نازحو البقاع بلبنان يروون لحظات كابوسية تحت القصف
تاريخ النشر: 3rd, October 2024 GMT
بيروت- "كانت لحظات كابوسية لا توصف، كل ما كنا نتمناه هو الهروب.. الهروب إلى مكان آمن" بهذه الكلمات تصف أم ياسر، النازحة من بلدة نحلة في البقاع اللبنانية، مأساتها بصوت يرتجف وتقول للجزيرة نت "عندما بدأ القصف، لم نفكر في شيء سوى النجاة".
وأوضحت أم ياسر أن "أصوات الغارات كانت تقترب أكثر فأكثر، ولم يعد هناك وقت للتفكير" مضيفة "أخذت أطفالي وتركنا كل ما نملك خلفنا: ذكرياتنا، بيتنا، حياتنا.
وبحرقة لا تخلو من حسرة، تتابع أم ياسر قائلة "بعد مغادرتنا البلدة، كنا نسير على طريق بلا وجهة محددة، قررنا النزوح إلى بعبدا. نحن 3 عائلات نعيش الآن في بيت واحد استأجرناه. ننتظر هنا، نراقب ما يحدث من حولنا يوميا، ونعيش على أمل العودة.. عودة قد تكون قريبة أو ربما بعيدة".
نزوح متجدد
أم ياسر واحدة من آلاف أفراد العائلات اللبنانية التي نزحت مع تصاعد الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان، ودخولها مرحلة جديدة من الحرب المفتوحة بعدما تجاوزت خطوط المواجهة بالجنوب إلى ضاحية الجنوبية لبيروت، لتصل بنيرانها إلى منطقة البقاع، مما أدخلها في دوامة من الدمار والنزوح معا، وزاد من معاناة السكان وعمق من آثارها السلبية.
وبعد أكثر من أسبوع من التصعيد العسكري غير المسبوق، لم تعد هناك بلدة آمنة في محافظة بعلبك والهرمل كذلك، في ظل مزاعم إسرائيل أن غاراتها تستهدف مواقع وتجمعات وبنى تحتية تابعة لحزب الله.
وفي الوقت ذاته، يزيد مشهد المباني المدمرة حالة الذعر، مع أصوات الجرافات التي تكافح لفتح الطرقات، وركام السيارات المحترقة، وروائح البارود المنتشرة في الأجواء مع تصاعد أعمدة الدخان نتيجة للاعتداءات المتكررة.
ومع هذا التصعيد، شنت إسرائيل غارات عنيفة على البلدات البقاعية الشمالية والوسطى، وهي الأكبر منذ حرب يوليو/تموز 2006، طالت عددا كبيرا من البلدات، منها نحلة وسرعين وقوسايا وحزرتا والنبي أيلا والكرك وتمنين والحلانية ورياق وطريا.
كما قصفت أطراف بوداي وبريتال واليمونة وشمسطار وكفردبش وحوش الرافقة، فضلا عن المنطقة الواقعة بين حورتعلا والخضر والنبي شيت ودورس في قضاء بعلبك وسهل بعلبك.
ولم تسلم الهرمل من القصف، حيث شهدت هي الأخرى سلسلة من الغارات العنيفة. ووفقا لوزارة الصحة اللبنانية بلغ عدد الشهداء بالبقاع 262 شهيدا، إضافة إلى إصابة 731 آخرين منذ بدء التصعيد الأخير.
ونتيجة لذلك، اضطر العديد من سكان البقاع إلى ترك منازلهم والنزوح إلى مناطق أكثر أمانا، وخاصة إلى زحلة وبيروت.
"نحن من حي العسيرة" بدأت أم حسن حديثها، وقد بدت على ملامح وجهها آثار الحزن، وتقول للجزيرة نت "نزحنا أولا إلى نحلة، كنا نعتقد أنها آمنة، لكن سرعان ما تبدد الوضع، ووصلتنا إنذارات بضرورة الإخلاء بسبب القصف المحتمل".
وتضيف "لم يكن أمامنا خيار سوى المغادرة، تجمعنا مع عائلات أخرى في البلدة، وانتقلنا إلى زحلة. نبحث عن مأوى يضمن لنا بعض الأمان. وفي النهاية، قررنا أن تكون بيروت هي وجهتنا الأخيرة والأكثر أمانا. لكن قلوبنا كانت مثقلة بالألم، ونحمل حسرة عميقة على بلدتنا وبيوتنا التي تركناها خلفنا".
تحديات النزوحيقول محافظ البقاع القاضي كمال أبو جودة للجزيرة نت "وقعت مجزرة مروعة في منطقة الكرك بحق عائلة من آل شعيب، أسفرت عن استشهاد 19 شخصا، كما تعرض مركز الهيئة الصحية في البقاع الغربي للقصف، إلى جانب وقوع العديد من الاعتداءات الأخرى".
وأشار أبو جودة إلى أن هناك نحو 97 مركز إيواء مفتوحا في منطقة البقاع، موزعين على كافة أنحاء المحافظة، بما في ذلك أقضية زحلة والبقاع الغربي وراشيا، ويقيم في هذه المراكز الرسمية حوالي 13 ألف نازح مسجل، دون احتساب النازحين الذين يقطنون في المنازل أو الفنادق، مما يعني أن العدد الفعلي قد يكون أعلى من ذلك.
وأضاف "نحاول توفير الاحتياجات الأساسية للنازحين، مثل الطعام والماء والفُرُش والبطانيات ومواد التنظيف، كما نقدم مستلزمات النظافة الشخصية لضمان توافر الأساسيات اللازمة للاستحمام وغسل الأيدي، لكن الوضع صعب".
وتمتد منطقة البقاع، المعروفة بسهل البقاع، على طول الحدود اللبنانية السورية لمسافة تقارب 120 كيلومترا، وتبعد نحو 64 كيلومترا عن بيروت، وتبلغ مساحتها 4429 كيلومترا مربعا.
ويقسم سهل البقاع إلى شريطين شمالي وجنوبي، ويضم 5 مدن كبرى هي البقاع الغربي والهرمل وبعلبك وراشيا وزحلة التي تُعتبر المركز الإداري للمحافظة. بالإضافة إلى ذلك، تشمل المحافظة 251 بلدة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات أم یاسر
إقرأ أيضاً:
سلام يؤكد قرب إعلان حكومته وإسرائيل ترتكب خروقات جديدة بلبنان
أكد رئيس الوزراء اللبناني المكلف نواف سلام، مساء الجمعة، أن أجواء مشاورات تشكيل الحكومة الجديدة أكثر من إيجابية، مشيرا إلى أنه سيعلن قريبا أسماء الوزراء، في وقت استمرت فيه الخروقات الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان.
وجاءت تصريحات سلام خلال مؤتمر صحفي مقتضب، عقب اجتماع عقده مع الرئيس جوزيف عون في قصر بعبدا الرئاسي شرق بيروت، وفق وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2لماذا أراد رفعت الأسد القضاء على أخيه حافظ؟list 2 of 2هل تجتمع الصين والهند في قارب واحد ضد ترامب؟end of listوأضاف رئيس الحكومة المكلف أن لقاءه بالرئيس عون سبقه لقاء مع رئيس مجلس النواب نبيه بري.
ولفت سلام إلى أنه بحث مع الرئيس عون الخطوط العريضة للحكومة القادمة على غرار عدد الحقائب الوزارية ونوعيتها والثوابت التي يجب أن تحملها.
يذكر أنه بعد شغور تجاوز عامين جراء خلافات سياسية، انتخب البرلمان اللبناني في التاسع من يناير/كانون الثاني الجاري جوزيف عون رئيسا للبلاد ليستدعي القاضي سلام، رئيس محكمة العدل الدولية، وتكليفه بتشكيل حكومة جديدة للبلاد.
خروقات إسرائيليةفي الأثناء، ارتكب الجيش الإسرائيلي، الجمعة، 4 خروقات جديدة لوقف إطلاق النار في لبنان، ليرتفع إجمالي الخروقات منذ بدء سريان الاتفاق قبل 52 يوما إلى 564 خرقا.
وتركزت الخروقات الإسرائيلية للاتفاق، الجمعة، في العاصمة بيروت، وقضاءي بنت جبيل ومرجعيون بمحافظة النبطية، وشملت الخروقات تحليقا لمسيرات، وتفجيرات لمنازل، واختطاف مواطن سوري.
إعلانففي بيروت وضاحيتها الجنوبية التي تعد معقلا لحزب الله، تم رصد تحليق لطائرة مسيّرة إسرائيلية على علو منخفض، وفي قضاء مرجعيون، نفذ الجيش الإسرائيلي عملية تفجير جديدة لمنازل داخل أحياء ببلدة ميس الجبل.
أما في قضاء بنت جبيل، فأقدم جنود إسرائيليون، ظهر الجمعة، على خطف مواطن سوري في أثناء قيامه برعي الماشية في أطراف بلدة رميش، قبل إطلاق سراحه مساء اليوم ذاته، في حين تم تسجيل تحليق للطيران المسير والاستطلاعي الإسرائيلي بأجواء الجنوب اللبناني.
ومنذ 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، يسود وقف هش لإطلاق النار أنهى قصفا متبادلا بين إسرائيل وحزب الله بدأ في الثامن من أكتوبر/تشرين الأول 2023، ثم تحول إلى حرب واسعة يوم 23 سبتمبر/أيلول الفائت.