تزايدت تحديات السجون في السودان، مع تحول المزيد من المناطق إلى مناطق نزاع، وتضاؤل قدرة السلطات في الحفاظ على معايير السجون.

بورتسودان: التغيير

أدى النزاع المستمر في السودان إلى تفاقم الظروف القاسية بالفعل للسجناء في البلاد. وقد أثرت عمليات التشريد الجماعي وندرة الموارد وانهيار أنظمة الحكم وتدمير البنى التحتية تأثيراً شديداً على نظام السجون.

كما أدى النزاع إلى سوء التغذية وتردي الحالة الصحية للسجناء وحول اهتمام الحكومة ومواردها بعيداً عن الإصلاحات الأساسية والتدخلات الإنسانية اللازمة في مرافق الاحتجاز.

مقابلة التحديات

مع تحول المزيد من المناطق إلى مناطق نزاع، تضاءلت قدرة السلطات في الحفاظ على معايير السجون. ويؤدي ذلك إلى تفاقم ظروف الاكتظاظ مع احتجاز المزيد من الأفراد، وغالباً دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة.

للحد من هذه التحديات، يتم تنفيذ مشروع مدته 3 سنوات، بتمويل من الاتحاد الأوروبي، من قبل المنظمة الدولية للإصلاح الجنائي منذ يونيو 2023، بهدف تحسين الظروف المعيشية للنساء والأطفال والسجناء الشباب.

وتغطي المبادرة ست ولايات في البلاد وتهدف إلى تعزيز سيادة القانون من خلال تعزيز الوصول إلى العدالة مع زيادة المساواة بين الجنسين وحقوق الإنسان للمحتجزين. يستهدف المشروع 8000 فرد ظلوا في مرافق الاحتجاز طوال الحرب.

دراسة سابقة

سبق تنفيذ مشروع المنظمة الدولية للإصلاح الجنائي (PRI)، الممول من الاتحاد الأوروبي، دراسة قامت بها المنظمة في العام 2021م، حيث قامت المنظمة الدولية للإصلاح الجنائي بتقييم الظروف الإنسانية في 12 منشأة احتجاز في السودان.

وأكدت النتائج أن هذه المراكز مكتظة، وأن برامج إعادة التأهيل وإعادة الإدماج غائبة. والحاجة إلى دعم إصلاح نظام السجون في البلد واضحة.

ولذلك بدأ مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي مدته 3 سنوات نفذته المنظمة الدولية للإصلاح الجنائي لتوفير البنى التحتية والخدمات المناسبة التي تضمن بيئة قائمة على حقوق الإنسان تحمي كرامة السجناء، ولا سيما النساء.

التحدي الأكبر

كان أحد التحديات الأكثر إلحاحا التي تم التأكيد عليها في تقرير عام 2021م الصادر عن PRI هو وضع الأطفال الذين يعيشون مع أمهاتهم في السجون.

كان 156 طفلاً مع أمهاتهم في جميع السجون بالسودان وقت إجراء الدراسة (60 في السجون التي تم تقييمها) ولم يكن لديهم إمكانية الوصول إلى الأساسيات مثل الحليب والحفاضات.

الخدمات الأساسية، ولكن ليس فقط

وكانت إعادة تأهيل البنى التحتية، بما في ذلك أماكن النوم والمراحيض والعيادات الصحية والمطابخ وشبكة الصرف الصحي وتوفير مياه الشرب النظيفة في سجون ود مدني وبورتسودان وسجن كسلا بعض الأنشطة التي أجريت في السنة الأولى من المشروع.

وبالإضافة إلى ذلك، كان إنشاء وحدات لحوالي 24 طفلاً يقيمون في السجون مع أمهاتهم جزءاً من الخدمات المقدمة.

مزرعة في سجن كسلا مركز دعم الضحايا

كانت هناك حاجة إلى نهج كلي لتعزيز الدعم المقدم إلى هؤلاء النساء. ولتحقيق ذلك، تم إنشاء مركز جامع يقدم الدعم القانوني والصحة العقلية وخدمات الإحالة للنساء ضحايا العنف القائم على النوع الاجتماعي في كسلا، وبدأ برنامج الدعم النفسي للنساء في سجون بورتسودان.

وسيتم تشغيل خط هاتفي للمساعدة في السنة الثانية من المشروع لتقديم خدمات المساعدة القانونية للنساء ضحايا العنف القائم على النوع الاجتماعي والفقراء والأكثر ضعفاً.

ويجري أيضاً إنشاء مكاتب للمساعدة القانونية داخل السجون لدعم الإفراج عن النساء والسجناء الشباب.

“تم تصميم برنامج المساعدة القانونية لدينا لمساعدة كل من لا يستطيع تحمل تكاليف التمثيل القانوني، مع التركيز بشكل خاص على دعم الفقراء”، تشرح تغريد جابر المديرة الإقليمية لـPRI لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

مشروع مزرعة سجن كسلا مشاريع للسجناء

تمثلت الإنجازات الملحوظة التي حققتها المنظمة الدولية للإصلاح الجنائي في إطار هذه المبادرة في السيطرة على تفشي وباء الكوليرا في سجن مدني في نوفمبر 2023، وبالتالي إنقاذ حياة 700 سجين وموظفي السجن، وإنهاء تجديد سجن النساء قبيل تقدم النزاع إلى هذه المنطقة في ديسمبر 2023.

وفي الوقت الحالي “يجري تطوير مزرعة في سجن كسلا، بهدف زراعة 20 فدان من الطماطم والبصل والفلفل والفلفل الحار والباذنجان بهدف استخدامها كبرنامج مهني للسجناء وتأمين الغذاء والاستجابة للأزمة الإنسانية التي تهدد السودان”، كما يقول المدير الإقليمي للمنظمة.

وبذلك، سيتمكن أكثر من 2000 شخص، بمن فيهم السجناء وموظفو السجون وأسرهم وأفراد المجتمع المحيط من النازحين داخلياً، من الحصول على الغذاء كجزء من هذه المبادرة.

نهج قائم على نوع الجنس

حقيقة أن النساء يشكلن أقلية بين نزلاء السجون في السودان لها آثار كبيرة على الخدمات المقدمة لهن، مما يؤدي إلى زيادة التمييز والإهمال.

وتوضح تغريد جابر قائلة: “نظراً لكونها أقل عدداً، فإن الاحتياجات المحددة للمرأة غالباً ما تحظى باهتمام أقل في تخطيط السياسات وتخصيص الموارد، مما يؤدي إلى مرافق وبرامج مصممة في المقام الأول لغالبية النزلاء الذكور”.

ولهذه الظروف آثار عديدة: الافتقار إلى الرعاية الصحية الخاصة بنوع الجنس، بما في ذلك الرعاية المتعلقة بأمراض النساء والرعاية السابقة للولادة، وعدم كفاية الحماية من العنف القائم على نوع الجنس داخل السجون، أو عدم وجود برامج لإعادة التأهيل والتدريب المهني.

وتكتسي هذه المسائل أهمية خاصة لإعادة إدماج المحتجزات لأنها لا تؤثر على ظروف حبسهن فحسب، بل تعوق أيضاً إعادة تأهيلهن وآفاق إعادة إدماجهن في مجتمعاتهن المحلية.

وكما يؤكد الفريق في المنظمة الدولية للإصلاح الجنائي، “في أوقات النزاع، غالباً ما يعاني الأشخاص الأكثر ضعفاً أكثر من غيرهم. السجون ليست استثناء. إن دعم أنظمة السجون أثناء النزاعات يضمن حماية حقوق الإنسان، ويمنع المزيد من الأزمات الإنسانية، ويعزز الاستقرار والعدالة. دعونا لا ننسى أولئك الذين يقبعون وراء القضبان- رفاهيتهم هو مقياس لإنسانيتنا”.

الوسومأنظمة السجون الاتحاد الأوروبي السجون السودان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا القضارف المنظمة الدولية للإصلاح الجنائي بورتسودان كسلا ود مدني

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الاتحاد الأوروبي السجون السودان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا القضارف المنظمة الدولية للإصلاح الجنائي بورتسودان كسلا ود مدني الاتحاد الأوروبی فی السودان المزید من السجون فی

إقرأ أيضاً:

لوقف الحرب في السودان .. ما خيارات واشنطن والقوى الدولية

 

في تطور لافت أعاد الملف السوداني إلى مقدمة الاهتمام الدولي، برز سؤال محوري: ما الخيارات المتاحة أمام واشنطن وشركائها لوقف الصراع الدائر في السودان؟.

التغيير _ وكالات

هذا السؤال عاد بقوة بعدما أطلق الرئيس الأميركي دونالد ترامب تصريحات غير مسبوقة بشأن الحرب، معلنا بدء تحرك مباشر لوقفها، في تحول وصفه محللون بأنه أول انخراط حقيقي من واشنطن منذ اندلاع الأزمة.

الكاتب والباحث السياسي السوداني فايز السليك، أكد في حديثه بحسب “سكاي نيوز عربية” أن تصريحات ترامب الأخيرة تمثل تغيرا نوعيا في موقف واشنطن، قائلا: “هذه المرة كانت الصورة واضحة جدا جدا، وهو تغيير كبير في السياسة الأميركية، خاصة تجاه السودان.

وأوضح السليك أن ترامب، بعد اجتماعه بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، “تحدث بشكل مباشر وواضح” عن ضرورة أن “تتوقف هذه الحرب حالا وبالفور”، مضيفا أن الرئيس الأميركي أعلن العمل مع الرباعية الولايات المتحدة، السعودية، الإمارات، ومصر لبذل “كل ما في وسعه” لوقف النزاع.

ضغوط أكبر في الطريق

على الجانب الأميركي، كشف كبير مستشاري الرئيس الأميركي للشؤون العربية والإفريقية، مسعد بولس، في مقابلة مع “سكاي نيوز عربية”، عن دخول ترامب شخصيا على خط الأزمة، قائلا: “إعلان الرئيس ترامب له وقع دولي كبير جدا… اليوم أصبح مهتما شخصيا ويتابع معنا بشكل يومي.”

وكشف بولس أن الإدارة الأميركية تقدمت للطرفين بمقترح هدنة إنسانية لمدة ثلاثة أشهر، مشددا: “نطلب منهم القبول فورا ودون أي شروط مسبقة”.

وأكد أن الرئيس ترامب كلّفه بالتوجه فورا إلى المنطقة لعقد اجتماعات مع شركاء الرباعية وفاعلين إقليميين آخرين، من بينهم قطر وتركيا، بهدف الوصول إلى حل عاجل.

 التحرك الأميركي

بولس أوضح أن واشنطن تعمل على مقترح جديد يقوم على ثلاثة محاور: الوضع الإنساني، وقف إطلاق النار، إيصال المساعدات، معالجة أوضاع النازحين واللاجئين.
الانتقال السياسي: عملية تفاوض سودانية-سودانية تؤدي إلى حكم مدني بعيد عن الأطراف المتنازعة.
إعادة الإعمار: خطة شاملة للمرحلة التي تلي انتهاء الحرب.

وحول مستقبل القوى المتحاربة، شدد بولس على وجود “خطوط حمراء” واضحة لدى الولايات المتحدة وشركائها، بما يشمل تأثير “النظام السابق” و”الإخوان المسلمين” و”الدور الإيراني”.

وفي رده على سؤال حول أدوات الضغط الأميركية، قال بولس: “لدينا وسائل ضغط عديدة… بعضها استُخدم، والبعض الآخر قيد الدراسة النهائية، وسيُعلن عنها في الوقت المناسب.”

وأوضح أن ما تغيّر اليوم هو حجم الزخم الدولي، قائلا: “الأضواء كلها صارت على السودان… وهذا شيء مهم جدا”.

عقبات معقدة

من جهته، أشار السليك إلى أن الطريق ليس سهلاً رغم التحرك الأميركي، موضحا: “هناك عقبات كبيرة جدا… أولها تعدد مراكز اتخاذ القرار داخل الجيش، وثانيا اختطاف الحركة الإسلامية للمؤسسة العسكرية.”

وحذر من أن إنهاء الحرب اليوم يعني بالنسبة لهذه القوى “عودة قوة مدنية أخرى” إلى المشهد، وهو ما لا ترغب فيه أطراف نافذة داخل الجيش، على حد قوله.

وعن الدعم السريع، قال السليك إن داخله أيضا “مراكز قرار متعددة” و”عناصر غير منضبطة” تستفيد من استمرار الحرب، محذرا من أن ذلك يشكل عقبة أمام أي هدنة.

كيف يمكن تمكين المدنيين؟

يرى السليك أن المدنيين هم الأكثر تضرراً من الحرب والأقل قدرة على التأثير، قائلا: “السودانيون هم الذين يدفعون الثمن… أكثر من 12 مليون بين نازح ولاجئ، وآلاف يموتون ويغرقون.”

وأشار إلى أن الخوف الأكبر لدى قادة الجيش—ومن خلفهم الإسلاميون—هو من الانتقال المدني، مضيفا: “الخوف من القوى المدنية أكبر من الخوف من الدعم السريع.”
هل تمتلك واشنطن “الخلطة السحرية”؟

بالنسبة للسليك، فإن خطة واشنطن النظرية “مفتاح للحل”، لكن تنفيذها يتطلب معالجة جذور المشكلة: “ما لم تتم مخاطبة تعدد مراكز القرار في الجيش والدعم السريع… وما لم تكن هناك ضغوط واضحة… لن تكون المسألة سهلة.”

في المقابل، يرى بولس أن الإرادة الدولية اليوم أقوى من أي وقت مضى، وأن دخول ترامب شخصيا على الخط قد يغير قواعد اللعبة.

الوسومالرئيس الأمريكي السودان خيارات واشنطن شركاء الرباعية وقف الحرب ولي العهد السعودي

مقالات مشابهة

  • اليونيسف: نواصل خدمة الأطفال في الفاشر رغم الكارثة الإنسانية
  • حملة (الـ 16 يوما لمناهضة العنف ضد المرأة) لا تكفي النساء في السودان
  • مصر تدعو إلى سرعة تشكيل "القوة الدولية" في غزة
  • لوقف الحرب في السودان .. ما خيارات واشنطن والقوى الدولية
  • أطباء من أجل حقوق الإنسان لـعربي21: الاحتلال يمارس القتل الممنهج والتعذيب بالسجون
  • ذياب بن محمد بن زايد: ملتزمون بمسؤولياتنا الإنسانية الدولية سيراً على نهج المؤسس
  • أطباء من أجل حقوق الإنسان لـعربي21: الاحتلال الإسرائيلي يمارس القتل الممنهج والتعذيب بالسجون
  • الرئيس عون عن المؤتمرات الدولية التي يستضيفها لبنان: هي الردّ الحقيقيّ على بعض النفوس السوداء
  • جرائم ضد الإنسانية.. الاتحاد الأوروبي يدين انتهاكات الدعم السريع في الفاشر
  • وزير الصحة: استمرار تعطيل مطار صنعاء جريمة بحق الإنسانية وانتهاك للقوانين الدولية