الفنان سيف الجامعة: أنا ضد الحرب ومع المتضررين من الانتهاكات والمجاعة
تاريخ النشر: 3rd, October 2024 GMT
أكد الفنان السوداني سيف الدين محمد المعروف بـ”سيف الجامعة”، موقفه الرافض للحرب بكل مكوناتها، وأعلن انخراطه في مبادرات من شأنها إيقاف الحرب ورفع معاناة الشعب السوداني وإيقاف المجاعة التي باتت تهدده.
وتحدث سيف في حوار مكاشفة رصدته (التغيير) على الأسافير، عن مشروعه الفني، وقال إنه لم يتبن خيار مقاطعة الإسلاميين وغنى في منابر محسوبة عليهم إيماناً منه بإيصال صوته الداعي للحرية والمدنية.
التغيير- رصد: عبد الله برير
* هنالك اتهامات طالتك بأنك تغنيت للكيزان، ما تعليقك؟اذكروا لي نموذجاً واحداً يثبت بأنني تغنيت للكيزان، أنا ليست لدي ارتباطات حزبية سواء بالمؤتمر الوطني أو غيره وكل الهجوم علي من أشخاص من قوى اليسار اعتقدوا أن حركة الجماهير حصرية عليهم بمعنى أنني إما أن أكون منظماً لصالح اليسار وتحديداً الحزب الشيوعي أو هذا يعني أنني كوز.
* علام ارتكزت فلسفتك في الغناء على كل المنابر بغض النظر عن توجهها؟لم يكن لدي أدنى تحفظ في أنني اغني في أي مكان، أنا شخص مستقل في كل مواقفي التزمت جانب الشعب السوداني واعتبر نفسي فناناً قومياً لكل الناس، لم أقاطع اي منبر حتى تلك المحسوبة على الإسلاميين والتي كانت تحتاج شخصا جريئاً ليقول لهم إنكم أخطاتم في كذا وكذا، نضالي كله من 1989 حتى 2006 كان إصراراً على أن أوصل صوتي للناس وأغني للحرية والديمقراطية، لم أرفض هذه الفرصة لأن رؤيتي تختلف عن الآخرين الذين يعتمدون على المقاطعة والغياب.
* البعض يقول إن مواقفك رمادية فيما يختص بمناهضة الإنقاذ تحديداً، كيف ترد؟لا يزايد أحد على وطنيتي ولا أكره أحداً بل أحب جميع الناس، أنا من مؤيدي الثورة وتغنيت لها وكنت واعتبر نفسي أحد المساهمين في الوعي الذي أنتج ثورة ديسمبر التي قام بها شباب يفع ونحن تجاوزنا العمر الذي نجري فيه من الشرطة، عمري الآن 65 عاماً ولا أسمح لأي جهة أن تحدد مشاركتي من عدمها ولا أسمح بالمزايدة على مواقفي، أتحدى أي شخص أن يحفظ لي موقفاً مخزياً.
* هل صنفت الثورة الفنانين بناءً على مواقفهم منها ودعمهم لها؟السودان يسع الجميع ومحاولات البعض لإبعاد زيد أو عبيد هي ما أودت البلد إلى ما نحن فيه الآن، من مشاكل ثورة ديسمبر هذه التصنيفات ومحاولة إبعاد فلان لأنه غنى للكيزان مثلاً، كله كلام مرسل وليس عليه إثبات واحد، من يعرف لي موقفاً مخزياً فليقله، أنا واحد من مشاعل الوعي والفهم والحركة الفنية السودانية وشخص مناضل وكنت أكثر من تعرض للضغوط المستمرة في فترة الإنقاذ تصدياً لمحاولاتي في قياده مجموعة الفنانين من داخل اتحاد المهن الموسيقية، كلما حاولت الاقتراب من الإدارة إجد مقاومة شديدة من الكيزان، الشيوعيون نصحوني دائماً بأن ابتعد وهذا موقف اعتبره سلبياً ورفضته.
* ما هو الانتماء السياسي للفنان سيف الجامعة؟كل ذنبي الذي اقترفته في الحياة أنني مستقل، أنا واحد ممن أسسوا مؤتمر الطلاب المستقلين الذي أحدث انتفاضة ابريل والذي تمخض عنه حزب المؤتمر السوداني الحالي بقيادة الدقير، وعندما تحول إلى حزب خرجت منه فوراً.
* ما هو موقفك من الحرب الدائرة في البلاد؟ليس هنالك فنان عاقل واعي أو أي إنسان يكون مع الحرب، أنا ضد الحرب قلباً وقالباً وضد آثارها وما ترتب عليها من انتهاكات، ومع كل ما هو داعم لوقف الحرب وماشي في هذا الخط، بلادنا تحتاج إلى جهودنا جميعاً أنا عضو في مبادرات كثيرة هدفها إيقاف هذه الحرب ورفع المعاناة عن الشعب وإقالة عثرات الأسر المتضررة ومكافحة شبح المجاعة.
الفنان سيف الجامعة * ما هي كواليس استنكار بعض الجهات لإحدى حفلاتك بجامعة الخرطوم؟في العام 2004 و2005 غنيت في جامعة الخرطوم بكلية الآداب في حفل استقبال الطلاب الجدد، منظمو الحفل لم يقابلوني بصورة شخصية بل اتفقوا عبر اتحاد الفنانين، جئت يوم الحفل ووجدت الجمهور موجوداً وكان هذا عقب عودتي السودان، كنت متحمساً وغنيت الغناء الخاص بي من أعمال الراحل محبوب شريف والموصلي والنخلي وجاءني بعض الطلاب المنتمين للجبهة الديمقراطية وتساءلوا: كيف أغني غناء الراحل محجوب شريف للكيزان، الامر لا يفرق معي أنهم كيزان أو غيرهم لأن الفنان لا يختار الجمهور، ومكتب الارتباطات لا يسأل طالب الحفل هل أنت شيوعي أم حزب أمة مثلاً، غنيت في جميع الكليات والجامعات داخل وخارج الخرطوم سواء كان اتحاد الطلاب إسلامي أو لا، وأعتقد “دا ما شغلي”.
* هل طلب منك محجوب شريف عدم التغني بأشعاره نهائياً؟ناس الجبهة الديمقراطية ذهبوا إلى محجوب شريف وأخبروه بأنني أغني للكيزان وأرسل لي محامياً ينتمي للحزب الشيوعي وأوصل لي رسالة بأن الأستاذ طلب مني عدم أداء أغنياته مجدداً ووافقت احتراماً للعلاقة وأوقفت غناء مريم ومي ومريم محمود، وبعد ذلك ظل بعض الشيوعيين يرددون بأن سيف الجامعة تراجع وباع القضية وأنا أردد في المنابر واتساءل لمن بعت هذه القضية وبكم؟ الحرية والديمقراطية ليست قابلة للشراء.
* ما هو موقفك من الجيش السوداني وكواليس تغنيك له في الأوبريت الشهير؟ليس لدي موقف ضد الجيش وحينما غنينا في أوبريت القوات المسلحة كان الجيش السوداني قد استعاد الفشقة وشارك في هذا العمل 18 مطرباً في أغنية لحنها عمر الشاعر وتتكلم عن القوات المسلحة التي حققت انتصاراً على عدو خارجي لأول مرة لأن كل الحروبات كانت داخلية، ننظر للجيش كمؤسسة قومية ولا تعجبنا المعركة الدائرة حالياً لكنني ساعٍ وبشدة كما ذكرت لإيقاف الحرب ولست بصدد الحديث عن تاريخي، حينما قامت الثورة انخرطت في عدد من المبادرات القومية السودانية وشاركت في المفاوضات على الوثيقة الدستورية المعروفة واحتفل بنا الوسيط الأفريقي وذكر ذلك في كتابه، شاركت مع الشعب في مليونية 30 يونيو مما ساهم في انصياع العساكر ونجح ضغط الشارع حتى وقعوا على الوثيقة.
* هل انت راضٍ عن مشروعك الفني ومواقفك الوطنية؟ضميري مرتاح جداً ولن أعتذر عن شئ عملته بقناعة، لم أقم بشئ ضد الشعب السوداني الذي يحفظ لي طبل العز ضرب وغنيتها للانتفاضة عام 1985م وقدمت أعمالاً عظيمة لشعراء كبار مثل القدال وحميد وأزهري وغيرهم، وهي أعمال ذات صبغة وطنية وقومية، على من ينتقدني أن يفعل ذلك بذكر الحقائق وليس بالافتراءات، وأكرر مجدداً لم أؤلف أو أغن أو ألحن للكيزان ولا لمن له علاقة مباشرة بهم ولست عضواً في المؤتمر الوطني أو الحركة الإسلامية.
الوسومالانتفاضة الجبهة الديمقراطية الجيش السوداني الحرب الدقير السودان الفنان سيف الجامعة الكيزان المؤتمر الوطني جامعة الخرطوم حزب المؤتمر السوداني محجوب شريفالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الانتفاضة الجبهة الديمقراطية الجيش السوداني الحرب الدقير السودان الفنان سيف الجامعة الكيزان المؤتمر الوطني جامعة الخرطوم حزب المؤتمر السوداني محجوب شريف سیف الجامعة
إقرأ أيضاً:
حرب اللصوص- الوجه الحقيقي للصراع في السودان
حرب اللصوص- الوجه الحقيقي للصراع في السودان
د. وجدي كامل
عندما اندلعت هذه الحرب في بداياتها، بدا الأمر وكأنه صراع بين الجيش وقوات الدعم السريع، ثم سرعان ما تكشفت حقيقتها لتصبح حربًا بين جنرالين لا يمتلكان أي حس بالمسؤولية الوطنية، يسعيان بكل ما أوتيا من قوة للاستئثار بالسلطة. ومع مرور الوقت، أدرك الناس أن هذه الحرب ليست سوى محاولة من المؤتمر الوطني وأجهزته العسكرية والأمنية لاستعادة الحكم الذي أسقطته ثورة الشعب.
كل ذلك صحيح بلا شك، لكنه ليس سوى جزء من المشهد. فمع توالي الأحداث، اتضح أن هذه الحرب لم تكن سوى غطاء لعمليات نهب منظم لموارد وثروات البلاد من ذهب، ومعادن اخرى، حيث شاركت جميع الأطراف المسلحة- الجيش والدعم السريع على حد سواء- في عمليات السلب والنهب، مستهدفين البنوك والمنازل والأسواق، وباطن الارض، دون أدنى اعتبار لحقوق المواطنين أو ممتلكاتهم. ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل كشفت التقارير الأخيرة عن تورط عناصر من الجيش في مواصلة عمليات النهب التي بدأتها قوات الدعم السريع، في ما أصبح يُعرف بـ”الشفشفة”، وهو مصطلح محلي يعبّر عن نهب ممتلكات النازحين بعد مغادرتهم قسرًا.
ولم تتوقف هذه الجرائم عند نهب الممتلكات الفردية، بل امتدت لتشمل عمليات تهريب للثروات الوطنية، مثل تصدير النحاس المستخرج بطريقة غير قانونية، في وقت يعاني فيه المواطنون من الجوع والفقر والتشريد. أصبح من الواضح أن هذه الحرب ليست سوى حرب لصوص، حيث تتنافس القوى المسلحة المختلفة على استغلال البلاد لصالحها، دون اعتبار لمصير الشعب أو مستقبل السودان.
لقد بات واضحًا أن الإطاحة بالمرحلة الانتقالية لم تكن سوى “كلمة سر” لفتح الأبواب أمام نهب منظم من قبل القادة العسكريين، وهو ما تؤكده المعلومات المتداولة حول تضخم ثرواتهم بطريقة يعجز العقل عن استيعابها. هذه الاستباحة للممتلكات العامة والخاصة، وهذا الاحتقار التام للحقوق العامة، ليسا سوى امتداد لثقافة الفساد التي عمّقها عقلية الإخوان المسلمين خلال سنوات حكمهم، حيث زرعوا فكرة أن الفساد ليس مجرد انحراف، بل ممارسة مشروعة بل ومطلوبة لتحقيق المصالح. وهكذا، أصبحت السرقة سلوكًا راسخًا، لا يقتصر على الأفراد بل يمتد إلى مؤسسات كاملة، تشمل الجيش، الدعم السريع، الحركات المسلحة المتحالفة، وحتى الكتائب الأمنية المختلفة. لقد فهم الناس ان الفضائح اخرجتها لجنة التفكيك كانت اجراءات مؤلمة وشديدة الصدمة للمدانين وان الحرب لم تعد سوى الوسيلة والاداة لرفض حكم القانون والافلات من العقاب والمحاسبة. الحرب والفساد دائرة جهنمية لا تنتهي، وان هذه الفوضى لا تقتصر على تدمير الاقتصاد ونهب الثروات، بل إنها تخلق واقعًا اجتماعيًا جديدًا تُطبع فيه اللصوصية كجزء من الحياة اليومية. كل يوم تستمر فيه الحرب، يتغلغل الفساد أكثر، ويصبح أكثر قبولًا كجزء من النسيج الاجتماعي، حتى يصل إلى مرحلة يستحيل فيها اقتلاعه دون ثمن باهظ.
من الواضح بات، ان النتائج ستكون كارثية، ليس فقط على الأوضاع الاقتصادية الحالية، ولكن على مستقبل البلاد والأجيال القادمة، التي ستجد نفسها مضطرة لدفع ثمن هذا الفساد المنهجي على “دائرة المليم”، كما يُقال. لقد أُبتلي السودان بحكام عسكريين، بتحالفات مدنية، لم يروا في الدولة سوى غنيمة، ولم يروا في الشعب سوى عقبة في طريقهم للثراء.
في ظل هذا الواقع المظلم، لا يمكن الخروج من هذه الدوامة إلا عبر وعي شعبي متزايد بحقيقة الصراع، ورفض تام لاستمرار سيطرة هذه القوى الفاسدة على مصير البلاد. لا بد من إعادة بناء السودان على أسس جديدة، يكون فيها القانون هو الحاكم وليس السلاح، وتكون فيها العدالة هي الميزان، وليس المصالح الشخصية لمن هم في السلطة.
إنها السرقة بأوامر عليا. انها السرقة التي كلف تنفيذ خطتها فض انعقاد الاجتماع المدني السوداني وتدمير الدولة والعبث بالحقائق والتاريخ. إنها حرب اللصوص، لكن الشعب، وحده قادر على إنهائها، طال الوقت، ام قصر.
[email protected]
الوسومالحرب السودان الفترة الانتقالية القوات المسلحة اللصوص الوعي الشعبي د. وجدي كامل قوات الدعم السريع