بدعم من الذكاء الاصطناعي.. هل تقودنا الروبوتات إلى وداع الأعمال المنزلية؟
تاريخ النشر: 3rd, October 2024 GMT
كجزء كبير من التطور التكنولوجي، تلعب الروبوتات دورا مهما في المجالات الصناعية، كالمساعدة في تحسين الإنتاجية والجودة، واللوجيستية كالتغليف والتعبئة بشكل أسرع ودقة أكثر، والطبية كمساعدة الأطباء والجراحين في إجراء العمليات الدقيقة وتقديم الرعاية الصحية للمرضى الذين يحتاجون إلى الرعاية الخاصة، والبيئية المحدودة كجمع النفايات وتنظيف الشوارع.
ولكن على عكس الباحثين الذين يعملون على نماذج الذكاء الاصطناعي مثل شات جي بي تي ويواجهون كميات هائلة من نصوص الإنترنت والصور ومقاطع الفيديو لتدريب الأنظمة، فإن الروبوتيين يواجهون تحديات أثناء تدريب الآلات الفيزيائية، لأن البيانات الخاصة بالروبوتات مكلفة، وبسبب عدم وجود أساطيل من الروبوتات تجوب العالم، فليس هنالك بيانات كافية ومتاحة بسهولة لتجعلها تؤدي بشكل جيد في البيئات الديناميكية مثل منازل الناس، وبالرغم من أن بعض الباحثين توجهوا إلى المحاكاة لتدريب الروبوتات، فإن هذه العملية التي غالبا ما تتطلب مصمم جرافيك أو مهندسا، تحتاج كثيرا من الجهد والتكلفة العالية.
وفي هذا السياق قدم فريق من الباحثين من جامعة واشنطن دراستين جديدتين عن أنظمة ذكاء اصطناعي تستخدم إما الفيديو أو الصور لإنشاء محاكاة يمكن أن تدرب الروبوتات على العمل في بيئات حقيقية، حيث ستمكن هذه الأنظمة من خفض كبير في تكاليف تدريب الروبوتات على العمل في بيئات معقدة، وقد تمّ تقديم الدراسة الأولى في 16 يوليو/تموز الماضي، والدراسة الثانية في الـ19 من الشهر نفسه خلال مؤتمر "علوم وأنظمة الروبوتات" في دلفت في هولندا.
نظام ريل توكشفت الدراسة الأولى عن نظام الذكاء الاصطناعي "ريل تو" (RialTo) الذي أنشأه "أبهيشيك غوبتا" وهو أستاذ مساعد في كلية "بول جي ألين" لعلوم وهندسة الحاسوب والمؤلف المشارك في كلا الورقتين مع فريق في معهد "ماساتشوستس" للتكنولوجيا.
ويساعد النظام المستخدم في تسجيل فيديو لهندسة هذه البيئة وأجزائها المتحركة عن طريق هاتفه الذكي، على سبيل المثال في المطبخ سيسجل المستخدم كيفية فتح الخزائن والثلاجة، ثم يستخدم النظام نماذج الذكاء الاصطناعي الموجودة، ويقوم إنسان ببعض العمل السريع من خلال واجهة مستخدم رسومية لإظهار كيفية تحرك الأشياء.
ولإنشاء نسخة محاكاة من المطبخ المعروض في الفيديو يتدرب روبوت افتراضي عن طريق التجربة والخطأ في البيئة الافتراضية من خلال محاولاته المتكررة لأداء مهام مثل فتح الخزانة أو المحمصة.
وتعرف هذه الطريقة بـ"التعلم المعزز"، ويتحسن أداء الروبوت في تلك المهمة من خلال المرور بهذه العملية التعليمية، ويتكيف مع الاضطرابات أو التغيرات في البيئة التي يوجَد فيها، مثل وجود كوب بجانب المحمصة، حيث يمكن للروبوت بعد ذلك نقل تلك المعرفة إلى البيئة الفيزيائية، وأن يكون دقيقا تقريبا مثل الروبوت المدرب في المطبخ الحقيقي.
وقال غوبتا "نحاول تعليم الأنظمة على العالم الحقيقي من خلال المحاكاة".
ويمكن للأنظمة بعد ذلك تدريب الروبوتات في مشاهد المحاكاة هذه، حتى يتمكن الروبوت من العمل بشكل أكثر فعالية في الفضاء المادي، هذا مفيد للسلامة، ويرى غوبتا أنه لا يمكن أن يكون لديك روبوتات سيئة التدريب تكسر الأشياء وتؤذي الناس.
ويمضي فريق ريل تو قدما في رغبته لنشر نظامه في منازل الناس بعد أن تمّ اختباره بشكل كبير في المختبر، وقال غوبتا أنه يريد دمج كميات صغيرة من بيانات التدريب الواقعية مع الأنظمة لتحسين معدلات نجاحها.
في الدراسة الثانية، قام الفريق ببناء نظام يسمى يو آر دي فورمر (URD Former)، وهو نظام يركز بشكل أقل على الدقة العالية في مطبخ واحد، ويقوم بسرعة وبشكل رخيص بإنشاء مئات من المحاكاة العامة للمطابخ، حيث يمسح النظام الصور من الإنترنت، ثم بربطها بالنماذج الموجودة حول كيفية تحرك تلك الأدراج والخزائن في المطبخ مثلا، وبعد ذلك يتنبأ بمحاكاة من الصورة الحقيقية الأولية، الأمر الذي يسمح للباحثين بتدريب الروبوتات بسرعة وبتكلفة منخفضة في مجموعة واسعة من البيئات.
وقالت "زوي تشين" المؤلفة الرئيسية لدراسة يو آر دي فورمر "في مصنع على سبيل المثال هنالك الكثير من التكرار" وأضافت "قد تكون المهام صعبة التنفيذ، ولكن بمجرد برمجة الروبوت يمكنه الاستمرار في أداء المهمة مرارا وتكرارا. بينما المنازل فريدة ومتغيرة باستمرار، هنالك تنوع في الأشياء والمهام وتصاميم الأرضيات، بالإضافة إلى الأشخاص الذين يتحركون من خلالها، وهنا يصبح الذكاء الاصطناعي مفيدا حقا لتدريب الروبوتات".
في سياق متصل، نبهت ورقة الدراسة إلى أن هذه المحاكاة أقل دقة بشكل ملحوظ من تلك التي تنتجها "ريل تو"، وقد قال الباحث "غوبتا" الذي أنشأ هذا الأخير "يمكن أن تكمل الطريقتان بعضهما البعض، يو آر دي فورمر مفيد حقا للتدريب المسبق على مئات السيناريوهات، في حين "ريل تو" مفيد بشكل خاص إذا كنت قد قمت بالفعل بتدريب روبوت، والآن تريد نشره في منزل شخص ما وتحقيق نجاح بنسبة 95%".
ما التعلم المعزز حسب المنظور الآلي؟يعرف التعلم المعزز "آر إل" (RL) كفرع من فروع تعلم الآلة الذي يدرب البرامج على اتخاذ القرارات لتحقيق أفضل النتائج، عن طريق استخدام أسلوب التعلم بالمحاولة والخطأ الذي يستخدمه البشر لتحقيق أهدافهم.
وهذا يعني أن البرامج التي تعمل على تحقيق الهدف يتمّ تعزيزها، أمّا الإجراءات التي تنتقص من الهدف فيتمّ تجاهلها، وتشبه هذه العمليّة التعلم المعزز للإنسان والحيوان في مجال علم النفس السلوكي، مثل الطفل الذي يكتشف أنه يتلقى الثناء من والديه عندما يساعد شقيقه مثلا، ويتلقى ردود فعل سلبية عندما يصرخ أو يرمي ألعابه، ثم سرعان ما يتعلم مجموعة الأنشطة التي تؤدي إلى المكافأة النهائيّة.
وتقوم عملية التعلم المعزز على 3 خطوات مهمة:
1- البيئة
تبدأ الخطوة الأولى في التعلم المعزز في إعداد بيئة التدريب، وغالبا ما تكون بيئة محاكاة بمواصفات للملاحظات، والإجراءات (وهي خطوة يتخذها النظام الذاتي للتنقل في البيئة)، والمكافآت (وهي القيمة الإيجابية أو السلبية أو الصفرية بمعنى أوضح المكافأة أو العقاب لاتخاذ الإجراء).
وتشير مساحة الملاحظة عادة إلى مصادر المستشعر المتاحة على النظام الروبوتي الحقيقي ومدخلات التحكم المرغوبة، بينما توجد مساحات إجراءات منفصلة في تطبيقات التعلم المعزز الأخرى، إذ يفضل في الروبوتات عادة الإجراءات المستمرة التي تغطي على سبيل المثال أهداف موضع أو سرعة المفاصل، نظرا لأن المهام الروبوتية غالبا ما تتضمن قيودا إمّا على النظام الفيزيائي (مثل حدود المفاصل)، أو بعض أنماط السلوك المرغوبة، وتستخدم عادة وظائف المكافأة الكثيفة لتشفير بعض مواصفات الأهداف بشكل صريح.
2- التدريب
تشمل الخطوة الثانية من التعلم المعزز في الروبوتات تحديد نظام التدريب الفعلي للوكيل (وهو خوارزمية ما يسمى بالنظام الذاتي)، وعلى الرغم من وجود طرق مختلفة لتمثيل السياسة النهائية، فإنه يتمّ اعتماد الشبكات العصبية العميقة لتحديد العلاقة بين الحالة والإجراء (هو خطوة يتخذها وكيل "آر إل" للتنقل في البيئة) بسبب قدرتها على التعامل مع انعدام الرتابة، وأيضا يتمّ اقتراح مجموعة واسعة من الخوارزميات المحتملة على مدى السنوات الماضية.
وأما بالنسبة للتحكم في الروبوتات، فيتم عادة اعتماد خوارزميات التعلم المعزز غير المعتمدة على النموذج، لأنها لا تتطلب نموذجا حقيقيا للبيئة، والذي غالبا ما يكون غير متاح للروبوت، وهي مثالية عندما تكون البيئة غير معلومة ومتغيرة، بعكس خوارزميات التعلم المعزز المعتمدة على النموذج، التي تستخدم عادة عندما تكون البيئات محددة جيدا وغير متغيرة حيث يكون اختبار بيئة العالم الحقيقي صعبا.
3- النشر
بعد تقييم السياسات المدربة بنجاح في بيئات التدريب الافتراضية، يتمّ نشرها في النظام الروبوتي الحقيقي، ويعتمد نجاح النشر على عدة عوامل منها الفجوة بين العالم الافتراضي والعالم الحقيقي، وصعوبة المهمة التعليمية المقبلة، أو تعقيد منصة الروبوت نفسها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الذکاء الاصطناعی فی البیئة من خلال
إقرأ أيضاً:
بيل غيتس يكشف عن 3 مهن آمنة في عصر الذكاء الاصطناعي
يشهد العالم اليوم تسارعًا غير مسبوق في تقدم الذكاء الاصطناعي، مما يفتح أمام الصناعات فرصًا جديدة بينما يثير في الوقت نفسه مخاوف بشأن تأثيره على سوق العمل.
العديد من الناس يعبرون عن قلقهم من أن الذكاء الاصطناعي سيؤدي إلى استبدال العديد من الوظائف، مما سيسبب تحولات كبيرة في هيكل سوق العمل العالمي.
وفقاً لموقع "THE TIMES OF INDIA"، أعرب بيل غيتس، الملياردير ورائد الأعمال التكنولوجي، عن رأيه في هذا الجدل المتزايد، محذرًا من أن الذكاء الاصطناعي سيؤدي إلى جعل العديد من الوظائف قديمة خلال السنوات المقبلة.
ومع ذلك، أشار غيتس إلى ثلاث مهن تبقى، حتى الآن، محصنة نسبيًا من الأتمتة التي يدفعها الذكاء الاصطناعي. هذه المجالات، وهي البرمجة، إدارة الطاقة، وعلم الأحياء، تتطلب مهارات إنسانية فريدة مثل القدرة على حل المشكلات، الإبداع، والقدرة على التكيف، وهي مهارات لا يستطيع الذكاء الاصطناعي تقليدها بشكل كامل.
ثلاث وظائف لا يمكن للذكاء الاصطناعي استبدالها وفقًا لبيل غيتس:
المبرمجون: مهندسو الذكاء الاصطناعي
يرى بيل غيتس أن مهنة البرمجة تعد من المهن التي لا تزال في مأمن نسبيًا من التهديدات التي يشكلها الذكاء الاصطناعي. ورغم أن الذكاء الاصطناعي قادر على المساعدة في بعض المهام البسيطة مثل كتابة الأكواد أو تصحيح الأخطاء، إلا أن تطوير البرمجيات يتطلب مهارات معقدة في حل المشكلات، بالإضافة إلى الإبداع وفهم عميق لاحتياجات البشر.
اقرأ أيضاً.. "آخر اختبار للبشرية".. التحدي الأخير أمام الذكاء الاصطناعي لاجتياز قدرات البشر
أخبار ذات صلة
المبرمجون هم من يبتكرون ويصممون الأنظمة التي يعتمد عليها الذكاء الاصطناعي نفسه، وهي مهمة تتطلب أكثر من مجرد قدرات تقنية، بل تتطلب أيضًا فهماً دقيقًا للبيئات المعقدة التي يصعب على الآلات التعامل معها بمفردها.
إدارة الطاقة: قيادة مستقبل الاستدامة
المجال الآخر الذي ذكره غيتس هو إدارة الطاقة. مع التحولات العالمية نحو الطاقة المستدامة، تظل الحاجة إلى الإشراف البشري أمرًا بالغ الأهمية.
يستطيع الذكاء الاصطناعي تحسين استهلاك الطاقة، التنبؤ بالطلب، وإدارة الموارد، لكنه لا يستطيع تفسير البيانات المعقدة واتخاذ القرارات الأخلاقية حول استدامة الطاقة.
إضافة إلى ذلك، يلعب الخبراء البشريون دورًا أساسيًا في التعامل مع السياسات التنظيمية والبيئة القانونية المتعلقة بالطاقة، وهي جوانب تتطلب مهارات تفاوض واتخاذ قرارات بشرية لا يمكن للذكاء الاصطناعي محاكاتها.
علم الأحياء: التحديات الإنسانية في الأنظمة البيولوجية
أخيرًا، يسلط غيتس الضوء على مجال علم الأحياء، الذي لا يزال يتطلب المهارات الإنسانية بشكل كبير. رغم أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يساهم في تحليل البيانات البيولوجية الضخمة، محاكاة العمليات البيولوجية، واقتراح العلاجات الطبية، إلا أن إدارة وتعقيد الكائنات الحية، سواء في علم الوراثة أو الطب أو البيئة، يحتاج إلى حدس بشري وفهم دقيق للمواقف التي تتسم بالتحولات المستمرة.
بالإضافة إلى ذلك، يتطلب التعامل مع القضايا الصحية والبيئية اتخاذ قرارات معقدة لا يستطيع الذكاء الاصطناعي اتخاذها بمفرده.
اقرأ أيضاً.. عصر جديد يبدأ.. "كيرال" أول نموذج للذكاء الاصطناعي يقرأ العقل
يؤكد غيتس أن الذكاء الاصطناعي سيغير بلا شك ملامح سوق العمل في المستقبل، لكنه يشير إلى أن هناك مجالات وظيفية تظل بحاجة إلى المهارات البشرية الأساسية مثل الإبداع، التفكير النقدي، والقدرة على التكيف.
حتى في المجالات التي يتطور فيها الذكاء الاصطناعي بسرعة، ستظل الحاجة إلى التدخل والإشراف البشري أمرًا حيويًا في المستقبل القريب.
إسلام العبادي(أبوظبي)