بعد سنة على اندلاع الحرب في قطاع غزة، لم يخفت الدعم الشعبي الثابت للفلسطينيين في البلدان العربية، لكن من دون أن يقترن بقرارات أو بخطوات موازية من جانب حكومات هذه الدول التي يطالبها المتضامنون بقطع علاقاتها مع إسرائيل.

قبيل تظاهرة في المنامة منتصف سبتمبر، قال الشاب البحريني أحمد (27 عاما)، مفضلا عدم ذكر اسمه كاملا، « تتجاهل حكومتنا مثل بقية الحكومات العربية مطالب شعوبها، بما فيها قطع العلاقات مع الكيان (الإسرائيلي) الغاصب وطرد سفيره ».

على المستوى الرسمي، تجمع الدول العربية على إدانة الرد الإسرائيلي على الهجوم غير المسبوق الذي شنته حركة حماس على الأراضي الإسرائيلية في 7 أكتوبر 2023.

لكن الحرب المستمرة في غزة والمتمددة إلى لبنان لم تسفر عما هو أبعد من الانتقادات العلنية، باستثناء قرار السعودية رفض أي تطبيع للعلاقات مع إسرائيل من دون إقامة الدولة الفلسطينية.

كذلك، لا يشارك في مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة سوى الوسيطين التقليديين مصر وقطر.

وجاء الرد الأقوى في المنطقة، الثلاثاء، من طرف إيران التي شنت هجوما صاروخيا على إسرائيل.

قبل فترة قصيرة، قال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي « السؤال المطروح هو هل إلغاء اتفاقية السلام يخدم فلسطين ويخدم الأردن، نحن لا نعتقد ذلك »، رغم إقراره أن الاتفاقية الموقعة العام 1994 « باتت وثيقة يملؤها الغبار ».

في المقابل، ترتفع الأصوات المؤيدة للقضية الفلسطينية في الشارع في البلدان التي يسمح فيها بالتظاهر.

وتجمع التظاهرات على اعتبار « التطبيع خيانة » و »فلسطين أمانة »، كما يردد المتظاهرون في البحرين والمغرب اللذان طبعا على غرار الإمارات والسودان العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل منذ أواخر العام 2020 برعاية أمريكية.

في الرباط، يوضح عضو مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين، رشيد فلولي، أن المغرب شهد منذ بدء الحرب في غزة حوالى 5 آلاف تظاهرة، إضافة إلى عدة مسيرات وطنية للتضامن مع فلسطين والمطالبة بإسقاط اتفاق التطبيع.

يعتبر فلولي الذي يتظاهر مرتين في الأسبوع بالرباط، أن المكسب الأهم يتمثل في حشد « جيل جديد » مؤيد للقضية الفلسطينية. لكن ذلك لم يؤثر على الحكومة المغربية، علما أن اتفاق التطبيع يتضمن أيضا اعتراف واشنطن بسيادة المملكة على الصحراء.

يقول الباحث في معهد دول الخليج العربية بواشنطن حسين إبيش، إن الدول التي أقامت علاقات مع إسرائيل « كانت لديها أسباب لذلك، وهذه الأسباب لا تزال قائمة ».

من جهته، يؤكد مدير منطقة شمال إفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية ريكاردو فابياني وجود الكثير من المصالح التي تحول دون تغيير الوضع، مثل اتفاقيات التعاون الأمني والدعم الدبلوماسي، ونقل التكنولوجيا العسكرية فضلا عن الاستفادة من الدعم الأمريكي.

ويتابع « هناك أيضا مسألة عدم التراجع أمام الضغوط الشعبية، الذي قد يشكل سابقة خطرة بالنسبة لجزء غير يسير من تلك البلدان ».

ويرى حسين إبيش أن « كابوس » المنطقة يتمثل « بعودة ظهور كل المطالب التي رفعت خلال الربيع العربي والتي لم تتم الاستجابة لها ».

ويوضح « المعادلة هي أن قمع (الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين) سيعطي الكلمة لأولئك الذين يمكن أن يطرحوا قضايا سوء الإدارة والمعاملة القاسية وغياب دولة القانون والبطالة… ».

ويعتبر أن ثمة انفصالا إلى حد كبير بين الشعوب ومسارات صنع القرار التي تظل مغلقة من طرف القادة، بحيث لا يبقى أمامها سوى التعبير عن « عواطفها » إزاء الحرب، رافضا في الوقت نفسه فكرة وجود « شارع عربي » موحد.

ويخلص إلى أن السلطات « قررت أن السماح بالتظاهرات يتيح تنفيس الضغط ويعد أكثر أمانا ».

في البلدان التي يمنع فيها التعبير في الشوارع، يتخذ التضامن مع الفلسطينيين أشكالا أخرى.

في مصر، وهي أول دولة عربية توقع اتفاقية سلام مع إسرائيل في العام 1979، يعبر عن هذا التضامن من خلال حملة لمقاطعة الشركات التي تعتبر داعمة لإسرائيل، بينما تم تفريق تظاهرات في الشارع بسرعة العام الماضي.

في هذا الصدد، طرح مؤيدون للقضية الفلسطينية تطبيقا يحمل على الهاتف لكشف ما إذا كانت السلع من إنتاج إحدى الشركات التي يجب مقاطعتها. ويوضح مصممو التطبيق المسمى « قضيتي » أن « فلسطين ليست قضية تخص الفلسطينيين وحدهم ».

يرى فابياني « من الواضح برأيي أن هذا ليس له تأثير ».

لكنه يستطرد « هناك أجيال نشأت بعد الربيع العربي ولم تعرف بالتالي إمكانية التعبير بحرية عن آرائها، واليوم يتشكل لديها وعي سياسي من خلال القضية الفلسطينية ».

ويضيف « السؤال المطروح هو ما إذا كنا سنرى بروز أجيال جديدة من السياسيين في غضون خمسة أو عشرة أعوام في تلك البلدان ».

في انتظار ذلك تتيح مواقع التواصل الاجتماعي حرية أكبر للتعبير، حيث لا يزال هاشتاغ « لا ننسى » متداولا منذ عام.

 

فرانس برس

كلمات دلالية احتاجاجات العرب المغرب حرب فلسطين لبنان

المصدر: اليوم 24

كلمات دلالية: العرب المغرب حرب فلسطين لبنان مع إسرائیل

إقرأ أيضاً:

الخارجية الفلسطينية: قرارات الشرعية الدولية تؤكد أن القدس جزء لا يتجزأ من فلسطين

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أكدت وزارة الخارجية الفلسطينية، أن اقتحام قوات الاحتلال مدارس أونروا في القدس وقلنديا انتهاك صارخ للحصانة والامتيازات اللتين تتمتع بهما الأمم المتحدة، مطالبة بإجراءات دولية رادعة لحماية وكالة أونروا.

وقالت الخارجية الفلسطينية، إن قرارات الشرعية الدولية تؤكد بشكل واضح أن القدس جزء لا يتجزأ من الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 وعاصمة لدولة فلسطين، موضحًا أن العدوان الإسرائيلي على المخيمات الفلسطينية في شمال الضفة واستهداف مقار أونروا محاولات إسرائيلية لتصفية القضية الفلسطينية.

وأشارت الخارجية الفلسطينية، إلى أن إسرائيل تسعى لشطب حق العودة للاجئين والتخلص من حالة اللجوء بقوة الاحتلال ووفقا لخارطة مصالحها التوسعية.

مقالات مشابهة

  • الاتحاد: يجب أن تلتف الدول العربية حول موقف واحد لدعم إقامة الدولة الفلسطينية
  • أمين العربي للكوادر الشبابية: الموقف المصري من قضايا الأمة العربية ثابت وراسخ
  • منتدى: استثمار التكامل الاقتصادي بين البلدان الإفريقية أداة حاسمة لتحقيق الاستقرار والسلم
  • مفتي لبنان: الموقف العربي من فلسطين ثابت.. ومؤتمر الحوار الإسلامي يعزز وحدة الأمة
  • أحمد موسى: موقف إسبانيا بشأن دعم القضية الفلسطينية ثابت ولن يتغير |فيديو
  • مشيدا بـ السعودية.. العاهل الأردني: دعمها ثابت للقضايا العربية وعلى رأسها فلسطين
  • خطة ترامب لغزة خيار مستحيل.. الغارديان: تسخر من موقف الدول العربية بسبب ضعفها التاريخي بشأن فلسطين
  • الخارجية الفلسطينية: قرارات الشرعية الدولية تؤكد أن القدس جزء لا يتجزأ من فلسطين
  • أخبار غزة.. رئاسة فلسطين تحذر من تصاعد جرائم إسرائيل وتدعو لوقف الحرب الشاملة
  • مساعد وزير الخارجية الأسبق: مصر تقود الدول العربية لحل القضية الفلسطينية