د. حفظي اشتية يكتب .. أنين الساخرين 2
تاريخ النشر: 12th, August 2023 GMT
#أنين_الساخرين (2)
د. #حفظي_اشتية
قبل حوالي خمسة عشر عاماً فيما أذكر، سألت طلابي في إحدى محاضراتي عن الفنون الأدبية، أن يذكروا أسماء بعض كتّاب الصحف الأردنية (لم تكن المواقع الإخبارية ووسائل التواصل الاجتماعي قد انتشرت بعد) وقصدت من سؤالي التعرف إلى اهتماماتهم، وتأكيد الحسّ الوطني الأردني في ذواتهم، فتعدّدت الأسماء، لكن غلبت الإجابة شبه الجماعية على الهمهمات الفردية، وعلتْ الأصوات الحماسية: #أحمد_حسن_الزعبي.
سألت أحدهم مداعباً، وكنت توسمت فيه دوماً ألمعية وعمق فهم، ولمست عنده رجاحة العقل وغزارة الثقافة والنبوغ الشعري المبكر: لماذا تحبّ أحمد حسن الزعبي؟ ألإنّه حورانيّ مثلك؟ فقال:
مقالات ذات صلة #الأردن_حرية_سقفها_السجون .. عاصفة إلكترونية مساء الأحد 2023/08/12أحبّه لأنه يتحدّث عمّا في نفسي، ويعبر عن لهجتي وهويتي، ويحكي قصة حياتي، ويجعلني – وأنا أضحك باكياً – أتعلّق بوطني، وأحبه أكثر وأكثر .
تذكرت هذا، وأنا أتابع أصداء الحكم الأخير الذي صدر بحق هذا الكاتب، واستحضرت الوعي التام بأننا جميعا يجب أن نمتثل لحكم القضاء، فهو ملاذنا الأخير المكين، وحصننا الحصين الأمين.
لكن تراسلتْ في الذهن مئات الحكايات عما نهضت عليه دولتنا، وبُني عليه مجتمعنا من تسامح وتسامٍ والتماس أعذار، فلاحت أمام ناظري الأمنيات بأن نجد وسيلة نفرّ بها من القضاء إلى القضاء، لعلنا نفتح نافذة للأمل، ونغلّب الرحمة على العدل.
وتذكرت مقالة لي نُشرتْ قديماً بعنوان أنين الساخرين، أُعيد عرضها مجدداً همسةً صادقةً في آذان السامعين الحكماء النابهين:
أنين الساخرين (1)
سَرَتْ في الآونة الأخيرة نغمة #حزن_دفين في مقالات بعض الكتاب الساخرين، وغابت أو كادت أن تغيب قهقهات كلماتهم التي كانت تصف أوجاعنا بسخرية باكية مريرة، تكشف الخلل، وتشير إلى مواطن التقصير بأسلوب انصهر فيه الجدّ بالهزل، يفجّر من أعماقنا ضحكا باكيا أو بكاء ضاحكا، فما الحياة الدنيا إلا شيء من هذا وذاك.
وإن بقي لدى العرب بقايا من فِراسة شُهروا بها بين الأمم، فلعلها توصلنا إلى قناعة بأن هذه الفئة من الكتاب المرموقين لا تنطوي نفوسهم على مآرب شخصية، فبيئاتهم الاجتماعية غارقة في الفاقة الشريفة والتعفف الوارف وعزة النفس الطاغية على كل هوى.
ولا يُظن أن لهم مطامع في مناصب أو مكاسب، فلو كانوا كذلك لسلكوا الطرق التي توصلهم إلى مبتغاهم، وهي كثيرة يسيرة.
ولعل الدوافع الحقيقية لكتاباتهم تكمن في حبهم العميق لوطنهم، ورغبتهم العارمة أن يكون درّة الأوطان، خاليا من كل خلل، وافر الخير، موفور الكرامة، عظيم الشأن، مهيب الجانب.
وليس ذلك ببعيد، فهذا الوطن مثل قبضة القلب، كان دوما واسطة العقد، وبؤرة الحدث، ومحط الأنظار، ومعبر الحضارات، وباكورة الشمس، ومعقل العزّ.
وكلامنا هذا ليس دفقة حماسية أو خطبة شاعرية، إنما هو توصيف دقيق للواقع، حقيق بأن يُنظر فيه ويُلتفت إليه.
وعندما نقول الوطن، فنحن نعني أبناءه من رئتي النهر المقدس، الذين وحّدهم الدم والألم والهمّ، كما وحّدهم التاريخ والجغرافيا ورغيف الخبز ومساقط الغيث ومواقع الكلأ، قبائل وعشائر تقطع النهر غربا أو شرقا، وتُبقي الشرايين دافقة تنقل نسغ الحياة، ونبض الفرح والألم والحنين.
حضارات تلو حضارات مرّت على هذه الأرض، شواهدها في كل شبر، وطيّ كل ذرة تراب: تلقاها في ربة عمون، وفي جبل مكاور وأذرح والحميمة والبتراء وبصيرا وذيبان وحسبان وطبقة فحل وجرش وأم الجمال وأم قيس…..إلخ والقائمة تطول ولا تكاد تنتهي، لكنها وإن تباعدت مصادرها، تتوارد على منبع واحد هو أن هذه الأرض عربية كانت وما زالت وستبقى بإذن الله. والعابرون سادوا قليلا أو كثيرا، لكنهم نكصوا وبادوا، وما زال رجع صدى هزائمهم المدوّية يتردد في اليرموك وحطين وعين جالوت…..إلخ.
وأما الطلع السرطاني الحالي الذي جرّ علينا الويلات، وهو سبب كل العلات، فلن يكون مصيره بأحسن حالا من سابقيه، ولقد كان استئصاله إبّان النكبة الأولى قريب المأخذ، وفي متناول أيدي أسود الشرى من أبطال الجيش العربي الأردني لولا مكر المستعمرين .
وتشهد على ذلك أسوار القدس وجنبات باب الواد واللطرون…… وقد قِيد كبار قادتهم أسارى صاغرين لتمرّغ أنوفهم في رمال أم الجمال. وتأكّد ذلك مجددا في تلال الكرامة التي أثبتت أن الهزيمة عابرة، وأن النصر لا محالة آت.
لكن النصر الموعود لا يتحقق إلا بتطهير الذات أولا، وتقوية أساسات البيت، ورصد مواقع التصدعات في كل مناحي الحياة.
وكثير من الكتاب النابغين يضطلعون بهذا، وفي طليعتهم الكتاب الساخرون الذين ينتزعون البسمة من بين ركام آهات الآلام.
ولا نملك إلا التمني بأن يُتركوا وشأنهم، ولا يُضيّق عليهم، ولا تُخمد أصواتهم، ولا تتحول ضحكاتهم الصاخبة بالحياة إلى أنين مجروح يندّ عن نفس مهمومة مأزومة.
اتركوا لنا بسماتهم مشاعل تبدّد بعض ظلمتنا، ومنائر نهتدي بها وتؤنس وحشتنا.
الوطن قوي بمحبيه، ولن تهزمه نكتة سالت على لسان محبّ متألم.
لقد اخترعوا جهازا لكشف الكذب، وليتهم يسارعون في اختراع جهاز يكشف عن مستوى حب الوطن في القلب، ليميز بين من يصدعون رؤوسنا صباح مساء بصراخ حناجرهم المزيف المدعي لحب الوطن، وبين المخلصين الصامتين إذا اشتكى الوطن تدمى قلوبهم وتدمع عيونهم، فليست المستأجرة كالثكلى!!!
وفي الأحباب مختصٌّ بوجدٍ وآخر يدّعي معه اشتراكا
إذا اشتبهتْ دموعٌ في خدودٍ تبيّـــن مَن بكى ممّـن تباكى
المصدر: سواليف
إقرأ أيضاً:
خالد ميري يكتب: بحر أكاذيب السوشيال ميديا
يوما بعد يوم يترسخ استخدام السوشيال ميديا، المعروفة بوسائل التواصل الاجتماعي، منصات لإطلاق الشائعات والأكاذيب، ولم يعد خافيا على أحد أنّ مصر أصبحت هدفا رئيسيا لهذه الأكاذيب، والغرض كان وما زال واضحا، محاولات مستميتة لاختلاق فتنة بين أبناء الشعب، وبين الشعب وقيادته، لكن كيدهم سيرتد إلى نحورهم.
منذ الانقلاب العسكري الناعم في سوريا الذي استبدل حاكما بجماعات مسلحة، عمدت أكاذيب السوشيال ميديا المدعومة بأموال إخوان الإرهاب ومن خلفهم إلى استهداف مصر.. لكن أمنياتهم الدموية المسمومة ارتدّت لصدورهم، فشعب مصر يلتف حول بلده وقيادته، ولا يسمح للفتنة بالتنفس بين جنباته، وجيش مصر خير أجناد الأرض يحفظ أمنها وسيادتها وريادتها.. جيش الشعب القوي في رباط إلى يوم الدين دفاعا عن الوطن والشعب.
وعندما نجحت مصر في جمع قادة الدول الثماني النامية في قمة مهيبة علا فيها صوت الحق دفاعا عن فلسطين ولبنان وسوريا، لم يجد إخوان الإرهاب ما يشوي أكبادهم إلا القصر الجمهوري المهيب بالعاصمة الجديدة، القصر الذي يمتلكه الوطن ويعبر عن قوته وعظمته، هكذا عرفت مصر قصور الحكم من أيام الفراعنة إلى أيام أسرة محمد علي، دولة قوية مستقرة وقصر حكمها يليق بها وبشعبها.. وهكذا نرى قصور الحكم فى كل دول العالم القوية والمستقرة، كل نجاح لمصر وكل مظهر من مظاهر قوتها وأمنها يشوى أكبادهم المريضة بالحقد فيطلقون سهام أكاذيبهم وسمومهم عبر بحر الأكاذيب الذي يطلق عليه «السوشيال ميديا».
من حولنا تشتعل نيران الفتنة التي أطلقها مخطط مسموم يريد إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط عبر «سايكس بيكو» جديدة، تشتعل النيران من فلسطين المحتلة الجريحة وحرب الإبادة الصهيونية في غزة إلى لبنان وسوريا وليبيا واليمن والبحر الأحمر والسودان.. حولنا ومن كل جانب تنتشر الفتن والحروب ويخرج السكان مجبرين من منازلهم إلى المجهول والموت.. تتفتت الدول ويضيع الأمن، والمستقبل يبدو مجهولاً لا ينذر إلا بمزيد من الحروب، كل الدول التي سقطت فشلت في العودة.. والشعوب تكتوي بنيران الحروب والموت مع ضياع الأمن، الشعارات البراقة عن الحرية والدين لم تجنِ منها الشعوب سوى الخراب والموت والخوف.
شاء الله أن يحفظ مصر من نيران الخريف العربي، حفظها بشعبها الأمين على وطنه وجيشها خير أجناد الأرض ومؤسساتها الوطنية وزعيمها رجل الأقدار الذي تحمّل المسؤولية للعبور بنا إلى بر الأمان، لكن مخططات الفتنة، ووقودها الرئيسي أكاذيب السوشيال ميديا، لم تتوقف يوما عن استهداف مصر وشعبها، يستغلون أوضاعا اقتصادية صعبة فرضتها علينا في غالبها أزمات عالمية وإقليمية وحروب مدمرة لإشاعة حالة من الغضب على طريق الفتنة، تأكدوا أنّ مصر حصنا حصينا ولا يمكنهم الاقتراب منه بجيوشهم.. فشلوا في خلق ميليشيات مسلحة بعد أن نجحنا في دفن الإرهاب تحت رمالنا الحارقة، فشلوا في الوقيعة بين المسلمين والمسيحيين، لكنهم لا يتوقفون عن المحاولة، سوريا لنا عبرة.. فشلوا في إسقاطها عام 2011 فاستمرت محاولاتهم حتى إسقاطها في 2024.. هم لا يتوقفون ولا يعرفون اليأس، لكن شعب مصر وجيشها ومؤسساتها لهم بالمرصاد، نعرف حقيقة نواياهم الخبيثة ولن نخرب بلادنا بأيدينا مهما حاولوا، بل سنضع أصابعنا في أعينهم العمياء، وبلادنا يحميها رب العالمين، ويحفظ أمنها ووجودها شعبها العريق وجيشها العتيد.
الرئيس السيسي كان واضحا في حديثه للشعب كما كان دوما.. قوتنا في وحدتنا، وطالما نحن جميعا على قلب رجل واحد لن تستطيع أي قوة في الأرض الاقتراب من أرضنا والمساس بأمننا.. مصر يحميها شعبها وجيشها وقيادتها الوطنية المخلصة، ومؤامرات كلاب النار سترتد لصدورهم، وأكاذيب السوشيال ميديا ستحترق تحت رمالنا الحارقة، والفتنة لم ولن تجد طريقا لشارعنا وحينا وقرانا ومدننا، عيوننا ستظل منتبهة وقلوبنا معا تحمي وطننا.. كانت وستظل.
•• الأهلي بين النجاح والفشل:
فى أسابيع قليلة خسر الأهلي كأس السوبر الإفريقية وكأس التحدي وخسر معهما 4 ملايين دولار، الخسارة قاسية ويجب أن يبدأ معها إصلاح حقيقي لمسار ومسيرة فريقنا العريق، الجماهير لا ترضى بغير الفوز.. الخسارة واردة، لكن الأهم أن يكون الأداء يليق بفريق القرن الإفريقي، والأهم أن نرى في كأس العالم للأندية فريقا يقاتل من أجل الفوز والوصول للمربع الذهبي، الأخطاء واردة وتحدث ولكل جواد كبوة.. لكن الإصلاح الحقيقي أصبح واجبا، والجماهير لن ترضى بتعويض أقل من لقب الدوري وبطولة إفريقيا وبعدهما تمثيل يليق بالنادي العريق في المحفل العالمي الكبير كاس العالم للأندية.