علّقت الحكومة السورية ولمدة أسبوع واحد العمل بقرار تصريف 100 دولار إلى الليرة السورية -وفق سعر الصرف الرسمي (13600 ليرة لكل دولار)-عند دخول المواطنين عبر المنافذ الحدودية، أي بنقصان 1100 ليرة عن السعر الفعلي 14700 في السوق السوداء للدولار الواحد.

وجاء قرار التعليق يوم الأحد الماضي 29 سبتمبر/أيلول بعد ساعاتٍ من تصريح رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبناني نجيب ميقاتي أنه سيوجه الأمن العام اللبناني لمتابعة الموضوع مع وزارة الداخلية السورية.

وجاء هذا التصريح إثر سؤالٍ طُرح على ميقاتي عن دور قرار التصريف في تعطيل عودة النازحين "من غير اللبنانيين" إلى بلادهم، وذلك في أعقاب موجة نزوحٍ كبيرة لسوريين ولبنانيين من الجنوب اللبناني والضاحية الجنوبية بفعل الاعتداءات الإسرائيلية وتهديدات الإخلاء المتكررة.

جدل حول القرار منذ صدوره

منذ بدء العمل به في أغسطس/آب 2020، لاقى قرار الحكومة السورية بإلزام السوريين تصريف 100 دولار إلى الليرة السورية عند دخول البلاد كثيرًا من الانتقادات، وبرزت نداءاتٌ لإلغائه، لكن القرار بقي نافذًا دون التفات لهذه المُطالبات، ومثل عقبة أخرى على طريق العودة إلى سوريا.

ووفقًا لما نشره الحقوقي السوري عارف الشعّال عبر صفحته على موقع فيسبوك فإن القرار يحتوي على مخالفات بالجملة، "فمن مستلزمات احترام المادة 38 من الدستور التي تحظر منع المواطن من العودة لوطنه، عدم وضع عراقيل إدارية بوجه هذه العودة، كافتراض أنه يملك مبلغ 100 دولار وإلزامه بصرفه بالسعر الجمركي الرسمي!. ناهيك عن أن هكذا قرار يعتبر اعتداء على حق ملكية مال منقول بإكراه المالك على استعماله والتصرف فيه خلافا لإرادته، فضلا عن أن هكذا قرار يعدُّ من قبيل فرض رسم غير مباشر لا يجوز فرضه إلا بقانون".

 

بينما دافع وزير المالية حينها مأمون حمدان عن مشروعية القرار بالاستناد إلى المرسوم التشريعي رقم 20 لعام 2017 الذي يسمح للمجلس بالإشراف على تنظيم وإدارة نظم النقد والائتمان والتأمين والمحافظة على أموال الدولة.

وصرّح النائب أحمد مرعي إبان تلك الفترة لإذاعة ميلودي إف إم أنه بصدد مساءلة الحكومة التي أصدرت القرار قبل انعقاد الدورة الأولى لمجلس الشعب.

حملات ضد القرار

تجددت الحملات الإلكترونية التي تطالب بتعليق القرار حتى نهاية الحرب، لتخفيف العبء على العائلات السورية المستجيرة بالوطن، ووفقًا للتقديرات فإن عموم السوريين النازحين في لبنان، خاصةً في جنوبه، ممن يعملون بالمياومة، بمتوسط دخل شهري يقارب 250 دولارا، ولا يتجاوز 300 دولار في أحسن الأحوال.

وحسب ما تداوله ناشطون فإن كلفة مواصلات الفرد الواحد للخروج من المناطق المهدّدة بالقصف إلى الحدود السورية يصل لهذه المبالغ.

وكانت الحكومة السورية قد استجابت جزئيا لحملات سابقة وأعفت الطلاب من القرار، كما أعفت الفقراء ممن لا يملكون المبلغ، بعد دراسة كل حالة من قبل وزير الداخلية، والتأكد من وضعهم المادي، فيما لم يصدر أي تصريحٍ أو استجابة عن الحملة الحالية، مع تأكيد عضوة المكتب التنفيذي للنقل في ريف دمشق "آلاء الشيخ" لإذاعة شام إف إم يوم الخميس الفائت "على أن عملية التصريف ضمن البروتوكول القانوني المتّبع، بينما العمل قائم على تسريع الإجراء".

وانتشرت خلال الأيام الماضية صورٌ للزحام الكثيف على الحدود بانتظار توفّر السيولة بالليرة السورية لإكمال دخول العائدين، وقد بلغ الانتظار على طابور الصرف حوالي 3 ساعات بحسب المتداول، قبل أن تتم زيادة كوادر الموظفين لتسريع الإجراء.

ويستثني القرار سائقي السيارات العامة وأصحاب الشاحنات وطواقم الطيران ومن هم دون 18 سنة، ولا يأتي على ذكر المرضى أو العجائز أو ذوي الإعاقة.

وقرّر مجلس الحكومة في أبريل/نيسان 2021 أن الفئات الستّ المعفية من التصريف تشمل إضافة لما سبق الموفدين إلى الخارج، والمهجّرين بفعل "الإرهاب".

استفاد النظام السوري من 486 ألف دولار نظير عودة السوريين إلى البلاد حتى ليل السبت 28 سبتمبر/أيلول الماضي (الجزيرة) إجراءات جديدة

ونهاية شهر أغسطس/آب بدأ المصرف التجاري السوري بتسليم السوريين العائدين عبر المطار إيصالاتٍ قابلة للصرف عوضا عن المبلغ، علما أن المصارف السورية تشهد ازدحامًا شديدا منذ أشهر، نظرًا لتدني سقف السحب اليومي إلى 5 ملايين ليرة (340 دولارا بحسب السوق السوداء)، وتوجيه المواطنين منذ منتصف الشهر السادس لهذا العام لفتح حسابات بنكية، بانتظار تحويل دعم الخبز والمحروقات إلى مبلغ يضاف دوريا إلى أرصدتهم، مما ينقل الازدحام على الحدود إلى طابور المصارف.

وبدأ القرار التجريبي في مطار دمشق، على أن يعمم على جميع المنافذ البرية والجويّة في وقتٍ لاحق، وقد لاقت الخطوة سخطا واسعا، مما أدّى للتراجع جزئيا عنه، فمنح القادمون حق الاختيار بين استلام المبلغ أو إيداعه في حساب لدى المصرف التجاري أو إيصال بقيمته.

ويعد الإيصال قابلا للتجيير، أي منحه لشخص آخر، مما يفسح مجالا للتكسب من قبل العاملين على المنافذ الحدودية، بمنح العائدين قيمة أقل مقابل الشيك وتوفير عناء الانتظار في المصرف.

استفادة النظام السوري

وسط هذه التعقيدات طالبت بعض الأصوات على وسائل التواصل الاجتماعي باستيفاء رسم يساوي 10 دولارات، بدل متاهة الصرف وفقا للسعر الرسمي، واستلام أموالٍ من الفئات الصغيرة التي تشكو من التلف والاهتراء.

الجدير بالذكر أن خسارة المواطن نتيجة الفارق النسبي بين السعر الفعلي وسعر الصرف على الحدود عند بداية القرار وصلت إلى 32%، قبل أن يتم تعديله لتقلّ خسارة المواطن إلى 9% منذ أبريل/نيسان عام 2023.

ووفقًا لحصيلة الشهر الأول من تنفيذ القرار فقد استفاد النظام السوري من حوالي 620 ألف دولار خسرهم 14210 مواطنين سوريين قدموا إلى البلاد في أغسطس/آب عام 2020.

بينما ناهزت حصيلته في الأيام الثلاث الأولى لموجة النزوح الحالية من 65 ألف سوري – عبروا الحدود حتى ليل السبت 28 سبتمبر/أيلول الماضي- بحسب مصدر في إدارة الهجرة والجوزات لجريدة الوطن السورية- إلى 486 ألف دولار، باعتبار خسارة العائد الواحد 110 آلاف ليرة (7.48 دولارات).

تعليق مؤقت

أتى تعليق القرار لمدّة أسبوع بعد 5 أيام من اشتداد موجة النزوح نحو سوريا، بوساطة من دولة مجاورة، وبينما أُزيلت عقبة من طريق العودة، لوقتٍ محدود، بدأت معالم العوائق الأخرى تظهر على المشهد، يتجلّى أبرزها في تسجيل الأطفال المولودين خلال فترة إقامة النازحين السوريين في لبنان، ممن هم خارج القيود المدنية في سوريا.

وبدأت حملات على وسائل التواصل الاجتماعي تُطالب بمنح تطمينات للراغبين بالعودة، مثل منحهم تأجيلًا للخدمة العسكرية لمدّة عام بالنسبة للمطلوبين لخدمة العلم، وتوفير خيار التسوية للمطلوبين.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات

إقرأ أيضاً:

الداخلية السورية تعتقل أحد مسؤولي مخابرات الأسد.. مسؤول عن تغييب 200 شخص

أعلنت وزارة الداخلية السورية، فجر الخميس، إلقاء القبض على تيسير محفوض أحد المتهمين بارتكاب جرائم حرب بحق المدنيين في عهد نظام المخلوع بشار الأسد، مشيرة إلى أنه مسؤول عن تغييب أكثر من 200 شخص.

وقال مدير مديرية أمن دمشق المقدم عبد الرحمن الدباغ، "في إطار عملنا المتواصل لتعقّب مجرمي الحرب وملاحقة كل من تورّط في سفك دماء الأبرياء، وردتنا معلومات استخباراتية دقيقة تفيد بوجود المجرم تيسير محفوض في مدينة طرطوس".


وأضاف الدباغ في بيان نشرته وزارة الداخلية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أنه "وبالتعاون مع مديرية أمن طرطوس، تمكنا من تنفيذ كمينٍ محكم أسفر عن إلقاء القبض عليه".

ولفت مدير أمن دمشق إلى أن "المجرم كان يعمل لدى فرع الأمن العسكري 215 (سرية المداهمة)"، لافتا إلى أنه "متورط بجرائم حرب ضد المدنيين في العاصمة دمشق، وتحديداً في أحياء المزة وكفرسوسة".


وبحسب الدباغ، فإن تيسير محفوض "مسؤول عن تغييب أكثر من 200 شخص، غالبيتهم من أبناء هذين الحيين، في سجون النظام البائد".

وشدد مدير مديرية أمن دمشق على "استمرارهم في ملاحقة كل من تلطّخت يداه بدماء الشعب السوري، حتى ينال جزاءه العادل"، حسب تعبيره.

وتداول ناشطون سوريون مقاطع مصورة تظهر محفوض في قبضة الأمن بعد اعتقاله، كما بثوا مشاهد توثق لحظات مواجهة أحد عناصر الأمن العام مع محفوض، الذي ألقى القبض عليه قبل سنوات في دمشق.

احد عناصر قوات الامن العام يواجه سجانه ( المجرم تيسير محفوض) الذي ضرب نساء بيته اثناء اعتقاله وهو في عمر 16 سنة

عندها كان في رمضان اجبره على الاكل و قام بضربه وتعذيبه pic.twitter.com/ckKRWgby6b — عمر مدنيه (@Omar_Madaniah) April 23, 2025 أحد عناصر قوات إدارة الأمن العام كان معتقل في سجون عصابات الاسد سابقاً، و المجرم تيسير محفوض كان المسؤول عن اعتقال يواجهه بعد اعتقاله ويُذكّره كيف تعامل مع والده

اليوم يوم العدل بعد انتصار الحق pic.twitter.com/WLbKD9QGfV — عمر مدنيه (@Omar_Madaniah) April 23, 2025
وتواصل قوات الأمن في سوريا عملياتها الأمنية ضد المتورطين بارتكاب انتهاكات بحق المدنيين خلال عهد نظام بشار الأسد.

والأربعاء، أعلنت مديرية أمن اللاذقية إلقاء القبض على العميد سلطان التيناوي، أحد أبرز ضباط المخابرات الجوية، والمتورط في ارتكاب جرائم حرب بحق المدنيين، من بينها مجزرة في منطقة جيرود بريف دمشق في تموز /يوليو عام 2016.

وفجر الأحد 8 كانون الأول/ ديسمبر، دخلت فصائل المعارضة السورية إلى العاصمة دمشق، وسيطرت عليها مع انسحاب قوات النظام من المؤسسات العامة والشوارع، لينتهي بذلك عهد دام 61 عاما من حكم نظام حزب البعث، و53 عاما من حكم عائلة الأسد.

وفي 29 كانون الثاني/ يناير، أعلنت الإدارة السورية الجديدة عن تعيين قائد قوات التحرير أحمد الشرع رئيسا للبلاد في المرحلة الانتقالية، بجانب العديد من القرارات الثورية التي قضت بحل حزب البعث العربي الاشتراكي ودستور عام 2012 والبرلمان التابع للنظام المخلوع.

مقالات مشابهة

  • الداخلية السورية تعتقل أحد مسؤولي مخابرات الأسد.. مسؤول عن تغييب 200 شخص
  • الداخلية السورية تعتقل قياديا بمخابرات نظام الأسد
  • الأمن السوري يلقي القبض على مجموعة شاركت بهجمات الساحل  
  • بوراص: قرار الحويج بفرض ضريبة على السلع المستوردة لا يخدم مصلحة المواطن
  • في خطوة تؤكد عودة النشاط التجاري البحري.. تصدير أول باخرة محمّلة ب ١٠ آلاف طن من الفوسفات السوري عبر مرفأ طرطوس
  • سوريا.. القبض على أبرز ضباط الاستخبارات الجوية في نظام الأسد
  • سوريا: القبض على أحد أبرز ضباط المخابرات الجوية في نظام الأسد
  • الخارجية السورية توجه دعوة للدبلوماسيين المنشقين عن الأسد
  • لداخلية تُقر قانون الإقامة المعدل وتواصل تسهيل عودة اللاجئين السوريين / تفاصيل
  • الداخلية السورية تعلن ضبط ذخائر وأسلحة معدة للتهريب خارج البلاد