أكد مختصون أهمية إعداد مدربي الطفولة وإكسابهم المهارات اللازمة للعمل كمحترفين في مجالات الطفولة والتربية الإيجابية

لتحفيز التعليم المبكر، والتغذية السليمة، والتأديب الإيجابي، ودمج الأطفال ذوي الإعاقة، مؤكدين أهمية هذه الخطوة في بناء جيل متوازن وتحقيق مستقبل صحي وآمن.

وكانت وزارة الصحة بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسف» قد أطلقت يوم الاثنين الفائت برنامج إعداد المدربين في مجال تنمية الطفولة المبكرة والتربية الإيجابية، استهدف لمثقفين والعاملين الصحيين في مراكز الرعاية الصحية الأولية من مختلف المؤسسات الصحية، وشهد البرنامج حلقات عمل، بالإضافة إلى مقدمة شاملة عن تدريب المدربين، تناولت المناهج والأساليب الفعالة المستخدمة في التدريب، وركز المشاركون على استراتيجيات فعالة في إجراء جلسات تدريبية، بما في ذلك كيفية مواجهة المواقف الصعبة التي قد تطرأ أثناء التدريب.

كما تناول أهمية دور الآباء في تنمية الطفولة المبكرة وكيف يمكنهم تعزيز التعليم والنمو الإيجابي للأطفال، إضافة إلى التركيز على تحفيز التعليم المبكر، مع جلسات مخصصة لمشاركة الآباء في الأنشطة التعليمية ودورهم الفعال في تنمية مهارات أطفالهم، وناقش البرنامج حقوق الطفل وطرق دمج الأطفال ذوي الإعاقة ضمن المجتمع، حيث أُجري اختبار نهائي لتقييم المهارات المكتسبة مما ساعد على قياس مدى استيعاب المشاركين للمحتوى وتطبيقه في مجالاتهم العملية.

تعزيز السلوكيات الإيجابية

وأكدت «خديجة الكندي»، مسؤولة الاتصال ودائرة الإعلام بمنظمة اليونيسف، على أهمية هذا البرنامج قائلة: «يعد برنامج إعداد المدربين في مجال تنمية الطفولة المبكرة والتربية الإيجابية أحد الأدوات والتطبيقات العملية لبرنامج التواصل الاستراتيجي من أجل التغيير السلوكي والمجتمعي، ويُعد التواصل الاستراتيجي من أجل التغيير السلوكي والاجتماعي أحد المنهجيات والاستراتيجيات المعمول بها عالميًا؛ لتعزيز السلوكيات الإيجابية بما يتناسب والخلفية الاجتماعية والثقافية لكل مجتمع، وذلك من خلال فهم الدوافع المعرفية والاجتماعية ومحركات السلوك والأعراف والتقاليد بناءً على الممارسات المجتمعية التي يتم استخدامها كأدلة علمية لبناء استراتيجيات التغيير وتوجيه السلوك ضمن أطر منهجية دقيقة قابلة للقياس».

خط الدفاع الأول

وأكدت الدكتورة بدرية بنت محسن الراشدية، المديرة العامة للرعاية الصحية الأولية، أن البرنامج يسعى لإكساب المتدربين المهارات اللازمة ليكونوا خط الدفاع الأول في تقديم المشورة لأولياء الأمور، حيث أشارت إلى أن البرنامج يأتي في إطار جهود الوزارة لتعزيز دور الآباء في تربية الأطفال وتوجيههم نحو سلوكيات إيجابية. وأضافت: «المدربون هم الأداة الأساسية في هذا المجال، وبالتالي فإن تدريبهم بشكل جيد ينعكس مباشرة على جودة الخدمة المقدمة للأطفال».

من جانبه أشار الدكتور بلال الكسواني، مدير البرامج في مكتب اليونيسف، إلى أهمية اللحظات الأولى من حياة الطفل، مشددًا على ضرورة تثقيف أولياء الأمور بشكل دوري حول كيفية التعامل مع الأطفال من النواحي الصحية والنفسية، وأوضح أن «الاستثمار في تنمية الطفولة المبكرة هو استثمار في المستقبل، حيث إن الفهم الصحيح لكيفية دعم نمو الأطفال في هذه المرحلة الحاسمة يؤثر بشكل إيجابي على صحتهم وسعادتهم وقدرتهم على التعلم في المستقبل».

تأثير إيجابي

وقال الدكتور طارق عبد الرحمن، طبيب سابق في اليونيسف وبمنظمة الصحة العالمية: إن أهمية تدريب المدربين تتجاوز مجرد نقل للمعرفة، حيث إنها تمثل دعامة أساسية لتطوير الأداء داخل أي مؤسسة، وذكر: «أن إعداد مدربين مؤهلين يضمن تعزيز فعالية البرامج التعليمية وتحسين نتائج العمل، مما يؤدي في النهاية إلى تأثير إيجابي على المجتمعات التي نعمل فيها».

وأعربت مروة كامل، مستشارة للاتصال وتغير السلوك بمنظمة اليونيسف، عن فخرها بالمشاركة في البرنامج، مشيرةً إلى أهمية إنشاء كوادر مؤهلة من وزارة الصحة والأخصائيين الاجتماعيين، ليكونوا قادرين على تدريب الآخرين في هذا المجال المهم.

موسى بن سعيد الحسني، أحد المشاركين بالبرنامج، أكد على أهمية البرنامج في التعرف على أساليب التربية والتفاعل الإيجابي مع الأطفال. وذكر: «لقد كانت الدورة فرصة كبيرة للتعرف على المهارات والقدرات التي يجب أن تدركها الأسر، سواء من جانب الأب أو الأم، لضمان تنشئة صحية وسليمة، وإن وجود مثل هذه البرامج يُعد خطوة مهمة نحو تعزيز المفاهيم المتعلقة بمرحلة الطفولة وأنماط السلوك والمعرفة اللازمة لضمان تنمية صحيحة وشاملة».

من جانبها أعربت نوال المعولية، مشاركة في البرنامج، عن امتنانها الكبير للجهود المبذولة من وزارة الصحة ومنظمة اليونيسف في تنظيم الدورة التدريبية، وأكدت أن مثل هذه الفعاليات تعتبر خطوة مهمة نحو زيادة الوعي والمعرفة حول الصحة الإنجابية ومكوناتها. وأضافت: إنها اكتسبت مجموعة قيمة من المهارات في تقديم المشورة والدعم للأفراد بشأن قضايا الصحة الإنجابية، مشيرة إلى أهمية تبادل الخبرات مع المشاركين الآخرين، حيث ساعدت النقاشات والمناقشات المفتوحة في تعزيز فهم الجميع للموضوعات المطروحة.

استفادة كبيرة

أكدت الدكتورة آمنة العجمية، من دائرة التغذية، على أهمية تغذية الأطفال في الألف يوم من عمر الطفل الأولى وتأثيرها على صحتهم، مبينة أن «التغذية السليمة تبدأ من فترة الحمل، حيث يجب على الأمهات أن يتلقين العناية الغذائية المناسبة لضمان نمو أطفالهن بشكل صحي. ولقد أظهرت الدراسات أن الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية تكون لديهم قدرات عقلية وذهنية أقل مقارنة بأقرانهم».

وأشار راشد بن سعيد الحجري، أخصائي اجتماعي، إلى أن البرنامج يركز على إعداد مدربين مؤهلين لتعزيز فعالية البرامج التعليمية قائلا: «لقد كان البرنامج رائعًا، وقد استفدنا منه بشكل كبير، ونتطلع إلى تكراره في مجالات أخرى. وأضاف أن اليونيسف تتمتع بخبرة كبيرة في مجال رعاية الطفولة، والاستفادة منها يمكن أن تحدث تأثيرًا كبيرًا على مستوى الخدمات التي نقدمها».

وعلقت الدكتورة آسيا بنت محمد النعمانية، طبيبة اختصاصية بقسم صحة الطفل بوزارة الصحة بالقول: إن الوزارة تولي اهتمامًا بالغًا بالأطفال، الذين هم عماد المستقبل. وذكرت أن «نسبة الأطفال دون سن الخامسة تصل إلى 12.5% وفقًا للتقرير السنوي لوزارة الصحة لعام 2023، وإن هذا التركيز على صحة الطفل ورعايته في مرحلة الطفولة المبكرة يعكس التزامنا الجماعي بتحقيق مستقبل صحي وآمن لأطفالنا».

من جانبها أشارت، عذراء بنت حميد المنعية، أخصائية اجتماعية بالمستشفى السلطاني إلى أن الأخصائي الاجتماعي يعمل كحلقة وصل بين الأسرة والمجتمع، مما يعزز بيئة أسرية صحية، واعتبرت مشاركتهم في البرنامج خطوة مهمة لتزويدهم بالمهارات اللازمة لدعم مقدمي الرعاية ويمكن الأخصائيين من تقديم استشارات عملية وحلول تربوية تعزز استقرار الأسرة، خصوصًا في حالات الضغط النفسي. ولفتت إلى أن تطبيق التربية الإيجابية سيساعد في بناء جيل متوازن نفسيًا، مما يقلل من المشكلات الاجتماعية مثل العنف والانحراف، واعتبرت الشراكة مع اليونيسف فرصة للاستفادة من برامج تدريبية مبنية على أبحاث علمية حديثة، مما يمكن الأخصائيين من الاطلاع على أفضل الممارسات العالمية في هذا المجال.

ويُعتبر برنامج إعداد المدربين خطوة مهمة نحو تعزيز تنمية الطفولة المبكرة في سلطنة عُمان، من خلال تحسين مهارات المدربين وتوفير المعرفة اللازمة، ويسعى البرنامج إلى إيجاد بيئة إيجابية تدعم الأطفال وتُعزز من قدراتهم. إن الاستثمار في الطفولة المبكرة هو استثمار في مستقبل عُمان، ويعكس الالتزام بتحقيق التنمية المستدامة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: تنمیة الطفولة المبکرة خطوة مهمة إلى أن

إقرأ أيضاً:

متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟

في زمن تتسارع فيه وتيرة الحياة ويطغى الاعتماد على التكنولوجيا، يبدو أن تعليم الأطفال مهارات حياتية مثل الطهي قد أصبح أكثر أهمية من أي وقت مضى. الطهي ليس مجرد وسيلة لإعداد الطعام؛ بل هو نشاط يدمج بين التعلم، والترفيه، وتطوير المهارات الحياتية التي يحتاجها الأطفال لمستقبلهم. فالطهي يمنح الأطفال فرصة لفهم أهمية العمل الجاد، وتعزيز الثقة بالنفس، وتنمية عادات غذائية صحية تدوم معهم مدى الحياة.

متى يبدأ الأطفال تعلم الطهي؟

الإجابة ليست مرتبطة بعمر معين. الأمر يعتمد على استعداد الطفل واهتمامه، وكذلك على صبر الأهل واستعدادهم لتحمل الفوضى التي ترافق هذا التعلم. المهم هو توفير بيئة آمنة وداعمة تشجع الطفل على الاستكشاف من دون خوف من الأخطاء. هذه الأخطاء، مهما كانت بسيطة، هي جزء أساسي من العملية التعليمية.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2منصة ألعاب الأطفال "روبلكس" تُحدّث أدوات الرقابة الأبويةlist 2 of 2فوائد اللعب بالمرايا للأطفالend of list المهارات المناسبة لكل مرحلة عمرية الأطفال الصغار (1-3 سنوات):

منذ سنواتهم الأولى، يمكن للأطفال أن يبدؤوا رحلتهم في المطبخ كمتفرجين فضوليين يراقبون والديهم أثناء إعداد الطعام. شيئا فشيئا، هذه المشاركة الأولية ليست مجرد تسلية؛ إنها لحظة تعليمية يكتسب فيها الأطفال مهارات كاتباع التعليمات، التعرف على المكونات، وحتى تعلم أساسيات النظافة والسلامة، فيمكنهم غسل الفواكه والخضروات، وإضافة المكونات البسيطة، وتزيين الأطباق.

الأطفال الأكبر سنا (4-8 سنوات):

مع تقدم الأطفال في العمر، تزداد قدرتهم على التعامل مع مهام أكثر تعقيدا. يمكنهم تعلم استخدام الأدوات بأمان، مثل السكاكين البلاستيكية للأطفال أو أدوات المطبخ الأخرى، كما يمكنهم تعلم مهارات أكثر تعقيدا مثل استخدام المنخل، بشر وتقطيع الجبن، وخلط المكونات.

المراهقون:

يمكنهم إعداد وجبات كاملة بأنفسهم، واستخدام السكاكين بحذر، والالتزام بقواعد سلامة الغذاء.

فوائد الطهي لا تقتصر على المهارات المتعلقة بالمطبخ فقط. بل يتجاوز تأثيره إلى بناء شخصية الطفل (غيتي) تجربة الطهي مع الأطفال ليست دائما سلسة

يمكن أن تكون تجربة الطهي مع الأطفال مليئة بالتحديات، خاصة مع الأطفال الصغار الذين يفتقرون للصبر أو التركيز. هنا يأتي دور الأهل في تحويل هذه التحديات إلى فرص للتعلم والمتعة. وقد ينسكب العصير، أو يضاف الملح بدلا من السكر، لكن كل هذه المواقف تحمل دروسا قيمة. المهم أن يتقبل الأهل هذه الأخطاء كجزء طبيعي من رحلة التعلم.

ولا تقتصر فوائد الطهي على المهارات المتعلقة بالمطبخ فقط. بل يتجاوز تأثيره إلى بناء شخصية الطفل. فالطهي يعلمهم الصبر، الإبداع، وحل المشكلات. كما يعزز الروابط الأسرية، حيث يجمع أفراد العائلة حول نشاط مشترك، خاصة في زمن أصبحت فيه الأجهزة الإلكترونية تسيطر على حياتنا اليومية. وبالنسبة للمراهقين، قد يكون الطهي وسيلة لتحسين صحتهم النفسية، حيث يمنحهم شعورا بالاستقلالية والمسؤولية.

في النهاية، تعليم الطهي للأطفال ليس مجرد نشاط منزلي، بل هو استثمار في مستقبلهم. من غسل الفواكه في طفولتهم إلى إعداد وجبات متكاملة في شبابهم، يبني الطهي فيهم الثقة بالنفس، والمسؤولية، والعادات الصحية. إنه أكثر من مجرد إعداد طعام؛ إنه تجربة تعلم شاملة تعزز من قيم التعاون، والإبداع، والاهتمام بالصحة، لتكون ذكرى عائلية جميلة تدوم مدى الحياة.

مقالات مشابهة

  • «اليونيسف» تحذر: مستقبل الأطفال في خطر
  • متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
  • وزير الثقافة يؤكد دعم القيادة لتنمية القدرات البشرية في المجالات كافة
  • وزير الدفاع الأمريكي يؤكد أهمية ضمان سلامة قوات اليونيفيل
  • 30 متدربا ببرنامج إعداد القادة بأكاديمية مصر للطيران للتدريب
  • في مبادرة "بداية جديدة".. مناقشات عن أهمية تنمية الموارد البشرية بثقافة الوادي الجديد
  • منظومة الطفولة المبكرة .. استثمار اجتماعي لمستقبل الأجيال
  • اليونيسف: أطفال غزة يعيشون كابوس بسبب الحرب الإسرائيلية
  • ملتقى الطفولة المبكرة بجدة يوصي بتعزيز الفضول لدى الأطفال وتعليم الرياضيات مبكرًا
  • التأمين الصحي ببني سويف ينفذ برنامجا تدريبيا لتنمية مهارات أطباء الأسنان