بعد الهجوم الإيراني.. التوتر الإقليمي في ذروته والحرب الشاملة واردة!
تاريخ النشر: 3rd, October 2024 GMT
منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة، في أعقاب عملية "طوفان الأقصى" قبل نحو عام، وفتح جبهات الإسناد في دول عدّة، ولا سيما في لبنان واليمن والعراق، يتكرّر سؤالٌ واحدٌ على كلّ الألسنة، يتمحور حول "سيناريوهات" الحرب الإقليمية الشاملة، التي قُرِعت طبولها أكثر من مرّة، من دون أن تفضي إليها، نتيجة ما قيل إنّه "تقاطع مصالح" بين الولايات المتحدة وإيران بشكل خاص، لا يرى فيها أيّ مصلحة يمكن البناء عليها.
وفي حين تجاوزت الحرب الشاملة أول "امتحان" خضعت له بعد قصف القنصلية الإيرانية في دمشق، وردّ طهران الذي وُصِف بـ"المدروس"، أو ربما المفصَّل على قياس عدم الذهاب إلى حرب، فإنّ أسهم هذه الحرب عادت لترتفع بعد اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في العاصمة الإيرانية طهران، قبل أن تنخفض من جديد على وقع عدم تنفيذ إيران لتهديداتها بالردّ على الجريمة، الذي بدا "مؤجَّلاً" إلى أجلٍ غير مسمّى.
لكن، مع بدء العدوان الإسرائيلي على لبنان بصورته الأكثر دمويّة قبل نحو أسبوعين، بدأت الأمور تأخذ منحى دراماتيكيًا مختلفًا وصل إلى ذروته مع الاغتيال الصادم للأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله، الذي دفع طهران على ما يبدو إلى التراجع عن سياسة "ضبط النفس"، وفق توصيفها، وشنّ هجوم صاروخي واسع على إسرائيل، فكيف يُقرَأ هذا الهجوم في الموازين الإقليمية، وهل يقرّب عمليًا الحرب الإقليمية الشاملة التي كثُر الحديث عنها؟!
دلالات الهجوم الإيراني
صحيح أنّ القراءات للهجوم الإيراني تتفاوت، وفقًا للأهواء السياسية، بين من رأى فيه "فشّة خلق" بعد سلسلة من الضربات التي تعرّض لها محور المقاومة في الفترة الأخيرة، ومن اعتبره "قويًا ونوعيًا"، وربما غير مسبوق، ومن اعتبره "ضعيفًا" لا يرقى لحجم الاغتيالات التي طالت قيادات الصف الأول في محور المقاومة، ولا سيما أنه لم يؤدّ إلى أضرار حقيقية وخسائر بشرية يمكن البناء عليها، ولو أعلن الإيرانيون إصابة 90 في المئة من الأهداف المبتغاة.
إلا أنّ الثابت الذي يتقاطع عليه جميع المراقبين، باختلاف وجهات نظرهم، يبقى أنّ الهجوم الإيراني كان واسعًا هذه المرّة، ومختلفًا عن هجوم شهر نيسان الماضي الذي وصفه كثيرون بـ"المسرحية" حينها، ولا سيما مع التأهّب المُسبَق لاستقبال الصواريخ بعد ساعات من إطلاقها، في ظلّ تسريباتٍ تحدّثت يومها عن تفاهمات سبقت الهجوم، والردّ الإسرائيلي عليه، بما يضمن عدم الانجرار إلى حرب إقليمية لم تكن في مصلحة أيّ طرف.
وبمعزل عن النتائج المباشرة للهجوم الإيراني، يتحدّث العارفون عن دلالاتٍ مختلفة تعكس أهميته، من بينها حالة الاستنفار والفوضى التي عاشتها إسرائيل، ولو لم تدم أكثر من نصف ساعة، خصوصًا بعدما هرع آلاف المستوطنين إلى الملاجئ، وأغلق المسار الجوي بالكامل، وكلّها مؤشّرات دلّت على أنّ الهجوم أحدث حالة ارتباك في الداخل الإسرائيلي، ولعلّ هذا بالتحديد كان الهدف منها، بعيدًا عن الأضرار المباشرة.
الحرب الشاملة وشيكة؟
عمومًا، وبمعزل عن القراءة الموضوعية للهجوم الإيراني، فإنّه طرح سلسلة من علامات الاستفهام حول التبعات المحتملة له على مستوى الصراع في الشرق الأوسط، في ظلّ انطباع سائد بأن الحرب الشاملة باتت أقرب من أيّ وقت مضى، خصوصًا بعدما طبّق العدوّ الإسرائيلي نظرية "وحدة الساحات"، من خلال توسيع معاركه وتصعيدها، من غزة إلى لبنان، مرورًا باليمن، وتهديده الآن بالردّ على الهجوم الإيراني من جديد.
فعلى الرغم من أنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وصف هجوم طهران بـ"الفاشل"، إلا أنّه قال في الوقت نفسه إنّ طهران ارتكبت "خطأ كبيرًا وستدفع ثمنه"، على حدّ وصفه، فيما نقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مسؤولين إنّ الرد على الهجوم الإيراني "هذه المرة سيكون مختلفًا"، وهو ما عكسه أيضًا المتحدّث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري بقوله إنّ "لدى الجيش خططًا هجومية، وإنّ القرار المناسب سيتم اتخاذه في الوقت المناسب".
انطلاقًا من ذلك، يقول العارفون إنّ هذا القرار هو الذي سيرسم "سيناريوهات" الحرب الشاملة على المستوى العملي، إذ إنّ قرارًا باستهداف منشآت إنتاج النفط في إيران، أو مواقع استراتيجية أخرى، كما أشارت بعض التسريبات، قد يُفهَم على أنه "إعلان حرب" لن يكون بإمكان طهران عدم الرد عليه، ما من شأنه أخذ الصراع إلى مكان آخر، ولو أنّ الإدارة الأميركية ستحاول عدم الوصول إلى مثل هذا السيناريو، وفق ما تقول التسريبات.
في ردود الفعل على الهجوم الإيراني، عبّر كثيرون عن خشيتهم من أن تكون نتيجته الذهاب إلى حرب شاملة يسعى كلّ الأطراف إلى تجنّبها منذ عام كامل، وسط ترقّب للردّ الإسرائيلي المحتمل عليه. إلا أنّ المفارقة التي يتوقّف الكثيرون عندها أيضًا تكمن في أنّ الهجوم الإيراني، حتى لو افترضه البعض "تصعيديًا"، يندرج في خانة "الرد" على حروب إسرائيلية لا تنتهي، وقد حصدت عشرات آلاف الشهداء حتى الآن، من دون أن ينجح أحد في إيقافها! المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: الهجوم الإیرانی الحرب الشاملة
إقرأ أيضاً:
ما الذي تستفيده إيران من معاهدة الشراكة مع روسيا؟
طهران- بعد أن استبق الرئيسان الإيراني مسعود بزشكيان والروسي فلاديمير بوتين، تنصيب نظيرهما الأميركي دونالد ترامب بـ3 أيام فقط، لتوقيع معاهدة الشراكة الشاملة بين بلديهما، دخل هذا الاتفاق الإستراتيجي، الثلاثاء الماضي، حيز التنفيذ في موسكو إثر مصادقة مجلس الدوما عليه.
وطالب رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف، أمس الأربعاء، الحكومة بتسريع إرسال مشروع قانون المعاهدة لمراجعته.
يأتي ذلك بالتزامن مع اتفاق طهران وواشنطن علی خوضهما مفاضات في العاصمة العمانية مسقط، السبت المقبل، بشأن برنامج إيران النووي، مما أثار تساؤلات عن طبيعة الاتفاق الإستراتيجي بين إيران وروسيا، وما يقدمه للجمهورية الإسلامية التي تتعرض باستمرار لتهديدات عسكرية من الولايات المتحدة وإسرائيل بضرب منشآتها النووية.
هواجس سياسيةوتتألف اتفاقية الشراكة الشاملة من مقدمة و47 مادة، تغطي مختلف القطاعات السياسية والاقتصادية والتجارية والعسكرية والأمنية والثقافية، والتعاون في مجالات البيئة والزراعة والطاقة والنقل ومكافحة الإرهاب وغيرها من القضايا، لتشكل أساسا للعلاقات الثنائية بين البلدين خلال العقدين المقبلين.
ويربط أستاذ العلاقات الدولية بجامعة الشهيد بهشتي، علي بيكدلي، بين توقيت توقيع الجانبين الإيراني والروسي على المعاهدة ودخولها حيز التنفيذ، وعودة ترامب إلى البيت الأبيض، موضحا أن طهران وموسكو كانتا وما زالتا تتعرضان لتهديدات وتحديات من قبل الولايات المتحدة رغم نداءاتها للتوصل إلى اتفاق مع كل منهما.
إعلانوفي حديثه للجزيرة نت، يضيف بيكدلي أن المعاهدة تنص بالفعل على تشاور الجانبين الإيراني والروسي بشأن القضايا الدولية، لا سيما تنسيق المواقف في منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، فضلا عن تعاونهما المشترك في السياسة الخارجية بما في ذلك مواجهة التهديدات الغربية وعلى رأسها الضغوط على طهران بشأن ملفها النووي.
وتابع أن روسيا سبق أن أبرمت معاهدات مشابهة مع عدد من الدول الأعضاء في منظمتي شنغهاي للتعاون وبريكس ودول آسيا الوسطى، مستدركا أن ما ينقص هذه المعاهدة هو عدم بلوغها مرحلة التحالف الإستراتيجي بين طهران وموسكو، على غرار المعاهدة التي وقعتها روسيا العام الماضي مع كوريا الشمالية.
ووفقا له، يؤكد طرفا هذه المعاهدة عدم الدفاع عن الآخر في حال تعرضه لعدوان أجنبي، بل يكتفيان بعدم مساعدة المعتدي إذا تعرضت موسكو أو طهران لهجوم معادٍ، معتبرا أن الصداقة بين موسكو وتل أبيب تحدٍ كبير أمام مصالح بلاده السياسية والأمنية وما تعوّل عليه جراء هذه الاتفاقية.
تعاون أمنيوكان السفير الإيراني لدى روسيا كاظم جلالي قد اعتبر أن التوقيع على اتفاقية الشراكة الشاملة بين طهران وموسكو "حدث تاريخي" لتأطير العلاقات الثنائية بين البلدين على مدى العقدين المقبلين، مؤكدا -في تصريحات صحفية أدلى بها لوسائل الإعلام الناطقة بالفارسية- أن الوثيقة تهدف إلى مواجهة العقوبات الأميركية.
من جانبه، يعتقد الباحث في الشؤون العسكرية، مهدي بختياري، أن المعاهدة تأخذ على سواء مصالح الجانبين وقوانينهما بعين الاعتبار، موضحا أن الدستور الإيراني يعارض الانخراط في الصراعات العسكرية لمصلحة الدول الأخرى.
وفي حديث للجزيرة نت، يوضح بختياري أن طهران وموسكو تحتاجان إلی قدرات الطرف الآخر في العديد من القطاعات، منها العسكرية والأمنية والتسليحات والتكنولوجيا، مضيفا أن المعاهدة تؤطر تعاون الجانبين في هذه المجالات بما فيها التعاون الاستخباري ومحاربة الإرهاب وإجراء مناورات بحرية مشتركة بحضور الحليف الصيني.
إعلانورأى أن المعاهدة توفر فرصة للجانبين الإيراني والروسي للاستفادة من قدرات الطرف الآخر لتصنيع قطع الغيار والأجهزة والتسليحات ومنها المسيّرات والمضادات الجوية ومنظومات الرادار، مؤكدا أن البنود المتعلقة بالتعاون العسكري تنص على ضرورة عدم تأثرهما بالضغوط الخارجية.
واستدرك بختياري أن بلاده تضررت جراء تأخير الجانب الروسي تسليمها منظومة "إس-300" بفعل الضغوط الخارجية خلال السنوات الماضية، موضحا أن الطرفين اتفقا على عدم تأثر بنود المعاهدة بضغوط الأطراف الأخرى.
تعاون اقتصاديأما الباحث الاقتصادي، سهراب رستمي كيا، فيرى في العقوبات الأميركية على إيران وروسيا هاجسا مشتركا لتعزيز التعاون الاقتصادي بينهما من أجل الالتفاف على الضغوط الاقتصادية والمالية، موضحا أن الحظر الغربي عرقل بالفعل مبادلات كل من طهران وموسكو مع زبائنهما، وأن معاهدة الشراكة تأتي لتأطير هذا التعاون بمواجهة الحرب الاقتصادية الغربية علی البلدين.
وفي تصريحه للجزيرة نت، يشير رستمي كيا إلى الخطوات التي اتخذتها إيران وروسيا خلال الأعوام الثلاثة الماضية لإبطال مفعول العقوبات الأميركية الخانقة على المبادلات المالية، منها حرمانهما من استخدام نظام الدفع العالمي "سويفت"، مضيفا أن البنود الاقتصادية الواردة في المعاهدة تؤطر المبادلات المالية عبر البديل الروسي المعروف بنظام الرسائل المالية "إس بي إف إس"، والدفع بالعملات الوطنية، إلى جانب ربط أنظمة الاتصال لبنوكهما.
وبرأيه، فإن الاتفاق الإستراتيجي سيعود بالنفع على بلاده عبر استيرادها الغاز الروسي وتعزيز الصادرات إلى موسكو واستقطاب استثمارات منها، لتكميل ممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب والذي يربط مياه بحر قزوين بميناء تشابهار جنوب شرقي إيران، بما يعزز التجارة بين الصين والهند وإيران وروسيا.
وتابع الباحث الاقتصادي أن معاهدة الشراكة تشجع على تعزيز التعاون لسد عجز طهران من الطاقة والاستثمار الروسي في تطور حقول النفط والغاز وإكمال مشاريع الطاقة النووية، مؤكدا أن الميزان التجاري بين البلدين يميل لصالح موسكو وتأمل طهران في تعزيز صادراتها إلى الجارة الشمالية بما يتناسب والمعاهدة.
إعلان