الحوثيون يبعثون رسائل تهديد لأصحاب السفن عبر البريد الإلكتروني
تاريخ النشر: 3rd, October 2024 GMT
(رويترز)
في ليلة ربيعية دافئة بأثينا وقبل منتصف الليل بقليل، لاحظ مسؤول تنفيذي كبير في شركة شحن يونانية وصول رسالة بريد إلكتروني مريبة لصندوق الوارد الخاص به.
وحذرت الرسالة، التي أُرسلت أيضا إلى المدير عبر البريد الإلكتروني للشركة، من أن إحدى سفن الشحن التابعة للشركة والتي تمر عبر البحر الأحمر أضحت عرضة لخطر هجوم من جماعة الحوثي اليمنية المتحالفة مع إيران.
وجاء في الرسالة المكتوبة باللغة الإنجليزية والتي اطّلعت عليها رويترز أن السفينة التي تديرها الشركة اليونانية انتهكت حظر مرور يفرضه الحوثيون بالرسو في ميناء إسرائيلي وأن “القوات المسلحة اليمنية سوف تستهدفها بشكل مباشر في أي منطقة تحددها”.
وجاء أيضا في الرسالة التي حملت توقيع مركز تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن، وهو مركز جرى إنشاؤه في فبراير/ شباط للتنسيق بين الحوثيين والجهات المشغلة للسفن التجارية، “أنتم تتحملون المسؤولية والعواقب المترتبة على إدراج السفينة في قائمة الحظر”.
وشن الحوثيون نحو 100 هجوم على سفن تعبر البحر الأحمر منذ نوفمبر/ تشرين الثاني، تضامنا مع الفلسطينيين في الحرب المستمرة منذ عام في غزة. وتسببت هجماتهم في إغراق سفينتين والاستيلاء على ثالثة ومقتل أربعة بحارة على الأقل.
وحذرت الرسالة التي وردت في نهاية مايو/ أيار من فرض “عقوبات” على أسطول الشركة كاملا حال استمرار السفينة في “انتهاك معايير الحظر ودخول موانئ الكيان الإسرائيلي المحتل”.
وأحجم المسؤول التنفيذي عن كشف هويته وكذلك اسم الشركة لأسباب أمنية.
وكانت رسالة التحذير هذه هي الأولى بين أكثر من 12 رسالة تهديد أخرى جرى إرسالها إلى ما لا يقل عن ست شركات شحن يونانية منذ مايو/ أيار وسط تصاعد للتوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، بحسب ما ذكرته ستة مصادر في قطاع الشحن مطلعة على الرسائل بشكل مباشر ومصدران مطلعان بشكل غير مباشر.
ومنذ العام الماضي، يطلق الحوثيون صواريخ وطائرات مسيرة وقوارب محملة بمتفجرات على السفن التجارية التي على صلة بكيانات إسرائيلية وأمريكية وبريطانية.
وتشير حملة رسائل البريد الإلكتروني، التي لم ترد أنباء بشأنها من قبل، إلى أن المسلحين الحوثيين يوسعون شبكتهم ويستهدفون سفنا تجارية يونانية ليست على صلة تُذكر بإسرائيل أو لا تربطها بها أي صلة على الإطلاق.
وفي الأشهر القليلة الماضية، وُجهت التهديدات لأول مرة إلى أساطيل بأكملها، مما زاد من المخاطر التي تتعرض لها السفن التي تحاول عبور البحر الأحمر.
وجاء في رسالة بريد إلكتروني منفصلة في يونيو حزيران أرسلها موقع إلكتروني حكومي يمني إلى الشركة المذكورة أولا بعد أسابيع وإلى شركة يونانية أخرى رفضت أيضا كشف اسمها “خرقت سفنكم قرار القوات المسلحة اليمنية… لذلك سيتم فرض عقوبات على جميع سفن شركتكم… مع أطيب التحيات، البحرية اليمنية”.
ويعاني اليمن من حرب أهلية منذ سنوات. وفي عام 2014، سيطر الحوثيون على العاصمة صنعاء وأطاحوا بالحكومة المعترف بها دوليا. وفي يناير كانون الثاني أعادت الولايات المتحدة إدراج الحوثيين على قائمتها للجماعات الإرهابية.
وأحجم مسؤولون حوثيون عن تأكيد إرسالهم رسائل البريد الإلكتروني أو تقديم أي تعقيب إضافي عندما اتصلت بهم رويترز قائلين إن هذه معلومات عسكرية سرية.
ولم تتمكن رويترز من تحديد ما إذا كانت الرسائل قد أُرسلت إلى شركات شحن أجنبية أخرى.
وذكرت بيانات صادرة عن لويدز ليست إنتليجنس أن نحو 30 بالمئة من هجمات الحوثيين حتى أوائل سبتمبر أيلول كانت على سفن مملوكة لشركات يونانية، وهي تمثل أحد أكبر الأساطيل في العالم، دون تحديد ما إذا كان لهذه السفن صلة بإسرائيل.
وفي أغسطس آب هاجمت جماعة الحوثي، وهي جزء من تحالف محور المقاومة الإيراني للجماعات المسلحة غير النظامية المناهضة لإسرائيل، ناقلة سونيون وتركتها تشتعل بها النيران لأسابيع قبل أن يتم قطرها إلى منطقة أكثر أمانا.
ودفعت الهجمات الكثير من سفن الشحن إلى اتخاذ مسار أطول بكثير عبر رأس الرجاء الصالح.
وأظهرت بيانات لويدز ليست إنتليجنس أن حركة المرور عبر قناة السويس انخفضت من نحو ألفي سفينة شهريا قبل نوفمبر تشرين الثاني 2023 إلى نحو 800 سفينة فقط في أغسطس آب 2024.
وبلغت التوترات في الشرق الأوسط ذروة جديدة يوم الثلاثاء عندما شنت إيران هجوما على إسرائيل بأكثر من 180 صاروخا ردا على مقتل بعض قياديي جماعة حزب الله في لبنان وعلى رأسهم الأمين العام للجماعة حسن نصر الله.
* مرحلة جديدة
أفادت وثيقة راجعتها رويترز بأن مهمة الاتحاد الأوروبي البحرية في البحر الأحمر (أسبيدس) أكدت، خلال اجتماع مغلق مع شركات شحن في أوائل سبتمبر/ أيلول، تطور تكتيكات الحوثيين. وساعدت أسبيدس أكثر من 200 سفينة على الإبحار بأمان عبر البحر الأحمر.
وقالت أسبيدس في الوثيقة التي شاركتها مع شركات الشحن إن قرار الحوثيين إرسال تحذيرات إلى أساطيل بأكملها يمثل بداية “المرحلة الرابعة” من حملتهم العسكرية في البحر الأحمر.
وحثت أسبيدس أيضا ملاك السفن على إغلاق أجهزة نظام تحديد الهوية الآلي التي تظهر موقع السفينة وتقدم مساعدة ملاحية للسفن القريبة، قائلة إن عليهم إغلاقها أو التعرض للنيران.
وذكرت أسبيدس أن نسبة دقة هجمات الحوثيين الصاروخية بلغت 75 بالمئة حينما استهدفوا سفنا تشغل نظام تحديد الهوية الآلي. وورد في الإفادة نفسها أن 96 بالمئة من الهجمات التي تم شنها حينما كان نظام تحديد الهوية الآلي مغلقا لم تصب أهدافها.
وقال فاسيليوس جريباريس قائد العمليات في أسبيدس لرويترز “أسبيدس على علم بهذه الرسائل الإلكترونية”، مضيفا أن أي رد يجب أن يكون مدروسا بعناية وأن الشركات تحصل على نصائح مشددة بإبلاغ خبراء الأمن لديها إذا تم الاتصال بها قبل الإبحار.
وأضاف “بشكل خاص، بالنسبة لمركز تنسيق العمليات الإنسانية، تكون النصيحة أو التوجيه عدم الرد على الاتصالات عبر موجات الراديو عالية التردد ولا رسائل البريد الإلكتروني الواردة من “البحرية اليمنية” أو “مركز تنسيق العمليات الإنسانية”.
وبدأت حملة الرسائل الإلكترونية من الحوثيين في فبراير شباط بتوجيه رسائل إلى ملاك السفن وشركات الشحن ونقابة البحارة الرئيسية من مركز تنسيق العمليات الإنسانية التابع للحوثيين.
وحذرت هذه الرسائل الإلكترونية، التي اطّلعت رويترز على اثنتين منها، قطاع الشحن من فرض الحوثيين حظرا على سفن بعينها من عبور البحر الأحمر، إلا أنها لم تحذر الشركات بشكل صريح من هجوم وشيك.
واحتوت الرسائل المرسلة بعد مايو أيار على تهديدات أكبر.
وقال مصدران مطلعان لرويترز إن شركتي شحن على الأقل تشغلهما اليونان تسلمتا تهديدات عبر البريد الإلكتروني وقررتا إنهاء المرور عبر البحر الأحمر، وطلب المصدران عدم تحديد هوية الشركتين لدواع أمنية.
وقال مسؤول تنفيذي في شركة شحن ثالثة تلقت رسالة أيضا إنهم قرروا إنهاء الأعمال مع إسرائيل لتتمكن سفنهم من مواصلة العبور من البحر الأحمر.
وقال ستيفن كوتون الأمين العام للاتحاد الدولي لعمال النقل “إذا لم يتسن ضمان العبور الآمن للبحر الأحمر، فإن على الشركات التحرك، حتى وإن كان ذلك يعني تأجيل مواعيد التسليم… تعتمد حياة البحارة على ذلك”. والاتحاد هو النقابة الرئيسية للبحارة التي تلقت رسالة بالبريد الإلكتروني من مركز تنسيق العمليات الإنسانية.
وقالت المصادر لرويترز إن حملة البريد الإلكتروني تزيد القلق بين شركات الشحن، وإن تكاليف التأمين التي يتحملها ملاك السفن الغربيون قفزت بالفعل بسبب هجمات الحوثيين، وعلقت بعض شركات التأمين التغطية بشكل كلي.
وأوقفت شركة (كونبالك) لتشغيل السفن ومقرها اليونان عبور رحلات من البحر الأحمر بعدما تعرضت سفينتها (إم.في جروتون) للهجوم مرتين في أغسطس آب.
وقال ديميتريس دالاكوراس، الرئيس التنفيذي لكونبالك، خلال مؤتمر (كابيتال لينك) للشحن في لندن في العاشر من سبتمبر أيلول “لا تمر أي سفينة (من كونبالك) عبر البحر الأحمر. يتعلق الأمر بشكل رئيسي بسلامة الطواقم. بمجرد تعرض الطاقم للخطر تتوقف جميع المناقشات”.
وقال توربين كولن المدير الإداري لمجموعة شحن الحاويات (ليونهارت اند بلومبيرج)، ومقرها ألمانيا، إن البحر الأحمر وخليج عدن منطقة “محظورة” على أسطولهم.
ولم ترد الشركتان عندما تواصلت رويترز معهما للتعليق على ما إذا كانت حملة البريد الإلكتروني من الحوثيين قد استهدفتهما.
وتواصل بعض الشركات عبور البحر الأحمر بسبب اتفاقيات ملزمة طويلة الأجل مع المستأجرين أو بسبب احتياجها إلى نقل البضائع في تلك المنطقة بالتحديد.
ولا يزال البحر الأحمر أسرع طريق لنقل البضائع إلى المستهلكين في أوروبا وآسيا.
ولم يوقف الحوثيون حركة السفن كليا، وتستطيع أغلبية السفن المملوكة لصينيين وروس الإبحار بلا عوائق وبتكاليف تأمين أقل. ولا يعد الحوثيون السفن المملوكة لصينيين وروس ذات صلة بإسرائيل.
وورد في تسجيل صوتي لرسالة بثها الحوثيون لسفن في البحر الأحمر في سبتمبر/ أيلول وجرت مشاركتها مع رويترز “نؤكد للسفن التابعة لشركات لا صلة لها بالعدو الإسرائيلي أنها آمنة ولها حرية (التحرك) وإبقاء أجهزة نظام تحديد الهوية الآلي مفتوحا طوال الوقت”.
وأضافوا “نشكركم على تعاونكم. انتهى”.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق *
الاسم *
البريد الإلكتروني *
الموقع الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
Δ
شاهد أيضاً إغلاق أخبار محليةنور سبتمبر يطل علينا رغم العتمة، أَلقاً وضياءً، متفوقاً على...
تم مشاهدة طائر اللقلق مغرب يوم الاحد 8 سبتمبر 2024 في محافظة...
يا هلا و سهلا ب رئيسنا الشرعي ان شاء الله تعود هذه الزيارة ب...
نرحو ايصال هذا الخبر...... أمين عام اللجنة الوطنية للطاقة ال...
عندما كانت الدول العربية تصارع الإستعمار كان هذا الأخير يمرر...
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: عبر البحر الأحمر جماعة الحوثی بعثة أممیة فی الیمن أکثر من
إقرأ أيضاً:
موسم «السمك الناشف» ينطلق فى البحر الأحمر.. الوجبة الشعبية
رغم شهرة الفسيخ والإقبال عليه فى مدن البحر الأحمر، إلا أن وجبة السمك الناشف تظل المنافس الأول والوجبة الشعبية المفضلة لدى أهالى البحر الأحمر، حيث يتم تجفيف السمك الطازج لمدة طويلة، باستخدام كميات من الملح، وتعريضه للهواء والشمس مدة طويلة قبل تناوله.
السمك الناشف في البحر الأحمرمع اقتراب شهر رمضان الكريم، يبدأ أهالي البحر الأحمر في تجهيز السمك الناشف، الذى يحتاج وقتاً يتراوح بين أسبوعين وشهر، استعداداً لتناوله في أول أيام عيد الفطر المبارك.
يشير أحمد عبده، بائع سمك مجفف فى تصريحات للوطن إلى بدء موسم تجفيف الأسماك، وعن طريقة تجهيزه: «تشق السمكة بطولها، وتنظف جيداً بالماء، ثم تعرض لأشعة الشمس لمدة يوم، ثم يتم غسلها مرة أخرى بماء البحر، وقلبها على الناحية الأخرى، وترش بكمية من الملح، وتترك من أسبوعين إلى شهر».
تجفيف السمك في البحر الأحمرويضيف حمدى غريب، أحد الأهالى في تصريحات لـ«الوطن»، أن عملية تجفيف الأسماك يتميز بها أهالى البحر الأحمر، وكان يستخدمها الصيادون القدامى فى رحلات الصيد البعيدة، للحفاظ على الأسماك مدة طويلة، حتى لا تفسد لعدم وجود ثلاجات كهربائية، موضحاً أن أنواعاً معينة من الأسماك تصلح للتجفيف مثل الحريد والشعور وأبوقرن، ويتم تجهيز «السمك الناشف»، بداية من حلول شهر رمضان، لتكون جاهزة على عيد الفطر المبارك.
طريقة تجفيف السمكيقول الدكتور أحمد شوقى، خبير التغذية، في تصريحات لـ«الوطن»، إن طريقة تجفيف الطعام هى فرعونية قديمة، لحفظ الطعام عبر الطرق التقليدية، مثل التجفيف والتمليح، وكانت أقدم طريقة تقليدية لحفظ الأسماك هى السماح للرياح والشمس بتجفيفها، ويصل عمر التخزين للأسماك المجففة إلى عدة سنوات.
يوضح حمو البورسعيدى، مجفف أسماك فى حلقة سمك الغردقة، أن تجهيز السمك الناشف أو المجفف فى الأيام الحالية تكون بالطلب، فمن يريد يطلب الكمية ويتم تجفيفها له، بينما فى السابق كان الإقبال على شراء السمك المجفف أو المملح مع قرب العيد.
وأضاف أن تمليح السمك أو تجفيفه لا تصلح فى كل أنواع، إنما بعض الأسماك مثل الشعور وأبوقرن والغبانى والرهو والحريت.