المفاوضات بين طهران وواشنطن.. ممكنة ومتی؟
تاريخ النشر: 3rd, October 2024 GMT
3 أكتوبر، 2024
بغداد/المسلة:
محمد صالح صدقيان
عقد مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأسبوع الماضي اجتماعه الدوري الذي لم يغب عن جدول أعماله الملف الإيراني علی خلفية زيادة حجم كمية اليورانيوم مرتفع التخصيب الذي يصل إلی نسبة 60 بالمئة؛ في الوقت الذي أرسلت فيه الحكومة الإيرانية الجديدة إشارات لفتح باب المباحثات مجدداً مع الجانب الغربي لتسوية المشاكل الحاصلة بسبب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الموقع عام 2015.
وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي الذي فاوض المجموعة الغربية عام 2013 للتوصل للإتفاق النووي هو الآن يُمسك حقيبة وزارة الخارجية. قال الرجل للصحافيين إن الإتفاق النووي يُمكن أن يكون إطاراً مناسباً لبدء المباحثات علی الرغم من اعتقاده أن بنود الإتفاق المذكور قد لا تكون مناسبة لاتفاق أو تفاهم جديد. في المقابل، قال المرشح الجمهوري دونالد ترامب إنه يستطيع التفاهم مع إيران بشأن المشاكل العالقة بين البلدين شريطة تخليها عن برامجها في تصنيع السلاح النووي.
في ظل هذه الأجواء؛ ثمة اعتقاد سائد في طهران أن الظروف الحالية تختلف كثيراً عن ظروف العام 2013 التي أنتجت اتفاق العام 2015. قبل 11 عاماً، وجّه الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما رسالة إلى المرشد الإيراني الأعلی الإمام السيد علي خامنئي حملها سلطان عُمان الراحل قابوس بن سعيد أعرب فيها عن رغبته بفتح باب المباحثات علی كل الملفات العالقة وتسوية المشاكل عبر برنامج مُحدد يتم الاتفاق عليه. وبالفعل، حدث ذلك لكن هذا المسار اصطدم بفوز الرئيس ترامب في انتخابات تشرين الثاني/نوفمبر 2016 ومن ثم انسحابه من الاتفاق. أما في يومنا هذا، فلا توجد هكذا رسالة وليس معلوماً إن كان الرئيس الأمريكي الجديد سيبعث برسالة مشابهة أم برسالة مغايرة؟
هذا هو المتغيّر الاول؛ أما المتغيّر الثاني فهو أن إيران قبل العام 2013 لم تكن تملك يورانيوم مخصباً بنسبة 60 بالمئة وإنما مقداراً محدداً من اليورانيوم المخصب بنسبة 20 بالمئة. اليوم، تملك إيران 165 كيلوغراماً من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 بالمئة ومقداراً آخر من المخصب بنسبة 20 بالمئة وثالثاً مخصباً بنسبة 5 بالمئة؛ وهو المقدار الذي قال عنه مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي بأنه يستطيع أن يساهم في صنع السلاح النووي حتی وإن كانت إيران لا تسير بهذا الاتجاه راهناً، علی حد تعبيره.
وفي إطار هذين المتغيّرين، من الصعب رؤية مباحثات علی غرار ما حدث في العام 2103؛ لأن الأجواء اختلفت والظروف اختلفت أيضاً وهو الأمر الذي دعا وزير الخارجية الإيراني الجديد للقول إن عملية إعادة إحياء الإتفاق النووي غير ممكنة ويجب التفكير باتفاق جديد. في أيّة مفاوضات محتملة، فإن الجانب الغربي سواء أكان أوروبا أم الولايات المتحدة سيؤكد طلبه بخفض نسبة تخصيب اليورانيوم، وفي هذه الحالة ماذا يُمكن للغرب أن يُقدّم لإيران مقابل تخليها عن نسبة وكمية التخصيب المرتفعة؟ وهل هو علی استعداد لاعطائها ما يسد طموحها مقابل هذا الصيد الثمين؟ في المقابل، ماذا تريد الولايات المتحدة من إيران؟
تشي مناخات طهران أنّ الظروف باتت أصعب بكثير من السابق سواء بالنسبة للجانب الإيراني أم بالنسبة للجانب الأمريكي. ويقول الأكاديمي الإيراني (رحمان قهرمان بور) إن الملف الإيراني أمام ثلاثة مسارات:
المسار الأول، قانوني؛ يوجد نص هو الإتفاق النووي الموقع عام 2015 ويستطيع أن يكون إطاراً مناسباً للمباحثات كونه صار وديعة في مجلس الأمن الدولي بموجب القرار الدولي 2231.
المسار الثاني، فني؛ إيران، ومنذ انسحاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الإتفاق النووي عام 2018، عمدت إلى تخصيب اليورانيوم بنسبة 60 بالمئة وبالتالي فإن الإتفاق السابق يحتاج إلی تغيير؛ ولا يُمكن لإيران أن تتراجع عن هذا التقدم في برنامجها النووي بهذه البساطة.
المسار الثالث، سياسي؛ الولايات المتحدة ليست راهناً في وضع يسمح لها بفتح باب المفاوضات عشية انتخاباتها الرئاسية برغم تغير الظروف الإيرانية بفوز الرئيس الإصلاحي مسعود بزشكيان؛ ذلك أن دخول الإدارة الأمريكية الحالية في مفاوضات أو تفاهمات يجعلها في مواجهة مباشرة مع مدافع الرئيس ترامب، ولذلك صار مستبعداً خوض مفاوضات جدية في الوقت الحاضر.. وإذا كانت هناك فرصة تفاوضية فهي مؤجلة حتى الربع الأول من العام المقبل. وعليه؛ المسار القانوني غير واضح المعالم والمسار الفني شهد ويشهد متغيرات جديدة في الوقت الذي لم يستقر فيه المسار السياسي. لذا، تبقی الأنظار مشدودة إلی جهود أطراف أخری كأصدقاء إيران في مجلس التعاون الخليجي أو في أوروبا من خلال الإشارات التي بعثتها طهران إلى الإتحاد الأوروبي. فهل تستطيع هذه الأطراف بناء معادلة تفاوضية متوازنة بين الجانبين خصوصاً وأن كفة الميزان التفاوضي غير متعادلة حالياً وهي بحاجة إلی من يستطيع جعلها متعادلة قبل الخوض في مفاوضات جديدة وجدية؟
وثمة اعتقاد إيراني وازن بأن سلطنة عُمان تمثلُ المنصة الأكثر ملاءمة وقدرة علی ايجاد مثل هذا التعادل أو علی الأقل خلق أرضية للذهاب بهذا الاتجاه لكن الأكيد أن هناك فرصة إيرانية وثمة أجواء مناسبة في طهران علی الدول الإقليمية والغربية استغلالها إذا كانت صاحبة مصلحة في التوصل إلى تفاهمات من شأنها أن تُسهم في تعزيز الأمن والاستقرار المنشودين في المنطقة.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author زينSee author's posts
المصدر: المسلة
كلمات دلالية: الولایات المتحدة الإتفاق النووی
إقرأ أيضاً:
مسؤول بإدارة ترامب يتحدث عن قرارات حاسمة بشأن إيران.. وطهران تدعو لنهج واقعي
اعتبر مايك والتز مستشار الأمن القومي الأمريكي أن إيران تمر بفترة "ضعف كبير" ما يجعل الوقت مناسبا لتتخذ الإدارة الأمريكية الجديدة "قرارات حاسمة" بشأنها متوقعا حدوث ذلك الشهر المقبل.
وقال والتز في مقابلة مع شبكة "سي بي إس" الإخبارية: إن "إيران في الوقت الراهن ضعيفة وفي وضع غير جيد بفضل قيادة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو".
وأضاف: "كان الجميع يقولون إن القضاء على زعيم حزب الله حسن نصر الله سيكون خطوة تصعيدية للغاية واستفزازية إلى حد كبير، وأنه لا يمكن القيام بذلك.. وتعلمون ماذا؟ لقد فعلتها السلطات الإسرائيلية".
وتابع والتز: "أدى ذلك إلى ظهور فرصة حقيقية في لبنان، وأسفر عن سقوط نظام الأسد ودكتاتوريته المتوحشة، وأدى إلى عزل حماس بالكامل.. كانوا دائما يعتقدون أن الدعم سيأتي من الشمال برفقة حزب الله، لكن الوضع تغير الآن.. وأعتقد أن هذا هو السبب الرئيسي الذي جعلهم يتوصلون إلى اتفاق".
واختتم قائلا: "تم القضاء على الدفاع الجوي الإيراني.. لذا، أعتقد أن هذا هو الوقت المناسب لاتخاذ هذه القرارات الحاسمة.. وسنقوم بذلك خلال الشهر المقبل".
وكان ترامب قد صرح في نوفمبر الماضي بأن الولايات المتحدة لا تسعى لإلحاق الأذى بإيران، ولكنها لن تسمح لطهران بامتلاك سلاح نووي.
ويتوقع أن تكون سياسة ترامب تجاه إيران محل تركيز كبير خلال فترة رئاسته، خاصة بعد الانتقادات التي وجهها خلال حملته الانتخابية للاتفاق النووي المبرم بين إيران ومجموعة 5+1، والذي وصفه بأنه "غير مجد".
نهج واقعي
في المقابل قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، الاثنين، إن إيران تأمل في أن تتبنى الحكومة الأمريكية الجديدة نهجا "واقعيا" تجاه طهران.
وقال إسماعيل بقائي للصحفيين: "نأمل أن تكون توجهات وسياسات الحكومة الأمريكية (المقبلة) واقعية ومبنية على احترام مصالح ... دول المنطقة، بما في ذلك الأمة الإيرانية".
يأتي هذا التصريح قبل ساعات فقط من تنصيب دونالد ترامب الذي انتهج سياسة "الضغوط القصوى" على إيران خلال ولايته الأولى (2017-2021).
في ولايته الأولى، انسحب ترامب في عام 2018 من الاتفاق الدولي بشأن برنامج إيران النووي بعد ثلاث سنوات من التوقيع عليه وأعاد فرض عقوبات مشددة على طهران.
وردا على ذلك، زادت طهران بشكل كبير احتياطاتها من المواد المخصبة ورفعت مستوى التخصيب إلى 60%، مقتربة من نسبة 90% اللازمة لصنع سلاح نووي، وفق الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وتدافع طهران التي أعربت عن رغبتها في استئناف المفاوضات لإحياء الاتفاق، عن حقها في امتلاك الطاقة النووية للأغراض المدنية وتنفي رغبتها في امتلاك أسلحة ذرية.
ينتهي العمل بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2231 الذي صادق على الاتفاق النووي المبرم عام 2015 بين إيران وفرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة، بالإضافة إلى الولايات المتحدة وروسيا والصين، في تشرين الأول/ أكتوبر 2025.
وناقشت الدول الأوروبية الثلاث في كانون الأول/ ديسمبر الماضي احتمال استخدام آلية إعادة فرض العقوبات على إيران "لمنعها من امتلاك السلاح النوي".
وقال بقائي: "إذا تم استخدام هذه الآلية على نحو تعسفي للضغط على إيران أو الحصول على تنازلات، فإن ردنا سيكون بالمثل وسيكون متناسباً".
وأضاف: "لقد أوضحت إيران أنه في هذه الحالة لن يكون هناك سبب للبقاء في اتفاقات معينة"، متحدثا عن معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية.
في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، قال نائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون القانونية كاظم غريب آبادي إن بلاده سوف "تنسحب" من المعاهدة إذا قرر الغرب إعادة فرض العقوبات عليها.
تفرض معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية على الدول الموقعة عليها الإعلان عن مخزونها من المواد النووية وإخضاعها لإشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية.