كتب- محمد سامي:

تُعد معركة "جبل المر"، واحدة من أبرز المعارك التي شهدت على شجاعة وإيمان المقاتل المصري، حيث واجه أحدث الأسلحة التي استخدمها العدو الإسرائيلي.

ويعتبر جبل المر، الواقع في قطاع السويس، مصدرًا دائمًا للاشتباكات التي أرهقت المدينة حتى إندلاع حرب أكتوبر، حيث نجحت إحدى وحدات الفرقة التاسعة عشر مشاة، التي كانت تعمل في النسق الثاني للفرقة، في تنفيذ هجوم عميق على مواقع العدو والاستيلاء على جبل المر، مما أجبر العدو على الانسحاب تحت ضغط القوات المصرية في حالة من الفوضى والارتباك، تاركًا ورائه العتاد الذي يعرض حاليًا في المتحف الحربي كشاهد على بطولات القوات المصرية.

ويمثل موقع جبل المر أهمية استراتيجية كبيرة؛ حيث يقع على بعد حوالي 13 كم شرق قناة السويس وجنوب الطريق الرئيسي (الشط/متلا)، ويمثل هيئة حاكمة تسيطر على طرق الاقتراب في تلك المنطقة غربًا وشرقًا، بما في ذلك وادي مبعوق، وادي المر، والطريقين الطولي والعرضي، بارتفاع يبلغ 117 مترًا وطول حوالي 8 كيلومترات، يحيط بالجبل كثبان رملية تجعل من السيطرة عليه مهمة صعبة. تمكن العدو الإسرائيلي من استغلال هذا الموقع لجمع المعلومات عن تحركات القوات المصرية، وقد احتل الموقع بقوة كبيرة ضمت سريتين دبابات، سرية مشاة ميكانيكية، سريتين مضادات للدبابات، بطارية مدفعية عيار 25 رطل، وكتيبة مدفعية ذاتية الحركة عيار 155 مم.

وبمناسبة الاحتفال بذكرى انتصارات أكتوبر، تحدث مصراوي، مع اللواء أ.ح. محمد فكري، من سلاح المشاة وأحد أبطال حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر، الذي شارك في معركة "جبل المر"حيث استعرض اللواء فكري ذكرياته حول المعركة وكيف تمكنت القوات المصرية من التغلب على الإمكانيات الهائلة للعدو.

بدأ اللواء فكري حديثه بالإشارة إلى أنه تخرج في الكلية الحربية عام 1968، وعُين قائدًا لفصيلة في اللواء الثاني من الفرقة 19 مشاة، التي نفذت مهام عمليات كبيرة في منطقة "حوض الدرس" خلال حرب الاستنزاف. تلك المنطقة كانت ذات أهمية استراتيجية حيث تسيطر على مدخل مدينة السويس. خلال حرب الاستنزاف، شارك اللواء فكري في اشتباكات عديدة مع العدو، منها عبور ناجح لقناة السويس عام 1969 حيث قام باستطلاع إحدى نقاط العدو القوية على الضفة الشرقية، ما ساعد القوات المصرية لاحقًا خلال المعركة.

واستعرض اللواء مراحل حرب الاستنزاف، بدءًا من مرحلة الردع والصمود وصولًا إلى مرحلة الاستنزاف والدفاع النشط. بعد انتهاء حرب الاستنزاف، بدأت القوات المسلحة في إعداد خطة الخداع الاستراتيجي التي سهلت عبور 80 ألف مقاتل في الساعات الأولى من حرب أكتوبر.

واسترجع اللواء فكري، ذكريات يوم 6 أكتوبر، عندما تلقى خطابًا مغلقًا في العاشرة صباحًا يخبره بموعد الهجوم في الساعة الثانية و20 دقيقة بعد الظهر. كقائد سرية بالجيش الثالث الميداني، حيث أخبر جنوده الذين استقبلوا الخبر بحماس كبير ورفعوا صيحات التكبير، وعند بدء المعركة، واجهت القوات المصرية دبابات العدو التي كانت توجه ضرباتها من بعيد، لكن اللواء وفرقته جهزوا الصواريخ المضادة للدبابات ونجحوا في تدمير العديد منها على مسافات بعيدة، مما ساعد في تحقيق التماسك والتقدم نحو "جبل المر".

وأوضح، أن المهمة الرئيسية في معركة "جبل المر" كانت اقتحام الجبل واحتلاله. تحركت الفرقة بقيادة اللواء محمد الفاتح كريم نحو الجبل الذي كان محاطًا بالكثبان الرملية، مما جعل صعود المركبات إليه صعبًا للغاية.

ومع ذلك، تمكنت مجموعة صغيرة من 26 مقاتلًا من تنفيذ المهمة في غضون أربع ساعات فقط. خلال الهجوم، تعاملت القوات المصرية مع هجمات الطيران الإسرائيلي، وتمكنوا من تدمير العديد من المركبات والدبابات المعادية.

وأكد اللواء فكري، أن قائد اللواء لعب دورًا بطوليًا عندما ترك مركز القيادة وترجل على قدميه للمشاركة في الهجوم، مما أعطى دفعة معنوية كبيرة للمقاتلين. كانت المساحات الواسعة للجبل قد كشفت عن مواقع دبابات ومراكز القيادة للعدو في القطاع الجنوبي، ما تسبب في ارتباك شديد للعدو ودفعه للفرار. ترك العدو دباباته ومدفعيته الثقيلة خلفه، واستطاع الجنود المصريون قيادة تلك المركبات وإعادتها عبر الكباري إلى الضفة الغربية من القناة.

وفي ختام حديثه، أشار اللواء فكري إلى أنه كانت هناك محاولات من العدو لاستعادة "جبل المر" عبر هجمات مضادة ليلية، إلا أنها باءت بالفشل. وكانت مهمته خلال المعركة هي السيطرة على نقطة قتال أمامية على بعد حوالي 2 كم من الجبل. تعرضت المنطقة لقصف مدفعي وجوي مكثف، لكن القوات المصرية تمسكت بمواقعها واستمرت في تعزيزها، حتى تمكنت السرية المشاة من السيطرة على القطاع المتوسط من الجبل وتحسين مواقعها.

المصدر: مصراوي

كلمات دلالية: الهجوم الإيراني حكاية شعب حسن نصر الله السوبر الأفريقي سعر الدولار الطقس أسعار الذهب الانتخابات الرئاسية الأمريكية الدوري الإنجليزي محور فيلادلفيا التصالح في مخالفات البناء سعر الفائدة فانتازي حكاية وطن حرب أكتوبر عيد القوات المسلحة نصر أكتوبر حرب الاستنزاف القوات المصریة حرب الاستنزاف

إقرأ أيضاً:

عملية “يافا”.. تأكيد أن معركة الطوفان مستمرة في إيلام العدو الصهيوني

الثورة نت/..
مع اقتراب الذكرى السنوية الأولى لمعركة “طوفان الأقصى”، تُعيد المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة زخم المواجهة ضد العدو الصهيوني بعملية معقدة ونوعية، أسفرت وفق اعتراف العدو إلى سقوط 23 صهيونيا بين قتيل وجريح.

فبينما كان العدو الصهيوني يعيش يوماً عصيباً جراء الدويّ المتواصل لصفارات الإنذار بسبب صواريخ المقاومة في لبنان، ثم صواريخ إيران، نجح مقاومان فلسطينيان مساء الثلاثاء في تنفيذ أكبر عملية تشهدها عاصمة الكيان الغاصب منذ الانتفاضة الثانية عام 2000 .

وفي التفاصيل الخاصة بعملية “يافا” البطولية التي تبنتها كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الفلسطينية حماس فإن منفذيها تمكنا من التسلل إلى أراضي الداخل المحتل، وطعنا أحد الجنود الصهاينة والاستيلاء على سلاحه قبل تنفيذ عملية إطلاق النار في محطة القطارات بيافا.

وقالت كتائب القسام في بيان لها: “ثم نفذا عملية إطلاق النار في موقعين مختلفين في قلب “تل أبيب” أحدهما داخل محطة للقطارات، وأجهزا على المستوطنين مسافة صفر”، ما أدى الى مصرع سبعة صهاينة، وإصابة 16 آخرين، بينهم إصابات خطيرة.

وبعثت القسّام رسالةً للمحتلين، مفادها أن “قادم الأيام ستحمل في طياتها موتًا سيأتيكم من مختلف مناطق الضفة، على أيدي مجاهدينا الأشداء من أبناء القائدين إسماعيل هنية وصالح العاروري، والذين نُعدُّهم ونجهزهم ليخطّوا ببطولاتهم صفحات عزٍ في معركة طوفان الأقصى ستثلج صدور أبناء شعبنا بعون الله”.

وأكدت “أنه طالما واصل العدو الصهيوني إبادة شعبنا وأطفالنا في غزة فإنه سيعتاد رؤية قتلاه في شوارع مدننا المحتلة بإذن الله”.

وأشارت كتائب القسام في بيانها إلى أن العملية تزامنت مع “ضرباتٍ موجعةٍ تعرض لها قلب الكيان، في ذروة استنفاره الأمني من مختلف جبهات المقاومة، اختتمت بالهجوم الصاروخي الكبير الذي نفذته إيران في عملية الوعد الصادق 2”.

ومن المناسب القول: إن إعلان حماس الواضح عن مسؤوليتها المباشرة عن هذه العملية أكد أن معركة الطوفان مستمرة في إيلام العدو الصهيوني والرد على عدوانه الهمجي المتواصل على غزة والضفة ولبنان وكافة ساحات التصعيد.

وهنا يُجمع المُحللون والخبراء أنّ عملية “يافا” تبشر بنقلة نوعية في عمليات المقاومة الفردية، عنوانها قدرة المقاومين على ضرب العدو من حيث لا يحتسب أو يتوقع.

وفي هذا الصدد، يقول الخبير في الشأن العسكري واصف عريقات: إنّ العملية استهدفت “تل أبيب” المنهكة التي تتعرض لضربات موجعة من أكثر من جبهة، وبذلك هي تمس عاصمة القرار السياسي المستنزف والمتعجرف والمتورط في بحر من الدماء والفشل في تحقيق أهدافه المعلنة.

ويشير عريقات إلى أنّ العدوان الشامل يستفز طاقات الشبان وتدفع الجميع للانخراط في مواجهة العدو الصهيوني، يُحددها الكل بطريقته وبزمانه ومكانه المناسب.

وبتأكيد عريقات فإن ظاهرة “الأبطال المنفردة” تُعبّر بشكلٍ دائم عن حالة قلق صهيوني أكبر، نتاج فشل المنظومة الأمنية في السيطرة عليها، خاصة وأنها لا تخضع لعمل المجموعات التي يُمكن ملاحقتها والقضاء على قدراتها وبالتالي وأدها.

ونوه بأنّ عودة هذا المشهد بقوة يُلزم المؤسسة الأمنية الصهيونية لخوض تجربة استنزاف أخرى داخل أحشاء الدولة خاصة في “تل أبيب”.

من جانبه أكد الكاتب الصحفي والمحلل السياسي وسام عفيفة، أن تزامن العملية مع ذكرى معركة طوفان الأقصى، يربطها رمزياً بالمقاومة الفلسطينية الممتدة من غزة إلى الضفة، ويرسخها كجزء من الرد على جرائم العدو الصهيوني المتزايدة.

وأشار في حديثه لوكالة أنباء “صفا” الفلسطينية، إلى أن مكان العملية يعبر عن قدرة المقاومة على اختراق العمق الامني للكيان، واستهداف مناطق يظنها العدو محصنة، مما يبرز ثغرات في منظومة الأمن الصهيوني.

ويضيف عفيفة: إن العملية أسفرت عن مصرع سبعة مستوطنين وإصابة 16 آخرين، ما يؤكد على نجاحها في تحقيق أهداف استراتيجية، خاصة فيما يتعلق بالتخطيط والتنفيذ الدقيقين.

وبحسب عفيفة، تعكس هذه العملية قدرة المقاومة الفلسطينية العالية على جمع المعلومات والتخطيط اللوجستي بما يتجاوز التعقيدات الأمنية التي يفرضها العدو الصهيوني.

وأضاف: إن مثل هذه العمليات العملية البطولية تعزز الضغط النفسي على الاحتلال، مما يجبره على مراجعة استراتيجياته الأمنية والسياسية، وتوجه رسالة قوية بأن المقاومة قادرة على الضرب في العمق وتجاوز التحصينات الأمنية.

مقالات مشابهة

  • عملية “يافا”.. تأكيد أن معركة الطوفان مستمرة في إيلام العدو الصهيوني
  • السيسي وبن زايد يشاهدان عروضا مختلفة لكافة أفرع وأسلحة القوات المسلحة المصرية
  • الفصائل تحدد ساعة الصفر لدخول معركة لبنان
  • الفصائل تحدد ساعة الصفر لدخول معركة لبنان - عاجل
  • الفصائل تحدد موعد ساعة الصفر لدخول معركة لبنان - عاجل
  • اللواء محمد القادري: القوات المسلحة اليمنية فرضت واقعاً جديداً للحرب في البحار
  • اللواء الغباري يكشف كواليس 6 أكتوبر: السادات وحد الشعب خلف الجيش لتحقيق النصر
  • في الذكرى الـ 51 للانتصارت المجيدة.. مركز الحوار للدراسات ‏السياسية والإعلامية ينظم ندوة «أكتوبر معركة نصر»‏
  • شاهد| بيان القوات المسلحة اليمنية بشأن إسقاط الطائرة MQ-9 الحادية عشرة خلال معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس