غاضبون مِن مَن؟ وحامد جامد من ” ياتو ناحية”
رشا عوض

كيان “غاضبون بلا حدود” من الاجسام التي تشكلت بعد الثورة ، وهم مجموعة من شباب لجان المقاومة ادخلوا العنف على المواكب ، وتبنوا مواقف متطرفة من القوى السياسية لدرجة اطلاق ” البمبان” على ندواتها، والاعتداء بالضرب على سياسيين اثناء مشاركتهم في المظاهرات، تزامن ذلك مع ارتفاع نبرة المزايدات والتخوين في صفوف قوى الثورة واشاعة مناخ الكراهية ضد الاحزاب السياسية ، ورغم ان كثيرا من شباب لجان المقاومة انتقدوا العنف في ممارسات ” غاضبون” انطلاقا من ان الثورة سلمية ، الا ان ممارسات هذه المجموعة لم تجد ما تستحقه من ادانة ورفض يرقى لمستوى التخريب الذي تسببت فيه للمناخ السياسي وللمقاومة السلمية التي ميزت ثورة ديسمبر المجيدة، وذلك لوجود تواطؤ خفي ومعلن معها من بعض قوى الثورة التي كانت تتبنى خيار “التغيير الجذري” في مقابل ما يسمى بالهبوط الناعم او التسوية السياسية، وفكرة التغيير الجذري – الذي كانت” غاضبون” في صدارة المزايدين به- هي رفض اي تسوية مع المكون العسكري والاطاحة به اسوة بالبشير ، وتصنيف كل دعاة التسوية مع العسكر كخونة للثورة وبائعين لدماء الشهداء.

وهذا معناه ان لهذه المجموعة موقفا رادكاليا ضد الجيش والد عم السريع، وبالضرورة ضد الكيزان ومليشياتهم اذ ان الثورة اندلعت ضدهم، والعسكر وكتائب الظل الكيزانية هي التي سفكت الدم الذي يستنكرون بيعه، ولكن هل هذه هي الحقيقة؟
بعد الحرب انضمت مجموعة من كيان ” غاضبون” للقتال ليس فقط في صفوف الجيش بل في صفوف كتيبة البراء بن مالك! ومجموعة اخرى منهم انضمت للقتال في صفوف الد عم ، وقد انتشرت مقاطع فيديو على السوشيال ميديا يظهر فيها ” غاضبون” يجوبون الشوارع مع الدعامة على ظهر تاتشر!!
وهنا يحق لنا ان نسأل: هؤلاء الشباب غاضبون من من؟ قتالهم في صفوف الجيش والدعم السريع يدل على عدم غضبهم من العسكر! وقتالهم في صفوف البراء بن مالك يدل على عدم غضبهم من الكيزان! معنى ذلك انهم غاضبون فقط من ” الحرية والتغيير” ومن الاحزاب السياسية باستثناء ” المؤتمر الوطني” الذي يقاتلون الان في صفوف مليشياته رغم ان الثورة اندلعت ضده في الاساس!
هذا يؤكد ما ظللنا نؤكده قبل الانقلاب و الحرب من ان الاختراقات الامنية للجان المقاومة والاجسام الثورية كبيرة وخطيرة لدرجة ان الاجهزة الامنية المعادية للثورة صنعت لافتات لا حصر لها ، واجسام غريبة ومريبة ، كما سعت لترميز شخصيات مشبوهة، وكل ذلك هدفه تقسيم قوى الثورة والانحراف بها عن معركتها الاستراتيجية مع الثورة المضادة الى معارك ضد بعضها البعض لتجريد الثورة من اهم سلاح لنجاحها وهو الوحدة والعمل المشترك من اجل الهدف الاستراتيجي وقبول التعددية والاختلاف في وسائل تحقيقه في مناخ ديمقراطي.
برز اتجاه قوي بعد الثورة لأسطرة لجان المقاومة! والادعاء بانها قدس اقداس الثورة، ومكان الطهر والنقاء الثوري الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه! فهي الصواب المطلق الذي لا تجوز مساءلته! وتأسيسا على ذلك ذهب البعض الى ان كل السلطة بعد الثورة يجب تسليمها للجان المقاومة بدون تفكير في اطار التغيير الجذري!
وتخصص اخرون في العزف على وتر ان لجان المقاومة متفوقة تفوقا حاسما على الاحزاب السياسية مما يؤهلها لان تكون البديل لقيادة البلاد.
كل هذه الادعاءات غير مسنودة باي منطق سياسي محترم ، مجرد رومانسيات سياسية مهما حسنت نوايا اصحابها سرعان ما ستنكشف هشاشتها ويمد لها الواقع لسانه!
لجان المقاومة قادم جديد الى الساحة السياسية يستحق الاحترام، وحسن الاستقبال، بل ويستحق الدعم والمؤازرة في اطار التعاون والعمل المشترك في خدمة اهداف الثورة، ولكن لا يجوز تضخيمها وتحويلها الى اسطورة تتعلق بها الاحلام دونما نظرة موضوعية لحجمها الطبيعي ومقدراتها الواقعية لا المتخيلة!
الد اعداء الثورة هم الذين حولوا لجان المقاومة الى كرباج لجلد وتأديب الاحزاب السياسية عبر إغرائها بانها تمتلك العصمة الثورية والافضلية المطلقة! في حين ان اهم شرط للتطور هو الانفتاح على النقد وعلى تراكم التجارب السياسية والاستفادة من تجاربها الايجابية والسلبية ، اما اذا برزت حاجة لتأسيس احزاب جديدة برؤى وبرامج مختلفة جذريا عن ما هو موجود ، فان الاستجابة الموضوعية لذلك هي تكوين احزاب جديدة بمبادرة من شباب لجان المقاومة ولكن وفق الاسس المتعارف عليها ، ولا يجوز تحويل لجان المقاومة بهيكلها الافقي وسيولتها التنظيمية الى حزب له ميثاق سياسي وبرامج تفصيلية! فهذا خلل منهجي بائن! اذ ان دائرة اشتغال لجان المقاومة اساسا متمايزة عن دائرة اشتغال الاحزاب، ويجب ان لا يفكر احدهما في انه بديل للاخر ، فهذه اللجان بطبيعة تكوينها ليست احزابا ، بل جماعات ضغط سياسي في اتجاه تحقيق اهداف الثورة العامة ومقاومة الردة عنها ، ولكي تنجح في ذلك يجب ان تتوسع كمظلة جامعة للشارع الثوري العابر للانتماءات الفكرية والسياسية والجهوية والاثنية، فشرط نجاحها هو القدرة على الحشد وتبعا لذلك القدرة على الضغط! وبالتالي كلما ابتعدت عن التفاصيل كان ذلك اجدى وانفع!
اكبر مؤامرة على لجان المقاومة بدأت بحكاية كتابة المواثيق التي كانت عبارة عن برامج تفصيلية من النوع الذي يشبه برامج الاحزاب السياسية! ومنذ ان غرقت لجان المقاومة في ” معركة ذات المواثيق” اصابها داء الانقسام وتأثرت فاعليتها سلبا في الشارع اذ تراجعت المواكب وانحسر الحراك الفعلي في الشارع وضعفت اللجان بكثرة الانقسامات، وهذا هو هدف من ادخل فكرة المواثيق عليها، وكم كان حاذقا الدكتور الباقر العفيف عندما تساءل مستنكرا ” من هو الشيطان الذي وسوس للجان المقاومة بفكرة المواثيق” ؟
هذه الحرب كشفت وستظل تكشف كل اختراقات الاجهزة الامنية والعسكرية الكيزانية لقوى الثورة ابتداء من الاحزاب السياسية وحكومة الفترة الانتقالية ، مرورا بالتكوينات النقابية ومنظمات المجتمع المدني ومجال الاعلام وصولا الى لجان المقاومة.
الاختراقات بدأت من ساحة اعتصام القيادة العامة! اتذكرون شيخ مهران الذي تم تسويقه كرجل دين معتدل وانتهى به المقام الان بلبوسيا تكفيريا!
اتذكرون حامد الجامد الذي تم تسويقه كنموذج لشرفاء القوات المسلحة المنحازين للثوار والمخالفين لاوامر قادتهم من اجل حمايتهم؟
حامد الجامد ظهر في فيديوهات رابطا على رأسه عصابة صفراء ضمن صفوف كتيبة البراء بن مالك في الحلفايا ولم يحمي العزل الذين تمت تصفيتهم على يد كتيبته الجديدة!
هذه الحرب هي حرب وجودية للكيزان ولذلك استنفروا لها كل غواصاتهم وايقظوا لها كل خلاياهم النائمة! وحشدوا لها كل فاتياتهم المختبئة خلف الاقنعة الصفراء والحمراء والمزركشة.
وكل يوم سينكشف ملعوب جديد!

الوسومثورة ديسمبر حامد الجامد حرب السودان كيان غاضبون

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: ثورة ديسمبر حرب السودان كيان غاضبون

إقرأ أيضاً:

غدًا.. انطلاق الحملة القومية للتحصين ضد الحمى القلاعية وحمى الوادي المتصدع في المنيا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أعلت مديرية الطب البيطري بالمنيا بدء الحملة القومية الأولى لعام 2025 للتحصين ضد مرض الحمى القلاعية وحمى الوادي المتصدع، وذلك اعتبارًا من غد السبت الموافق 5 أبريل، وتستمر لمدة شهر في جميع مراكز ومدن وقرى المحافظة.

 

جاء ذلك في إطار جهود الدولة المكثفة للنهوض بالثروة الحيوانية وتوفير الدعم اللازم لتحقيق الأمن الغذائي من اللحوم والألبان.

 

من جانبه، أوضح الدكتور محمد السيد، مدير مديرية الطب البيطري بالمنيا، أن الحملة تتم بالتنسيق مع الجهات التنفيذية والجمعيات الأهلية، بهدف القضاء على مرض الحمى القلاعية وحمى الوادي المتصدع، مشيراً إلى أن الحملة تنفذ من خلال 110 لجان طبية بيطرية وقائية ثابتة ومتحركة، مجهزة بكل التجهيزات والأدوات واللقاحات اللازمة، بالإضافة إلى لجان التأمين والترقيم والتسجيل للماشية، ولجان الإرشاد لتوعية المواطنين بضرورة وأهمية التحصين، كما سيتم تشكيل لجان متابعة من الإدارات المختصة بالمديرية، مع التأكيد على تذليل كافة العقبات لإنجاح فعاليات الحملة والوصول إلى المستهدف ومواصلة الجهود للحفاظ على الثروة الحيوانية والداجنة، وصحة وسلامة المواطنين.

مقالات مشابهة

  • مواعيد امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية الأزهرية 2025
  • بعد إعلان رحيله.. مانشستر سيتي يستعد لتكريم دي بروين بطريقة مميزة
  • ما حقيقة تأجيلها؟.. موعد امتحانات شهر أبريل 2025 لصفوف النقل
  • خلال ساعات.. نظر محاكمة 61 متهما بخلية لجان التجمع
  • دعم أوروبي لطروحات واشنطن بشأن توسيع لجان التفاوض اللبنانية الإسرائيلية
  • عيد محور المقاومة الذي لا يشبه الأعياد
  • غدًا.. انطلاق الحملة القومية للتحصين ضد الحمى القلاعية وحمى الوادي المتصدع في المنيا
  • غدا.. انطلاق الحملة القومية لتحصين رؤوس الماشية بالمنيا
  • غداً.. انطلاق الحملة القومية الأولى للتحصين ضد الحمى القلاعية والوادي المتصدع بالمنيا
  • لجان المقاومة تحاول الآن (دس السم في العسل)