تلاشي آمال التقارب الإيراني الأميركي بعد الهجوم الأخير
تاريخ النشر: 3rd, October 2024 GMT
واشنطن- خلال مشاركته في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، عكس خطاب الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان نغمة تصالحية مع الغرب، داعيا إلى "حقبة جديدة" وإلى استعادة الاتفاق النووي الذي تم التفاوض عليه سابقا مع أميركا والقوى العالمية الأخرى، قبل أن تنسحب منه واشنطن في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب عام 2018.
كما التقى بزشكيان صحفيين أميركيين وخبراء من مراكز أبحاث، بالإضافة إلى رئيسي فرنسا إيمانويل ماكرون وسويسرا آلان بيرسيت، وضم وفده الرسمي دبلوماسيين مخضرمين مثل وزير الخارجية السابق ونائب الرئيس الحالي جواد ظريف.
وكانت الرسالة الواضحة، أن إيران مهتمة بالحد من عزلتها ومشاكلها الاقتصادية، من خلال تجديد الدبلوماسية مع الدول الغربية، وخاصة الولايات المتحدة، وشدد بزشكيان على استعداد إيران لإحياء خطة العمل الشاملة المشتركة، قائلا إن بلاده مستعدة للتعامل مع أولئك الذين تفاوضوا على الصفقة ومناقشة قضايا أخرى إذا تم تنفيذ الاتفاق الأصلي بالكامل.
ورغم أن بزشكيان قال إن إيران لن تقع في "فخ إسرائيل"، المتمثل في إخراج دبلوماسيتها عن مسارها، فإن الهجمات الصاروخية الإيرانية على إسرائيل أعادت ساعة التفاؤل إلى الوراء، فيما يتعلق بأي انفراجة في العلاقات الإيرانية الأميركية.
تشدد أميركيواضطر بزشكيان للتعامل مع أزمتين رئيسيتين خلال الشهرين اللذين قضاهما في منصبه، وهما اغتيال إسرائيل لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، في طهران بعد ساعات من تنصيبه، واغتيال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله قبل أيام، ما دفع بعض المحافظين في إيران لانتقاد رسالته التصالحية في نيويورك، قائلين إنها أظهرت ضعفا، وشجعت إسرائيل على التمادي في عدوانها.
واعتبر خبير الشؤون الإيرانية جودت بهجت، المحاضر بمركز الشرق الأدنى وجنوب آسيا بجامعة الدفاع الوطني التابعة للبنتاغون، في حديث للجزيرة نت، أن "زيارة الرئيس بزشكيان ولقاءاته في مدينة نيويورك لم تؤسس لأي أرضية جديدة، حيث يعتقد العديد من المحللين والمسؤولين في واشنطن أن السلطة الحقيقية هي بأيدي المرشد الأعلى علي خامنئي والحرس الثوري وليست بيد الرئيس".
وقبل شن إيران للهجمات الصاروخية، استبعد بهجت حدوث أي انفراج في العلاقات الأميركية الإيرانية في الوقت المتبقي من إدارة بايدن، وقال "لست متأكدا من أنني سأستخدم كلمة اختراق لوصف ما قد يحدث، ولكن بوسعي أن أتصور بعض اتفاقات خفض التصعيد على الجبهة النووية والعقوبات، وتهدئة المنطقة، ربما يتم التوصل إليها إذا فازت هاريس بالانتخابات المقبلة".
وأضاف "في الوقت ذاته، لدى بعض الإيرانيين ثقة بأن السياسة الأميركية لن تتغير بشكل جذري بعد 20 يناير/كانون الثاني المقبل، وإذا فاز المرشح الجمهوري ترامب، فإن إيران ستتطلع لمحاولة عقد صفقة معه".
من جانبها، قالت باربرا سلافين، خبيرة الشؤون الدولية بمعهد ستيمسون في واشنطن، إنها لا ترى إمكانية لقيام الرئيس الإيراني بطي صفحة العداء بين البلدين وحل الخلافات بالوسائل الدبلوماسية، وأكدت في حديثها أن "بزشكيان ليس صانع القرار".
وأضافت في حديثها للجزيرة نت "لقد وجدت بصراحة أن تعليقاته أقل عدوانية إلى حد ما حول الشرق الأوسط، خاصة إن كانت تعني أن إيران ستقبل رسميا في مرحلة ما بحل الدولتين، وبالتالي الاعتراف بحق إسرائيل في الوجود جنبا إلى جنب مع دولة فلسطينية".
ولفتت سلافين إلى أن هذا التوجه معاكس لسلفه إبراهيم رئيسي "الذي جادل بأن آسيا هي المستقبل والغرب هو الماضي"، وقالت إن بزشكيان يسعى إلى تحسين العلاقات مع الولايات المتحدة وأوروبا لتخفيف العقوبات الاقتصادية الضخمة على إيران.
استبعاد الانفراجوفي حديث مع الجزيرة نت، قال تشارلز دان المسؤول السابق بالبيت الأبيض ووزارة الخارجية، والخبير حاليا بالمعهد العربي بواشنطن، إنه "من المستبعد جدا أن تكون هناك انفراجة في العلاقات الأميركية الإيرانية في الأشهر القليلة المقبلة".
وأوضح أن إيران لا تحظى بشعبية كبيرة في واشنطن، وأن أي صفقة قد تجريها إدارة بايدن سيتم تصويرها على أنها استسلام وعلامة ضعف سيتم استخدامها ضد هاريس، كما أن الرئيس بايدن مشغول بالحرب في أوكرانيا وفي غزة وبالتصعيد في لبنان.
وبعدما تفاءل بعض المراقبين بإمكانية حدوث تقدم في علاقات الدولتين حال فوز الديمقراطيين في انتخابات الشهر المقبل، دفع بيان نائبة الرئيس الحالي والمرشحة كامالا هاريس الشديد اللهجة ضد الهجمات الإيرانية إلى تراجع هذه الأصوات.
وعبرت هاريس عن إدانتها للهجوم الإيراني، وقالت في بيان لها إنها كانت في غرفة العمليات برفقة الرئيس بايدن وفريق الأمن القومي، وكانوا يراقبون الهجوم بشكل مباشر، وأضافت "سأضمن دائما تمتع إسرائيل بقدرة الدفاع عن نفسها ضد إيران والمليشيات الإرهابية التي تدعمها، فالتزامي تجاه أمن إسرائيل ثابت وراسخ".
وذكرت هاريس، في سياق التوضيح، أن "إيران لا تشكل خطرا على إسرائيل وحدها، بل أيضا على العناصر الأميركية الموجودة في المنطقة ومصالحها، والمدنيين الأبرياء في مختلف أنحاء المنطقة، الذين يعانون على أيدي وكلاء إرهابيين مدعومين من إيران ومتمركزين فيها".
ولا يعد المراقبون ما قاله الرئيس جو بايدن أمس حول ضربة إسرائيلية انتقامية متوقعة على أهداف إيرانية، علامة على تغير موقف واشنطن من إدانتها الشديدة، والتأكيد على حق إسرائيل بالرد على إيران.
وقد قال بايدن إن الولايات المتحدة تعمل مع مجموعة الدول السبع على صياغة بيان مشترك، "يوضح أن هناك أشياء يجب القيام بها بعد الهجوم الإيراني"، وأكد أن جميع دول المجموعة "توافق على أن لإسرائيل الحق في الرد"، لكنه أضاف "يجب أن ترد بشكل متناسب".
ورفض متحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض الإفصاح عن نوع الرد الإسرائيلي الذي قد تدعمه الولايات المتحدة، وقال "لا أريد أن أستبق إسرائيل بوصف كيف سيبدو هذا الرد"، وأضاف "نحن نناقش مع الإسرائيليين طبيعة ما سيكون عليه ردهم".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
إدارة بايدن تسابق الزمن لإنجاز «إرث الأيام الأخيرة»
دينا محمود (واشنطن، لندن)
أخبار ذات صلة روسيا تسقط 36 مسيرة أوكرانية.. وانفجارات تهز كييف واشنطن تفرض عقوبات على كيانات وشخصيات «حوثية» انتخابات الرئاسة الأميركية تابع التغطية كاملةفي الوقت الذي اتجهت فيه أنظار غالبية وسائل الإعلام الأميركية والدولية صوب الترشيحات التي كشف عنها تباعاً الرئيس المنتخب دونالد ترامب لأسماء أركان إدارته المقبلة، كثفت الإدارة الديمقراطية بقيادة الرئيس جو بايدن، جهودها لإحداث انفراجة حيال عدد من القضايا الرئيسة على الصعيدين الداخلي والخارجي، قبل الخروج من البيت الأبيض في يناير المقبل.
وبحسب مصادر مطلعة في واشنطن، تتركز هذه الجهود خارجياً، على ملفات مثل الحرب في غزة، بجانب الأزمة الأوكرانية، فضلاً عن إحراز تقدم على الصعيد الاقتصادي في الداخل الأميركي، بالرغم من أن توفير مزيد من فرص العمل خلال فترة حكم بايدن، لم يضمن لنائبته كامالا هاريس، تحقيق الفوز على ترامب، في الانتخابات الرئاسية الأخيرة.
وأشارت المصادر إلى أن هذه الملفات تحديداً، أثقلت كاهل الإدارة الديمقراطية، خلال السنوات القليلة التي قضتها في الحكم، لا سيما وأن الجهود التي بذلها بايدن وفريقه للسياسة الخارجية، للتعامل مع الصراعات الناشبة في منطقة الشرق الأوسط وأوروبا، لم تُكلل بأي قدر يُذكر من النجاح.
وفي الوقت الحاضر، تسعى إدارة بايدن لتحقيق أي إنجاز على صعيد تلك القضايا الداخلية والخارجية، من أجل تأمين «إرث مشرف» لها في التاريخ السياسي الأميركي، قبيل تسليم مهامها بعد نحو شهر، وهو ما حدا بها لتسريع وتيرة محاولاتها لطي صفحة التصعيد العسكري في لبنان.
أما فيما يتعلق بالأزمة الأوكرانية، فحرص الرئيس الديمقراطي وكبار مساعديه على اتخاذ خطوات تستهدف مساعدة كييف، على تعزيز موقفها على الأرض، في مسعى لتحسين فرصها في أي مفاوضات مستقبلية مع موسكو، وذلك على ضوء التعهد الذي قطعه الرئيس الأميركي المنتخب على نفسه، بإنهاء المعارك بشكل سريع، من خلال دفع طرفيْ الصراع إلى العودة إلى طاولة التفاوض.
وتشمل جهود إدارة بايدن على الصعيد الداخلي، كما ذكرت صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية، اغتنام فرصة الهيمنة الديمقراطية الحالية على مجلس الشيوخ، لتمرير أكبر عدد ممكن من التعيينات القضائية، قبل أن يتسنى للرئيس الجمهوري المقبل، إدخال موجة جديدة من القضاة المحافظين إلى المحاكم الفيدرالية الأميركية، بعدما يهيمن الجمهوريون على المجلس، اعتباراً من يناير 2025.
وأشار التقرير إلى أنه سبق لترامب، أن نَصَّب خلال فترة ولايته الأولى بين عاميْ 2017 و2021، أكثر من 200 قاضٍ فيدرالي، كما عزز الأغلبية التي يحظى بها القضاة ذوو التوجهات المحافظة في المحكمة العليا، عبر تعيين ثلاثة قضاة، على مدار السنوات الأربع نفسها.