المبعوث الأميركي الخاص للسودان، توم بيرييلو، أعلن عن توجه جديد يتعلق بتدخل محتمل لحماية المدنيين في السودان، عبر قوات أفريقية تحت إشراف الاتحاد الأفريقي. هذه الخطوة تأتي في إطار محاولات إيقاف النزاع المستمر بعد تعثر المحادثات في جنيف وعدم تمكن الأطراف المتحاربة من التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار. يعكس هذا الإعلان الموقف الدولي القوي الرافض لاستمرار الحرب والراغب في العودة إلى مسار الحكم المدني في السودان.


الأبعاد السياسية والدبلوماسية
يأتي هذا التحرك في وقت حرج بالنسبة للسودان، حيث يتزايد الضغط الدولي من خلال اجتماعات الأمم المتحدة ومواقف العديد من الدول التي تؤيد استعادة الحكم المدني. رغم ذلك، يعترف بيرييلو بأن الضغط الحالي غير كافٍ لإجبار الجيش السوداني وقوات الدعم السريع على وقف الحرب. هذه المواقف الدولية المتعاطفة مع الشعب السوداني تضعف الخيارات أمام القوى المتحاربة وتدفع باتجاه حل سلمي، لكن كما ذكر المبعوث، فإن الجيش يسعى من خلال دعم جماعات إسلامية إلى تحقيق نصر عسكري كامل.
التحديات الأمنية والإنسانية
الأوضاع الإنسانية في السودان تظل متدهورة بشكل كبير، حيث تعرقل النزاعات المسلحة وصول المساعدات الإنسانية. المبعوث الأميركي أوضح أن فتح المعابر المتفق عليها في جنيف، رغم أهميته، لم يكن كافياً لضمان إيصال الإغاثات الضرورية بشكل سلس، مشيرًا إلى أن الجهود الدولية لمراقبة الوضع مستمرة. تفاقم الأزمة الإنسانية يزيد من الضغط على الأطراف المتحاربة ويفتح المجال أمام ضرورة تدخلات أكثر فعالية لحماية المدنيين.
احتمالات تدخل قوات أفريقية
تُعد هذه الخطوة المحتملة لإرسال قوات أفريقية لحماية المدنيين جزءاً من توجه أوسع لفرض حماية خارجية مستقلة في ظل انهيار الأمن داخل البلاد. قد يثير هذا التدخل، في حال تنفيذه، قضايا تتعلق بالسيادة الوطنية، وردود فعل متباينة من الأطراف المتحاربة، وخاصة من الجيش السوداني الذي يتزايد تشدده ضد الحلول المدنية. إلا أن الحاجة لحماية المدنيين قد تجعل هذا التدخل الخيار الأمثل لتجنب كارثة إنسانية أكبر.
الأبعاد الداخلية والخارجية
في سياق الوضع الحالي في السودان، يُعتبر الصراع بين القوى المدنية المتنوعة أمراً حاسماً لتحديد مستقبل البلاد. فهناك قوى مدنية تؤيد التدخل الدولي وتقديم المساعدات الإنسانية لحماية المدنيين، بينما ترفض قوى أخرى ذلك بسبب المخاوف من التدخل الأجنبي وتأثيراته السلبية على السيادة الوطنية.
القوى المؤيدة للتدخل
قوى الحرية والتغيير تدعم هذه المجموعة التدخلات الدولية، بما في ذلك إرسال قوات لحماية المدنيين، حيث ترى أن الوضع الإنساني يتطلب إجراءات عاجلة لحماية المدنيين وإعادة الاستقرار.
المجتمع المدني تتضمن منظمات حقوق الإنسان والجمعيات الخيرية التي تدعو إلى تدخلات من أجل حماية المدنيين ورفع المعاناة عن الشعب السوداني.
القوى الرافضة للتدخل
القوى الإسلامية كما هو الحال مع بعض المجموعات المتحالفة مع الجيش، فهي تعتبر أي تدخل خارجي انتهاكاً للسيادة وتعارضه بشدة.
المؤتمر الوطني يُظهر الحزب السابق الحاكم قلقاً من تأثير التدخل الدولي، ويعتقد أن الحل يجب أن يأتي من الداخل دون تدخل خارجي.
الأبعاد السياسية
الصراعات بين هذه القوى تعكس الانقسامات الأوسع في المجتمع السوداني حول كيفية معالجة النزاع. إن وجود دعم شعبي قوي للمبادرات المدنية يمكن أن يؤثر على موقف الأحزاب السياسية، مما يجعل من الضروري لجميع الأطراف التفكير في كيفية الوصول إلى توافق حول هذا الوضع المعقد.
من المؤكد أن هذا الإعلان يشير إلى تصاعد القلق الدولي بشأن استمرار الصراع، كما يعكس تزايد الضغوط الدولية على السودان للتوصل إلى حلول دائمة. لكن في الوقت نفسه، يبقى تدخل القوى الإقليمية، والدور الذي تلعبه الدول المجاورة، مسألة حساسة، حيث تسعى العديد من الدول للتأثير في مسار الحرب.
في النهاية، يبدو أن المرحلة المقبلة ستشهد تحركات دبلوماسية وعسكرية مكثفة، مع تركيز على حماية المدنيين، ودفع الأطراف المتحاربة للعودة إلى طاولة المفاوضات. ولكن، ما لم يتم تكثيف الجهود الداخلية والدولية بصورة أكثر فعالية، يبقى الحل السلمي أمراً بعيد المنال، في ظل تعنت القوى المتحاربة وتصاعد النزاع على الأرض.

zuhair.osman@aol.com

   

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الأطراف المتحاربة لحمایة المدنیین فی السودان

إقرأ أيضاً:

قطر وبربادوس والوقوف مع الحق السوداني والإنساني

المحقق – محمد عثمان آدم

تفاوتت خطابات الزعماء العالميين أمام الجلسة العامة للجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الحالية، وفي الاجتماعات الوزارية رفيعة المستوى على هامشها، من حيث الطول والقصر ومن حيث القوة والضعف، لكن برز من بين تلك الخطابات خطابان لسيدتين هما مملثة دولة البربادوس وممثلة دولة قطر من حيث تناولهما للشأن السوداني.

فكلاهما سيدتان وكلاهما تمثلان – من حيث المبادئ والوقوف مع الحق – دولتين عظيمتين مكانة وما ضرهما من بعد محدودية المساحة التي تغطيانها، فقديماً قال الشاعر الجاهلي السموأل الأزدي :

.• وَما قَلَّ مَن كانَت بَقاياهُ مِثلَنا ****** شَبابٌ تَسامى لِلعُلى وَكُهولُ

• وَما ضَرَّنا أَنّا قَليلٌ وَجارُنا ******** عَزيزٌ وَجارُ الأَكثَرينَ ذَليلُ

• صَفَونا فَلَم نَكدُر وَأَخلَصَ سِرَّنا****** إِناثٌ أَطابَت حَملَنا وَفُحولُ

• فَنَحنُ كَماءِ المُزنِ ما في نِصابِنا ******* كَهامٌ وَلا فينا يُعَدُّ بَخيلُ

• وَنُنكِرُ إِن شِئنا عَلى الناسِ قَولَهُم*** وَلا يُنكِرونَ القَولَ حينَ نَقولُ

رئيسة وزراء بربادوس “ميا أمور موتلي” ما تركت زعماء الأمم المجتمعين – وقد جاء خطابها بعد أن قرعهم رئيس الوزراء الإسرائيلي في المناقشة العامة للدورة التاسعة والسبعين للجمعية العامة – إلا بعد أن ذكرتهم بازدواجية المعايير حتى في الاقتباس من العهد القديم أو العهد الجديد سواء، “تأخذون منه ما يناسبكم وترمون بعيداً ما لا يناسبكم”، ثم اردفت فوق ذلك إدارة هذا العالم ظهره لما يدور في السودان وتعاميه عن ردع المعتدي و الظالم و المتمرد و داعم المعتدين، وقالت هذا بقية من عنصرية، إذا وقع الاعتداء علي الغربي قاموا جماعات ووحدانا وإذا وقع الاعتداء على السودان قاموا إلى مكرفوناتهم كسالى يراؤون الناس.

وأشارت رئيسة وزراء البربادوس إلى أن نتنياهو حاججهم بأن النبي إلياس أخبرهم بأن “اسرائيل، وفقاً لنتنياهو، باقية أبدا” في تبرير للعنف والتقتيل والسحل والابادة التي تمارسها في غزة بداعي أنه يرد الانتقام والحفاظ على إسرائيل، وقالت له “في ذات الكتاب الجديد الذي استشهدت فيه يقول الرب أن لا أحد من حقه أن يقوم بالانتقام فالانتقام لي”، ثم أضافت من عندها “وليس من حق أي دولة و أو كيان أو جماعة أن تقوم بالانتقام”.

وهي تستخدم لغة العصر والكمبيوترات والأجهزة الزكية، قالت رئيسة وزراء بربادوس للجمعية العامة للأمم المتحدة صباح الجمعة إن العالم يحتاج إلى “إعادة ضبط”.

وقالت: “نستمر في النضال مع أزمة المناخ كعائلة بشرية، ونحن نتصارع مع إرث الوباء”، مضيفة “إننا نواجه الآن للأسف مسارح حرب متعددة ومشاهد رعب ومجاعة تتدفق من تلك الحرب والصراع المسلح، بدلاً من السعي إلى تنمية مواطني كل بلد”، و استشهدت في ذلك بالسودان و غزة و أوكرانيا ومينمار، مشيرة إلى أن العالم لا يستطيع “تحمل تشتيت الحرب”، قائلة: “إذا كان هناك وقت للتوقف وإعادة الضبط، فهو الآن جماعيًا، جماعيًا كمجتمع دولي وفرديًا، كقادة في كل من بلداننا”.

ونبهت إلى أن العالم أدار ظهره للسودان والحرب الدائرة فيه بدواع أشارت إلى أنها قد تكون عنصرية، حيث قالت إن “الصمت الذي يحيط بالسودان غير مقبول وقد يكون متجذرًا في العنصرية التي لا يزال العالم يحملها كوسام شرف من انتصارات الحرب العظمى الأخيرة في الحرب العالمية الثانية”. إلا أن موقع الأمم المتحدة النصي لم يورد أي من الاستشهادين الذين ذكرنا كتابة و إن لم يحذفهما صورة وصوتاً،

وتلك لعمري صفعة ما تلقي العالم الغربي مثلها في ماض الأيام أبداً ومن داخل مبنى الأمم المتحدة، إذ لو كانت هذه الحرب تدور في إيرلندا مثلاً لكانت السرعة في التدخل مما يضرب به المثل.

ونوهت رئيسة الوزراء إلى إنه من واجب القادة “تقديم فرص وحلول جديدة لهذه الأزمات التي تثبط النمو الاقتصادي، والتي تحد من طموحات شعبنا وتخدر إحساسنا بالجمال والخير الذي يجب أن يقدمه العالم”،

وأضافت أن إعادة الضبط هذه هي “ما يطالب به جميع مواطنينا”. وبعبارة بسيطة، قالت إن الكثير من الناس “يذهبون إلى الفراش وهم جائعون”.

وأكدت أن عدم القدرة على إعادة الضبط عالميًا من شأنه أن يعزز “أزمة الثقة في النظام الدولي القائم، والذي يجب أن يصبح شاملاً ومستجيبًا للجميع”.

واستمرت في القول إن إعادة الضبط العالمية هذه يجب أن تستهدف قواعدنا ومؤسساتنا، بهدف إنهاء التمييز والعمليات التي تخلق مواطنين من الدرجة الأولى والثانية اعتمادًا على بلدك الأصلي.

وأشارت السيدة موتلي إلى أن عام 2024 هو العام الأخير من عقد الأمم المتحدة، وقالت إنه في حين تم تحقيق الكثير، فإن بربادوس والجماعة الكاريبية (كاريكوم) تنضمان إلى الجوقة المتنامية للإعلان الفوري عن عقد ثانٍ لمعالجة مسألة التعويضات عن العبودية والاستعمار.

ومع استمرار الحروب في جميع أنحاء العالم، قالت إن الأمم المتحدة لها دور مهم. وأشارت إلى أن “هناك مناطق قليلة حيث يحتاج العالم إلى الأمم المتحدة أكثر من أي شيء آخر لتأمين أهداف الميثاق في مجال السلام والأمن”.

ومع ذلك، أضافت السيدة موتلي أن الأمم المتحدة، وخاصة مجلس الأمن، بحاجة إلى الإصلاح، مؤكدة أن التكوين الحالي للأعضاء الدائمين وغير الدائمين في مجلس الأمن “ليس له مكان في القرن الحادي والعشرين”.

أما وزيرة الدولة للتعاون الدولي القطري لولوة الخاطر، فقد جبرت الخواطر كما أشار إلى ذلك تقرير نشرته وكالة الأنباء السودانية الرسمية، و من عجب أنه كان سابقاً لهذا الخطاب الذي ألقته ممثلة قطر أمام الاجتماع الوزاري رفيع المستوى بالأمم المتحدة والذي خصص للشأن الإنساني في السودان، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، فقد

قالت وزيرة الدولة القطرية إنهم عندما اجتمعوا فى نفس هذا المكان من العام الماضي “كان يحدونا الأمل أن نجتمع هذا العام بعد أن تضع الحرب أوزارها للتداول حول خطط التنمية وترميم ما أحدثته هذه الحرب من الآثار الدامية ، ترميم الحجر وترميم البشر كذلك”، في إشارة إلى تطاول الحرب بفعل فاعل.

وقالت إنه ينبغي تفعيل الوفاء بالتعهدات الدولية التى تم الالتزام بها بمؤتمر جنيف 2023 والبالغ قدرها 1,6مليار دولار وتعهدات مؤتمر باريس 2024 وقدرها إثنان مليار يورو لدعم السودانيين بالداخل وبالخارج .

وأشارت إلى أن قطر دعمت السودان بعد الحرب بمبلغ خمسة وسبعون مليون دولار من صندوق قطر للتنمية وواحد وعشرون مليون دولار إضافية من المنظمات غير الربحية مثل قطر الخيرية والهلال الأحمر القطرى “وليس هذا منة من أحد إنما هو الواجب الذى تحتمه الإنسانية و أواصر العروبة وقيم الإسلام الحنيف”.

و أشارت – لا فض فوها – إلى أنها في زيارتها الأخيرة لبورتسودان وجدت أمراً تعجبت له وأكبرته حيث مازال السودان رغم الحرب وتدمير البنية التحتية والمنازل يستضيف أعداداً كبيرة من اللاجئين احتضنهم السودان وأهله معززين مكرمين قبل الحرب واستمر هذا بعد الحرب رغم نقص الغذاء والدواء بكل كرم وطيب نفس.

ثم أضافت أنها تفأجات إبان زيارتها لغزة أن العديد من الأطباء هم خريجى الجامعات السودانية وأن السودان كان يقدم العديد من المنح الدراسية للأشقاء العرب ويعاملهم معاملة السوداني بالدراسة والعلاج وكل مناحي الحياة بكل شهامة وأصالة ومحبة وبكل تواضع وصبر وصمت.

لكن بقية العالم، كما قالت ممثلة البربادوس، ما زال صامتاً حيال ما يجري في السودان قتلاً وتشريداً وتهجيراً إذ قالت إن “الصمت الذي يحيط بالسودان غير مقبول وقد يكون متجذرًا في العنصرية التي لا يزال العالم يحملها كوسام شرف من انتصارات الحرب العظمى الأخيرة في الحرب العالمية الثانية”.

وما ينبيك مثل خبير، فقد كانت بلادها وما تزال تدفع ثمن الغزو و التقتيل و النخاسة و الرق الذي مارسه الغرب في جذر ألبهاما والبربادوس، و لعله يسعى لتكراره في أفريقيا و السودان هو قلب أفريقيا و “صرتها”.

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • أستاذ في العلوم السياسية يحذر من اتساع رفعة الصراع في الشرق الأوسط: الوضع يزداد خطورة
  • طارق العوضي: لقاء رئيس الوزراء مع القوى السياسية خطوة تاريخية نحو التعاون والشراكة الوطنية
  • المبعوث الأميركي يرتب لإرسال قوات أفريقية لحماية المدنيين في السودان .. بيرييلو قال إن «جميع دول العالم تدعم وقف الحرب واستعادة الحكم المدني»
  • «الحوار الوطني» يكشف عن 9 نقاط في قضية الدعم: نشرك جميع الأطراف السياسية والمجتمعية
  • السفارة الأمريكية: نشعر بالقلق من الأضرار التي لحقت بمقر سفير الإمارات في السودان
  • نبارك الرد الإيراني الذي طال بضربة قاصِمة على رؤوس الاحتلال المُجرم
  • تصريح صحفي من تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم”حول قتل مدنيين خارج القانون في الحلفايا
  • تصفية عشرات المدنيين على يد الجيش السوداني و«كتائب البراء»
  • قطر وبربادوس والوقوف مع الحق السوداني والإنساني