يموت القادة وتنتصر القضية.. عن الفكري والتاريخي والسياسي في مصير المقاومة
تاريخ النشر: 3rd, October 2024 GMT
نال السيد حسن نصر الله الشهادة على طريق مقدس نبيل هو الدفاع عن غزة ونصرة المقاومة الفلسطينية، والدفاع عن بلده لو سقطت غزة، وسيسجل له التاريخ ذلك ويشهد خلق كثير عليه.
وسيدرك الصهاينة وشركاؤهم الأمريكيون والعملاء والموالون لهم، بأن قتل القادة لا يوقف المقاومة أبدا، وأن القادة الشهداء يُستبدلون وقضيتهم تستمر حتى تتحقق أهدافهم، طبقات قيادية من حركة حماس على رأسهم شيخهم الشهيد أحمد ياسين غُدر بهم واستشهدوا وهم في عز عطائهم وما زاد ذلك المقاومة الفلسطينية إلا قوة وانتشارا، واستشهد قادة النواحي العسكرية في الثورة التحريرية الجزائرية، بن مهيدي وبن بولعيد وعميروش وسي الحواس وديدوش مراد وزيغود يوسف فما زاد ذلك الثورة الجزائرية إلا زخما، وكذلك الثورة الفيتنامية والكوبية وغيرها.
إن الاغتيالات التي قام بها الكيان لن تنقذه من مصيره المحتوم في الزوال القريب، إذ لن يحسم المعركة بالقصف من بعيد، وأنه سيبقى يتلقى الضربات في المواجهة غير المتناظرة التي سينهيه فيها رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، كما هو مصير كل احتلال مهما كانت قوته وكثرة حلفائه.
إن المعركة القائمة اليوم في لبنان مصيرية لا يمكن أن تنكسر فيها المقاومة، لأنها لا تدافع عن فلسطين ولبنان فقط بل تدافع عن الأمة كلها، فالجنون الذي يبين عليه الصهاينة سيمتد إلى الأردن وسيناء لإنجاز مخطط التهجير ثم التحكم في رقاب كل الحكام العرب والمسلمين.
لقد آن الأوان أن يحاسب الجميع نفسه، أفرادا وجماعات وحكومات، ما الذي يقدمونه فعليا في هذه المعركة التاريخية العظيمة لدعم من يقاومون الإجرام الصهيوني وللانخراط التام في هذه الموقعة التاريخية، وأن ينظر كل واحد في الأمة الإسلامية إلى الموقع الذي يقف فيه بالنظر للخطر الداهم الذي يمثله الخطر الصهيوني، ولا شيء غير ذلك.
ماذا لو اتجهت الصواريخ لضرب الصهاينة من العديد من الدول العربية والإسلامية؟
قرأت في 2010 دراسة أوروبية رسمت مشهدا استشرافيا لنهاية الكيان على الشكل الذي رأيناه هذه الليلة، وتؤكد الدراسة بأنه حينما تُحاط "إسرائيل" بمنظومة صاروخية من كل جانب (ولا يشترط أن يكون الهجوم من جيوش نظامية حسب الدراسة)، ويوجه إلى العمق "الإسرائيلي" موجة مكثفة من الصواريخ تجعل أعدادا هائلة من السكان اليهود يهربون إلى دول أوروبية وأمريكا، فتصبح الإدارة بلا ظهر فتسقط، ويتحول الجيش " لإسرائيلي" إلى ميليشيات.
إن المعركة القائمة اليوم في لبنان مصيرية لا يمكن أن تنكسر فيها المقاومة، لأنها لا تدافع عن فلسطين ولبنان فقط بل تدافع عن الأمة كلها، فالجنون الذي يبين عليه الصهاينة سيمتد إلى الأردن وسيناء لإنجاز مخطط التهجير ثم التحكم في رقاب كل الحكام العرب والمسلمين.كنت ذكرت هذا السيناريو في الجامعة الصيفية للحركة في 2010 بتلمسان، ولملتقى التميز الأول لأكاديمية جيل الترجيح في نفس السنة بنفس المكان.
لم يكن هذا السيناريو منطقيا في ذلك الوقت، ولكن ما يحدث اليوم صورة عملية لهذا السيناريو، يكفي فقط أن تدخل الدول السنية في المعركة، وما أسهل أن يزول الكيان عندئذ، ولن تنفعه لا أمريكا ولا أوروبا يومئذ.
"حين تبنى الرؤى الطموحة يقال عنها إنها مجنونة ولكن حين تتحقق يندم المتخاذلون أن لم يتوقعوا ذلك" والتاريخ يعيد نفسه.. أمّا إن اتسعت الحرب وتحالفت بعض الدول العربية والإسلامية مع الكيان وأمريكا ضد ايران والمقاومة الفلسطينية واللبنانية فإن الواجب الشرعي والوطني على شعوب هذه الدول أن تتحرك بكل ما تستطيع لمنع هذه الخيانة العظمى، وإن لم تفعل فهي شعوب ميتة ولا غرابة أن يسلط الله عليهم حكاما أكثر ظلما وبطشا لهم، يسومونهم سوء العذاب، على نحو ما ذكره المفسرون في تفسير قوله تعالى: "وكذلك نولّي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون".
الحرب في لبنان.. الفهم والواجب
كلما تطورت أحداث الحرب التي أشعلها طوفان الأقصى يتعمق الاختلاف بين فئتين في الأمة، فئة تعد الطوفان حالة سننية ربانية انطلقت لكي لا تتوقف حتى التحرير، كما هي الثورات التحريرية في الشعوب، يطلقها وطنيون صادقون مع أوطانهم، متوكلين على الله، قرروا إما النصر أو الشهادة، وفي أغلب الأحيان هي مجموعة قليلة شرفها الله بالسبق، لم تستشر أحدا للقيام بالواجب، على نحو ما قام به مجموعة الاثنين والعشرين في الثورة التحريرية الجزائرية، وبعد صعوبات جمة يلحق بهم قادة آخرون والجموع. وفئة يهوّلها الرد العنيف للاحتلال ويخيفها جنون قادة العدو وتكسر أهوالُ الخسائر إرادتَها، تصرف أهوالُ الميدان عقول هؤلاء عن القراءة السننية والتمعن في تاريخ البشرية، فلا ينتبهون بأن التضحيات هي طريق النصر، وأن هيجان العدو دليل بأنه شعر باقتراب النهاية.
إن أسباب تهور نتنياهو ثلاثة: أقلها أهمية ما يقوله الكثيرون بأنه لو تتوقف الحرب يدخل السجن، وثانيها أنه يزج بجيشه وكل كيانه في حرب مدمرة من أجل إنقاذ مجده إذ كان يعد نفسه في نفس مرتبة “بن قوريون” و لا يوجد في من جاؤوا، من قادة الكيان، بعد التأسيس اللعين من هو في مقامه، وثالث الأسباب أهمها، وهو أنه أدرك بأن المعركة نهائية صفرية، إما تنتهي بتصفية القضية الفلسطينية أبدا، والسيطرة على المنطقة كلها، أو بزوال دولة الكيان، وزوال كل الأنظمة العميلة والاستبدادية في المنطقة.
وهكذا يجب أن نفهم الحرب القائمة، إن طوفان الأقصى الذي فجره أبطال غزة معركة مقدسة نبيلة اندلعت على عين الله سبحانه، لتشمل الأمة كلها. ولئن كان الفضل قد سبق إليه حزب الله وجماعة الحوثي وكل محور المقاومة فإن الأمة كلها ستنخرط في المعركة لتكون حربا شاملة غير متناظرة تنخرط فيها الأمة كلها بكل مذاهبها وطوائفها، إذ سيفهم الجميع بأنها معركة مصير، ليس لفلسطين وحدها بل لكل المسلمين، إما هوان الأمة الأبدي وإما العودة الحضارية الشاملة، ووالله الذي لا إله إلا هو لن يكون إلا هذا الأخير ، بعز عزيز أو بذل ذليل، عزا يعز الله به الإسلام وذلا يذل الله به الكفر..
ليس هذا الحديث حديثا عاطفيا، بل هو عين العقل لمن يتأمل في عمق التطورات ويرفع بصره عاليا لينظر إلى الأفق البعيد. إنه ليس شرا ألّا تدخل إيران الحرب كدولة الآن، بل في ذلك الخير، ومن يتكلف في إظهار غضبه على إيران لأنها لم تدخل الحرب، أو يزعم أنها تخلت عن حزب الله فهو يتحدث بنفَسٍ طائفي انتقامي، متوقف في اللحظة التي أجرمت فيها إيران والميليشيات المحسوبة عليها إجراما عظيما في سوريا والعراق، إجراما وجب إدانته بلا مواربة، أو أنه لم يوفق للنظر في المآلات في ما ينفع فلسطين والأمة، وكم من أمم تقاتلت ثم تحالفت ضد عدو يهدد مصير الجميع. كما أن من يستعجل حزب الله للدفع بكل مقدراته في بداية المعركة لم ينتبه إلى ما يريده الصهاينة والأمريكان.
إن أسباب تهور نتنياهو ثلاثة: أقلها أهمية ما يقوله الكثيرون بأنه لو تتوقف الحرب يدخل السجن، وثانيها أنه يزج بجيشه وكل كيانه في حرب مدمرة من أجل إنقاذ مجده إذ كان يعد نفسه في نفس مرتبة “بن قوريون” و لا يوجد في من جاؤوا، من قادة الكيان، بعد التأسيس اللعين من هو في مقامه، وثالث الأسباب أهمها، وهو أنه أدرك بأن المعركة نهائية صفرية، إما تنتهي بتصفية القضية الفلسطينية أبدا، والسيطرة على المنطقة كلها، أو بزوال دولة الكيان، وزوال كل الأنظمة العميلة والاستبدادية في المنطقة.لا يختلف إثنان أنه حين أُسست دولة الكيان من طرف البريطانيين أُسست لتكون دولة وظيفية كثكنة عسكرية في موقع متقدم في جبهة الصراع الأبدي بين العالم الإسلامي والاستعمار الغربي، صُممت وتعهدها الأمريكان من بعد لتكون متفوقة في كل شيء، ولكن مع مرور الزمن أتاحت المساحات المفتوحة لليهود في الدول الغربية في كل المجالات لدولة الكيان أن تتطور طبيعتها لتصبح جزءا أساسيا في المنظومة الغربية بشراكة كاملة في الاستراتيجيات والقرار، فصارت الآن أمريكا وأغلب الدول الغربية هي إسرائيل وإسرائيل هي أمريكا وأغلب الدول الغربية، ثم جاء طوفان الأقصى فأكد هذه الحقيقة وبيّنها في أوضح صورة. فمن يحارب إسرائيل اليوم سيجد نفسه يحارب أمريكا وأغلب الدول الغربية أو كلها، بشكل مباشر وليس بالوكالة فحسب.
على هذا الأساس، لو استشارني الإيرانيون في دخول الحرب لقلت لهم لا تدخلوا، إلا أن يقدروا قربها لهم، ولحدثتهم عن البديل الواجب الأهم لنصرة المقاومة في غزة ولبنان. لا يمكن لإيران أن تدخل الحرب لمواجهة أمريكا وحدها. وذلك سيكون قرارها ولا شك، لن تدخل الحرب وحدها، لن تقرر ذلك بغير اتفاق مع روسيا ومن ورائهما الصين، ولو دخلت روسيا والصين الحرب مع إيران معنى ذلك أننا ولجنا حربا عالمية ثالثة، ولا أظن أن روسيا والصين يريدان ذلك حاليا، ولا حتى أمريكا تريد ذلك، مع أن الحروب تتدحرج أحيانا لتصل إلى حدود لم يرغب فيها صانعو الأزمات.
ستتوسع الحرب ولا شك ولكن شيئا فشيئا، سيتحمل حزب الله وكل لبنان عبئا كبيرا، والضمان لصمود حزب الله أن لا يُطعن من الخلف من قوى مسيحية وسنية لا يخفى على متابعٍ علاقتها بأمريكا وبعض دول الخليج.
إن الحرب مستمرة والسبيل لتحقيق الانتصار فيها أن تبقى الحرب غير متناظرة إلى أمدٍ طويل يتم فيه استنزاف الكيان والأمريكان على نحو ما حدث في الجزائر والفيتنام قديما وما حدث غير بعيد في العراق وأفغانستان. وواجب الدول العربية والإسلامية كلها (إيران وتركيا والدول العربية)، أن تدعم المقاومة في هذه المعركة المصيرية، وذلك هو الشرف وذلك هو الواجب، فإن لم تفعل فمن حق الشعوب أن تتجاوزها.
إن المعركة اليوم في لبنان، إنها في بلد شقيق ذي سيادة عضو في الجامعة العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي. والكيان الصهيوني لا يفرق مرة أخرى في جرائمه بين عسكري ومدني، وشيعي وسني ومسيحي، وعلماني وإسلامي، يقتل الأطفال والنساء ويدمر المنشآت المدنية والعسكرية والدينية على السواء. ولئن كان الحكام يقولون لا نستطيع دعم غزة بسبب الحصار وغلق المعابر، فها هي لبنان مفتوحة فلتهب الدول العربية والإسلامية إلى دعم الدولة اللبنانية ودعم المقاومة وإغاثة المدنيين، فليظهر لنا الحكام بأننا كنا مخطئين في اتهامنا لهم وفي إساءة الظن بهم.
إن جيش الاحتلال سيحاول دخول جنوب لبنان بعد القصف، وسيعمل على ترحيل سكان الجنوب، وربما سيحاول الوصول إلى بيروت. فليفهم الحكام العرب بأنه إن سقطت لبنان ستسقط بعدها الأردن، إذ يراد لها أن تكون الدولة البديل للفلسطينيين في الضفة الغربية، وستسقط كذلك سيناء لأنه يراد لها أن تكون الوطن البديل لأهل غزة، وبعدها ستسقط كل الدول العربية بإرادة حكامها الخانعين، ليبقوا هم وشعوبهم يعيشون الذل والمسكنة لعقود طويلة مقبلة.
لن يحدث هذا السيناريو المرعب بحول الله، لأنه إن تخلى الحكام عن واجباتهم، ستُحّولُ الشعوب، بكل مذاهبها وطوائفها، لبنان إلى أرض معركة مصيرية ضد العدو الصهيوني، لا أدري كيف سيحدث ذلك، ولكن هذا الذي يفهمه كل دارس لحركة الشعوب حين يبلغ فيها اليأس مداه، وتنكسر في مخيالها القدوات وتسقط قيمة الزعامات، إلا من بقي من هؤلاء القادة صامدا ثابتا تدعمهم التيارات الشعبية بأجيال جديدة من الزعماء يستبدل بهم الله من أقعدهم العجز والآفات .
ولن يتوقف الأمر في لبنان فقط، ستُسقط العنجهية الصهيونية الدولة الأردنية، وتتحول الأردن كلها إلى أم الساحات شرقي نهر الأردن، وينهض شام الوعد الميمون، ولا ندري ماذا سيحدث في مصر هذا العملاق النائم، الذي حين ينهض تنهض الأمة كلها، والأمل كل الأمل في هذا البلد العظيم في قادة مخلصين موجودين ولا شك في الدولة والمجتمع، ثم سيأتي من غرب الأمة أمثال أبي مدين الغوث صاحب ساحة المغاربة الخالدة، ويأتي من أقصى شرق الأمة أحفاد من سارعوا إلى نجدة الخلافة وهي تتهاوى لو لا الأحداث الأليمة يومذاك المتسارعة.
هذه هي الرؤية التي يجب استشرافها، وهذه المعركة التي يجب أن تنخرط فيها كل القوى الحية في الأمة. إنه لم يصبح ثمة شيء تستطيع أن تفعله هذه القوى الحية في أقطارها ودولها إذ سيطر الاستبداد على كل شيء وجعل كل شاردة وواردة تحت يده الباطشة، بل أصبحت حياة ونمو المنظمات والأحزاب والمؤسسات والشخصيات تحت رحمته المخادعة، وبعضهم حشروا أنفسهم في أزقة الطائفية الضيقة، يتهجمون على من يقاوم الصهاينة، وهم لا يقاومون، ولو قاومنا واشتبكنا بمجموعنا مع العدو نصرة لغزة لحلت المشكلة إذ نحن السواد الأعظم في الأمة، بل فيهم من يتشفى في قتلى من يقاوم في جنوب لبنان بلا حياء، ويغالي في تفسيرات يدحضها الواقع وشلال الدماء من القادة والجنود والمدنيين في لبنان.
إن الأجدر بنا جميعا أن نحول البوصلة اتجاه فلسطين ولبنان وحيث توجد فرصة لمواجهة العدو، ففي ذلك حياتنا جميعا وسؤددنا ونهضتنا، من طنجة إلى جاكرتا.
*الأمين العام لمنتدى كوالالمبور للفكر والحضارة
الرئيس السابق لحركة مجتمع السلم
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير المقاومة الفلسطينية مصيره احتلال لبنان لبنان احتلال فلسطين مقاومة مصير سياسة سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الدول العربیة والإسلامیة هذا السیناریو الدول الغربیة دولة الکیان الأمة کلها حزب الله فی لبنان تدافع عن فی الأمة
إقرأ أيضاً:
هل ستندلع الحرب من جديد بين حماس وإسرائيل؟.. أستاذ علوم سياسية يكشف لـ «الأسبوع» مصير مفاوضات
أكد اللواء الدكتور رضا فرحات، نائب رئيس حزب المؤتمر، أستاذ العلوم السياسية، إن مفاوضات المرحلة الثانية بين إسرائيل وحماس تمر بلحظة فارقة وتواجه تعقيدات متزايدة، خاصة مع تصاعد الانتهاكات الإسرائيلية في الفترة الأخيرة، والتي تعكس نوايا الاحتلال الحقيقية تجاه أي تهدئة محتملة مما يضع المنطقة أمام سيناريوهات مختلفة قد تؤدي إلى تهدئة مشروطة أو عودة المواجهات العسكرية من جديد.
وأوضح «فرحات» في تصريحات خاصة لـ «الأسبوع» أن السيناريو الأكثر تفاؤلا يتمثل في نجاح المفاوضات واستمرار التهدئة، وهذا الأمر يتطلب التزاما إسرائيليا بوقف العمليات العسكرية وإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، إضافة إلى التعامل بجدية مع ملف الأسرى و لكن هذا السيناريو يحتاج إلى ضغوط دولية مكثفة، خاصة من مصر التي تلعب دورًا رئيسيًا في الوساطة.
وأضاف أستاذ العلوم السياسية السيناريو الثاني يتمثل في استمرار المراوغة الإسرائيلية والمماطلة في تنفيذ أي اتفاق حقيقي، وهو ما قد يؤدي إلى تصاعد الاشتباكات بشكل متقطع دون الوصول إلى مواجهة شاملة مشيرا إلى أن إسرائيل قد تلجأ إلى فرض مزيد من العقوبات الجماعية على غزة، مثل تشديد الحصار ومنع دخول الإمدادات الإنسانية، لإجبار حماس على تقديم تنازلات بالإضافة إلي احتمالية انهيار المفاوضات وعودة المواجهات العسكرية، وهو السيناريو الأخطر.
وبين «فرحات» أن استمرار الانتهاكات الإسرائيلية، مثل عمليات القصف والاعتقالات في الضفة الغربية، قد يدفع المقاومة الفلسطينية إلى استئناف عملياتها العسكرية، مما قد يؤدي إلى تصعيد جديد في قطاع غزة و هذا السيناريو قد يستدعي تدخلات إقليمية ودولية لمحاولة احتواء الأزمة قبل خروجها عن السيطرة و قد يكون هناك تصعيدا أوسع يشمل أطرافا إقليمية أخرى مما قد يؤدي إلى حرب إقليمية محدودة و هذا الوضع بالطبع سيؤثر على استقرار المنطقة بأكملها، مما سيدفع القوى الكبرى إلى التدخل بقوة لمنع تفاقم الأوضاع.
وأضاف أستاذ العلوم السياسية أن أحد العوامل الحاسمة في تحديد المسار المستقبلي هو الدور المصري، الذي يعد المحرك الأساسي لأي تفاوض جاد، حيث تسعى القاهرة إلى تحقيق تهدئة مستدامة تحمي المدنيين وتفتح المجال لحل سياسي أكثر شمولا كما أن الموقف الأمريكي والأوروبي سيكون مؤثرا، خصوصا في ظل الضغوط الداخلية والخارجية التي تواجهها إسرائيل بسبب انتهاكاتها المستمرة.
وأكد «فرحات» أن احتمال تجدد الحرب قائم، خاصة إذا استمرت إسرائيل في استفزازاتها وعرقلتها للمفاوضات، مشيرا إلى أن التصعيد لا يخدم أي طرف، بل يعمق الأزمة الإنسانية في غزة ويزيد من حالة الاحتقان في المنطقة مشددا على ضرورة تكثيف الجهود الدبلوماسية لمنع العودة إلى مربع العنف، وتحقيق حل عادل يضمن حقوق الفلسطينيين، ويوقف دوامة الحروب المتكررة داعيا إلى تحركات دبلوماسية عاجلة لوقف التصعيد، وتوفير ضمانات دولية لتحقيق تهدئة حقيقية ومستدامة في المنطقة.
اقرأ أيضاًاللواء رضا فرحات: كلمة الرئيس السيسي بالقمة العربية عكست بوضوح موقف مصر الثابت تجاه القضية الفلسطينية
فرحات: رسائل الرئيس السيسي في افتتاح مجمع الأسمدة الأزوتية رسمت شرايين التنمية في مصر
«أستاذ علوم سياسية» يكشف عن رسائل الرئيس السيسي في الأكاديمية العسكرية