الخرطوم- في أول زيارة له منذ اندلاع الحرب في السودان، أجرى وفد من مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي مشاورات مع المسؤولين السودانيين في بورتسودان، لتفعيل الدور الأفريقي في حل الأزمة السودانية وإنهاء تعليق عضوية البلاد في الاتحاد.

كما ينتظر أن يصل إلى العاصمة الإدارية المؤقتة المبعوث الأميركي إلى السودان توم بيريلو لإنعاش عملية السلام المتعثرة.

وتأتي زيارة وفد الاتحاد الأفريقي، اليوم الخميس، للسودان بعد تولي مصر رئاسة مجلس السلم والأمن في مطلع أكتوبر/تشرين الأول الجاري.

ويضم الوفد سفير مصر لدى إثيوبيا ومندوبها الدائم لدى الاتحاد الأفريقي محمد جاد، ومفوض الشؤون السياسية والسلم والأمن في الاتحاد أديوي بانكولي، ورئيس الآلية الأفريقية المعنية بالسودان محمد بن شمباس ومسؤولين آخرين بالاتحاد.

وأجرى الوفد الأفريقي مباحثات مع رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، وحاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي، كما تباحث مع مسؤولين في مجلس الوزراء والنائب العام في حضور عضو مجلس السيادة إبراهيم جابر.

فهم أبعاد الأزمة

كشفت مصادر حكومية للجزيرة نت أن الوفد الأفريقي طرح خريطة طريق لاستعادة عضوية السودان في الاتحاد الأفريقي، المعلقة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2012.

تشمل الخريطة إحراز تقدم بشأن المتطلبات التي تم بموجبها تجميد العضوية، كما اقترح الوفد وقف إطلاق النار، وتنفيذ خطوات لمرحلة انتقالية جديدة، وبدء عملية سياسية حتى تعود البلاد لاستعادة الحكم المدني والتحول الديمقراطي.

ويوضح المسؤول الحكومي أن رئيس الوفد الأفريقي أكد رفضهم لأي شكل من أشكال التدخل الأجنبي في السودان تحت ذريعة حماية المدنيين، بعدما عُرض الأمر على هامش جلسات الجمعية العامة للأمم المتحدة في 25 سبتمبر/أيلول الماضي، حيث عُقد اجتماع بشأن أزمة السودان وعرض مقترح لنشر قوات أفريقية في السودان، لكن الدول الأفريقية رفضت ذلك بصورة قاطعة.

وبشأن لقاء الوفد الأفريقي، قال إعلام مجلس السيادة أن البرهان أبلغ الوفد أنه يعتبر توصيف الاتحاد الأفريقي لما اتخذه من إجراءات بتاريخ 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021 أنه انقلاب، "غير دقيق وينافي الحقائق".

وذكر أن ما يتعرض له السودان يمثل استعمارا جديدا، وأن تجاهل الاتحاد الأفريقي للأزمة التي يعيشها شعب السودان ناجم من عدم معرفته بحقيقة هذه الأزمة، مبينا أن البلاد محتلة من "مليشيا متمردة، بمشاركة مرتزقة أجانب، وتعاون دول يعرفها الجميع"، حسب قوله.

وأكد البرهان رفضه للسيطرة على السودان بواسطة جهات أجنبية، "تستخدم المليشيا في حربها ضد البلاد"، وقال إن "هناك قوة سياسية تريد أن تعود للحكم بأي طريقة قبل أن يعود المواطنون لمنازلهم ومناطقهم المحتلة بواسطة هذه المليشيا المتمردة".

الاجتماع ركز على أهمية تفعيل الدور الأفريقي في حل الأزمة السودانية وإنهاء تعليق عضوية البلاد في الاتحاد (الصحافة السودانية) تراجع أفريقي

من جهته، قال رئيس الوفد الأفريقي في تصريح صحفي إن الإيضاحات التي قدمها رئيس مجلس السيادة للوفد ساعدت في تفهم أبعاد الأزمة السودانية، موضحا أن اللقاء تطرق إلى ضرورة إيجاد البيئة اللازمة لاستعادة السودان لعضويته في الاتحاد الأفريقي، وأضاف "لا يمكن أن يمر السودان بمثل هكذا أزمة وتكون عضويته مجمدة في الاتحاد الأفريقي".

كما أكد السفير محمد جاد أن مجلس السلم والأمن الأفريقي سيسعى لإحلال السلام في السودان ووقف إطلاق النار، ودعم تسهيل وصول المساعدات الإنسانية للشعب السوداني.

ويرى أستاذ العلاقات الدولية في الجامعات السودانية الدكتور الرشيد إبراهيم أن دور الاتحاد الأفريقي تراجع في لعب دور محوري لحل الأزمة السودانية بسبب تعجله في تعليق عضوية البلاد، "بعد استجابته لمؤثرات خارجية وتحوله لساحة للتنافس والصراع"، مضيفا أنه "لن يكون له دور فاعل في إسكات البنادق وترسيخ الحلول الأفريقية ما لم يصحح مواقفه".

وفي حديثه للجزيرة نت يعتقد أستاذ العلاقات الدولية أن تقدم الجيش والقوة المشتركة في ولاية الخرطوم وإقليم دارفور ومحاولة تنفيذ "إعلان جدة" لإخراج قوات الدعم السريع من منازل المواطنين والمناطق المدنية بالقوة، سيؤدي لتراجع الدور الخارجي في هذه المرحلة، ما لم يحدث تفاهم بين الحكومة السودانية والاتحاد الأفريقي لاستعادة عضويتها فيه.

زيارة أميركية

وفي محور التحرك الأميركي، بدأ المبعوث الخاص للسودان توم بيرييلو زيارة إلى نيروبي وأديس أبابا لمواصلة الجهود الدبلوماسية لإنهاء النزاع في السودان، والاجتماع باللاجئين والقادة المدنيين السودانيين، للحديث عن استعادة مسار شامل نحو مستقبل ديمقراطي، حسب الخارجية الأميركية.

وسبق أن تعثرت الجهود الأميركية عبر منبر جنيف في أغسطس/آب الماضي، بعد أن غابت الحكومة السودانية، وانتهى الاجتماع بالاتفاق على تسهيل توصيل المساعدات الإنسانية.

وخلال لقاء مجموعة من ممثلين عن المجتمع المدني في العاصمة الكينية نيروبي، الأربعاء، قال بيريلو "فتحنا قنوات اتصال مع الاتحاد الأفريقي بخصوص تهيئته لإعداد وتجهيز قوات للتدخل، بهدف حماية المدنيين في السودان".

ويرى الباحث والمحلل السياسي فيصل عبد الكريم أن بيريلو ومديرة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية سامانثا باور علقا زيارة إلى بورتسودان في يوليو/تموز الماضي بعدما طلبا لقاء المسؤولين في مطار المدينة، وهو الأمر الذي رفضته القيادة السودانية، ثم التقيا رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان خلال زيارته نيويورك مؤخرا.

وحسب حديث الباحث للجزيرة نت فإن زيارة بيريلو وباور ستحمل آفاقا جديدة، لأنها تأتي بعد 10 أيام من لقاء البرهان، مما يشي بأن تفاهما قد وقع بين الجانيين في نيويورك، ويريدان استكماله في بورتسودان، خصوصا أن إدارة الرئيس جو بايدن تريد تحقيق اختراق في جدار الأزمة السودانية قبل موعد الانتخابات، في ظل خيباتها المتكررة في الشرق الأوسط بعد حرب غزة والتصعيد في لبنان وقصف إيران لإسرائيل.

ويرهن المتحدث ذاته تحقيق زيارة بيريلو تقدما بالوصول إلى مقاربة بشأن تنفيذ "إعلان جدة" الموقع بين الجيش وقوات الدعم السريع، ورفض إشراك جهات تعتبرها القيادة السودانية مساندة للدعم السريع، وذلك ضمن فريق مراقبة للمفاوضات، من أجل تبديد المخاوف الأميركية بتوجه السودان شرقا وتوسيع مجالات التعاون الاقتصادي والعسكري مع روسيا والصين وإيران.

غير أن أستاذ العلاقات الدولية الرشيد إبراهيم يستبعد تحقيق اختراق في زيارة بيريلو في هذه المرحلة، ويتوقع أن يدير السودان علاقته مع واشنطن بطريقة لا تضعه في مواجهة معها، قبل ترتيب أوراقه وترسيخ تعاونه مع المحور الشرقي.

وبرأيه فإن الحكومة السودانية تنظر بعين الشك للمواقف الأميركية المتماهية مع قوى تساند قوات الدعم السريع، ولا تفرض عليها ضغوطا للكف عن وقف دعمها، كما يرى أن الجيش السوداني في حالة تقدم، ولكن هناك ما يدفع الحكومة لتقديم تنازلات.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الاتحاد الأفریقی الأزمة السودانیة الوفد الأفریقی مجلس السیادة فی الاتحاد فی السودان

إقرأ أيضاً:

توضيح من الخارجية السودانية تؤكد فيه التزام السودان بحرمة المقار الدبلوماسية

إطلعت وزارة الخارجية على ما ورد فى بيانات وتصريحات بعض الدول العربية الشقيقة ومجلس التعاون الخليجي والأمين العام لجامعة الدول العربية، حول المزاعم الزائفة لحكومة الإمارات بتعرض مقر سفيرها في الخرطوم لقصف من القوات المسلحة السودانية والتي نفتها القوات المسلحة، وأكدت إلتزامها بحرمة المقار الدبلوماسية وكل ما توجبه القوانين والأعراف الدولية، لاسيما ان مليشيا الدعم السريع قد اعتدت على أكثر من 40 مقراً لبعثات دبلوماسية إضافة إلى منظمات دولية ووكالات تابعة للأمم المتحدة، وقد ورد حصرها في بيانات متكررة قدمتها بعثة السودان الدائمة بنيويورك أمام مجلس الأمن، بما فيها مقر بعثة الإمارات نفسها، ولم يصدر منها إدانة على ذلك الفعل المشين .عليه تود الوزارة أن توضح الحقائق التالية:-إن العقار الذي زعمت الحكومة الإماراتية أنه تعرض للقصف، والذي لم يتم استهدافه البتة، مملوك لمواطن سوداني، تعرض للتصفية على يد مليشيا الجنجويد المتمردة ولا يستخدم كمقر دبلوماسي، حيث انتقلت السفارة الإماراتية إلى مدينة بورتسودان كغيرها من سفارات الدول التي استهدفت مقارها في الخرطوم بعد أن استباحتها مليشيا الجنجويد التي ترعاها الإمارات بعيد اندلاع حرب العدوان الإماراتية وحولتها لثكنات عسكرية.– في بادرة تشير لسوء استخدام منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة، كرر رئيس وفد الإمارات تلك المزاعم الكاذبة الرامية للتغطية على افتضاح دور بلاده المشين في السودان، وانتهاكها للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وميثاق الجامعة العربية وكل الأعراف الدولية للتشويش علي علاقات السودان بدول الخليج الشقيقة.– لقد أثبت تقرير فريق خبراء مجلس الأمن أن الإمارات هي مصدر التسليح والتمويل للمليشيا الإرهابية، وأكدت على ذلك تقارير الإعلام الاستقصائي الدولي والتي كشفت طرق وأساليب توصيل إمدادات السلاح للمليشيا بما في ذلك استغلال شعار الهلال الأحمر الإماراتي لهذا الغرض، كما بينت أن ما لا يقل عن 200 ألف من المرتزقة الأجانب يقاتلون إلى جانب المليشيا المتمردة بتمويل من الإمارات.وقدم السودان شكوى مدعمة بالتفاصيل والوثائق لمجلس الأمن ضد الإمارات بسبب عدوانها على السودان، وضلوعها المباشر في كل ما يتعرض له الشعب السوداني من تقتيل وانتهاكات جسيمة.تُجدد وزارة الخارجية التزام السودان الكامل بحرمة المقار الدبلوماسية وحمايتها وفقا لإتفاقية فيينا وتؤكد أن سفارة الإمارات قد انتقلت كغيرها من البعثات الدبلوماسية الأخرى إلى مدينة بورتسودان وظلت تمارس مهامها من هناك دون أي مضايقات، رغم دور حكومتها المشين في الحرب علي السودان وشعبه.سوناإنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • ???? على السودان الإنسحاب من الإتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية
  • البرهان لوفد السلم الأفريقي: جهات أجنبية تسعي للسيطرة على السودان بواسطة «المليشيا»
  • أحداث رواندا وطلاب الجامعات السودانية
  • وفد من مجلس الأمن و السلم الأفريقي يصل بورتسودان اليوم
  • المتحدث باسم الخارجية الأميركية: المسؤولون الأميركيون في كل المستويات يعملون بلا كلل من أجل حل الأزمة السودانية
  • الخارجية السودانية: وفد من مجلس الأمن والسلم الافريقي يزور البلاد غدا
  • أمريكا تصدر قراراً بشأن السفن القادمة من الموانئ السودانية
  • وزير البيئة اللبناني: فعلنا خطط الطوارئ ونحتاج إلى نصف مليار دولار لمواكبة الأزمة
  • توضيح من الخارجية السودانية تؤكد فيه التزام السودان بحرمة المقار الدبلوماسية