مناظير الخميس 3 اكتوبر، 2024
زهير السراج
manazzeer@yahoo.com
* لاحظت من مشاهدتي لغالبية فيديوهات مجزرة الحفايا أو (مجازر الحلفايا) التي ارتكبها افراد من الجيش والمليشيات المتحالفة معه، ان معظم الضحايا ينتمون لمنطقة الحلفايا والمناطق المجاورة لها، ومعظم القتلة والجناة ينتمون لمناطق ظلت مهمشة تاريخياً، مما يدعوني للحديث عن دافع ثان للمجزرة بالاضافة ل (تهمة التعاون او الانتماء لمليشيا الدعم السريع) التي برر بها الجناة قتل الشباب والاطفال الابرياء!
* الدافع الثاني هو الحقد الشديد للجناة بسبب الظلم الذي عانوا منه، ولعل الكثيرين قد لاحظوا الضحكات الغريبة ونظرات التشفي والانتقام في وجوههم وهم يقتلون الشباب الأبرياء، وكأنهم مدفوعون بثأرات شخصية يريدون تصفيتها !
* من يظن ان الوضع بعد الحرب سيكون هو الوضع نفسه قبل الحرب فهو واهم، ومن يظن أن الحركات المسلحة التي تحارب مع كتائب الكيزان ضد مليشيا الجنجويد ستقبل بوضعها القديم كحارس للبوابة بعد انتهاء الحرب فهو غشيم، ومن يظن أن كباشي ومناوي وجبريل وعقار وطمبور سيرضون بالجلوس على الكراسي الخلفية فهو شخص على نياته لا يدري شيئا عن الاهداف الحقيقية التي من اجلها خاضوا الحرب، ومن يظن ان الجناة مارسوا القتل والتشفي والحقد الفظيع ضد شباب الحلفايا من اجل الدين وارضاء الكيزان، فهو لا يدري بأن هؤلاء ينتقمون من القرون الطويلة التي تعرضوا فيها للتهميش والمذلة والمهانة، ولقد حان الوقت للتحرر والخلاص والجلوس على رقاب الذين جلسوا على رؤسهم واذاقوهم الهوان !
* واهم من يظن أن شعار سقوط دولة 56 يرفعه الجنجويد فقط، ولكنه شعار يرفعه كل مواطني الغرب والشرق والجنوب (ومن ضمنهم الغالبية الساحقة من جنود الجيش) الذين يحاربون الآن مع كتائب الكيزان، ولن يتخلى هؤلاء بعد انتهاء الحرب عن تحقيق شعارهم والحصول على كل شئ والصعود الى المناصب العليا وازاحة (مواطني دولة النهر) الى الصفوف الخلفية طوعا أو كراهية، وإذاقتهم نفس الهوان الذي أذاقوه لهم، وإلا إستمرت الحرب بكل بشاعتها وعنصريتها، وتحوَّل السودان الى دويلات عنصرية صغيرة متحاربة.
* من يظن ان الحرب ستنتهي بانتصار الجيش على مليشيا الدعم السريع، فيهلل ويُكبِّر ويرقص فرحا في الشوارع لأنه سيعود الى موطنه وداره وعمله ووضعه القديم فهو مسكين وساذج، فهو لا يدري ان ايام العز والمجد (ونحنا الساس ونحنا الراس) قد انتهت، وأن حرباً أخرى عنوانها الانتقام من هوان الماضي سيشنها عساكر الجيش والحركات المسلحة ورافعو شعار سقوط دولة 56 ضد الوسط والشمال ودولة 56 (بما فيهم الكيزان)، أو الاستسلام والاذعان لرغباتهم وأوامرهم والقبول بالعيش تحت اقدامهم كمواطنين من الدرجة العاشرة، ولن يكون هنالك وسط او شمال او كيزان، ما لم تتوقف هذه الحرب الآن ويتفق الجميع على صيغة حكم عادلة ومقبولة للجميع!
* قد لا يصدقني معظم الناس إذا قلت ان آخر رئيس للسودان من دولة النهر هو المخلوع البشير، وآخر قائد عام للجيش هو البرهان .. حتى لو انتصر الجيش !
* أعرف أن هذا المقال قد يثير غضب واستياء الكثيرين ولكن لا بد من قول الحقيقة مَهما كانت قاسية ومؤلمة !
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: من یظن
إقرأ أيضاً:
السودان والإمارات.. هل تغير “دولة ممزقة” تاريخ الحروب؟
لعقود طويلة، كانت حروب الوكالة ـ ولا تزال ـ حيزا غامضا تتحرك في فضائه الدول لتحقيق أهدافها الاستراتيجية من دون الانخراط المباشر في أعمال عسكرية واسعة النطاق، لكن هذا الحيز الرمادي ـ ثمة احتمالات ولو ضعيفة ـ قد يتقلّص، إذ تعيد دعوى قضائية جديدة النقاش حول إمكانية تجريم المشاركة ـ ولو عن بُعد ـ في جرائم الحرب.
السودان ضد الإمارات
يقاضي السودان دولة الإمارات أمام محكمة العدل الدولية بتهمة تأجيج نزاع داخلي، من دون أن تنشر الدولة الخليجية قواتها على الأراضي السودانية.
يزعم السودان أن الإمارات متواطئة ـ بتقديم دعم مالي وسياسي وعسكري ـ في "إبادة جماعية" ارتكبتها ميليشيا الدعم السريع بحق قبيلة المساليت في غرب دارفور، نوفمبر 2023.
القضية "غير مسبوقة في نطاق القانون الدولي"، يقول لموقع "الحرة" عبدالخالق الشايب، وهو مستشار قانوني وباحث في جامعة هارفارد.
وإذا قضت المحكمة لصالح السودان، فيسكون الحكم ـ بدوره ـ "سابقة قانونية" تُحمّل فيها دولة المسؤولية القانونية عن حرب بالوكالة، خاضتها عن بُعد.
وسيوفر الحكم أساسا لمساءلة الدول عن حروب الوكالة، وإعادة تقييم مبدأ عدم التدخل في سياق الحروب غير المباشرة.
يقول خبراء قانون لموقع "الحرة"، إن قضية السودان ـ إذا نجحت ـ ستؤدي إلى إعادة النظر في أدق التحفظات المتعلقة بالمادة التاسعة من اتفاقية الإبادة الجماعية، خصوصا عندما تكون هناك ادعاءات بارتكاب إبادة جماعية.
وقد تفقد الدول ـ نتيجة لذلك ـ القدرة على حماية نفسها من اختصاص المحكمة في مثل هذه القضايا.
ومن تداعيات القضية ـ إذا قررت محكمة العدل الدولية البت فيها ـ إعادة تفسير اتفاقية الإبادة الجماعية لتشمل حالات التورط غير المباشر أو التواطؤ في جرائم الحرب.
حروب الوكالة
في حديث مع موقع "الحرة"، تقول ريبيكا هاملتون، أستاذة القانون الدولي في الجامعة الأميركية في واشنطن، إن مفهوم الحرب بالوكالة يتبدى عندما تتصرف دولة كراع وتدعم طرفا آخر في ارتكاب أفعال خاطئة.
ورغم أن حروب الوكالة تبدو ظاهرة حديثة، فلها تاريخ طويل ومعقّد.
تُعرّف بأنها صراعات تقوم فيها قوة كبرى ـ عالمية أو إقليمية ـ بتحريض طرف معين أو دعمه أو توجيهه، بينما تظل هي بعيدة، أو منخرطة بشكل محدود في القتال على الأرض.
تختلف حروب الوكالة عن الحروب التقليدية في أن الأخيرة تتحمل فيها الدول العبء الأكبر في القتال الفعلي، وعن التحالفات التي تساهم فيها القوى الكبرى والصغرى حسب قدراتها.
وتُعرف حروب الوكالة أيضا بأنها تدخّل طرف ثالث في حرب قائمة. وتشير الموسوعة البريطانية إلى أن الأطراف الثالثة لا تشارك في القتال المباشر بشكل كبير، ما يتيح لها المنافسة على النفوذ والموارد باستخدام المساعدات العسكرية والتدريب والدعم الاقتصادي والعمليات العسكرية المحدودة من خلال وكلاء.
من الإمبراطورية البيزنطية إلى سوريا
يعود تاريخ الحروب بالوكالة إلى عصور قديمة، فقد استخدمت الإمبراطورية البيزنطية استراتيجيات لإشعال النزاعات بين الجماعات المتنافسة في الدول المجاورة، ودعمت الأقوى بينها.
وخلال الحرب العالمية الأولى، دعمت بريطانيا وفرنسا الثورة العربية ضد الدولة العثمانية بطريقة مشابهة. وكانت الحرب الأهلية الإسبانية ساحة صراع بالوكالة بين الجمهوريين المدعومين من الاتحاد السوفيتي والقوميين المدعومين من ألمانيا النازية وإيطاليا الفاشية.
وخلال الحرب الباردة، أصبحت الحروب بالوكالة وسيلة مقبولة للتنافس على النفوذ العالمي بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، تجنبا لاحتمال نشوب حرب نووية كارثية.
ومن أبرز الأمثلة: الحرب الكورية، حرب فيتنام، الغزو السوفيتي لأفغانستان، والحرب الأهلية في أنغولا. استمرت هذه الحروب حتى القرن الحادي والعشرين. وتُعد الحرب في اليمن مثالا واضحا لحروب الوكالة، حيث تدعم إيران الحوثيين بينما تدعم السعودية وحلفاؤها الحكومة اليمنية.
وأظهر الصراع في سورية قبل سقوط نظام بشار الأسد مثالا صارخا لحروب الوكالة في عصرنا، من خلال تدخل روسيا والولايات المتحدة وإيران وتركيا دعما لفصائل مختلفة.
قضية السودان ضد الإمارات قد تدفع دولا أخرى إلى التفكير باللجوء إلى محكمة العدل الدولية في دعاوى مماثلة، ولكن!
الإبادة الجماعية؟
لا تتعلق دعوى السودان بحروب الوكالة تحديدا، يؤكد الخبراء، بل تستند إلى اتفاقية "منع جريمة الإبادة الجماعية ومعاقبة المتورطين فيها".
تدّعي الخرطوم أن ميليشيات الدعم السريع ارتكبت انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بينها القتل الجماعي، والاغتصاب، والتهجير القسري للسكان غير العرب، وتزعم أن تلك الجرائم ما كانت لتحدث لولا الدعم الإماراتي، بما في ذلك شحنات الأسلحة عبر مطار أمجاراس في تشاد.
"يحاول السودان أن يثبت دور دولة أخرى غير المباشر في ارتكاب قوات عسكرية أو ميلشيا تحارب في السودان إبادة جماعية".
"أساس القضية،" يضيف، "المادة التاسعة من اتفاقية منع الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها".
رغم أن كلّا من الخرطوم وأبوظبي من الموقعين على الاتفاقية، تعتقد هاملتون أن من غير المحتمل أن يتم البت في هذه القضية، إذ إن "محكمة العدل الدولية تفتقر إلى الاختصاص القضائي للنظر فيها".
"عند توقيعها على اتفاقية الإبادة الجماعية،" تتابع هاميلتون، "أكدت الإمارات أنها لم تمنح محكمة العدل الدولية السلطة للفصل في النزاعات التي قد تنشأ بينها وبين دول أخرى بشأن هذه الاتفاقية".
ويلفت ناصر أمين، وهو محام مختص بالقضايا الدولية، إلى أن النزاع القائم في السودان يُعتبر وفقا لأحكام القانون الدولي الإنساني نزاعا مسلحا داخليا، إلى أن تثبت الخرطوم بأن هناك تدخلا من إحدى الدول لصالح أحد أطراف النزاع داخليا".
"وهذا يحكمه بروتوكول ملحق باتفاقيات جنيف أو بالقانون الدولي الإنساني المذكور في المادة 3 من البروتوكول الثاني لاتفاقيات جنيف المنعقدة عام 1929،" يضيف.
تنص المادة الثالثة على أن أحكام هذه الاتفاقية لا تسمح لأي دولة أن تتدخل في الشأن الداخلي لأي دولة أخرى أو أن تمارس أي أعمال داعمة لأي فصيل متنازع أو متصارع.
"على السودان أن يثبت أمام محكمة العدل الدولية أن هناك خرقا حدث للمادة 3 من البروتوكول"، يوضح.
نقاط القوة والضعف
وتقول ربيكا هاملتون "من المؤسف" أنه من غير المحتمل أن تُرفع هذه القضية، حيث إن محكمة العدل الدولية تفتقر إلى الاختصاص القضائي للنظر فيها.
ويشير الباحث القانوني، عبدالخالق الشايب، إلى أن قضية السودان ضد الإمارات "يبقى التعامل معها متعلقا بوكالات الأمم المتحدة أو مجلس الأمن تحديدا".
لكن هاملتون تقول إن هناك مجموعة من القوانين الدولية التي تحظر حروب الوكالة، لكن "التحدي الحقيقي يكمن في كيفية إنفاذ هذه القوانين".
"سابقة".. حتى لو تعثرت؟
أن تتعثر قضية السودان ضد الإمارات ـ بسبب الاختصاص القضائي ـ أمر وارد، لكنها تبقى، وفق خبراء في القانون، "ذات دلالة رمزية كبيرة".
"بغض النظر عن نتيجتها،" تقول أستاذة القانون الدولي ربيكا هاملتون، لموقع "الحرة"، "تمثل القضية محاولة جريئة من دولة ممزقة بالصراعات لتوسيع مفهوم المساءلة عن ممارسات الحرب الحديثة".
وحتى إن رفضت محكمة العدل الدولية النظر في الدعوى، فإن القضية تضيّق الحيز الرمادي الفاصل بين المسؤولية المباشرة والمسؤولية غير المباشرة عن جرائم الحرب.
في تصريحات لموقع "JUST SECURITY"، يشير خبراء قانون إلى أن صدور حكم لصالح السودان ـ حتى وإن كان ذلك غير مرجح ـ قد يؤدي إلى إعادة تقييم شاملة للمعايير القانونية الدولية المتعلقة بتواطؤ الدول وتدخلها.
قبول الدعوى قد يدفع القانون الدولي إلى مواجهة التكلفة الحقيقية لحروب الوكالة الحديثة — سواء خيضت بجنود على الأرض، أو من خلال دعم مالي وعسكري عن بُعد.
الحرة - واشنطن