إسرائيل تدفع بالمنطقة كلها إلى حرب شاملة
تعددّت صيغ الخطابات وتنوعّت بخصوص ردّ إيران على إسرائيل من عدمه، خاصة بعد الاختراقات الأمنية التي تعرض لها "حزب الله" وانتهت بقتل عدد من قيادته الفاعلة والبارزة وعلى رٍأسها أمينه العام" حسن نصر الله.. الخطابات في معظمها قدّمت تحليلات قامت على فكرة مستندة إلى الطرح الرسمي الإيراني القائل:" نحتفظ بحق الرد في الزمان والمكان المناسبين".
ذاك الخطاب الإعلامي والسياسي الإيراني الرسمي يعني لدى البعض رجماً بالغيب، أو ترويجاً لوعود كاذبة، وفي أحسن الظن تأكيداً على التسليم بمواقف القادة من منظور التسليم الديني، وبالنسبة لغيرهم هو خيبة أمل، تقوم على أساس تقديم المصالح الوطنية الإيرانية عن المشروع الديني المؤدلج، الذي يمثل الأولوية عند حركات وتنظيمات المقاومة التي تشكل اليوم تحالفا، مرجعيته ـ من ناحية اتخاذ القرارـ طهران، رغم تمتع تلك القوى باستقلالية في إدارة الحرب الدائرة حاليا في غزة والضفة، وجنوب لبنان.
على مستوى المساءلة، وجدت إيران نفسها اليوم أمام امتحان عسير، انتهى بها ـ نظراً لاستمرار الوضع على ما هو عليه، وبقاء المقاومة سواء في غزة أو في لبنان كَلْمى ـ مطالبة بالإجابة عن السؤال الآتي: متى ستكون طهران طرفا مباشرا في الحرب الدائرة، تؤازر حركات وعناصر المقاومة، بدل أن تبقى معتمدة عليها، أو مضحيّة بها، ومكتفية بدعم مادي ولوجيستي، وخطاب إعلامي معبر عن مواقف خاصة، وقد قدمت جوابا من خلال قصفها لإسرائيل بحوالي 200 صاروخ الثلاثاء الماضي (1 أكتوبر 2024)
تدرك إيران، كما تعلم تنظيمات المقاومة جميعها، أن إسرائيل تدفع بالمنطقة كلها إلى حرب شاملة، تعول فيها على الانتصار لأنها ستكون ضد جيوش نظامية عاجزة وخائفة بما فيها الجيش الإيراني، وهي بلا شك قادرة على تحقيق نصر، تحُولُ دونه اليوم حرب العصابات، خاصة تلك التي تقوم بها المقاومة اللبنانية.
وبالمقابل تعرف الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل أن إيران تتجنب الحرب، وتودُّ أن تجْني محاصيل ما يقوم به حلفاؤها دون أن تدخل الحرب بشكل مباشر، كما أنها مستعدة للتضحية ببعض من قيادة جبهات المقاومة، بل من قادتها الإيرانيين مقابل التحول إلى قوة نوويّة في المنطقة، لذلك تعملان ـ أمريكا وإسرائيل ـ لأجل القضاء على جبهات المقاومة، أوّلاً قبل ادخال طهران في حرب تكون فيها نهايتها، والقضاء على قوتها العسكرية وخاصة برنامجها النووي، وفي نظر إسرائيل أن الفرصة اًصبحت سانحة اليوم للقضاء على البرنامج النووي الإيراني، بعد الهجوم الإيراني الأخير.
ما قامت به إيران من هجوم بالصواريخ ـ وهو رد فعل ـ حقّق رغبة عارمة تمّ التعبير عنها من أطراف كثيرة مناصرة لإيران وأخرى معادية تأمل في رد إيراني يزيل الظنون المتعلقة بوعود طهران لحلفائها، ويدفع نحو يقين يحسم الموقف، أو على الأقل يحرك مسار الحرب الدائرة حاليا نحو نهاية تضع فيها أوزارها، بغض النظر عن المنتصر والمنهزم فيها.
يبدو أن هذا الرد الذي روّجت له مراكز الاستخبارات العالمية، خاصة الأمريكية والإسرائيلية، قد تحقق وفق ما تريده أطراف الصراع في المنطقة، خاصة إسرائيل وأمريكا.
هنا يطرح السؤال الآتي: هل ستكتفي إيران بهذا الهجوم على إسرائيل، حتى لو ردّت عليها هذه الأخيرة، وبالتالي قبولها لسياسة الفعل ورد الفعل في المجال العسكري للحرب الجارية الآن في فلسطين ولبنان؟
ليس في مقدور إيران أن تظل ثابتة على مواقفها الرّاهنة، ذلك أنها ستكون مجبرة على دخول حرب إقليمية واسعة النطاق، ولو بالحدود الدنيا، كأن تتحول إلى طرف مساند عسكريا بشكل مباشر لحركات المقاومة، خاصة على الجبهة اللبنانية، وعندها ستجد نفسها معاقبة من الولايات المتحدة الأمريكية بتدخل عسكري مدمر، أما في حال عدم تدخلها في الحرب بشكل مباشر مُكتفية بهجومها الأخير، وتمكنت إسرائيل من القضاء على حركات المقاومة في غزة وجنوب لبنان، فإنها ستواجه بحرب من إسرائيل بشكل مباشر.
مهما كانت الحالة التي ستؤول إليها الحرب الجارية في غزة وجنوب لبنان، فإن إيران في ورطة بعد هجومها الأخير على إسرائيل، قد لا تخرج منها إلا بتصديرها الحرب للمنطقة كلها، وأحسب أن ذلك ما ستقوم به في مستقبل أيام بالشراكة مع إسرائيل.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله رفح أحداث السودان الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله عام على حرب غزة غزة وإسرائيل بشکل مباشر فی غزة
إقرأ أيضاً:
التايمز: إيران "المكشوفة" تخشى الانتقام من إسرائيل
عندما نفذت إسرائيل غارتها الجوية الثانية على إيران الشهر الماضي، رداً على هجوم صاروخي إيراني، قللت طهران من أهمية الغارات الجوية التي استهدفت العاصمة ووصفتها بأنها "محدودة".
طهران حذرة من الرد بينما دفاعاتها الجوية معطلة
ومع ذلك، فقد توعدت طهران بالرد، وقالت هذا الأسبوع إن الانتقام سيكون "حاسماً".
وتقول صحيفة "التايمز" البريطانية إن هذا التهديد قد لا يتحقق في ظل تفكير إيران في موقفها الهش، فقد دمرت الغارات الجوية الإسرائيلية في 26 أكتوبر (تشرين الأول) جميع بطاريات الدفاع الجوي الروسية الصنع من طراز إس 300، والعديد من منشآت الرادار على طول ممر يترك البلاد تحت رحمة إسرائيل، وفقاً لمسؤول غربي مطلع على الأضرار.
وقال: "ستستغرق إعادة بناء الدفاعات الجوية عاماً كاملاً. وهذا سيجعلهم يفكرون مرتين قبل ضرب إسرائيل".
Tehran is wary of retaliation while its air defences are crippled — and unrest is growing among a population weary of hardline Islamist rulehttps://t.co/bJOjewhhJA
— The Times and The Sunday Times (@thetimes) November 21, 2024
وجاءت الغارات الجوية ردا على إطلاق إيران عدة مئات من الصواريخ الباليستية على منشآت عسكرية في إسرائيل، في أعقاب اغتيال الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، إلى جانب مسؤول عسكري إيراني كبير. وتسببت هذه الاغتيالات، أثناء الهجوم الإسرائيلي الذي دمر الميليشيا المدعومة من إيران، في إحراج طهران بشدة، التي انتقدها أنصارها لعدم تدخلها.
ولكن إيران تدرك أن التفاوت لم يكن قط أكثر وضوحاً بين قوة مثل إسرائيل، وجيشها ضعيف التسليح ودفاعاته الجوية المتقادمة والميليشيات المتحالفة معها. ففي موجة واحدة من الغارات الجوية، نجحت إسرائيل في شل الدفاعات الجوية الإيرانية وعرقلة برنامج تصنيع الصواريخ لديها.
Systemic Failure of Israel’s Air Defense systems. Hebrew media had a black out on casualties right now.
In case of a response, Iran has vowed to send 1000 more… pic.twitter.com/lUnjSSeQIH
ولكن إيران تخشى أن تكون الضربة التالية أكثر تجرؤاً. فقد أشارت إسرائيل إلى أنها قد تضرب المنشآت النووية الإيرانية. وقال بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء، هذا الأسبوع إن أحد الأهداف في الضربات التي شنت في أكتوبر (تشرين الأول) أصاب "مكوناً" في البرنامج النووي الإيراني، في إشارة إلى منشأة بارشين. وقد نفت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن تكون المنشأة نووية.
وتلفت الصحيفة إلى أن مخاوف إيران تمتد إلى ما هو أبعد من برنامجها النووي الضعيف. ففي خطابين مسجلين بالفيديو موجهين إلى الشعب الإيراني، شجع نتانياهو الإيرانيين على الانتفاضة ضد النظام غير الشعبي الذي يقوده المرشد الأعلى آية الله خامنئي، الذي يبلغ من العمر 85 عاماً، والذي ينشغل بمسألة خلافته.
ويفضل المرشد ابنه مجتبى لهذا المنصب بعد وفاة المرشح الآخر، الرئيس إبراهيم رئيسي، في حادث تحطم مروحية في وقت سابق من هذا العام. وأدى الصراع مع إسرائيل في خضم الاستعدادات الجارية للخلافة إلى مزيد من التوتر.
أدرك النظام الإيراني دائماً يدرك أنه يقاتل على جبهتين: جبهتان خارجيتان، في الأساس ضد إسرائيل من خلال وكلائها الضعفاء الآن، وحرب داخلية ضد غالبية مواطنيه، الذين يعارضون حكمه الإسلامي المتشدد.
اضطرابات اجتماعية
وسادت موجة من الاضطرابات الاجتماعية في البلاد في أعقاب وفاة مهسا أميني في عام 2022، التي توفيت في مركز احتجاز للشرطة بعد أن ألقت الشرطة الأخلاقية القبض عليها بزعم عدم ارتدائها الحجاب.
وفي الوقت نفسه، أجبرت إعادة فرض العقوبات الأمريكية في عام 2018 الحكومة على زيادة الضرائب على شعبها وإدارة عجز ميزانية متضخم، مما أبقى التضخم السنوي قريبًا من 40 في المائة. وسجلت انتخابات البرلمان والرئاسة هذا العام رقماً قياسياً في انخفاض نسبة المشاركة حيث دعت المعارضة إلى المقاطعة.