طعنات الطائفية: التعصب يرقص على دماء الشهداء
تاريخ النشر: 3rd, October 2024 GMT
3 أكتوبر، 2024
بغداد/المسلة: تخنق المرارة حروفنا ونحن نكتب عن الزيف الذي أعمى القلوب، والسمّ الطائفي الذي فرق الصفوف، وشتّت الرؤى، وأحال القضية العظيمة إلى معركة صغيرة تتنازع فيها الأحقاد المذهبية.
أوهمنا الشحن الطائفي، أن حرب المقاومة ضد إسرائيل ليست حرب الأمة بأكملها، بل هي مجرد صراع شيعي لا يستحق الدعم.
ننظر اليوم إلى احتفالات الفرح في الشمال السوري، في طرابلس اللبنانية، وفي أماكن أخرى، بشهادة القادة المقاومين فنرى كيف تمكّن الجهل وإعلام الفتنة من تحويل القضية الفلسطينية من إسلامية جامعة إلى ساحة مذهبية ضيقة، لتبرير التقاعس والخيانة.
الإعلام الكاذب يصوّر تحرير فلسطين كتوسّع فارسي، ويشوه فكرة المقاومة على أنها مجرد تمدد مذهبي.
نجح دعاة الفتنة من رجال الدين والإعلام في الانحدار إلى مستوى لا يُسأل فيه عن هوية الشهيد كإنسان، بل يُسأل إن كان سنياً أم شيعياً، فبذلك تُقاس الولاءات.
لم يعد القتل في غزة ولبنان مهمًا في عيون هؤلاء، طالما أن القتال هو بين إيران وإسرائيل، وطالما أن الراية بيد الشيعة. هؤلاء لم يقفوا متفرجين فقط، بل راحوا يرقصون على دماء الشهداء، يتباهون بالقصف، ويرفعون أصابع النصر فوق أنقاض المنازل والأحياء المدمرة.
بمرارة صادقة وصادمة نقولها: إنه الانحدار إلى عمق الاستهتار واللا أخلاق، حتى تحول البعض الى جواسيس على أبناء جلدتهم في سوريا ولبنان وغزة، يسلمون مفاتيح الصمود إلى أعدائهم.
..
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author AdminSee author's posts
المصدر: المسلة
إقرأ أيضاً:
تقرير بهآرتس: كاريزما نتنياهو مجرد نرجسية جوفاء
بعد آلاف السنين من انهيارها، عادت مدينة إسبرطة اليونانية القديمة إلى عناوين الأخبار، كنموذج صالح للمقارنة مع إسرائيل 2024، من حيث هي مثال يحتذى أو يخشى منه، بما تجسده من عسكرة وتمجيد للدم مهما كلف الثمن، وكذلك بتعريفها للتماسك الوطني والسلطة بأنها معاداة للإنسانية لا تتحقق إلا بحرب لا نهاية لها.
بهذه المقدمة انطلق الكاتب يوآف رينون في تقريره بصحيفة هآرتس في مقارنة بين إسرائيل واليونان القديمة، معتبرا أن مثال إسبرطة بما تجسده من نزعة عسكرية جامحة، لا ينطبق تماما على إسرائيل، بل إن المثال الأقرب إليها هو أثينا بنزعتها الإمبراطورية التي أعلنت عنها صراحة.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2"شلت يداي من التعذيب".. غزيون يكشفون أهوال معتقل عوفر الإسرائيليlist 2 of 2تلغراف: تعامل أوروبا مع ترامب ساذج ويحتاج لتغيير جذريend of listومن السمات البارزة لأثينا أثناء فترة الحرب أزمة الزعامة، حيث كان الزعيم الأثيني بريكليس يعمل على أساس رؤية سياسية محددة، ويميز بين مصلحته الشخصية ومصلحة الدولة، إلى أن اغتصب مكانته الديماغوجيون الذين حوّلوا رؤيتهم الخاصة لنجاحهم الشخصي إلى رؤية عامة، وإن لم يعلنوا "أنا الدولة" لأن دولتهم كانت تقوم على الديمقراطية، ولكنهم تصرفوا على ضوء هذا المبدأ التوجيهي، يوضح الكاتب.
كاريزما نرجسية جوفاءوكان ألكيبياديس من ديماغوجيا بارزا -يضيف رينون- يشترك في العديد من السمات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ولكن هناك فرقا كبيرا بين الرجلين، إذ كان ألكيبياديس واحدا من أكثر القادة والعسكريين موهبة في عصره، وهو ما لا يمكن أن يقال عن نتنياهو.
إعلانورغم أن نتنياهو يتمتع بالكاريزما مثل ألكيبياديس، فإن جاذبيته لا تستند إلى أي محتوى جوهري خلافا للأثيني، بل هي كاريزما نرجسية جوفاء، لا يوجد خلفها سوى فراغ -كما يقول الكاتب- فلا إيمان بالسلام ولا أمن ولا اقتصاد ولا شيء.
بل كل ما هو موجود هو نتنياهو نفسه، وقد وُصِف بأنه "ساحر"، وهو كذلك بالفعل، ولكنه يذكرنا بساحر أوز الزائف الذي نجح في تسويق نفسه على أنه ساحر، ولكن هذا الرجل يشبه عناوين الصحف الشعبية التي لا شيء وراءها.
وكان ألكيبياديس هو الذي دفع أثينا، في خضم الحرب مع إسبرطة، إلى فتح جبهة إضافية خارج اليونان في صقلية، وكانت النتيجة تشكيل اتحاد غير عادي بين دول المدن في صقلية وإسبرطة، وانتهت الحملة بهزيمة أثينا في الحرب وخسارة الإمبراطورية التي كانت تمتلكها ذات يوم.
ويضيف الكاتب أنه بعد أن كانت أثينا تعتبر المحرر لكل اليونان من التهديد الفارسي، أصبح ينظر إليها بسبب بحروبها الداخلية باعتبارها وكيلا للطغيان يهدف إلى إخضاع اليونان كلها، وبدأت إسبرطة تدريجيا في تولي دور ممثل الحرية، كمحرر مستقبلي لليونان من نير أثينا.
فرق رئيسيوعلى الرغم من بعض أوجه التشابه بين هذا الوضع وإسرائيل اليوم -كما يقول الكاتب- فهناك أيضا فرق رئيسي، وهو أن القرن الخامس قبل الميلاد كان قرن السفسطائيين، وهم خبراء فن الإقناع، ومن مبادئهم الأساسية "المعقولية"، وكان على المرء، لإقناع الجمعية العامة المسؤولة عن اتخاذ القرارات السياسية، عرض قضيته بحجج عقلانية تستند إلى تقييم واقعي للموقف.
وتابع رينون أنه عندما أقنع ألكيبياديس الأثينيين بالذهاب إلى الحرب مع صقلية تقدم بحجج عقلانية واستند إلى الحقائق ومسار الأحداث الفعلي، أما إسرائيل اليوم، تحت قيادة نتنياهو، فلا تقودها الحقائق بل الأكاذيب، والمبدأ التوجيهي المركزي الأساسي هو الاعتبارات المسيحانية، وبالتالي غير العقلانية، فالمسيحانية لها عقلانية ومنطق غير عقلاني على الإطلاق، إنه منطق مجنون.
إعلانوإذا تكرر التاريخ، كما تنبأ ثوسيديدس، فإن مصير أثينا واليونان ينبئان بما سيحل بإسرائيل والمنطقة بأسرها، وقد أدت نهاية الحرب التي مرت منذ قرون إلى نهاية الديمقراطية في أثينا، وإلى بداية حكم الطغيان الذي استلزم ذبح العديد من مواطني أثينا الديمقراطيين، ودفع أكبر عدد منهم إلى ارتكاب أعمال إجرامية.