقصى الفوائد من هذه التقنية، مع الحد من المخاطر المرتبطة بها. وبينما يستمر الابتكار في التقدم بوتيرة غير مسبوقة، فإن المسؤولية تقتضي وضع سياسات وتشريعات تنظيمية تضمن الاستخدام العادل والمسؤول لهذه التقنيات، بما يتوافق مع القيم الأخلاقية والقوانين الدولية. ويُعد تحقيق التوازن بين الابتكار والمسؤولية التحدي الأكبر الذي يواجه الحكومات وصناع القرار، لكن من خلال التعاون الدولي ووضع سياسات متقدمة، يمكن بناء مستقبل مستدام للذكاء الاصطناعي يعود بالنفع على البشرية جمعاء.
عارف بن خميس الفزاري كاتب ومتخصص في المعرفة