أثيرت تساؤلات كبيرة عن تعاطي النظام السوري مع تصاعد التوتر في فلسطين ولبنان، بما لا يتناسب مع كون سوريا دولة طوق محيطة بإسرائيل وأحد أركان محور المقاومة، كما أن الموقف السوري لا يتناسب مع الهجمات الإسرائيلية على أهداف عدة في دمشق وغيرها.

وكعنوان بارز لهذا الموقف، بقي الهدوء مسيطرا على الجبهات السورية مع الجولان على مدى عام كامل باستثناء هجمات صاروخية محدودة للغاية، كما ظهر تعاطي النظام باهتا حتى عبر وسائل إعلامه الرسمية مع عملية طوفان الأقصى، واكتفى بالحديث عن عدوان إسرائيلي على القطاع.

وربما لم يكن هذا الموقف مستغربا تجاه مع ما يحدث في قطاع غزة، نظرا لطبيعة علاقة النظام السوري مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي ساءت بعد الثورة السورية ضد النظام.

ولكن اللافت في الأمر، أنه لا يوجد تغير ملموس في موقف النظام -خاصة على الصعيد الميداني- بعد مرور عدة أسابيع على الهجمات الإسرائيلية على حزب الله اللبناني -الداعم الأبرز للأسد على مدى السنوات الماضية- وبرغم أن الهجمات تطورت إلى محاولة إسرائيل للتوغل البري في لبنان.

ترك مسافة مع محور إيران

أتت عملية طوفان الأقصى والحرب بين محور المقاومة وإسرائيل، في وقت يركز فيه النظام السوري على إنهاء عزلته السياسية والاقتصادية، حيث استعاد مقعده في الجامعة العربية منذ مايو/أيار 2023، كما شهد سبتمبر/أيلول الماضي تطورا مهما تمثل بافتتاح السعودية سفارتها في دمشق.

وبالتوازي مع مسار الأسد مع العرب، ومفاوضاته لتطوير العلاقات مع تركيا، ظهرت مؤشرات على رغبة النظام السوري بترك مسافة بينه وبين المحور الإيراني، حيث تجنب الأسد المشاركة في تشييع رئيس إيران إبراهيم رئيسي الذي قضى بتحطم مروحيته في مايو/أيار من العام الجاري.

واللافت أن رئيس الوزراء هو الذي قاد الوفد السوري الذي شارك في التشييع مع غياب وزير الخارجية أيضا، وبرر السفير السوري في طهران شفيق ديوب غياب الأسد بوجود "ظرف طارئ" حال بينه وبين حضور التشييع رغم تمنيه بالمشاركة، وتأجل تقديمه للعزاء إلى بعد أسبوعين كاملين حيث زار طهران نهاية الشهر ذاته.

وبعد لقاء الأسد مع المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، نشر الأخير تصريحات له على حسابه في تطبيق إكس أكد فيها وجود ما وصفه "محاولات لإخراج سوريا من المعادلات الإقليمية بأساليب مختلفة، منها الوعود التي لم يفوا بها"، في إشارة على ما يبدو إلى إغراء النظام السوري برفع العقوبات عنه، وإنهاء عزلته الدولية.

كما أكد خامنئي أن مواجهة هذه الخطط تكون من خلال "عودة إيران وسوريا إلى العمل على زيادة التعاون وتنظيمه"، حيث أعطت هذه التصريحات انطباعا على عدم رضا طهران عن مواقف النظام السوري.

وقبل حادثة مقتل رئيسي بأسابيع قليلة، كشفت صحيفة إزفيستيا الروسية عن وجود اتصالات بين دمشق وواشنطن، وهذا ما أوضحه بشار الأسد بنفسه خلال مقابلة تلفزيونية له مع قناة أبخازيا الأولى، وأشارت الصحيفة إلى أن هذه الاتصالات تتم في وقت ظهر فيه شرخ بعلاقة الأسد مع طهران.

خامنئي (يمين) استقبل الأسد الذي وصل طهران لتقديم العزاء في وفاة رئيسي وعبد اللهيان (الصحافة السورية) الدور الروسي

بعد عدة أشهر من اندلاع المواجهات في غزة، تزايدت التحذيرات الروسية من امتداد الصراع إلى سوريا، حيث رفضت وزارة الخارجية الروسية في نوفمبر/تشرين الثاني 2023 "توسيع رقعة الصراع تجاه سوريا وغيرها من دول المنطقة".

وحرصا من موسكو على عدم وقوع خروقات على الجبهة السورية، نشرت عدة نقاط للشرطة العسكرية الروسية قبالة هضبة الجولان، حيث أعلن "مركز المصالحة الروسي في سوريا" في أبريل/نيسان من العام الحالي نشر مخافر إضافية للشرطة العسكرية الروسية على خط "برافو" الفاصل بين الجيشين السوري والإسرائيلي.

وفي يناير/كانون الثاني الماضي، اتهم تقرير صادر عن صحيفة "جمهوري إسلامي" الإيرانية روسيا والنظام السوري بتسريب مواقع قادة الحرس الثوري لإسرائيل، في ظل تصاعد الضربات على المواقع الإيرانية، والتي تطورت إلى عملية غير مسبوقة مطلع سبتمبر/أيلول الماضي، استهدفت البحوث العلمية في مصياف بريف حماة، الخاضع لإشراف خبراء من الحرس الثوري.

مركز الجزيرة للدراسات أشار إلى الدور الروسي في عدم تفعيل الجبهة السورية ضد إسرائيل (الأوروبية)

وأشار مركز الجزيرة للدراسات في ورقة تحليلية نشرها في يونيو/حزيران 2024 إلى الدور الروسي في عدم تفعيل الجبهة السورية ضد إسرائيل، وأكدت الورقة أن التنسيق الروسي الإسرائيلي لم يتوقف خلال مرحلة طوفان الأقصى وما بعدها، والهدف هو ضبط جبهة الجولان ومنعها من الانزلاق لمواجهة مفتوحة تؤثر على مكاسب روسيا في سوريا، ولحفظ جهود موسكو الرامية لإبعاد تل أبيب عن دعم أوكرانيا.

وسلط التحليل الصادر عن المركز الأنظار على التزامن بين نشر روسيا لنقاط مراقبة في الجنوب السوري قرب الجولان بداية شهر أبريل/نيسان 2024، والغارات الإسرائيلية على القنصلية الإيرانية في دمشق، التي تم تنفيذها في اليوم ذاته الذي أعلنت فيه وزارة الدفاع الروسية عن نشر النقاط الإضافية.

وبعد زيارة الرئيس السوري إلى روسيا أواخر يوليو/تموز الماضي، تسربت معلومات من معارضين سوريين -مقيمين في موسكو وعلى اتصال مع الخارجية الروسية- تفيد بمطالبة فلاديمير بوتين للأسد بعدم إقحام سوريا في التصعيد، وترك مسافة بينه وبين إيران، لأن الغرب وإسرائيل متجهون للتصعيد ضدها.

معارضون سوريون: بوتين (يمين) طالب الأسد بعدم إقحام سوريا في التصعيد وترك مسافة بينه وبين إيران  (شترستوك) الحسابات الاقتصادية للنظام السوري

في 25 سبتمبر/أيلول الماضي ترأس بشار الأسد اجتماعا وزاريا، تحدث في غالبيته عن الأوضاع الاقتصادية والإدارية في البلاد، والمشاكل التي تعتريها، كما أشار إلى خيبة الأمل بسبب أن التطبيع السياسي مع بعض الدول لم يثمر حتى الآن مكاسب سياسية.

وبدا لافتا أن الأسد تحدث بشكل عابر وعلى هامش الاجتماع عن التصعيد الإسرائيلي في جنوب لبنان، مؤكدا ضرورة تقديم "المساعدات للبنانيين".

وأعلنت وزارة الدفاع التابعة للنظام السوري في يونيو/حزيران من العام الجاري عن خطتها من أجل تسريح المجندين ضمن الخدمة الإلزامية على 3 مراحل، حيث أكد المدير العام للإدارة العامة في وزارة الدفاع اللواء أحمد سليمان أن الخطة ستسفر عن تسريح عشرات الآلاف حتى نهاية عام 2024، مع الإشارة إلى تخفيف الشروط المتعلقة بدفع البدلات النقدية.

ووصولا إلى مفهوم جديد للخدمة الإلزامية بحيث يتم الاعتماد على المتطوعين -الأمر الذي فهم منه الرغبة في تقليص النفقات وتوسيع الواردات من البدلات النقدية خاصة من فئة المغتربين- بمعزل عن التصعيد الكبير المستمر في المنطقة.

تحذيرات إسرائيلية للأسد

من جهة ثانية، نقلت وكالة "فرانس برس" الفرنسية عن مصدر دبلوماسي غربي تأكيدات بأن الأسد تلقى تهديدات من إسرائيل، تحذره من استهداف نظامه في حال سمح باستخدام سوريا ضد المصالح الإسرائيلية.

وأيضا، نقلت وكالة رويترز هي الأخرى في مطلع العام الحالي عن ضابط في المخابرات السورية معلومات تؤكد تلقي الأسد تهديدات إسرائيلية بقطع شريان الحياة عنه إذا دعم حركة حماس.

ووفق مصادر دبلوماسية عربية، فإن التهديدات الإسرائيلية التي وصلت إلى الأسد، تم نقلها عن طريق بعض الدول العربية التي لديها علاقات مع تل أبيب، حيث أجرى مسؤولون عرب زيارات مكثفة إلى دمشق مطلع العام الجاري لتبادل الرسائل بين دمشق وتل أبيب.

وليست هذه المرة الأولى التي تتوعد فيها تل أبيب الأسد، فقد هدد وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتز في مايو/أيار 2018 بـ"إنهاء الأسد ونظامه" إن استمر بالسماح للإيرانيين بالعمل من الأراضي السورية، مشيرا إلى أنهم لن يسمحوا له بالجلوس في قصره وبناء نظامه بهدوء، بينما تتحول سوريا إلى قاعدة إيرانية للهجمات على إسرائيل.

ويجدر الإشارة هنا إلى أن موقف النظام السوري لا يعني بالضرورة تحييد الجغرافية السورية عن المواجهة، وهذا ما أكدته الغارات الإسرائيلية على مطار الثعلة جنوب السويداء السورية، إلى جانب مطار إزرع في درعا بداية أكتوبر/تشرين الأول الجاري.

ويؤكد نشطاء من الجنوب السوري -من بينهم "تجمع أحرار حوران"- أن المطارين يتم استخدامهما من قبل الفصائل المدعومة من إيران، حيث تتحرك هذه الفصائل بحرية في سوريا وبأوامر القيادات التي تتبع لها وليس بتوجيهات النظام السوري.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الإسرائیلیة على النظام السوری بینه وبین

إقرأ أيضاً:

السفير الضحاك: على مجلس الأمن العمل بشكل جاد وعاجل لإنهاء المعاناة المستمرة في غزة والدم النازف في المنطقة والوقف الفوري وغير المشروط للعدوان الإسرائيلي على فلسطين وسورية ولبنان

2024-10-02hadeilسابق السفير الضحاك: سورية تجدد التأكيد على وقوفها إلى جانب الشعبين الفلسطيني واللبناني الشقيقين ولن تدخر جهداً لتقديم المساعدة الإنسانية للأشقاء اللبنانيين رغم التحديات الجسيمة الناجمة عن الحصار والإجراءات القسرية غير الشرعية انظر ايضاًالسفير الضحاك: سورية تجدد التأكيد على وقوفها إلى جانب الشعبين الفلسطيني واللبناني الشقيقين ولن تدخر جهداً لتقديم المساعدة الإنسانية للأشقاء اللبنانيين رغم التحديات الجسيمة الناجمة عن الحصار والإجراءات القسرية غير الشرعية

آخر الأخبار 2024-10-02مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة السفير قصي الضحاك خلال جلسة لمجلس الأمن: ما كنا لنصل إلى ما وصلنا إليه اليوم لو أوقف المجلس العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني وعلى دول المنطقة تنفيذاً لمسؤولياته في حفظ السلم والأمن الدوليين 2024-10-02وقوع انفجارين قرب سفارة كيان الاحتلال الإسرائيلي في الدنمارك 2024-10-02مذكرة تفاهم للتعاون بين جامعة دمشق والأكاديمية العربية الأمريكية لطب الأسنان ‏ 2024-10-02مندوب لبنان الدائم لدى الأمم المتحدة هادي هاشم خلال جلسة لمجلس الأمن: وجوب تحمل المجلس مسؤولياته لوقف العدوان البربري الإسرائيلي على لبنان 2024-10-02أمام الرئيس الأسد… المقداد يؤدي اليمين الدستورية نائباً لرئيس الجمهورية 2024-10-02استشهاد ثلاثة مواطنين وإصابة ثلاثة آخرين جراء عدوان إسرائيلي استهدف بناءً سكنياً بدمشق 2024-10-02الوزير حسن يبحث مع مدير المركز الثقافي الروسي آفاق التعاون في مجال التعليم ‏العالي والبحث العلمي ‏ ‏ 2024-10-02رئاسة مجلس الوزراء تذكر بعطلة السادس من تشرين الأول ذكرى حرب تشرين التحريرية 2024-10-02لافروف: مواصلة التنسيق مع العواصم العربية للوصول إلى سلام في المنطقة 2024-10-02تشكيل لجنة مهمتها مراجعة القرارات والصكوك الناظمة لشغل مراكز عمل القيادات الإدارية وآليات تلبية احتياجات الجهات العامة من العاملين

مراسيم وقوانين الرئيس الأسد يصدر مرسوماً يقضي بتشكيل الوزارة الجديدة برئاسة الدكتور محمد غازي الجلالي 2024-09-23 الرئيس الأسد يصدر مرسوماً بتسمية الدكتور فيصل المقداد نائباً لرئيس الجمهورية 2024-09-23 الرئيس الأسد يصدر مرسوماً تشريعياً بعفو عام عن جرائم الفرار والجنح والمخالفات المرتكبة قبل تاريخ الـ 22 من أيلول 2024 2024-09-22الأحداث على حقيقتها استشهاد ثلاثة مدنيين وجرح تسعة آخرين في عدوان إسرائيلي على مدينة دمشق 2024-10-01 استشهاد خمسة عسكريين جراء عدوان إسرائيلي استهدف موقعاً عند الحدود السورية اللبنانية 2024-09-27صور من سورية منوعات في اليوم العالمي لهم… سورية تولي المسنين كل الاهتمام عبر سياسة صحية شاملة 2024-10-02 الولايات المتحدة: مصرع 63 شخصاً جراء الإعصار هيلين 2024-09-29فرص عمل وزارة الخارجية تعلن أسماء المتقدمين المقبولين للاشتراك في مسابقة تعيين 25 دبلوماسياً 2024-09-18 الخارجية والمغتربين تعلن عن إجراء مسابقة لتعيين 25 عاملاً في السلك الدبلوماسي 2024-07-24الصحافة من 11 أيلول إلى 17 أيلول.. بقلم: د. بثينة شعبان 2024-09-23 مستنقع الفشل الأمريكي في أوكرانيا 2024-09-22حدث في مثل هذا اليوم 2024-10-022 تشرين الأول 1941.. الجيوش الألمانية تشن هجوماً على موسكو خلال الحرب العالمية الثانية 2024-10-011 تشرين الأول 1949 – تأسيس جمهورية الصين الشعبية من قبل ماو تسي تونغ وتعين شو إن لاي على رأس الحكومة 2024-09-3030 أيلول 1958 – الاتحاد السوفييتي يستأنف أبحاثه النووي 2024-09-2929 أيلول 1923 – بداية الانتداب البريطاني على فلسطين 2024-09-2828 أيلول 2000 – بداية الانتفاضة الفلسطينية الثانية بعد اقتحام وزير الحرب الإسرائيلي أرئيل شارون المسجد الأقصى المبارك 2024-09-27 27 أيلول 1825- أول استخدام لسكة الحديد كوسيلة نقل عام
مواقع صديقة أسعار العملات رسائل سانا هيئة التحرير اتصل بنا للإعلان على موقعنا
Powered by sana | Designed by team to develop the softwarethemetf © Copyright 2024, All Rights Reserved

مقالات مشابهة

  • المقداد يؤدي اليمين الدستورية نائبا للرئيس السوري
  • السفير الضحاك: على مجلس الأمن العمل بشكل جاد وعاجل لإنهاء المعاناة المستمرة في غزة والدم النازف في المنطقة والوقف الفوري وغير المشروط للعدوان الإسرائيلي على فلسطين وسورية ولبنان
  • فيصل المقداد يؤدي اليمين الدستورية نائبا للرئيس السوري
  • مصادر بالجيش السوري: إسرائيل أسقطت عشرات الصواريخ الإيرانية التي حلقت فوق سوريا
  • الجيش الإسرائيلي يستهدف مواقع عسكرية جنوب سوريا
  • صفاء أحمد.. من هي المذيعة السورية التي قتلت في غارة إسرائيلية؟
  • بجريرة حزب الله.. المرصد السوري يوضح مآلات الحرب المحتملة على سوريا
  • بجريرة حزب الله.. المرصد السوري يوضح مآلات الحرب المحتملة على سوريا- عاجل
  • في ظل التصعيد الإسرائيلي.. أعداد النازحين من لبنان إلى سوريا تتزايد