كيف نظر الإسلام لبِرِّ الأبوين في كِبرهما؟
تاريخ النشر: 3rd, October 2024 GMT
قال مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية أن برّ الأبوين قد يبدو سهلًا حال صِحتهما ويسارهما، وقدرة الوالدين على القيام بشئونهما وشئون الأبناء في كثير من الأحوال، وهذا لا يُهَوِّن مطلقًا من برُّ الوالدين، الذي أمر به سبحانه حين قال: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا…}.
وأكد العالمي للفتوى أن طاعتهما عظيمة من أجلِّ وأعظم الطَّاعات؛ وبرُّهما يحقق أسمى المقاصد والغايات، ويتأكد برُّ الوالدين ويعظم أجره حين بلوغهما الكِبر، وما يقتضيه من ضَعف، وقلة تدبير، وحاجة للمال والرعاية والأُنس؛ بل إن بَذْل البر والإحسان والرعاية والتَّلطف في القول والمعاملة -في هذه المرحلة- هو معيار البِرِّ الحقيقي؛ لذا خصَّ الحق سبحانه هذه المرحلة بمزيد وصية، فقال سبحانه: {إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا}. [الإسراء: 23، 24]
وأضاف المركز أن الحقُّ سبحانه وتعالى قد قَرَن في الوصية بالوالدين بين كِبر الوالدين وتربية الأولاد في الصِّغر، لحثِّ الأبناء على ردِّ جميل آبائهم وأمهاتهم، ولكون الوالد حينما يُحسن في تربية ولده فإنه يربي أبًا له في صِغر شيخوخته.
وأشار العالمي للفتوى أنه حين يُعطي الابن جزءًا من ماله لوالديه فقد كان بالأمس يتمتع بعموم أموالهم، وحين يقتطع جزءًا من وقته لرؤيتهم والقيام على شئونهم، فقد كان بالأمس محطّ نظرهم وقرة عينهم، وحين يجاهد نفسه في برهم والإحسان إليهم فقد كانا يبذلا الصعب لخدمته بطيب نفس ورضا وسرور.
إهمال الأولاد لآبائهم وأمهاتهموحذر المركز من إهمال الأولاد لآبائهم وأمهاتهم في الكِبر، وتركهم يتقلبون في مآسي المرض والحاجة والوحدة، بعدما ربوهم وعلموهم وأهّلوهم للنجاح في مجالات الحياة؛ لانه يُعدُّ لونًا من أشد ألوان العقوق التي توعد الله سبحانه المتصف بها بعقاب الدنيا قبل عقاب الآخرة؛ يقول سيدنا رسول الله ﷺ: «كلُّ ذنوبٍ يؤخِرُ اللهُ منها ما شاءَ إلى يومِ القيامةِ إلَّا البَغيَ وعقوقَ الوالدَينِ، أو قطيعةَ الرَّحمِ، يُعجِلُ لصاحبِها في الدُّنيا قبلَ المَوتِ». [أخرجه البخاري في الأدب المفرد]
.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: العالمي للفتوى مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية بر الوالدين
إقرأ أيضاً:
من (وعي) المحاضرة الرمضانية الخامسة عشرة للسيد القائد 1446هـ
أكد السيد القائد – عليه السلام – في محاضرته الرمضانية الخامسة عشرة للعام الهجري 1446 هـ، أن الهداية في صدارة النعم ومصدر الهداية هو الله سبحانه وتعالى وهي جزء من تدبيره في الحياة، وان هناك هداية فطرية التي فيها التعقل والتمييز وهداية إرشادية تأتي من ضمن امتداد الرسل والأنبياء عبر كتب الله ووحيه لرسله وأنبيائه، والهداية الإرشادية امتداد للهداية الفطرية، فالتعليمات والتوجيهات الإرشادية لها جذور في فطرة الإنسان، وهناك ترابط وتطابق وتكامل تام في كل أنواع الهداية ،فمن فطرة الإنسان ان يتوجه للعبادة لله، ومن فطرة الإنسان الانضباط للتشريعات، والفطرة الإرشادية تنظم الحياة للإنسان، وإذا قام الإنسان باختراع بدائل عن الهداية الإرشادية فإنه يخطئ وينتج بديلا مغلوطا يترتب عليه ضلال كبير في واقعه، وتصورات الإنسان من نفسه من دون هداية هي تصورات خاطئة..
إن التصورات الخرافية التي يقوم بها الإنسان تأتي بسبب البعد عن الهداية الإرشادية لأنها بعيدة عن السنن التي رسمها الله، والإنسان ليس سوى مفرده وجزء واحد من ضمن مخلوقات الله في مملكة الله الواسعة التي فيها تدبير الله، والهداية الإرشادية هي حق لله في التدبير في ملكوت الله، والله هو ربنا وهو المعني برعايتنا، والإنسان مستخلف في الأرض من الله، وبالتالي عليه ان يسير وفق أوامر ونواهي وتعليمات وإرشادات الله، والهداية مرتبطة بالله تعالى لأنه الخالق الذي يحيط بكل شيء علما، وهو الذي يعلم السر وما يخفى والغيب والشهادة، ويعلم أعماق النفس البشرية والمحيط بما في هذا العالم، ولذلك هو الوحيد سبحانه الذي يشرع للناس ويهديهم لما يعرفه ويعلمه هو، وفيما يتعلق بالأنبياء والهداة من عباد الله دورهم هو تبيلغ هداية الله وليس لهم الحق في اختراع تشريعات، ان الإنسان مفتقر الهداية ولا غنى له عن هداية الله..
إن الإنسان وبمجرد ان يبتعد عن هداية الله يسقط مباشرة في الضلال، فالإنسان قاصر وضعيف ومحدود في إدراكه ومعرفته، وثم ان هناك الشيطان الذي يضل الإنسان ويعمل الشيطان على تقديم تصورات خاطئة للإنسان حتى يضله ويفسده، ولنا في قصة نبينا آدم وأمنا حواء والشيطان حقائق واضحة، فقد قدم لهم فكرة مغلوطة عن الشجرة التي منعهما الله الأكل منها، وعندما تقبل آدم تصورات الشيطان اخرج من الجنة التي كان فيها، والإنسان بحاجة لهدى الله سبحانه وتعالى، والله قد زود الإنسان بكل هذه الهداية للإنسان منذ بداية الخلق حتى لا يضلوا، وهي من مظاهر عبودية الله وربوبيته والوهيته ورعايته لعباده، والهدى الصحيح هو هدى الله سبحانه وتعالى، ويترتب على اتباع مسيرة هدى الله وأتباع إرشاداته ونواهيه وأوامره زيادة هدى الله وتتنزل الهداية العظيمة المتجددة على الإنسان ليتعلم ويعرف كيف يتحرك على نحو صحيح، ونحن آخر الأمم وآخر الحقبة الأخيرة من الوجود البشري ولدينا أرقى قنوات الله في هداية الله وهو القرآن الكريم، وعلينا أن نهتدي على مستوى الالتزام به والسير على نهجه، واليوم الأمة الإسلامية في حالة يرثى لها بسبب تخليهم عن هدى الله والقرآن الكريم..