يمانيون/ تقرير

في تطورٍ عسكريٍّ وسياسيٍّ بالغِ الأهميةِ على الساحةِ الإقليميةِ، نفذت إيرانُ، في الأولِ من أكتوبر 2024، عمليةَ “الوعد الصادق 2” ضدَّ أهدافٍ استراتيجيةٍ داخلَ الأراضي المحتلةِ.

هذه العمليةُ التي تحملُ دلالاتٍ كبيرةً على المستويين العسكريِّ والسياسيِّ، جاءت ردًّا سريعًا وحاسمًا على سلسلةِ اغتيالاتٍ نفذها العدوُّ الإسرائيليُّ بحقِّ قادةِ المقاومةِ في إيرانَ ولبنانَ وفلسطين.

 

تفاصيلُ العمليةِ وتداعياتُها العسكريةُ

وفقًا للبيانِ الرسميِّ الصادرِ عن الحرسِ الثوريِّ الإيرانيِّ، نجحتِ العملية في إصابةِ 90% من أهدافِها داخلَ الأراضي المحتلةِ بدقةٍ عاليةٍ. وقد نُفذتْ تحت رمزِ “يا رسولَ الله”، واستهدفتْ قواعدَ جويةً ومراكزَ راداريةً إسرائيليةً، فضلًا عن مواقعِ التخطيطِ لاغتيالِ قادةِ المقاومةِ. من بينِ هؤلاءِ القادةِ، الشهيدُ إسماعيلُ هنيةَ والسيدُ حسنُ نصرَ الله، مما يزيدُ من حجمِ الخسائرِ المعنويةِ والعسكريةِ لدى العدوِّ.

من أبرزِ المواقعِ التي استهدفتْها الصواريخُ الإيرانيةُ كانتْ قواعدَ “تل نوف” و”نيفاتيم” و”حتسريم”، التي تضمُّ طائراتٍ متطورةً من طرازِ F-35 وF-15A، ومخازنَ أسلحةٍ نوويةٍ محتملةٍ.

وقد استخدمتْ إيرانُ في هذه العمليةِ 181 صاروخًا متطورًا، بما في ذلك صواريخُ “فتاح” الفرط صوتية، التي تُستخدم لأول مرةٍ. وتُعدُّ هذه الصواريخُ تحديًا كبيرًا لأنظمةِ الدفاعِ الجويِّ الإسرائيليِّ، التي فشلتْ في اعتراضِ معظمِها، مما تسببَ في تدميرِ منشآتٍ حيويةٍ في البنيةِ التحتيةِ العسكريةِ للعدوِّ.

 

توازنُ الرعبِ الجديدُ

تعكسُ عمليةُ “الوعدِ الصادقِ 2” تحولًا نوعيًّا في ميزانِ القوى في المنطقةِ، حيث وصفتْ وسائلُ إعلامِ العدوِّ الإسرائيليِّ هذا الهجومَ بأنه “7 أكتوبرَ جديدٌ”. وقد أدى الهجومُ إلى حالةٍ من الفوضى والهلعِ في أوساط “جيش” ومستوطني العدو الإسرائيلي، حيث ارتفعتْ طلباتُ المساعدةِ النفسيةِ بنسبةِ 480% بعد الضرباتِ، وفقًا لتقاريرِ “جمعيةِ نتال الإسرائيليةِ”.

هذا الهجومُ، الذي استهدفَ فقط المواقعَ العسكريةَ دونَ المدنيينَ، ساهم في زعزعةِ أمنِ العدوِّ الإسرائيليِّ وزيادةِ الضغطِ الشعبيِّ على القيادةِ السياسيةِ والعسكريةِ في “تل أبيب” يافا المحتلةِ.

 

ردودُ الفعلِ الإقليميةِ والدوليةِ

لم تقتصرْ ردودُ الفعلِ على الداخلِ الإسرائيليِّ، بل امتدتْ إلى المجتمعِ الدوليِّ. فقد وصفتْ صحيفةُ “نيويورك تايمز” الأمريكيةُ الهجومَ بأنه يُعيدُ تشكيلَ توازنِ القوى في الشرقِ الأوسطِ، ويضعُ الولاياتِ المتحدةَ و”إسرائيلَ” أمامَ تحدياتٍ جديدةٍ في المنطقةِ.

أما صحيفةُ “الغارديان” البريطانيةُ، فقد ركزتْ على فشلِ أنظمةِ الدفاعِ الجويِّ للعدوِّ الإسرائيليِّ في التصدي للصواريخِ الإيرانيةِ، مشيرةً إلى أنَّ هذا الهجومَ يعكسُ استراتيجيةً جديدةً لإيرانَ في الردِّ على أيِّ تصعيدٍ إسرائيليٍّ.

في المقابلِ، وصفتْ صحيفةُ “يديعوت أحرونوت” الإسرائيليةُ العمليةَ بأنها كارثةٌ أمنيةٌ لـ”إسرائيلَ”، واعتبرتْ أنَّ القيادةَ العسكريةَ للعدوِّ الإسرائيليِّ فشلتْ في حمايةِ الأهدافِ الحيويةِ، مما يستدعي إعادةَ تقييمٍ شاملةٍ للاستراتيجيةِ الدفاعيةِ الإسرائيليةِ.

 

الأثرُ على محورِ المقاومةِ

تمثلُ هذه العمليةُ انتصارًا مهمًا لمحورِ المقاومةِ في المنطقةِ، إذ تأتي في وقتٍ حساسٍ تشهدُ فيه المنطقةُ تصعيدًا مستمرًّا بين محورِ المقاومةِ والعدوِّ الإسرائيليِّ. وقد حملتِ العمليةُ دلالاتٍ عميقةً على مسارِ معركةِ المقاومةِ في غزةَ ولبنانَ واليمنِ والعراقِ. وبتنفيذِها، أظهرتْ إيرانُ أنها قادرة على فرضِ قواعدِ اشتباكٍ جديدةٍ، وأنها مستعدةٌ للردِّ بقوةٍ على أيِّ تهديدٍ أو استفزازٍ من العدوِّ الإسرائيليِّ أو الأمريكيِّ.

وتؤكدُ التقاريرُ الأوليةُ أنَّ العمليةَ لم تقتصرْ على إلحاقِ الأضرارِ العسكريةِ بالعدوِّ، بل أثرتْ أيضًا على الجبهةِ الداخليةِ الإسرائيليةِ. فقد انقطعتِ الكهرباءُ في مناطقِ بئرِ السبعِ والقدسِ، واندلعتْ نيرانٌ قربَ شاطئِ عسقلانَ، يُعتقدُ أنها أصابتْ منصةَ غازٍ إسرائيليةٍ، مما أدى إلى حالةٍ من الهلعِ بين المستوطنينَ.

هذه التطوراتُ دفعتْ رئيسَ بلديةِ “تل أبيبَ” يافا المحتلةِ للمطالبةِ بوقفِ التصعيدِ، مشيرًا إلى أنَّ رئيسَ الوزراءِ الإسرائيليِّ بنيامينَ نتنياهو “أدخلَ إسرائيلَ في حالةٍ من الجنونِ”.

 

الصواريخُ المستخدمةُ ودورُها في الهجومِ

استخدمتْ إيرانُ في هذه العمليةِ ثلاثةَ أنواعٍ رئيسيةٍ من الصواريخِ المتطورةِ:

– صواريخُ فتاحَ الفرطُ صوتيةٌ: مداها يتراوحُ بين 1800 و2200 كيلومترٍ، وتصلُ سرعتها إلى 6000 كيلومترٍ في الساعةِ، وتمتازُ بقدرةٍ على المناورةِ تجعلُ اعتراضَها بالغَ الصعوبةِ.

تمَّ إطلاقُها من منصاتٍ متعددةٍ، بما في ذلك السفنُ والغواصاتُ والمقاتلاتُ الجويةُ، وتعدُّ نقلةً نوعيةً في تطويرِ الصواريخِ الإيرانيةِ.

– صاروخُ قدرٍ: يصلُ مداهُ إلى 2000 كيلومترٍ، وتصلُ سرعتُه إلى 9 أضعافِ سرعةِ الصوتِ، ويتميزُ بقدرتِه على التخفي عن الرادارِ، ويحملُ رأسًا حربيًّا يزنُ بين 700 و1000 كيلوغرامٍ.

– صاروخُ عمادٍ: يصلُ مداه إلى 1700 كيلومترٍ، وهو موجهٌ بدقةٍ عاليةٍ، ويُعتبرُ نسخةً مطورةً من صواريخِ “قدرٍ”، ويُستخدمُ لضربِ أهدافٍ استراتيجيةٍ بعيدةِ المدى.

 

ختامًا

عمليةُ “الوعدِ الصادقِ 2” الإيرانيةُ تحملُ في طياتِها رسائلَ استراتيجيةً واضحةً للعدوِّ، بأنَّ إيرانَ لن تتهاونَ مع أيِّ عدوانٍ قد تتعرضُ له بشكلٍ مباشرٍ أو غيرِ مباشرٍ، وأنها مستعدةٌ للردِّ بقوةٍ.

كما أنَّ إيرانَ بهذه العمليةِ تؤسسُ لتوازنِ رعبٍ جديدٍ في المنطقةِ، حيث باتَ العدوُّ الإسرائيليُّ يواجهُ تحدياتٍ غيرَ مسبوقةٍ في قدرتِه على الردعِ، وهو ما يضعُ المنطقةَ أمامَ احتمالاتِ تصعيدٍ جديدةٍ قد تغيرُ قواعدَ الاشتباكِ بشكلٍ جذريٍّ.

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: هذه العملیة فی المنطقة

إقرأ أيضاً:

دول تجهز خطط طوارئ لإجلاء رعاياها من لبنان.. تفاصيل العملية

دفع احتدام الحرب بين إسرائيل وحزب الله في لبنان الدول الغربية إلى الإسراع بتحديث خطط الطوارئ لعمليات الإجلاء من المنطقة.

ومن المرجح أن تصبح قبرص، عضو الاتحاد الأوروبي الأقرب إلى الشرق الأوسط، مركزا رئيسيا لهذه العمليات لأنها تعاملت من قبل مع نحو 60 ألف شخص فروا من حرب حزب الله وإسرائيل في 2006.

وعرضت تركيا المجاورة أيضا المساعدة.

وقال مصدر مطلع لرويترز إن أغلب خطط الطوارئ فيما يتعلق بالتنفيذ ستكون عن طريق البحر على ما يبدو مما يسمح بنقل مجموعات أكبر لكن ذلك سيتحدد وفقا للوضع الأمني.

وتستغرق الرحلة من بيروت إلى قبرص نحو 10 ساعات بالبحر أو 40 دقيقة بالطائرة.

فيما يلي بعض التفاصيل عن خطط الطوارئ:

أستراليا
أعدت السلطات خطط طوارئ قد تشمل الإجلاء بحرا رغم أنها حثت ما يقدر بنحو 15 ألفا من مواطنيها في لبنان على المغادرة جوا في وقت لا يزال فيه مطار بيروت مفتوحا.

كندا
تشير تقارير إخبارية من كندا إلى أنها ستتعاون مع أستراليا في إجلاء رعاياها بحرا. وذكرت صحيفة تورنتو ستار أن الخطة تتضمن التعاقد مع سفينة تجارية لنقل ألف شخص يوميا.

فرنسا
حثت مواطنيها على عدم السفر إلى لبنان ووضعت خطط إجلاء قبل عدة أشهر، لكنها لم تصدر بعد أمرا بالإجلاء. وتركز خطط الطوارئ الحالية على قبرص ومطار بيروت وتناقش أيضا عمليات إجلاء عبر تركيا.

ولدى باريس سفينة حربية في المنطقة وحاملة طائرات هليكوبتر في مدينة تولون بجنوب فرنسا والتي ستحتاج إلى عدة أيام للوصول إلى المنطقة.

ألمانيا
قالت وزارتا الخارجية والدفاع في ألمانيا في بيان مشترك إنهما تقومان بعمليات إجلاء من لبنان للموظفين غير الأساسيين وأسر العاملين في السفارة والمواطنين الألمان الذين يعانون من مشاكل صحية، وإنهما ستواصلان دعم الآخرين الذين يحاولون المغادرة.

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية إن المواطنين الألمان في المنطقة يمكنهم مغادرة البلاد على متن رحلات تجارية عبر المطارات التي لا تزال مفتوحة.

اليونان
دعت وزارة الخارجية اليونانية مواطنيها إلى مغادرة لبنان وتجنب أي سفر إليه. وهناك فرقاطة على أهبة الاستعدادت حسبا لطلب أي مساعدة.

بريطانيا
دعت بريطانيا رعاياها إلى مغادرة لبنان فورا. ونقلت نحو 700 جندي إلى قبرص لتعزيز وجودها في المنطقة حيث لها بالفعل أصول عسكرية تشمل سفينتين تابعتين للبحرية الملكية وقاعدتين عسكريتين في الجزيرة.

إيطاليا
قال مصدر لرويترز إن إيطاليا قلصت عدد موظفيها الدبلوماسيين غير الأساسيين وعززت قوات الأمن في سفارتها في بيروت.

وحث وزير الخارجية أنطونيو تاياني رعايا إيطاليا مرارا على مغادرة البلاد وسعى للحصول على ضمانات من إسرائيل بشأن سلامة الجنودالإيطاليين العاملين في عمليات حفظ السلام في المنطقة.

الولايات المتحدة
أمرت الولايات المتحدة بنشر العشرات من قواتها في قبرص للمساعدة في الاستعداد لأي سيناريوهات بما يشمل إجلاء الأميركيين من لبنان.

البرتغال
حذر رئيس الوزراء لويس مونتينيغرو من السفر إلى لبنان. وقال إن البرتغال لديها خطة لإجلاء المواطنين المقيمين هناك بالتعاون مع الشركاء في الاتحاد الأوروبي.

مقالات مشابهة

  • عملية “الوعد الصادق2”.. الانهيار الكبير لأمن “إسرائيل”
  • عملية “الوعد الصادق 2”: ضربةٌ استراتيجيةٌ تهزُّ كيانَ العدوِّ الإسرائيلي
  • ولاء “محور المقاومة”.. دوافع إيران ورسائلها من الهجوم الصاروخي على إسرائيل
  • لجنة نصرة الأقصى تبارك عملية الوعد الصادق الإيرانية ضد العدو الصهيوني
  • فرح عارم بـ عملية الوعد الصادق2
  • مجلس الشورى يبارك عملية الوعد الصادق2 الإيرانية
  • المكتب السياسي لأنصار الله: العملية الإيرانية تعكس دعم المقاومة الفلسطينية
  • الحرس الثوري الإيراني يكشف نوعية الصواريخ المستخدمة في الهجوم على إسرائيل لأول مرة
  • دول تجهز خطط طوارئ لإجلاء رعاياها من لبنان.. تفاصيل العملية