الإعلام الصهيوني وتشويه الحقائق:
تاريخ النشر: 3rd, October 2024 GMT
أكتوبر 3, 2024آخر تحديث: أكتوبر 3, 2024
ميثم تركي
منذ العصور القديمة وحتى يومنا هذا، يعتمد الطغاة على وسائل الإعلام لتزوير الحقيقة وقلب الوقائع لصالحهم، ومن الأمثلة القرآنية البارزة على هذا الأسلوب، حادثة موسى (عليه السلام) مع فرعون. التي تعد من أكثر الأمثلة وضوحا على كيفية استغلال الطغاة للحوادث الفردية من أجل تشويه الحقائق وتضليل الجماهير، فرعون، الذي قتل الآلاف من بني إسرائيل عمدًا، واجه موسى بقوله “وفعلت فعلتك التي فعلت” محاولًا تحويل الأنظار عن جرائمه الكبرى والتركيز على خطأ موسى (عليه السلام)، هذا النوع من الاستغفال الإعلامي لم يتوقف عند فرعون، بل يستمر حتى يومنا هذا، خاصة في الإعلام الصهيوني.
يقول الله تعالى في سورة الشعراء: وَقَالَ فِرْعَوْنُ لِمَلَإِهِ إِنَّ هَٰذَا لَسَٰحِرٌ عَلِيمٌ [الآية: 34]، ويُظهر هذا الأسلوب الفرعوني محاولة التلاعب بالعقول واستغلال القوة الإعلامية لتوجيه الجماهير ضد موسى (عليه السلام)، وهو ما يعكسه الإعلام الصهيوني الذي يسعى لإظهار المقاومة الفلسطينية كإرهابية، متجاهلاً أفعاله العدوانية.
وتتولى الأمثلة عبر التاريخ لاسيما اثناء الحروب الصليبية، اذ استخدم الإعلام والدعاية في أوروبا لتحريف الحقائق حول المسلمين. وقد صُورت الحروب على أنها صراع ديني نبيل، في حين أنها كانت قائمة على الطمع والمصالح السياسية. كما استخدم النازيون الدعاية الكاذبة كأداة للتضليل والتحكم في الرأي العام عبر ما اشتهر عن وزير الدعاية النازي جوزيف غوبلز من مقولة ذائعة مفادها (كذب كذب حتى يصدقك الناس)، ولا ننسى ما يدعيه الصهاينة من ارتكاب النازيين للمحرقة، مما يدعم فكرة ترسيخ عقدة الاضطهاد في الأجيال اللاحقة التي آمنت بالمحرقة. واستخدمت الولايات المتحدة ابان حرب فييتنام الاعلام لتبرير الفظائع التي ارتكبتها هناك واستخدامها الاسلحة المحرمة دوليا، ولا غرابة ان يكون الكيان الصهيوني متأثرا بكبيرتهم -الولايات المتحدة- في استخدام الأساليب نفسها.
لا يختلف الإعلام الصهيوني كثيرًا عن أسلوب فرعون. فهو يعتمد على قلب الحقائق وتصوير جاني ضحية. على سبيل المثال، يُقدم الإعلام الغربي والغالبية العظمى من الوسائل الإعلامية الصهيونية المقاومة الفلسطينية على أنها إرهابية، في حين يتم التغاضي عن الجرائم التي يرتكبها الجيش الصهيوني بحق المدنيين واغتصاب أراضيهم، والفظائع التي يرتكبها المستوطنون الغاصبون التي لفتت انتباه الدول الغربية وعمدت الى فرض العقوبات عليهم. هذا الأسلوب يُشبه تمامًا ما فعله فرعون عندما حاول إلقاء اللوم على موسى، متجاهلاً جرائمه الكبرى.
يقول الله تعالى في سورة غافر: وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ [غافر: 26]. هنا نجد النهج نفسه في تبرير القتل والتضليل من خلال الخوف المصطنع.
ومنذ انطلاق عمليات طوفان الأقصى في فلسطين المحتلة لم تنفك ماكنة التضليل الصهيوني تدعم الرواية الصهيونية بفعل شبكة واسعة من الصحفيين والمحللين ممن يتجاهلون الحقائق التاريخية الثابتة ويجانبون الموضوعية ، ليشككوا في الصور الحية التي تعرض الإبادة الجماعية الجرائم ضد الإنسانية التي يرتكبها الجنود الصهاينة، لتبرز حرب شعواء تمارسها أجهزة الدعاية الصهيونية ضد الحقيقة، تقودها جهات حكومية وإعلامية تروج الروايات الرسمية الإسرائيلية وتشكك بالروايات الفلسطينية، مستهدفين المواطنين الاسرائيليين وعموم المجتمع الغربي لكسب التعاطف والانتباه، في أوروبا وامريكا الشمالية، وتبرير جرائم الحرب التي يرتكبها الجيش، وشيطنة الفلسطينيين، وإقناع الجمهور ان المقاومة الفلسطينية تستخدم المدنيين دروعا بشرية، والمستشفيات والمدارس ودور العبادة بوصفها مقرات عسكرية، فبعد عشرين يوما من انطلاق طوفان الأقصى نشر حساب الجيش على منصة اكس (تويتر) معلومات مضللة مفادها ان حماس تستخدم مستشفى الشفاء التي تعد اهم مستشفيات قطاع غزة واكبرها مقرا لقيادة عملياتها واحتجاز الاسرى عبر شبكة معقدة من الانفاق، وبعد حوالي ثلاثة أسابيع اقتحمت المستشفى من دون ان تقدم دليلا واحدا يدعم روايتها. وبالمثل استخدمت هذه الدعاية لتبرير مئات الهجمات على المؤسسات الصحية والعاملين فيها.
ولكن بالرغم من سيطرة الإعلام الصهيوني والغربي، إلا أن الإعلام المقاوم يحاول كشف الحقائق وتوضيح الصورة الحقيقية للصراع. على الرغم من الموارد المحدودة، إلا أن الإعلام البديل والتكنولوجيات الحديثة مثل منصات التواصل الاجتماعي تسهم في إيصال الحقيقة إلى جماهير أوسع. لكن التحديات تبقى كبيرة، إذ إن التحكم الإعلامي ما زال في يد القوى التي تدعم الكيان الصهيوني.
من جهة أخرى، فإن في العالم اليوم ميلاً أكبر للبحث عن الحقيقة، والافلات من قبضة الهيمنة الإعلامية الصهيونية ومؤسساتها، اذ يظهر ذلك بوضوح من خلال المزيد من التشكيك بالروايات الصهيونية، وتمرد بعض الصحفيين من شبكتي فوكس نيوز ABC في تغطية الاخبار من داخل غزة والافلات من رقابة الجيش الإسرائيلي عند مرافقة الصحفيين له.
مع ذلك تستمر قبضة الهيمنة الإعلامية الصهيونية قوية ومدعومة بالتحيز الأمريكي ومستخدمة لتقنيات الاتصال والتواصل الاجتماعي. لذا إن قراءة الإعلام الصهيوني في ضوء القرآن والتاريخ تظهر بوضوح كيف يتم استخدام الإعلام كسلاح لتزييف الحقائق وقلب الوقائع. لكن كما نرى في القرآن الكريم، فإن الحقائق ستظهر في النهاية، ويبقى الرهان على وعي الجماهير وقدرتها على التمييز بين الحقيقة والباطل.
المصدر: وكالة الصحافة المستقلة
كلمات دلالية: الإعلام الصهیونی التی یرتکبها
إقرأ أيضاً:
استشهاد وإصابة 39 فلسطينياً جراء العملية العسكرية الصهيونية على جنين
الجديد برس|
استشهد أربعة مواطنين فلسطينيين وأصيب عدد آخر ظهر اليوم الثلاثاء،
جراء استهداف قوات الاحتلال الصهيوني، مدينة جنين ومخيمها شمالي الضفة الغربية المحتلة.
وأفادت وزارة الصحة الفلسطينية في بيان مقتضب، بوصول أربعة شهداء و35 إصابة بجروح متفاوتة إلى مستشفيات ابن سينا والأمل والشفاء، جراء عدوان الاحتلال على جنين.
وذكرت مصادر محلية أن عملية الاحتلال العسكرية جاءت عقب اكتشاف المقاومين في مخيم جنين وحدة من القوات الخاصة الصهيونية، تسللت لمنطقة الهدف قرب مخيم جنين، وأمطرها المقاومون حسب بيانات عسكرية بالرصاص.
وأشارت إلى أنه عقب ذلك اقتحمت عشرات الآليات العسكرية مدينة جنين من مختلف المحاور، يدعمها غطاء جوي من طائرة مروحية من نوع أباتشي، أطلقت رصاص رشاشاتها الثقيلة نحو المواطنين في المخيم ومحيطه.
وتواصل قوات العدو منذ يوم أمس نصب بوابات حديدية عند مداخل بلدات وقرى في الضفة الغربية، ضمن سياسة تشديد الحصار على الضفة، وتقطيع أوصالها وتحويلها إلى “مناطق معزولة”، وتقييد حركة المواطنين وفرض عقوبات جماعية عليهم.