مرت أربع سنوات على جريمة اختطاف عضو مجلس النواب “سهام سرقيوة” وتعرضها للإخفاء القسري من قبل مليشيا مسلحة تابعة لحفتر.

أختطفت السيدة “سرقيوة” من منزلها ومن وسط عائلتها في بنغازي  بتاريخ 17 – يوليو – 2019م، وتم اقتيادها عنوةً إلى جهة مجهولة.

لم يُراع الجناة الخاطفون أن للبيوت حرمة يجب عدم الاعتداء عليها، ولم تردعهم الحصانة البرلمانية التي منحت لنواب الشعب كنوع من الحماية السياسية والقانونية.

والسؤال.. لماذا غُيبت النائبة “سرقيوة”؟ ما هو الجرم الذي اقترفته لتلقى هذا المصير؟! وما سر التعتيم المستمر على قضيتها من قبل رئاسة وأعضاء مجلس النواب، وتلكؤ الأجهزة الأمنية بالمنطقة الشرقية في الكشف عن مصيرها وتقديم مختطفيها للعادلة؟.

إن فهم الجواب على هذه التساؤلات لا يحتاج كثرة عناء في البحث.. فالمرأة لم تقترف ذنباً أو ترتكب جرمًا يعاقب عليه القانون، لم تحمل سلاحًا أو تحرض على القتال، ولم تكن من الدواعش أو الإرهابيين كما يروج مؤيدي تنظيم الكرامة.

“نائبـة مارقـة” هكذا وُصِفت في قنوات إعلامهم الهابط المضلل!! جريرتها واضحة وضوح الشمس “ممارسة حقها الدستوري في التعبير عن الرأي” وبطبيعة الحال هذا الحق لا تُبيحه قوانين مشير الرجمة وزمرته.

الدكتورة “سهام سالم سرقيوة” من أبرز الأصوات النسائية والناشطات الليبيات اللاتي لهن دور بارز في نجاح ثورة فبراير والإطاحة بنظام معمر القذافي، وكان لها السبق في الانضمام للعديد من منظمات المجتمع المدني والهيئات المحلية والدولية المهتمة بقضايا حقوق الإنسان، وتقديم الدعم النفسي والمعنوي للمتضررين إبان الأحداث.

في يونيو 2014م وفي ظل الحراك السياسي الذي شهدته البلاد أنتُخِبت السيدة “سرقيوة” عضواً في مجلس النواب بعد أن نالت ثقة الناخبين عن دائرتها بمدينة بنغازي.. وتحت “قبة البرلمان” عُرِفت بمواقفها الوطنية الشجاعة، ومعارضتها الشديدة لدعوات الحرب والاقتتال بين الليبيين، وتأييدها لإقامة الدولة المدنية الديمقراطية، متمسكة بالأهداف التي قامت من أجلها ثورة فبراير.

ولتعزيز الأسباب والدوافع لحادثة الاختطاف الآثمة، نستحضر بعض المواقف المشرفة للسيدة الجسور “سهام سرقيوة”.. مواقف جانبَت عُصْبة النواب الذين انقسموا على أنفسهم إما خوفًا من بطش حفتر أو طمعًا، فترى منهم.. المطبل، والذاعن، أو المتردد، كذلك الحال مع كبيرهم “عقيلة صالح” الذي أتقن العبث السياسي، وطرحِه المعادلة الصعبة “أن لا تفاهمات جادة وفاعلة مع الأطراف الأخرى لإنهاء الأزمة وتوحيد المؤسسات إلا بتمكين حفتر من أوهامه في السلطة والسيطرة”.

في جلسة استثنائية للبرلمان في أكتوبر 2018م طالبت النائبة “سرقيوة” استدعاء “خليفة حفتر” للمساءلة أمام مجلس النواب بصفته قائد الجيش الذي عينه رئيس البرلمان عقيلة صالح، مؤكدة أن مساءلة “حفتر” ضرورية ومهمة.

وفي نوفمبر 2018م وصفت عضو مجلس النواب “سهام سرقيوة” طلب قائد قوات الكرامة “خليفة حفتر” بنقل صلاحيات القائد الأعلى للجيش الليبي إليه، بأنه انقلاب على السلطة الشرعية المتمثلة في البرلمان.. وقالت في تصريحاتها إن “حفتر” عُين بلا إجراء انتخابات داخل مجلس النواب، وأن الوحيد القادر على إقالته أو الإبقاء عليه هو رئيس المجلس “عقيلة صالح” الذي عينه في هذا المنصب.

أما في الجلسة العاصفة لمجلس النواب المؤرخة بــ22 يناير 2019م والمخصصة لمناقشة قانون الانتخابات الرئاسية طالبت النائبة “سرقيوة” بمنع ترشح العسكريين ورجال الأمن للانتخابات الرئاسية مؤكدة أن غالبية الدول الديمقراطية لا تسمح لفئة العسكريين والأمنيين بالترشح للانتخابات، وأضافت: “إننا إذا أردنا حقا بناء دولة ديمقراطية، تحقق أهداف ثورة 17 فبراير، ويتداول فيها على السلطة، فإن الجيش يجب أن يحمي الشعب ولا يتدخل في العملية السياسية. وأنه يجب وضع مادة دستورية صريحة تستبعد ترشح العسكريين للانتخابات.. أما إذا أرادوا الترشح فعليهم أن يستقيلوا من المؤسسة العسكرية، هذا هو قانون الانتخابات ولا يجوز تصويتهم لأي مترشح.. يجب عليهم الابتعاد عن المجال السياسي، وهذا شيء كل ليبي حر ووطني غير مأجور يتفق معي فيه”.

يبدو أن رفضها الصريح لمشروع الحكم العسكري الذي يقوده “خليفة حفتر”، وانتقاداتها العلنية لممارسات مليشيات الكرامة قد جاوزت بها الخطوط الحمر، ما دفع إلى التعجيل في أمر اعتقالها وتغييبها وبالتالي التخلص منها.

لقد شهد للسيدة “سرقيوة” جُل من عاصرها بالنضج السياسي، والجرأة والشجاعة في ممارسة حقها في التعبير عن الرأي سواء من خلال موقعها النيابي، أو نشاطها الإجتماعي والسياسي والمهني، وحضورها الداعم والمميز بمشاركتنا في مراحل تأسيس التحالف الوطني الديمقراطي سـ2011م ببنغازي.. متضامنة مع عناصر وقوى التحالف بالداخل والخارج الذي ضم كوكبة من المعارضين للنظام السابق، فكانت رفيقة فاعلة في إحياء مسيرة التحالف الوطني الليبي الذي أسسه المناضل “منصور الكيخيا ” سـ1987م.

إن عملية الاختطاف البشعة التي تعرضت لها النائبة “سهام سرقيوة” والتي تدل على مستوى الانحطاط الأخلاقي لمرتكبيها تعد جريمة كاملة الأركان تضاف إلى قائمة الجرائم التي قامت بها مليشيات “حفتر” الإرهابية في حق الليبيين، بجانب المقابر الجماعية في شرق ليبيا وغربها، وعمليات الإقصاء والتهجير للناشطين السياسيين.

أخيرًا.. على القوى الوطنية الشريفة، ومنظمات حقوق الإنسان المطالبة بفتح تحقيق شامل في قضية اختطاف وتغييب السيدة “سهام سرقيوة” على المستويين المحلي والدولي، والضغط على السلطات المعنية بأن تتحمل مسؤوليتها في الكشف عن ملابسات هذه الجريمة النكراء ومحاسبة المسؤولين عنها، وأنه لا تنازل عن إحقاق العدالة والقصاص من الجناة.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

المصدر: عين ليبيا

كلمات دلالية: مجلس النواب

إقرأ أيضاً:

ما هو الإعلان الدستوري الذي جرى إقراره في سوريا وماذا منح للشرع؟

أنجز الرئيس السوري أحمد الشرع استحقاقا جديدا تعهد به عقب توليه مهام منصبه مطلع العام الجاري، وذلك عبر المصادقة على إعلان دستوري من شأنه أن يسد الفراغ الدستورية ونظم المرحلة الانتقالية التي حددت بموجبه بفترة 5 سنوات.

واستند الإعلان الدستوري الذي صادق عليه الشرع الخميس  في قصر الشعب بالعاصمة السورية دمشق، على روح الدساتير السورية السابقة لاسيما دستور الاستقلال الذي جرى إقراره عام 1950.

ما هو الإعلان الدستوري؟
الإعلان الدستوري هو وثيقة ذات طابع دستوري تصدر عن سلطة حاكمة غير منتخبة، سواء كانت مجلسا عسكريا أو حكومة انتقالية، بهدف تنظيم شؤون الحكم خلال فترة معينة من أجل إعادة هيكلة الدولة ووضع نظام جديد سعيا في الوصول إلى المرحلة الدائمة.

وغالبا ما تكون الفترة المعنية انتقالية بعد ثورة أو انقلاب أو سقوط نظام سابق حيث يغيب الدستور عند انهيار النظام السياسي، ما يجعل من الإعلان الدستوري حاجة ملحة لتوضيح صلاحيات السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية خلال المرحلة الانتقالية.

ماذا تضمن الإعلان الدستوري السوري؟
يتكون الإعلان الدستوري السوري الذي أعدته لجنة من الخبراء من مقدمة و52 مادة متوزعة على 4 أبواب رئيسية، أولها باب الأحكام العامة الذي تضمن 11 مواد، أبقت على اسم الدولة "الجمهورية العربية السورية" ودين الرئيس وهو الإسلام.

كما أبقت الفقه الإسلامي مصدرا رئيسيا للتشريع واللغة العربية لغة رسمية للدولة، فيما جرى تغيير العلم حيث تم النص على علم الثورة المكون من ثلاثة مستطيلات متساوية يعلوها اللون الأخير ويتوسطها اللون الأبيض ومن ثم الأسود في الأسفل. وتتوسط العلم في المنتصف وضمن المساحة البيضاء ثلاثة نجمات حمراء.

وحددت المادة المادة الحادية عشرة على أن الاقتصاد الوطني يقوم على مبدأ المنافسة الحرة العادلة ومنع الاحتكار.

أما الباب الثاني، فهو عن الحقوق والحريات ضم 12 مادة، معتبرا جميع الحقوق والحريات المنصوص عليها في المعاهدات والمواثيق والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان التي صادقت عليها الجمهورية العربية السورية جزءًا لا يتجزأ من هذا الإعلان.

وأكد أن الدولة تكفل الدولة حرية الرأي والتعبير والإعلام والنشر والصحافة وتضمن عمل الجمعيات والنقابات وتصون حق المشاركة السياسية وتشكيل الأحزاب على أسس وطنية وفقاً لقانون جديد.


وجرى تخصيص الباب الثالث لمعالجة شكل نظام الحكم والسلطات في المرحلةِ الانتقالية في 24 مادة، حيث منح ممارس السلطة التشريعية إلى مجلس الشعب حتى اعتماد دستور دائم، وإجراء انتخابات تشريعية جديدة، في حين يمارس رئيس الجمهورية والوزراء السلطة التنفيذية.

وشدد الباب الرابع المتكون من 6 مواد، على أن السلطة القضائية مستقلة، وحظر إنشاء المحاكم الاستثنائية، في حين جرى حل المحكمة الدستورية العليا القائمة كونها من بقايا النظام المخلوع، على أن يتم إنشاء محكمة دستورية عليا جديدة.

ما الجديد في الإعلان الدستوري عن باقي الدساتير السورية السابقة؟
نص الإعلان الدستوري على إحداث هيئة لتحقيق العدالة الانتقالية تعتمد آليات فاعلة تشاورية مرتكزة على الضحايا، لتحديد سبل المساءلة، والحق في معرفة الحقيقة، وإنصاف للضحايا والناجين، بالإضافة إلى تكريم الشهداء.

واستثنى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجريمة الإبادة الجماعية وكل الجرائم التي ارتكبها النظام البائد من مبدأ عدم رجعية القوانين.

كما نص على تجريم تمجيد نظام الأسد البائد ورموزه، على أن يعد إنكار جرائمه أو الإشادة بها أو تبريرها أو التهوين منها، جرائم يعاقب عليها القانون.

وألغى الإعلان منصب رئيس مجلس الوزراء ليكون شكل نظام الحكم بذلك رئاسيا تاما قائما على الفصل الكامل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية.

ومنح الإعلان رئيس الجمهورية حق تشكيل لجنة عليا لاختيار أعضاء مجلس الشعب في المرحلة الانتقالية، على أن تقوم اللجنة المعينة  بالإشراف على تشكيل هيئات فرعية ناخبة لانتخاب ثلثي أعضاء مجلس الشعب، والثلث الأخير يعينه رئيس الجمهورية "لضمان التمثيل العادل والكفاءة".


وألزم الإعلان رئيس الجمهورية العربية باتفاقيات حقوق الإنسان المصدَّق عليها من قبل الدولة السورية، وهذا النص يشكل سابقة في التاريخ الدستوري السوري.

وألغى الإعلان السلطات الاستثنائية الممنوحة لرئيس الجمهورية، مبقيا على سلطة استثنائية واحدة وهي إعلان حالة الطوارئ، حيث يحق للرئيس إعلان "حالة الطوارئ جزئيا أو كليا لمدة أقصاها ثلاثة أشهر في بيان إلى الشعب بعد موافقة مجلس الأمن القومي واستشارة رئيس مجلس الشعب و رئيس المحكمة الدستورية ولا تمدد لمرة ثانية إلا بعد موافقة مجلس الشعب".

وحظر الإعلان الدستوري إنشاء المحاكم الاستثنائية، الذي دأب النظام السابق على إنشائها بهدف إحكام قبضته على السوريين.

مقالات مشابهة

  • مسرور بارزاني: مجلس النواب مطالب بحسم تحويل حلبجة إلى محافظة
  • رئيس الوزراء يطمئن على صحة وزير الإعلام إثر الحادث المروري الذي تعرض له
  • الرهوي يطمئن على صحة وزير الإعلام إثر الحادث المروري الذي تعرض له
  • الرهوي يطمئن على صحة وزير الإعلام إثر الحادث المروري الذي تعرض له
  • الشيوخ الأمريكي يقر مشروع قانون لزيادة العقوبات على الاتجار بالفنتانيل
  • رئيس مؤسسة صندوق دعم المرأة في الشرق الاوسط السيدة كولشان كمال علي في الاحتفالية المركزية ..
  • ما هو الإعلان الدستوري الذي جرى إقراره في سوريا وماذا منح للشرع؟
  • ننشر حصاد جلسات مجلس النواب 9 – 11 مارس 2025
  • ليث نصراوين ..  مشاجرة عنيفة بين نائبين بسلاح محرّم اجتماعيا
  • مقترحات برلمانية بتحويل الجامعة العمالية إلى تكنولوجية واستغلال مربع الوزارات