ظَلَلنَا في حضرةِ السِّت الوَالدة سبعةَ أشهُرٍ تَرعَى الأولادَ ونَنعَمُ بِبِرِّها . كانتْ تنزلُ من الطابقِ الأولِ صُحبةِ أحمد كلِّ صباح ليلحَقَ بَِبَصّ الرَّوضةِ ، ثم تنزلُ مرةً أخرى عند الظُّهر قبل عودةِ البَص تَحمِلُ طاولةً صغيرةً مستديرةً لِتَجلسَ عليها عند نهايةِ المَمَر الذي يُطلُّ على الشارعِ الرئيسي حتى تطْمئنَ على وصُولهِ وتَرتفِعُ به إلى الشقة .

بدأتْ تَنقُر نقراً خفيفاً على مَوضُوعِ الزَّواج وضَرورةِ الزَّوجةِ لتَربيةِ الأطفال . ومع تعاقُب الشُّهورِ وتقاربِ أوقاتِ العُطلةِ والسَّفر ، إزدادَ طرقُها على الموضُوعِ إياه مع الإلحَاحِ والإصْرارِ على ألاّ أعودُ إلى السعودية مرةً أخرى إلا والزَّوجةُ في " طَرَفي " حسبَ عِبارتِها . فأذْعَنتُ مُوافقاً ورُبَّما وافقتُ مُذعِناً لأوامِرها وتَوجِيهاتِها السَّامِية .
يا إلهي ! ما العملُ وأنا بينَ نارَين ! ؟ لا ليْستْ " نارَ البُعدِ والغُربة " ! وإنما نارُ البَحثِ عن وظيفةٍ ثم نارُ البحثِ عن المرأةِ الزوجةِ الصَّالِحة ! وما أشَّقَّ البَحثين وأصعبَ الخَيارَات !
شرعتُ في التَّقدِيم للوظَائفِ وتوزيعِ السِّيرة الذَّاتِية على بعضِ الشَّركات ومراكزِ التَّدريب في المنطقة الشرقية عُموماً . وشرعَ عَقلي الباطِن وذاكرةُ العلاقاتِ العاطِفيةِ في نبشِ الماضي القرِيبِ والبعيد . لم يطُلْ انتِظاري فيما يتعلقُ بالوَظيفة ، فقد اتَّصَلَ علي مسئولُ التَّوظيف في شركةِ الحُقيط بالخُبر وهي شركةٌ كانتْ تعملُ بِتوظيفِ ELT مُعلِّمي اللغة الإنجليزية من الباطِن sub contract لكلٍّ من مراكزِ التَّدريب في أرامكو والشركة السعودية للكهرباء SCECO . وبعد المُقابلةِ interview والتَّفاهُم على الرَّاتِب الشَّهري والمزايا الأُخرى تمَّ الاتفاقُ على بَركةِ الله ، وكانتْ قِسمَتي وحَظِّي للعملِ مع SCECO بمركزِ التَّدرِيب الرئيسي بالدمام والذي كان يقعُ غربَ الطَّريق السَّريع الذي يربطُ الظَّهران بالجبيل . وكان الاتفاقُ على بدايةِ الدَّوامِ يَتطابقُ مع بدايةِ العامِ الدراسي القادِم لكلِّ المَدارِس . يعني السَّفَر قائِم وله طعمٌ خاص إذا ما تمَّ نُقصانُ ! ولا يَتِمُّ ذلك إلا بإطفاءِ النَّارِ الأخرَى . ولمْ أعُدْ أخشَى النِّيرانَ بعدما خُضتُ بعضَ نيرانِ الهَوى والجَوى ونيرانِ حَوادثِ الزَّمان ، فلقد :
شَحَنَتني بالحَراراتِ الشُّموسْ
وشَوتْني كالقرَابِين على نارِ المَجُوسْ
لفَحَتني فأنا منها كَعُودِ الأبَنُوسْ
أو كما قالَ شاعِرُنا المُتَفرِّد صلاح أحمد إبراهيم .
ظللتُ أنبشُ في الذَّاكِرة أياماً عَدِيدةً وصَفَفتُ من شريطِ الذِّكرياتِ عدداً من الفاتِناتِ والصَّبايا الدَّارِساتِ خِريجاتِ الجًامعاتِ ثَيِّباتٍ وأبكارا . استبعدتُ صغيراتِ السِّن قليلاتِ الخِبرة في الحياةِ من القائمة لأنَّ المسألةَ ليستْ حُبَّاً فقط وإنَّما " تربية عيال " ، ولجأتُ إلى ال short listing
أو ما يُعرفُ بالقائمةِ المُختَصرة
ثم فضَّلتُ الثَّيِّبَ على البِكر . ولما وصلتُ لتلك القَناعةِ ، لمْ يَبقَ عندي إلا ستَ الحٌسنِ والجَمال التي كانتْ تُعرفُ ب " السَّمحَة " وسَط صُويحِباتِها وزَميلاتِها في كلية التربية جامعة الخرطوم . وقد سَبَقتُها في الكُليةِ بدُفعتين وكانَ بيننا تقاربٌ ومودةٌ وقرابةٌ . لكنني تَخَرَّجتُ وسافرتُ إلي السعودية ولما رجعتُ في إحدى إجازاتي وجدتُ أنها قد تَخَرَّجَتْ ، تزوجَتْ ثم أنْجَبتْ طفلَتَها الوَحِيدةَ ولم يَدُمْ زواجُها بعد ذلك فَطُلِّقَتْ .

محمد عمر الشريف عبد الوهاب

m.omeralshrif114@gmail.com

   

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

ترامب: المفاوضات مع بوتين بشأن أوكرانيا كانت جيدة ومثمرة للغاية

وصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أمس الجمعة، الاجتماع الذي عُقد الخميس الماضي بين المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف والرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأنه كان "جيداً ومثمراً للغاية".

وكتب ترامب في منشور على منصته للتواصل الاجتماعي "تروث سوشيال": "أجرينا نقاشات جيدة ومثمرة للغاية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس، وهناك احتمال كبير جداً أن تنتهي هذه الحرب الدموية الرهيبة أخيراً.

كما أشار ترامب إلى أن الآلاف من الجنود الأوكرانيين محاصرون من قبل القوات الروسية، مؤكداً أنه "طلب بشدة" من بوتين الحفاظ على حياتهم، واصفاً النتيجة المحتملة بأنها قد تكون "مذبحة مروعة".

وقال الرئيس الأمريكي في منشوره: "لقد أجرينا مناقشات جيدة ومثمرة للغاية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالأمس، وهناك فرصة جيدة للغاية لإنهاء هذه الحرب الدموية الرهيبة أخيراً. ولكن في هذه اللحظة بالذات، هناك الآلاف من الجنود الأوكرانيين محاصرون بالكامل من قبل الجيش الروسي، وهم في وضع سيء للغاية ومهددون. لقد طلبت بشدة من الرئيس بوتين أن يحافظ على حياتهم. ستكون هذه مذبحة مروعة، مذبحة لم يسبق لها مثيل منذ الحرب العالمية الثانية. حفظهم الله جميعاً".


كما أكد الرئيس الأمريكي أن موقف بوتين يبشر بالخير، لكنه لا يزال غير مكتمل، مشيراً إلى أنه ناقش مع الجانب الأوكراني مسألة الأراضي التي قد تحتفظ بها روسيا.

من جهته، قال الكرملين إن الرئيس الروسي استقبل المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي، ستيف ويتكوف، الخميس الماضي، حيث نقل إليه معلومات ورسائل موجهة إلى الرئيس ترامب. 

وأوضح المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، أن بوتين يدعم موقف ترامب بشأن تسوية الأزمة الأوكرانية، لكنه طرح أسئلة تحتاج إلى إجابات بمشاركة كلا الجانبين.

وأضاف بيسكوف أن التفاؤل الحذر الذي تبديه واشنطن بشأن التسوية الأوكرانية مبرر في ضوء تصريحات بوتين الأخيرة.

وفي تعليقه على زيارة ويتكوف إلى موسكو، قال وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو إن الرئيس ترامب سيحدد مسار المرحلة القادمة بعد عودة المبعوث الأمريكي من العاصمة الروسية. وأشار روبيو إلى أن واشنطن لديها "تفاؤل حذر، لكننا في وضع أفضل الآن" فيما يتعلق بأوكرانيا.


وشدد روبيو على أن المسألة الأهم ليست المدة التي ستستغرقها مفاوضات وقف إطلاق النار، بل أن تكون هذه المفاوضات في المسار الصحيح. كما دعا الاتحاد الأوروبي إلى الانخراط في هذه المفاوضات، مؤكداً أن الرئيس ترامب لم يعبر عن أي موقف يمنح روسيا حقوقاً في الأراضي الأوكرانية.

مقالات مشابهة

  • حنان شومان عن شباب امرأة: تحية كاريوكا لو عايشة كانت ماتت
  • واشنطن: الطبيبة المرحلة إلى لبنان كانت متعاطفة مع حزب الله
  • لصوص دقلو في كرب شديد، أياً كانت جحورهم
  • شذى حسون عن خلافها مع أحلام: كانت صديقتي لكنها لم تحترمني .. فيديو
  • كيف كانت طبيعة ووظائف الدولة في فترة الحكم التركي؟
  • سلمى لاغرلوف.. أول امرأة تفوز بنوبل في الأدب هل كانت تستحقها؟
  • إعلام أمريكي: الغارات دمرت منصات حوثية كانت تستعد لهجمات جديدة
  • البعاتي كانت عيناه تتحركان بشكل آلي (ومخيف نوعا ما)
  • وفاة 8 من إخواتي .. محمد رجب: والدتي كانت تعاني مشكلة نفسية
  • ترامب: المفاوضات مع بوتين بشأن أوكرانيا كانت جيدة ومثمرة للغاية