سواليف:
2025-03-15@09:40:34 GMT

من أرشيف الكاتب أحمد حسن الزعبي .. حتى في غيابك!

تاريخ النشر: 3rd, October 2024 GMT

حتى في غيابك!

من أرشيف الكاتب #أحمد_حسن_الزعبي

نشر بتاريخ .. 21 / 3 / 2017

تنظرين في عينيّ التائهتين طويلاً فأشفى منّي واهتدي الى سبيلي..حتى في غيابكِ لم تتركيني لحظة واحدة..كلما ضاقت بي الدنيا ونزفتُ قلقاً على الوسادة ،تدلّيت من بين عناقيد الحلم قطفاً من نور..تمسحين على شعري ،تجلسين على كرسيكِ أمامي وتؤنسيني بوجودك حتى تهدأ روحي المضطربة.

.

مقالات ذات صلة الاحتلال يغتال صاحب الصورة الأشهر في انتفاضة الأقصى 2024/10/03

أتعبتك في حياتك وفي رحيلك يا غالية فسامحيني..سامحيني لم أكن أعي قيمة صوت أقدامك البطيء على درجات غرفتي أثناء « التوجيهي» الا عندما عزّ الزائرون في غيابك..لم أكن أعي ماذا يعني أن تــُقرّبي عود الثقاب من عينيك الغائمتين لتريه ،فتشعلين النار تحت إبريق الشاي وتحضريه لي في مساءات الشتاء الطويلة الا عندما تجرّعت الوحدة الباردة!!…سامحيني لم أكن أعي ما معنى أن تصمتي وأنتِ تشاركيني السماع لإذاعة الشرق قبيل امتحان الانجليزي بليلة..كان صمتك يتمنى أن أغلق الراديو وأركزّ في كتابي جيّداً..لكنك خجلت أن تقوليها وأنا لم التقطها في حينها..

قلت لكِ في مقالٍ سابق ..أنتِ لم ترحلي لكنّك غيّرت مكان الإقامة فقط ، ما زالت غرفتك العسلية عامرة بأنفاسك ..نتحلّق كل مساء حول مكانك الفارغ ، نسهر نتكلم ،نصمت..لكننا لا نجرؤ على نسيانكِ..ما زال كل شيء يحترم اختيارك ويرفض غيابك..الروزنامة في مكانها ،نجددها كل عام ونحتفظ بــ»الجلدة»القديمة ، سخّانة قهوتك، فناجينك الثلاثة ، حرامك البٌنّي ما زال الحِرام الوحيد الذي يداري غفوتي المسائية أو يدفئني إذا ما تسللت إلىّ قشعريرة آذار ..صور الأحفاد المعلّقة على الخزانة وقرب الستارة ما زالت تبتسم لمكانك ..ولأنها من اختيارك؛ أحفاد البرواز لم يكبروا بعد..كرسيّك الأبيض ما زال شاغراً كعروش الملوك لا يعتليه أحد ..إصدارات كتبي التي كنتِ أهديكِ إياها ما زالت في «الساطرة» قرب مطحنة القهوة و»البنوّرة» وساعتك المتوقفة عند العاشرة..

ما زال رقم ملفّكِ الطبي مخزّنا على هاتفي، وما زلت أحتفظ بأرقام أطبائك المختصين أتصل بهم كل عيد فيذكروني ويذكرونك يا أمي، وما زال اسمك برغم كثرة الأسماء على رأس القائمة «أأأمي» كتبته بهذه الطريقة كي لا يسبقك بالترتيب أحد وكي لا تضيعي في زحمة الأسماء ،صحيح أن هاتفك «لا يمكن الاتصال به»..لكنك تتصلين بي كل ليلة وكل حلم ودون انقطاع او تشويش ..

ما زال كيس الدواء في نفس الزاوية ، وما زلت أحفظ أسماء أدويتك عن ظهر قلب وتدرّج الجرعات..أنت لم تغيبي لحظة عنا صدقيني ..أنت تقضين مناوبتك في الرحيل فقط..

سامحيني يمّه ، أن اختلف شكل الهدية ،أو قطعت أغاني الأم في الراديو وغيّرت الموجة ، أو حاولت الالتهاء بأي شيء عند سماع «إعلانات ست الحبايب» فلن استطيع أن أهديك ما يقترحون ..ولن تستطيع أن تلامس شفتاي جلد يديك الرقيق…سامحيني ان شغلت نفسي هذا المساء بأي شيء..فوقت «اللمّة « الليلية وتقديم الهدايا والتناوب في الجلوس على سريرك ورفع اليدين في الأدعية..كل هذا يرميني على حافة الحزن فسامحيني!…

هذا المساء وحسب توقيتي اليومي في زيارتك..سأطبع قبلة على رخام الضريح وأقول ..كل عام وأنتِ بألف ألف خير!..عندما تبقى أشياؤك أجراس ذكرى لنا..فأنت بخير..عندما لا تغيبين لحظة عنّا وعن الأولاد فأنت حتماً بخير..عندما تتوهّج غرفتك قنديلاً في عتمتنا فأنت بألف ألف خير..عندما أمسح العشب الطري عن جبهة قبرك فأنت بخير..عندما تفتحين باب الحلم كل ليلة وتضيئين زوايا الغياب فأنت بخير..عندما أزرع «زنبقة» في مفرق القبر وأرويها ماء وأدعية كل مساء حتى تتفتح أكفها كأكفّك فأنا بخير..

ظلّي قربي..حتى في غيابك ..فأنا نقطة من»حِبرك» انا زفرة من صبرك..أنا فاصلة في هامش الأيام ..وأنت «ترويسة» العمر!

#93يوما

#أحمد_حسن_الزعبي

#متضامن_مع_أحمد_حسن_الزعبي

#الحرية_لأحمد_حسن_الزعبي

#سجين_الوطن

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: الحرية لأحمد حسن الزعبي سجين الوطن أحمد حسن الزعبی ما زال

إقرأ أيضاً:

المعادلة الجماهيرية لصالح من؟

أن إشكالية السياسة في السودان هو الدور المتراجع للأحزاب السياسية في السودان، و الذي بدأ التراجع في عدة مراحل تاريخية، كل مرحلة تكون خصما من رصيد الأحزاب بدأ التراجع الكبير في انقلاب 1969م حيث خرجت ثلاث قوى سياسية لمنازلة نظام مايو عسكريا " الجبهة الوطنية" التي كانت تضم " الاتحادي الديمقراطي و الأمة و حركة الإسلامية" و تركوا فراغا كبيرا بينهم و الجماهير، و اعتمدوا على فئتين الطلاب و العمال.. و القوى الرابعة " الحزب الشيوعي" الذي انقسم على نفسه بعد انقلابها، و خسر في صراعه مع العسكر أهم قياداته السياسية و الفكرية، إذا كان الذين اعدمهم النظام أو الذين ذهبوا مع النظام.. و البقية التي ظلت في الحزب هي قيادات تنظيمية تنفيذية لم تمارس الأعمال الفكرية، لذلك أغلقت الحزب و تبنت سياسة المحافظة و ليس ممارسة نقدية فكرية تتجه نحو إعادة بناء الحزب على أسس جديدة..
المرحلة الأخرى ذات أهمية؛ هي مرحلة ما بعد المصالحة 1977م ، عندما وقع الصادق المهدي مع النميري "اتفاقية المصالحة" في بورتسودان 1977م، هي مرحلة جديدة شارك فيها حزبان من " الجبهة الوطنية، و دخلا تنظم "الاتحاد الاشتراكي" و ظل الثالث بعيدا عن المصالحة.. هذه المرحلة تراجع فيها التنافس الطلابي السياسي في الجامعات، عندما برز تنظيم الطلاب المستقلين الذي كان له رأي سالب في الأحزاب السياسية.. و في ذات الوقت نجد أن الحركة الإسلامية قد استفادت من "المصالحة" بعد أن كانت تنظيم سياسي للصفوة تحول إلي تنظيم شعبي بدأ ينافس القوى السياسية الأخرى في النقابات العمالية و المهنية و المجالس المحلية و أندية الأحياء و استفاد من المساجد في تنظيم حلقات التلاوة لكسب العضوية و غيرها.. بينما تراجع دور الأحزاب الأخرى..
في انتفاضة إبريل 1985م كانت القيادات الإسلامية في السجون و اعتمدت على الصف الثاني، نجد أن التخطيط من أجل الإنتفاضة وقع عبئه على الاتحادات المهنية و النقابات، و حتى اتحاد طلاب جامعة الخرطوم كان في يد مؤتمر الطلاب المستقلين.. بعد الانتفاضة بثلاثة شهور نجد أن نقسامات الاتحاديين لتيارات متعددة، جاءت بالطائفة لأول مرة في تاريخها أن يكون لها السطوة و القرار في الحزب الاتحادي الديمقراطي،، حيث أصبح دور الحزب يتراجع بصورة كبيرة في الساحة السياسية، و أصبح على هامش العمل السياسي.. حتى عندما كان الميرغني رئيس لتحالف " التجمع الوطني الديمقراطي" كان دوره غائب كانت الحركة الشعبية أحزاب أخرى هي التي تصنع القرارات داخل المنظومة التحالفية.. و دلالة على ذلك عندما أخذ التحالف في اتفاقية "نيفاشا 2005م" 14% من المقاعد الدستورية للمشاركة في السلطة و أخذت الحركة الشعبية 28% و البقية ذهبت للمؤتمر الوطني و حلفائه..
استمرت ثورة ديسمبر قرابة الشهر تخرج الجماهير دون أن يكون وجود للأحزاب السياسية، حيث تدخل تنظيم " تجمع المهنيين" الذي بدأ يقود الثورة من خلال البرمجة.. و حتى إذا كانت هناك قوى سياسية وراء تنظيم المهنيين عدم خروجها بإسمها يؤكد أنها كانت على قناعة أن أسمها سوف يجهض الثورة.. و عندما اشتد الصراع كان لابد من خروج قيادات سياسية حتى ولو بشكل صوري، و هو الذي دفع تجمع المهنيين أن يقدم " إعلان الحرية و التغيير" لكي توقع عليه الأحزاب و التنظيمات الأخرى لكي تتحمل المسؤولية السياسية، و ذهاب الجماهير للقيادات العامة يؤكد على أن الجماهير تراهن على الجيش لكي ينحاز لها، كما حدث في أكتوبر 1964م و في إبريل 1985، و بالفعل استطاع الجيش أن يحسم المعركة لصالح الجماهير..
يعتقد الزملاء في الحزب الشيوعي؛ أن الإسلاميين هم الذين حسموا المعركة بتدخل " اللجنة الأمين" لنظام الإنقاذ.. و هذه المقولة غير صحيحة.. إذا كان الإسلاميون حسموا المعركة و هم وراء المكون العسكري، كانت المعركة السياسية أخذت طريقا أخر، و كان تغير المشهد السياسي.. الزملاء في الحزب الشيوعي عندما يتعاملون مع الحركة الإسلامية يتعاملون معها بذات عقلية الستينات، و ما حدث في معهد المعلمين الذي تسبب في حل الحزب الشيوعي و طرد نوابه من البرلمان.. و لا يتعاملون معها بأنها حركة متغيرة و بتكتسب خبرات بحكم دورها في السلطة، و تجدد في قياداتها و أدواتها.. كانت الحركة الإسلامية سوف ترفض الجلوس مع قوى الحرية و التغيير، و تطالب الجلوس فقط مع القوى الجماهيرية التي قادة الثورة لجان مقاومة شباب الأحياء، بهدف تخلق صراعا داخل قوى الثورة و تصبح هي الحكم الفيصل في الصراع..
و لا استطيع أن أنفي؛ أن الحركة الإسلامية كانت وراء إجهاض الفترة الانتقالية، و لكن ليس لأنها وراء الجيش، بل لأنها حركة سياسية قادرة على أن تدير معركتها و بصورة مباشرة مع خصومها.. و كان على القوى السياسية في تحالف " الحرية و التغيير" أن تدرك أنها تدير معركة مع قوى سياسية مدربة 30 سنة في السلطة على إدارة الأزمات، لكن هؤلاء كانت تنقصهم الخبرة، و قيادة حزب الزملاء لم تستطيع أن تقدر الموقف بالصورة الصحيحة، و تعاملت معها بصورة سطحية.. و لذلك ليس غريبا أن تلجأ قوى الحرية و التغيير للقوى الخارجية لكي تشكل لها سندا في إدارة معركتها السياسية، هذا المسعى جعلها في النهاية بدل أن تكون قوى سياسية لها أجندتها أصبحت أداة لتنفيذ أجندات خارجية..
كان الدكتور حيدر الصافي وحده المدرك لطبيعة الصراع، لذلك كان يقول أن تعدد المواثيق سوف يفتح أفاق جديدة للعملية السياسية، و في نفس الوقت سوف يسهل لحوار وطني تشارك فيه كل المكونات السياسية حتى يصل الناس لتوافق وطني.. هذه المقولات جعلت الكل يتخذ منه موقفا.. في الجانب الأخر نجد الحزب الأتحادي فقد دوره الرياي، و أصبح يتوسل للمشاركة في السلطة، حزب الأمة غاب الإمام ذهبت أغلبية قياداته مع ميليشيا الدعم، حزب البعث فقد البوصلة تماما اعتمد على شخص واحد يردد كلاما ليس له أثرا على العملية السياسية. الشيوعين منتظرين وقف الحرب للعودة للثورة... نسأل الله حسن البصيرة..

zainsalih@hotmail.com  

مقالات مشابهة

  • المعادلة الجماهيرية لصالح من؟
  • محترف سابق: برشلونة حاول الاحتيال علي
  • الكاتب الصحفي صلاح الدين عووضه يروي تفاصيل جديدة عن نجاته من “الوحوش”.. ونجوت!!
  • ماجدة خير الله عن "80 باكو": استطاع أن يتقدم للمراكز الأولى
  • «الدنيا بخير».. وكيل الأوقاف: إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده
  • مخرج ومدرب العرائس ناصر عبد التواب فى حواره لـ«البوابة نيوز» : لا يوجد أرشيف وتوثيق حقيقى لهذا الفن بمصر.. وأهم أسباب تراجعه عدم وجود معاهد متخصصة
  • ناصر عبد التواب: من المسئول عن عدم وجود أرشيف وتوثيق حقيقي لعروض العرائس؟
  • الكاتب الصحفي صلاح الدين عووضه يروي تفاصيل مثيرة .. ونجوت من الموت!!
  • المرشد الإيراني: لا جدوى من التفاوض عندما نعلم أن ترامب لا يلتزم بتعهداته
  • "ديزني" تكسب قضية سرقة فيلم "موانا" من الكاتب وودال